السؤال:
تتوق النفس للحج؛ ولكن نسمع كلمات من الناس لا ندري أهي صحيحة أم لا ؟
يقولون: من حج فليترك المجال لغيره؛ مع أننا نعلم أن الله عزوجل أمرنا بالتزود .. فهل هذا القول صحيح ؟ وإذا كان ذهاب الإنسان للحج ربما نفع الله به عدداً كبيراً؛ سواء ممن يقدم إلى هذه البلاد أو من يصاحبهم من بلاده هو .. فما تقولون وفقكم الله ؟
الجواب:
نقول: إن هذا القول ليس بصحيح؛ أعني القول بأن من حج فرضه فليترك فرصة لغيره؛ لأن النصوص دالة على فضيلة الحج، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ والعُمرة؛ فإنهما يَنْفِيَانِ الفَقْرَ والذُّنوب كما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذَّهَبِ والفِضَّة[1] .
والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يسايس الناس؛ فإذا وجد مجالاً فسيحاً أسرع، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حين دَفَعَ من عرفة يأمر الناس بالسكينة، وشَنَقَ لناقتِهِ الزِّمَام - يعني جَذَبَهُ - حتى إن رأسها لَيُصِيب مَوْرِكَ رَحْلِه مِنْ شِدَّةِ جَذْبِهِ للزِّمام؛ لكنه إذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ[2] . وقال العلماء: يعني إذا وجد مُتَّسَعًا أسرع . فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحال التي هو عليها؛ إذا وجد الضيق فليتأنّ وليسايس الناس في مشيه؛ وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي .
والذي نراه في هذه المسألة: أن الإنسان يحج ويستعين بالله تعالى على هذا الحج، ويقوم بما يلزمه من واجبات، ويحرص على ألا يؤذي أحداً ولا يتأذى بقدر المستطاع . نعم؛ لو فرض أن هناك مصلحة أنفع من الحج: كأن يكون بعض المسلمين محتاجاً إلى الدراهم للجهاد في سبيل الله، فالجهاد في سبيل الله أفضل من حج التطوع، وحينئذ يصرف هذه الدراهم إلى المجاهدين في سبيل الله؛ أو كانت هناك مَسْغَبة - أي: جوع شديد - على المسلمين، فهنا صرف الدراهم في إزالة المسغبة أفضل من الحج بها .
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم