عناصر الخطبة
1/ توجيهات للطلاب قبل وأثناء وبعد الامتحانات 2/ توجيهات للآباء بالارتفاق بأبنائهم ومراعاتهم وحفظهم 3/ توجيهات للمعلمين بإحسان معاملة وتربية وتقويم التلاميذ 4/ إحسان استغلال الإجازة 5/ الشباب ودوره المرتجىاقتباس
يا معاشر الطلاب: خذوا خذوا بأسباب النجاح، وأسباب الصلاح، والتوفيق والفلاح، وأجمعها وأصلحها: أن تعلموا علم اليقين أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين، توكلوا على الله، وفوضوا الأمور إلى الله، واعلموا أنه لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه، لا تعتمدوا على الذكاء والحفظ ولا على النبوغ والفهم، ولكن توكلوا على الحي الذي لا يموت، وسبحوا بحمده ..
الحمد لله الموصوف بصفات الجلال والكمال، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، أحمده سبحانه وأشكره على جزيل العطاء والإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد الأنام حث أمته على اصطفاء الأخيار، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله حق تقاته، واستقيموا على طاعته ومرضاته، فلقد وعد سبحانه من أناب إليه واستقام بأكرم جزاء، وأحسن مآل، فقال َعزَّ شأنه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَـامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَـئِكَ أَصْحَـابُ الْجَنَّةِ خَـالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يعملون) [الأحقاف:13-14].
عباد الله: في هذه الأيام يعيش الطلاب والطالبات هموم الامتحانات والاختبارات، فنسأل الله العظيم أن يعينهم، وأن يشرح صدورهم، وأن ينور قلوبهم.
وهذه نصائح وتوجيهات سأطرحها للطلاب والطالبات، والآباء والأمهات، والمعلمين والمعلمات، أسأل الله أن ينفعني بها وإياكم والمستمعين والمستمعات، في الحياة الدنيا وبعد الممات.
يا معاشر الطلاب: خير الوصايا وأنفعها وأصلحُها، وللخير أجمعها: الوصية بتقوى الله عَزَّ وجَلَّ؛ فمَن اتَّقَى الله جعل له من كُلِّ هَمٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وجعل له من أمره يسرًا، وجعل العسير يسيرًا، وآتاه خيرًا كثيرًا.
يا معاشر الطلاب: خذوا خذوا بأسباب النجاح، وأسباب الصلاح، والتوفيق والفلاح، وأجمعها وأصلحها: أن تعلموا علم اليقين أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين، توكلوا على الله، وفوضوا الأمور إلى الله، واعلموا أنه لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه، لا تعتمدوا على الذكاء والحفظ ولا على النبوغ والفهم، ولكن توكلوا على الحي الذي لا يموت، وسبحوا بحمده.
وكان يقول -عليه الصلاة والسلام-: "يا حيُّ يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكِلْنِي إلى نفسي طرفة عين" فإذا أراد الله بعبده التوفيق جعله مفوِّضًا الأمور إليه ووفَّقَه وسدده؛ لكي يعتمد على حول الله وقوته، لا على حوله وقوته، وإذا وكل الله العبد إلى نفسه وكلَه إلى الضعف والخور.
يا معاشر الطلاب: هذا أوان الجد والاجتهاد، فاجتهدوا، ولكنْ، اللهَ اللهَ في أنفسكم! اللهَ اللهَ في أرواحكم وأجسادكم! اتقوا الله في نفوسكم، (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195].
لا تُحَمِّلوا النفوس ما لا تطيق من السهَر والتعب؛ فإن الله سائلكم عن هذه الأرواح وهذه الأجساد، قال سلمانُ -رضي الله عنه- وأرضاه لأبي الدرداء -رضي الله عنه- وأرضاه: إن لنفسك عليك حقًا. فقال -عليه الصلاة والسلام-: "صدق سلمان".
فبعض الطلاب والطالبات -هداهم الله- يرهقون أنفسهم، ويعذبون أرواحهم وأجسادهم بالسهر وعدم النوم وأخذ الراحة الكافية للجسم؛ ألا فاتقوا الله في أنفسكم، (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [النساء:29].
يا معاشر الطلاب :إياكم والغشَّ والتَّزويرَ! فإنه خيانة، وبئس البطانة! مَن كانت حياته على الغش سلَبَه الله الخير في دنياه وأخراه، قال حَبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما: مَن خادَع اللهَ يخدعْهُ اللهُ.
يا معاشر الطلاب: ها هي أيامُ الاختبارات قد أقبلت عليكم فاستعينوا بالله، وتراحموا وتعاضدوا، وإياكم والشحناءَ والبغضاءَ والحسدَ! لِيَكُنْ كُلُّ إنسان كما أمَرَهُ الله أن يكون، يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فتعاونوا وتراحموا وتعاطفوا؛ فإن احتاج إليك أخوك في حاجة أو في مسألة فأعنه، أعانك الله على أمورك؛ فــ "مَن نفَّس عن مؤمن كربة من كُرَب الدنيا، نفَّسَ الله عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يومِ القيامة"، ومَن أعان أخاه أعانه الله في دنياه وأخراه.
يا معاشر الطلاب: الحسَدُ لا خير فيه، تنافسوا، ولْيَكُنْ ذلك على وجهٍ يُرضي الله عز وجل، الحسد حسد الغبطة لا حسد الشحناء والبغضاء، ولا تتمنوا زوال نعم الله عن عباد الله، واشكروا فضل الله عليكم، واحمدوه على نعمه التي لديكم.
يا معاشر الطلاب: إن لله حرمة، ولكتابه حرمة، ولسنة النبي وكتب العلم حرمة عظيمة، ألا فاتقوا الله في كتاب الله، اتقوا الله في الآيات، واتقوا الله فيما جمَعَتْهُ الأوراق من كلام الله، وكلام رسول الله.
القرآن والآيات أعظم وأجَلُّ وأكرم مِن أن ترمى في الطرقات، اللهَ اللهَ في كتاب الله! وفي كلام الله! وكلام رسول الله! وإياكم وامتهانَ كتاب الله! فمن امتهن شيئًا من كتاب الله فإن الله يهينه، ومن يهن الله فماله من مُكْرِم.
يا معاشر الطلاب: الرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله، نعمة من الله على عباد الله وإماء الله؛ فإن دخلتم ووجدتم بعد الاختبار خيرًا فاحمدوا الله على فضله، واشكروه على نعمه، واسألوه المزيد من جوده وكرمه، ولا تقولوا نجحنا بحولنا ولا بقوتنا ولا ذكائنا؛ فالله قادر على أن يسلبك العافية، والله قادر على أن يسلبك الذكاء والفهم؛ فسبحان من بيده ملكوت كل شيء! له الفضل كله، وله الحمد كله؛ فالحمد لله على كل حال.
وإن وجدتَّها محزنة، ووجدت الاختبار مؤلمًا قاسيًا فقل الحمد لله، فلعل درجة من الدنيا تفوت عنك فيعوضك الله بها درجات في الآخرة، وكن راضيا بقضاء الله، وإياك والسَّبَّ والشتمَ والغيبةَ! إياك وأذيَّةّ المؤمنين في الغيب! أو انتقاص مَن له عليك فضل كبير، وهم معلموك ومربوك؛ فاذكرهم بالجميل، ورُدَّ إلى نفسك التقصير، وسل الله أن يجبر لك الكسر.
معاشرالطلاب: إيَّاكم إيَّاكم وقرناءَ السوء! فإنهم يكثرون في مثل هذه الأوقات. قال رجل يعظ ابنه: إياك وإخوانَ السوء! فإنهم يخونون مَنْ رافقهم، ويفسدون من صادقهم، وقُرْبُهم أعْدَى من الجَرَب، ورفضهم والبعد عنهم من استكمال الدين الأدب، والمرء يعرف بقرينه، والإخوان اثنان: فمحافظ عليك عند البلاء، وصديقٌ لك في الرخاء؛ فاحفظ صديق البلية، وتجنَّب صديق العافية، فإنهم أعدى الأعداء.
وفي مثل هذه الأوقات يكثر انتشار شياطين الإنس، وأعوانهم من شياطين الجن، ويقومون بنشر سموم المخدرات، وبث أضرار الموبقات؛ وإياكم والتجمْهرَ في الشَّوارع، وعند المحلاَّت! والتصرُّفات التي تُزْعِج أهل الحيِّ والمارَّة! وكونوا على حذر من قُرناء السوء الذين يدعون إلى كل قبيح، ويُوقِعُون فيما فيه أسوأ عاقبة، وأقبح مصير.
فكم من شاب وقع في قضية فساد كبيرة بسبب قرناء السوء، وأصحاب الفجور والخنا! وهذه مقارُّ الشُّرَط، وقضايا المحاكم تشهد بهذه الحقيقة المُرَّة، فربنا -جل وعلا - يقول: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف:67]، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المرءُ على دين خليله، فلينْظُرْ أحدُكُم مَن يُخالِلْ" رواه أبو داود وأحمد والترمذي وإسناده حسَن.
يا معاشر الآباء: رفقًا بالأبناء والبنات! ها هي أيامهم قد أقبلت، وهمومهم قد عظمت، فخذوهم بالعطف والحنان، واشملوهم بالمودة والإحسان، وأعينوهم على هموم الاختبار والامتحان، يكن لكم في ذلك الأجر عند الكريم المنان.
أحسنوا إلى الأبناء والبنات، وخففوا عنهم في التبعات، يسِّروا عليهم يسَّر اللهُ عليكم الأمور، أعينوهم على ما هم فيه، وقوموا بواجبهم عليكم، علموهم وأرشدوهم واشحذوا هممهم.
بعض من الآباء لا يبالي بأبنائه وبناته، ولربما جاءه ابنه فرحًا مسرورًا بنجاحه فلا يُلقِي له بالا، وبعض الأمهات لا يبالين بتربية الأبناء والبنات، فلا سؤال ولا توجيه ولا إرشاد، اللهَ اللهَ في هذه الذرية الضعيفة! عيشوا مشاعرهم، وأدخلوا السرور عليهم، وأحسنوا إليهم، فإن الله يحب المحسنين.
يا معاشر الآباء! بقاء الأولاد عند المدرسة وتأخُّرك في أخْذِهم من المدرسة يشغل جهات عدَّة، وربَّما تعرَّضوا لما لا تريده ولا ترضاه؛ فبادر بأخذِهِم؛ فالوقت الذي يلي خروج الطلاب والطَّالبات من مدارِسِهم إلى صلاة الظهر وقتٌ قد يكون له أثر سيئ عليهم وأنت لا تشعر، فكن على حذر من بقاء الأبناء وعدم رجوعهم للمنزل فور انتهاء امتحانهم.
معاشر الآباء: البيوت في هذه الأيام حُسِبَتْ فيها الأوقات، وأبعدت فيها الملهيات، وصارت الجهود موجهة إلى الطلاب والطالبات، جعل الله سعيكم مشكورا، ولا غرابة في ذلك كله؛ ولكن الغريب أن يكون كل ذلك بسبب هذه الامتحانات، وينسى الأولياء أن أولادهم يمرون بامتحانات كثيرة في حياتهم، دون أن يجدوا منهم كلمة صادقة، أو نصيحة خالصة.
يمر الأبناء والبنات بامتحان عند اختيار أصدقائهم، وامتحان عند بلوغهم، وامتحان حين تواجههم في حياتهم مشكلة أو معضلة. فيا أيها الآباء! عليكم مسؤولية كبرى، وأمانة عظمى، فاللهَ اللهَ فيما استرعاكم اللهُ عليهم.
معاشر المعلمين والمربين: ها هو نهاية عام دراسي ستُطْوَى صحيفته، وتذهب أيامه وذكرياته، ذهبت بما فيها منكم من التوجيه والتعليم والإرشاد، شكر الله سعيكم، وعظَّم الله أجركم، وجزاكم عن أبناء المسلمين وبناتهم بخير الجزاء وأوفاه، نعم ما صنعتم! وأسأل الله أن يعظم الأجور لنا ولكم.
معاشر المعلمين: الامتحانات مسئوليات وأمانات، وتبِعات ودرجات؛ فاللهَ اللهَ في فلذات أكباد المؤمنين! فاتقوا الله عز وجل فيهم، كونوا أشداء بدون عنف، رحماء بدون ضعف، أعطُوا كل ذي حق حقه، وكل ذي قدر قدره، وزنوا بالقسطاس المستقيم، واعدلوا بين أبنائكم وبناتكم؛ فإنهم أمانة في أعناقكم.
واعلموا -رحمني الله وإياكم- أن الاختبار لا يقصد به التعجيز والأذية والإضرار، فهذه ذرية ضعيفة بين أيديكم؛ إياكم وأن تشقُّوا عليهم! فتكلفوهم ما لا يستطيعون، أو تحملوهم ما لا يطيقون، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "اللهم من ولي من أمور أمتي شيئًا فشق عليهم، فاللهم اشقُقْ عليه". اللهَ اللهَ أن يُشَقَّ عليكم! فاتقوا الله في هؤلاء، وأحْسِنوا إليهم، قدروا ضعفهم، واشملوهم بالعطف والحنان.
إن الطلاب يدخلون إلى الامتحان والاختبار بنفوس مهمومة، وقلوب مغمومة، فيها من الأكدار، وفيها من الأشجان والأحزان ما الله به عليم؛ فامسحوا على رؤوسهم عطفًا وحنانًا، وأكرموهم لطفًا وإحسانًا؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
معاشر المعلمين: أسئلة الاختبار أمانة في أعناقكم؛ فاحفظوا الأمانات، ألا لا إيمان لمن لا أمانة له؛ إفشاء الأسرار أو تنبيه الطلاب على مواضع الأسئلة، أو السكوت عن الغشَّاشين والمتساهلين ذنب كبير، ووزر عظيم، وشر مستطير يُخرج للأمة مَن يتسمى بالعلم غشًا وزورًا، وتحمل بين يدي الله إثمه ووزره، فاتقوا الله يا عباد الله.
اللهم إنا نسألك التيسير، اللهم يسر أمورنا، واشرح صدورنا، ووفِّق أبناءنا وبناتنا، اللهم اجعلهم مشاعل للنور والهداية، وخذ بهم إلى سبيل الرضا والولاية يا أرحم الراحمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لاَ إلهَ إلا الله وَحدَه لا شَريكَ لَه إلهُ الأولين والآخِرين، وأشهَد أنَّ سَيِّدَنا ونَبِيَّنا محَمّدًا عَبده ورسولُه أفضل الأنبياء والمرسَلين، اللَّهمَّ صَلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعَلَى آلِه وأصحابِه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واغتنَموا الأوقاتِ بالخيرات قبل الفوات.
أيها الآباء والأولياء: إنّ ما يحصل منكم من مراقبة دائمةٍ، ومتابعة مستمرّة للأولاد أيامَ الدراسة والامتحانات أمرٌ محمود؛ ولكن من الخطَأ العظيم أن تنفضوا أيديكم عن هذه المبادئ الخيِّرة، والمساعي الجميلة سائرَ أيامه، خاصة وقتَ الإجازة.
فمِن مضامين رعاية الأمانة وجوبُ رعاية الأولاد، ولزومُ مراقبتهم في كلّ شأن، والحذرُ من ترك الحبل على الغارب لهم؛ حتى لا يقَعوا في أسباب الشرّ والفساد، وسبُل الغيّ والضلال، لا سيما في مثل هذه الأزمان التي عمَّ فيها الشرّ، وكثرت فيها أسبابُ الفساد.
فربُّنا -جل وعلا- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6]، ونبيُّنا يقول: "كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته" متفق عليه.
إخوة الإسلام، في بلاد الحرمين وغيرها من بلدان المسلمين مساعٍ خيِّرةٌ من ثلّة صالحة في مواسم الإجازة من حلقاتِ تحفيظِ القرآن والسنة، والدورات العلمية النافعة، والدورات التثقيفيّة في أمور الدنيا التي نسأل الله أن يجزي القائمين عليها خير الجزاء وأوفره، فبادِروا إلى توجيهِ الأولاد لاقتناص مثل هذه الفرص واغتنامها.
قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: أدِّب ولدك؛ فإنك مسؤول عنه ما علمتَه، وهو مسؤول عن برّك وطاعته لك بعد ذلك.
وفي حياة التابعين عِبرٌ، فعَن إبراهيم بن أدهَم -رحمه الله- قال: قال لي أبي: يا بنيّ! اطلب الحديث، فكلّما سمعت حديثًا وحفظتَه فلك دِرهم. قال إبراهيم: فطلبت الحديثَ على هذا.
يا شباب! يا شباب الإسلام! إن مصائب أمّتكم تَتْرا، وجراحها لم تزل حَرَّى، إلا أن جرحها النازِف، وداءها الدَّوِيّ أن يكون مُصَابُها في شبابها، أهدي الشباب تحية الإكبـار، هم كنزنا الغالي، وسر الفَخار.
وهل كان أصحاب النبي محمد إلا شبـابًا شـامخ الأفكـار؟ أنتم عماد الأمة، قلوبها النابضة، شرايينها المتدفقة، عقودها المتلألئة، أنتم جيل اليوم، ورجال المستقبل، وبناة الحضارة، وصناع الأمجاد، وثمرات الفؤاد، وفلذات الأكباد.
أَنتم عُنصرُ الأمّة، ودليل حيَويَّتها، وسبيل نهضَتِها، فمِن الخذلانِ أن تُستَغَلَّ هذه الإجازة في تضييع الأوقاتِ سُدى، وإهدارِ اللَّيالي والأيّام في الأمور التّافِهَة، والأفعالِ السَّاقطة، فالإجازةِ فرصةٌ عظيمة لتَحقيقِ الأهداف النبِيلة، والغاياتِ الطيِّبة، دُنيا وأخرى.
فاللهَ اللهَ في القُرَناءِ الصالحين! الذين إذا رَأوكَ في قبيحٍ صَدّوك، وإن أبصَروك على جميلٍ أيّدوك وأمدّوك، وإياك من قرناء السوء! فكل قرين بالمقارن يقتدي، "والمرء على دين خليله، فلْيَنْظُر أحدكم مَن يُخالِلْ".
وأخيرا -أيها الجمع المبارك- نريدها إجازة في طاعة الله، ليس فيها شهوة تتهيج، أو نزعة إلى الشر تتأجج؛ إجازة على ما يُرضي الله لا على ما يسخطه، إجازة تبني الجسم، وتُغَذِّي العقل، وتُرَوِّح عن النفس، والله من وراء القصد.
ثم صَلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على خير الورى طُرا، وأفضل الخليقة شرفًا وطُهرًا، صلاةً تكون لكم يوم القيامة ذخرًا، فقد أمركم بذلك ربكم تبارك وتعالى، في كتاب يتلى ، فقال تعالى قولا كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم