عناصر الخطبة
1/الجيل المسلم ومعنى الاستشهاد 2/ تكريم الشهيد في القرآن والسنة 3/ من هم الشهداء ؟ 4/ سؤال الله الشهادة 5/ من مواقف الشهداء 6/ حب الشهادة وغرسه في النفوس.اهداف الخطبة
تشويق النفوس إلى الجهاد في سبيل الله / بيان تكريم الله للشهيد.عنوان فرعي أول
طوبى للشهداءعنوان فرعي ثاني
من مات ولم يغزعنوان فرعي ثالث
أعظم الحباقتباس
والناس لماذا لا يسألون الله الشهادة؟ لأنهم يظنون أنها تُنقص من أعمارهم وتُقرب من آجالهم، والآجال عند الله معروفة محدودة لا تزيد ولا تنقص، بل إن سؤال الله الشهادة عبادة وأنتم تعلمون بأن العبادة تزيد في العمر وتبارك فيه، فالشهداء ضربوا جحافل الجيوش، وخرجوا بعد ذلك أحياء.
أيها الأحبة الكرام:
يقول الله في كتابه الكريم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) [الإسراء: من الآية70] ومن أعظم صور التكريم أن الله اصطفى واختار منهم أنبياء وشهداء وختم الأنبياء ببعثه محمد صلى الله عليه وسلم وفتح باب الشهداء إلى آخر الزمان يوم أن ختم تلاوته الكريمة بدعائه بأن يرحم الله الشهداء ويفك الأسرى فإن تكريمهم هذا من الله.
أحبتي في الله:
أصبح الجيل المسلم اليوم لا يُفكر في الشهادة، لا يفكر في أعظم صورة من صور التكريم الإلهي للإنسان ولو ناقشت ابنك أيها المسلم في كل مكان عن الشهادة ومن هو الشهيد؟ وما له عند الله؟ وما هم الشهداء في أمة محمد صلى الله عليه وسلم لما عرف الجواب لأنها قضية قد غابت وتلاشت في حس الجيل المسلم وصارت همومه صغيرة، وقد خرج عمير بن أبي وقاص أخو سعد رضي الله عنهما بإعادة المجاهدين الصغار إلى المدينة يستسخرهم للفتوحات الإسلامية الكبرى بكى عُمير قال ما يبكيه قال: أخوه سعد والله يا رسول الله ما خرج من المدينة للقافلة إنما خرج من المدينة يريد الشهادة في سبيل الله فلا تحرمه الشهادة في سبيل الله يا رسول الله فلما سمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أكبر عنده هذا الشعور العظيم الإيماني الكبير فأذن له على صغر سنة ونحافة جسمه حيث أن سعد يقول أخذت أربط حمائل سيفه على بطنه فلا تقواه فتنزل لأنه كان نحيف يجر سيفه خلفه وله همةٌ عظيمة أعلى من قمم الجبال ولا يطيقها أعظم الرجال، أنه لم يذق من شهوة الدنيا شيئاً، لا يزال طفلاً صغيراً يخرج إلى مسافة بعيدة إلى الأقطار يُريد الشهادة لأنه سمع الله وسمع رسوله يحدثه عن الشهادة ومنازل الشهداء، وما عند الله للشهيد، فكان من أوائل الشهداء في غزوة بدر رضي الله عنه ورحمه وجديراً بأبنائنا أن يحفظوا اسمه وأن يكون لهم قدوة وأسوة ، الله جل جلاله يقول في قرآنه العظيم وهو يكرم الإنسان بهذه الصفة العظيمة (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) [آل عمران: من الآية140].
وأمرنا ألا نسميهم أموات، إنما نسميهم شهداء أحياء لأن الشهداء شهدوا أن الله حق ولا بد من نشر دين الحق فإذا اعترضه معترض بذل دمه ووقع بروحه وقال: دمي يشهد بأن الله أعظم وأجل من أن يتراجع الإنسان في تبليغ دينه ودعوته وبهذا سُمى الشهيد شهيداً، ومع الأسف اليوم بل من أجل أدنى مصلحة ولو بعض الربا البسيط لا يفرط فيه، و لو ضاعت دُنياه وأخراه، فكيف لهذا أن يصل إلى درجة الشهيد والشهداء، إنها مرحلة خطيرة وفجوة كبيرة أتلو على حضراتكم الآيات والأحاديث التي تُبين هذه الكرامة وهذا الإكرام الإلهي (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ) [البقرة:154] لا إله إلا الله والرسول صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام جلس مع الصحابة وطرح عليهم هذا السؤال الذي يجب أن يطرحه كل والد الآن وغداً وإلى الأبد على أبنائه خاصة الجيل المسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الشهداء فيكم؟ قالوا يا رسول الله من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل –لعلمه صلى الله عليه وسلم أن الناس يُحبون الدنيا ويخافون من الموت، ثم أعطى صفحة جديدة لشهيد لم يعرفها أحد من قبل -: قالوا فمن يا رسول الله قال: من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد –أي بمرض بطني- والغريق شهيد".
ثم يأتي حديث آخر عن المرأة النفساء التي تموت في نفاسها فهي شهيدة، والحريق شهيد والغريق شهيد، وصاحب الهدم الذي يقع عليه الهدم شهيد، ثم يبين صلى الله عليه وسلم في حديث آخر كوكبة من الشهداء جديدة حتى يبين غِزّة هذه الأمة ومكانتها فيقول: "من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد".
ثم يبين الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم أن للشهيد عند الله ست خصال: يُغفر له عند أول دفعة من دمه، ويرى مكانه في الجنة، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما عليها، ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أهله.
وحديث آخر رواه البخاري: "يعطى الشهيد ست خصال: عند أول قطرة من دمه تُكفر عنه خطاياه، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ويُحلى حُلة الإيمان".
أحبتي في الله:
والناس لماذا لا يسألون الله الشهادة؟ لأنهم يظنون أنها تُنقص من أعمارهم وتُقرب من آجالهم، والآجال عند الله معروفة محدودة لا تزيد ولا تنقص، بل أن سؤال الله الشهادة عبادة وأنتم تعلمون بأن العبادة تزيد في العمر وتبارك فيه، فالشهداء ضربوا جحافل الجيوش، وخرجوا بعد ذلك أحياء.
وهذا سيف الله المسلول خالد بن الوليد يقول: خُضت أكثر من 100 معركة، وما في جسمي موضع شبر إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة رُمح وها أنا ذا أموتُ على فراشي كما يموت البعير، فلا قرت أعين الجُبناء، ويقول للروم والفرس جئتكم برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة، ويقول صلى الله عليه وسلم مُطمئن من يقع شهيداً ماذا يحدث له إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة.
ثم يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يدخل الجنة يُحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع للدنيا فيقتل عشرات المرات لما يرى من فضل الشهادة".
وإن فات كثير من المسلمين اليوم مواطن الشهادة فإن إخواننا هناك في القدس والأقصى يقرعون بجماجمهم باب الشهادة عند الله بثباتهم أمام العدو، وإن هناك من إخواننا الكثير من يتمنى أن يموت شهيداً في سبيل الله.
أيها الأحبة الكرام:
فتح الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم الباب للرجل والمرأة للمُسن وللشباب الكبير والصغير للمجاهد وللقاعد فتح باب الشهادة يوم أن قال: "من سأل الله الشهادة بصدق بلغه لله منازل الشهداء وإن مات على فراشه"، إذن لا يغب عنا ونحن على فُرشنا ونأتي إلى أبنائنا نهدهدهم ليناموا نقول لهم: "اللهم إن نسألك الشهادة صادقين مخلصين برحمتك يا أرحم الراحمين "، كل ليلة فإذا قبل الله ذلك رأيت أبناءك وأحفادك رأيتهم مع حمزة سيد الشهداء ورأيتهم مع مصعب بن عمير الذي قُطعت يداه وهو يحمل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أُحد ورأيته مع زيد بن حارثة وجعفر الطيار الذي يطير في الجنة بجناحين مدرجين.
أيها الأحبة:
إن هذا الدعاء العظيم والناس عنه في غفلة مع الأسف الشديد، الطفل والولد والبنت تفكر عند نومها، ماذا تأكل، ماذا تلبس، وماذا تشرب؟ وماذا تلعب؟ أما أنها تسأل الله هذه المنزلة العالية، فإن كبار الرجال عنها في غفلة فضلاً عن الصغار من الأطفال، أيقظوا حُب الشهادة في قلوب أبناءنا، أيقظوها على أسرة المرضى في المستشفيات، أيقظوها عند النساء وهن يذهبن إلى الأسواق يبحثن عن الماركات، أيقظوها عند البنات في المدارس ولا هم لهم إلا المكياج، أيقظوها هذه المرتبة السامية العالية التي كانت في حس كل طفل في المدينة المنورة، يوم أن عاد جيش مؤتة وعدده 3000 وجيش الكافرين عدده 200 ألف عادوا بعد الإنسحاب والاستشهاد للأمراء الثلاثة زيد، جعفر، وابن رواحة رضي الله عنهم أجمعين عاد الجيش منسحباً لأن المعركة غير متكافئة ومع هذا أُستشهد منهم ما يقرب من 14 ولكن الأطفال في المدينة رفضوهم استقبلوهم بالحجارة، انتفاضة الحجارة بدأت في المدينة في وجه من؟ في وجوه خالد بن الوليد ومن معه من الجيش الأبناء، رفضوا الآباء وقالوا: والله ما تدخلوا بيوتنا والنساء قالوا: والله ما تدخلوا بيوتنا، إنما أنتم الفرار، وأخذ الآباء يؤولون إلى المسجد ويلوذون إلى الأشجار والأحجار لأن الأطفال رفضوهم لأنهم فروا أمام الرومان حتى قال صلى الله عليه وسلم: "كلا إنهم ليسوا بالفرارين، بل الكرارين إن شاء الله"، وكر عليهم صلى الله عليه وسلم يوم أن قاد جيش معركة تبوك يوم أن أرسل قبل موته أسامة بن زيد لمحاربة الرومان.
أيها الأحبة:
هكذا يكون الجيل حياً يقظاً يوم أن تكون الشهادة في حثه عندما ينام وعندما يلعب وعندما يأتي وعندما يذهب عند ذلك الأمة بخير والرسول صلى الله عليه وسلم حذر أمته يوم أن تكون غُثاء كغثاء السيل، "قالوا: أو من قلة نحن يا رسول الله، قال: بل أنتم كثره ولكن يجعل الله في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله: قال حب الدنيا وكراهية الموت".
ويقول الله في كتابه الكريم: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً ) [آل عمران: من الآية169] لا خوف مما هو آت ولا حزناً على ما فات، ولو كانت الدنيا كلها ويستبشرون بمن يأتيهم ومن يزورهم.
يبن الله في كتابه الكريم برحمة من الله وفضل الاستبشار بالرحمة خير من الدنيا وما عليها، لهذا يقول الله عند هذه الأمور: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58] (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران:171] برحمة أجرهم عند الله عظيم، ومنها أن كل الناس يموتون فتنقطع أعمالهم يقول: "إلا من ثلاثة، ولد صالح يدعوا له – والولد الصالح مصيره الموت- والعلم ينتفع به –وقد يأتي زمان يندثر- والصدقة الجارية" وقد يأتي طاغوت يعطل جريانها، ثم ماذا بقي بعد ذلك؟ بقي ما للشهيد الشهيد يُنمى له عمله، إلى منقطع أثره إلى قيام الساعة، فالعمل جاري الصلاة تكتب، والزكاة والعمرة كل ذلك وهو في قبره، في عالم الشهداء، هل هناك فضلٌ أعظم من هذا فلا تزهدوا واسألوا الله كل ليلة هذا الدعاء منازل الشهداء لا رب غيرك، ولا إله سواك، نسألك نصرك للمجاهدين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم