تذكير الأبرار بفقه خلق النار

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-08 - 1444/03/12
عناصر الخطبة
1/القرآن مستودع الأسرار والحكم الربانية   2/النار والجنة أكثر ما ذكر في القرآن   3/حقيقة النار والغاية من خلقها وأصنافها   4/صفات النار وصفات أهلها   5/أنواع العذاب المادي 6/العذاب المعنوي في النار   7/ الجنة والنار مخلوقتان

اقتباس

ولأن النار من حقائق الآخرة، ونحن نؤمن بوجودها كمسلمين، لذا لابد أن نعرف أسماءها وخصائصها وصفة عذاب أهلها بغرض الحذر منها نسأل الله النجاة منها، وهذه المعرفة هي التي تورث العبد الخشية والإنابة والتذكر واليقظة من هذا المصير المروع الذي يلقه الغافلون عن عذاب الله ووعيده...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي خلق فسوى، وأرشد فهدى، وأعطى فكسا، وأسبغ فحمى، الحمد لله الذي أرسل المرسلين، وأقام البراهين، فهدى الحائرين، وأرشد التائهين، ونصر المؤمنين، وأضل الكافرين، والصلاة والسلام على من أقام منار الدين، وصبر وجاهد حتى أتاه اليقين، خاتم المرسلين، وسيد العالمين، و إمام العاملين، وقدوة السالكين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، وأزواجه المطهرين، وصحبه الغر المحجلين، صلاة ترضى عنا بها إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

عباد الله: فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله، وخير الوصايا تقوى الله -عز وجل-، فأوصيكم ونفسي بتقوى العلى الحكيم.

 

عباد الله: إن الله -عز وجل- قد أودع كتابه الحكيم خزائن الأسرار والحكم، وجعله مهيمنا على ما سبقه من كتب، كما جعل الإسلام مهيمنا على ما قبله من رسالات، وجعل الله -عز وجل- هذا القرآن جامعا لكل ما يحتاجه الإنسان في دنياه وآخره، ووصفه الله -عز وجل- في عدة مواضع بأنه شفاء ونور وهداية وتذكرة وبشرى ونذير إلى آخر هذه الأوصاف الجامعة لأعظم معجزات الرسل قاطبة، قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل: 89].

 

لذلك كان من طريقة المولى -جل وعلا- في القرآن الكريم أنه -سبحانه- إذا أراد أن يلفت انتباه الناس لأمر عظيم في صلاحهم وفلاحهم، فأنه -سبحانه- يفيض في ذكره ووصفه ونعته وسبله في القرآن، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم، وحتى لا يكون للناس على حجة بعد استفاضة البلاغ والإنذار، وأكبر مثال على ذلك في كتاب الله؛ هو ذكر الجنة والنار، فإن الله -تعالى- قد أفاض من ذكرهما في القرآن بصورة تقطع على كل معتذر أي سبيل.

 

ورغم استفاضة البلاغ في شأن الجنة والنار إلا أن كثيرا من الناس عن هذا البلاغ غافلون، وعن حكمة وغاية خلق النار على وجه الخصوص لا يفقهون، لذا تجد كثيرا منهم في كل واد يهيمون، من إناء كل لذة يغبون، وأكثرهم لا يعقلون، واليوم بحول الله وقوته سنجول جولة إيمانية في كتاب الله نستخرج الكنوز والحكم الربانية عن خلق النار من البداية إلى النهاية، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

أيها المسلمون: إن النار هي الدار الأبدية الخالدة التي أعدّها الله للكافرين به، المتمرّدين على شرعه، المكذبين لرسله، العاصين لأمره، وهي عذابه الذي يعذّب فيه أعداءه، وسجنه الذي يسجن فيه المجرمين، وبهم تمتلئ قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا) [الأعراف: 179]، وقال تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) [هود: 119].

 

ولقد كان من حكمة الله البالغة أن خلق النار على ما هي عليه من الكمون والظهور، فلو كانت ظاهرة أبداً كالماء والهواء لأحرقت العالم، وعظم ضررها، ولو كانت كامنة لا تظهر لفاتت المصالح المترتبة على وجودها فاقتضت حكمة الله، أن جعلها مخزونة في الأجسام، يخرجها الإنسان عند حاجته، وخص الإنسان بالنار دون غيره، فإنه لو فقدها لتعطلت له مصالح كثيرة، من التدفئة والإنارة، وإنضاج الأطعمة، وتركيب الأدوية، وغير ذلك من المنافع التي يستفيد منها الإنسان، فسبحان القوي الذي أعطى الجسم الثقيل القوة التي يهبط بها إلى أسفل، وأعطى النار هذه القوة التي تصعد بها إلى أعلى.

 

ولقد أودع الله نار الدنيا باطن الأرض، وحبسها في الحطب والخشب، وهي مع عظمتها جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، قال: فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءاً، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا" (البخاري (3265) مسلم (2843))، وتخيل لو أن الله أذن لها أن تخرج لأهلكت ما على وجه الأرض، لتأكل الأخضر واليابس، وتلتهم الغابات، وتذيب الحديد والمعادن، ولكن الله عزَّ وجلَّ- يخرج منها بقدر، ليتذكر الناس به النار الكبرى يوم القيامة، وليستمتعوا بمنافعها، قال سبحانه: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ) [الواقعة: 73].

 

وربما يتساءل البعض فيقول ما الغاية والحكمة الربانية في خلق هذا المخلوق الفظيع المروع الذي أطار النوم من عيون الخائفين، وأقلق مضاجع المتهجدين، ولله -عز وجل- في خلق النار حكم عظيمة من أهمها:

 

أولا: رحمة بالخلق؛ فإن خلق النار في الحقيقة هو رحمة للناس ورأفة بهم، ذلك أن النار تلعب دورا مهما في ردعنا عن ارتكاب المعاصي؛ بخلق الرعب والخوف في نفوسنا من تعدي حدود الله وبالتالي تجنبنا الزيغ والضلال والتعدي على الآخرين، فلو لم تكن النار موجودة لكانت الفوضى في العالم ومنه الإسلامي خاصة.

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ لِجِبْرِيلَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، ثُمَّ حَفَّهَا بِالْمَكَارِهِ، ثُمَّ قَالَ يَا جِبْرِيلُ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ" قَالَ: "فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا، فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا" (صحيح الجامع (5210)) ، وهذا يوضح أن الجنة والنار موجودتان مذ أمد بعيد، وهو أدعى للمسارعة للجنة والفرار من النار، وقد حفز الحديث على الصبر على المكاره والصبر على الطاعة والصبر عن المعصية بالبعد عنها والصبر على البلاء.

 

ثانيا: تأديب الكافرين وموعظة للمؤمنين؛ فقد خلق الله النار تأكل وتذيب، وجعل زمامها بيده -سبحانه-، وأمرها إليه، إن شاء أشعلها وأحرق بها من شاء من أعدائه، وإن شاء جعلها تشتعل ولا تحرق، بل قلب حالها برداً وسلاماً لمن شاء من أوليائه، قال سبحانه عن خليله: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء: 68- 69].

 

والنار التي خلقها الله -سبحانه- أنواع: نار لها إشراق وإحراق كالشمس، وكالنار المعروفة، ونار لها إحراق بلا إشراق، وهي نار جهنم المظلمة، ونار لها إشراق بلا إحراق، وهي النار التي خلقها الله في الشجرة وكلّم موسى عندها، ونار ليس لها إشراق ولا إحراق، وهي النار المحبوسة في الحطب والخشب، فهي مخزونة، فإذا أشعلت صار لها إشراق وإحراق، فسبحان من جعل من الشجر الأخضر ناراً يابسة ملتهبة، قال الله -تعالى-: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) [يس: 80].

 

ولأن النار من حقائق الآخرة، ونحن نؤمن بوجودها كمسلمين، لذا لابد أن نعرف أسماءها وخصائصها وصفة عذاب أهلها بغرض الحذر منها نسأل الله النجاة منها، وهذه المعرفة هي التي تورث العبد الخشية والإنابة والتذكر واليقظة من هذا المصير المروع الذي يلقه الغافلون عن عذاب الله ووعيده، وهذه الحقائق تشمل نقاطا عديدة منها:

 

أولا : منشأ النار، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ) [الواقعة: 71 - 73]، فعرفهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنما الله -تعالى- الذي أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفئوها وأخمدوها، قال الله: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) [يس: 80].

 

ثانيا : أسماء النار وصفاتها، فهي دار العذاب الأبدي خلقها الله -تعالى- ليجازي بها الكافرين إلى الأبد ومن شاء من العصاة إلى ما شاء، وقد تعددت أسماؤها لعظمها، كجهنم والهاوية والسعير وسقر والحطمة ولظى، وغيرها من الأسماء التي توحي بالانتقام والحنق للمجرمين، نار تناهى في الشدة  لهيبها ،ووسع المعذبين وفضل بعد ذلك حجمها، قعرها بعيد، وسوادها شديد، وأبوابها مؤصدة، وهي بحرِّها عليهم مطبقة.

 

عند تلاوة آيات الله بتدبر وتذكر، نجد أن وصف النار وأهلها في القرآن في شدة الهول والروع، تجد أن أهلها يقاسون صنوفاً شتى من العذاب: فتارة في النار يصهرون، وتارة على وجوههم يسحبون، وأخرى بالحميم يلفحون، قد اسودت وجوههم، وغُلّت بالسلاسل والأنكال أيديهم، قُطّعت لهم ثياب من نار، وسرابيل من قطران، طعامهم الزقوم، وشرابهم الحميم.

 

فتلاوة آيات النار والعذاب تزعج قلوب الخائفين، وتذهب بالنوم من عيون المتعبدين، وتسلب البسمة من وجوه الباسِمين، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لِجِبْرِيلَ: "مَا لِي لَمْ أَرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا قَطُّ؟, قَالَ مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ" (أحمد(13343))، وعن أَبُي عِمْرَانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ، -عَلَيْهِ السَّلَامُ- جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكَ؟" قَالَ: "مَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ جَهَنَّمَ مَخَافَةَ أَنْ أَعْصِيَهُ فَيُلْقِيَني فِيهَا" (شعب الإيمان(887)).

 

فمن أوصافها أنها كائن حي بكل مقومات الحياة، تتحدث وتسأل وتتنفس وتطلب وتتمنى، ولو لم يأتنا هذا عن المعصوم -عليه الصلاة والسلام- لقلنا ضربا من الخيال، قال تعالى: (إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) [الفرقان: 12]، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ نَبِيِّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَتَكَلَّمُ يَقُولُ: وُكِّلْتُ الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ، وَبِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ فَيَقْذِفُهُمْ فِي غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ). ومن تفسير تطلعُ أي ترى وتشاهد كقوله -تعالى-: (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ) [الصافات: 55]، فهي ترى ما في الأفئدة، قال الله: (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) [الهمزة: 7]، أو بمعنى: تنفذ إلى الأفئدة فتحرقها وتحرق ما تحتوي عليه من الكفر أو العصيان.

 

ومن أوصافها أيضا أنها أضخم ما خلق الله، والدليل على ذلك أنها تسع حجما هو من أضخم ما خلق: الشمس والقمر، عَنْ أَنَسٍ، يرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ" (مسند الطيالسي (2217))، وقَوْلُهُ: عَقِيرَانِ، أَيْ زَمِنَانِ، لَا يَجْرِيَانِ، فتأمل كثرة الداخلين عليها من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعون، دليل على سعتها، وهي مع هذا العدد قابلة للزيادة، جاء من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ" (مسلم(2848))، ومعنى قط، قط: حسبي، حسبي اكتفيت وامتلأت.

 

أمّا عن سعتها وعمقها فاسمع هذا الحديث المروع ،فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَدْرُونَ مَا هَذَا؟" قَالَ: قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا" (مسلم(2844)). ومما يدل على عظمتها وضخامتها المهولة، قول رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا" (مسلم (2842))، أي بلغة الأرقام (4900.000.000) أربع مليارات وتسعمائة مليون ملك يجرونها، فلكِ أن تتخيل هذا، فأين اللاعبون اللاهون الغافلون ؟ بل أين الظلمة الطاغون؟.

 

ورغم هذه الضخامة والسعة المهولة، فإن المجرمين يجدون من الضيق والحبس ما يعضون عليه الأنامل من ندم التفريط في الدنيا, وتصور جسرها كيف أنه يكفي لحمل الخلائق كلهم يوم القيامة, فكيف بجهنم نفسها؟ عن عَائِشَةُ أم المؤمنين، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَوْلِهِ: (وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر: 67] قَالَتْ: قُلْتُ: فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ" (الترمذي (3241)).

 

ومع سعة جهنم فالضيق في جهنم إحدى وسائل العذاب التي يصبها الله على الكفار والمجرمين  فالضيق يشمل ظواهرهم وبواطنهم, فنفوسهم أصابها من الهم والغم والحسرة مالا يوصف مما هم فيه من العذاب والنكال ألوانه وأشكاله فنفوسهم ضيقة, وفوق هذا تجدهم محشورين في أضيق الأماكن تنكيلاً بهم، قال تعالى: (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُور) [الفرقان 13]، وقد كانوا في الدنيا ينحتون من الجبال القصور فرحين بها, فما أحوجهم يوم القيامة إلى شبر من الأرض يتنفسون فيها، قال تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) أي لفي حبس وضيق شديد.

 

فهيئ جواباً عندما تســمع الندا *** من الله يوم العرض ماذا أجبتـم

به رسلي لما أتوكم فمــن يكن *** أجاب سواهم سوف يخزي ويندم

وخذ من تقى الرحمن أعظم جنة ***  ليوم به تبــــدو عياناً جهنم

وينصب ذاك الجسر من فوق متنها***فهاو ومخـــدوش وناج مسلم

 

أما عن مراتبها، فاعلم -يا عبد الله- أن الجحيم دركات سافلها أسوأ من عاليها، بحسب إجرام أهلها وأعمالهم، بخلاف الجنة فهي درجات كلما ارتفعت كان أرقى وأنعم، حسب إيمان العباد وأعمالهم، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) [النساء: 145]، وأهون الناس عذابًا في النار، ما ثبت عن النُّعْمَانَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ" (البخاري(6561)), فما بالك بأشد أهل النار عذابًا؟.

 

أما عن وقودها، وما أدراك ما وقودها ؟ وكيف يكون لهيبها ؟ فياله من خبر مفزع، ونبأ مرعب؟! فإنما وقودها الناس والحجارة, قال سبحانه: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين) [البقرة: 24]، فنار الآخرة لا يوقدها حطب أو يشعلها خشب، فالناس هم الوقود وهم المعذبون، يقول ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-: "وأكثر المفسرين على أن المراد بالحجارة حجارة الكبريت توقد بها النار ويقال: إن فيها خمسة أنواع من العذاب ليس في غيرها: سرعة الإيقاد وكثرة الدخان, وشدة الالتصاق بالأبدان, وقوة حرها إذا حميت" فالنار هذه حالها وشكلها, وهي أحق أن تتقى وأحق أن يعمل لاجتنابها واجتناب أهوالها, فكابد يا عبد الله فالخطب جلل, وازهد في الحرام وابتعد عن الشبهات.

 

وعن خزنتها قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ..) [التحريم: 6]، فخزنة جهنم يتسمون بالغلظة والشدة، لا يغلبون ولا يقهرون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون, وجعلهم قلة ليكون هذا العدد للكفار فتنة، قال سبحانه: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ* لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ* لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَر* عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) [المدثر26-30]، وقد افتتن المنافقون بذلك فظنوا أنهم قادرون حراسها القليلين، فأعقب الله -جل وعلا- بقوله: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) [المدثر: 31].

 

هذا -يا عباد الله- وصف النار، أما عن وصف أهلها، أجارك الله وإياي أن نكون من أهلها، فيا الخسران والندامة والحسرة والملامة، خلق عظيم، وعذاب مقيم، وبكاء وعويل، وليل طويل، فاسمع لوصفهم وابك لحالهم:

 

أولا: خلقهم، فخلق أهل النار وهيئتهم عظيمة هائلة، فجسد الواحد منهم أضخم من  الجبال الشاهقة التي نراها في الدنيا، فلا تسألِ عن ضروسهم ورؤوسهم وجلودهم, فهي من العظمة في الحجم ما لا يقدر عليه إلا الله، وما ذاك إلا ليذوقوا العذاب في أعلى صوره، وأنكى شدائده، فكلما تضخمت أجسامهم، قوي العذاب في جنباتهم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ" (البخاري(6551))، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ضِرْسُ الْكَافِرِ، أَوْ نَابُ الْكَافِرِ، مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ" (مسلم(2851)).

 

ثانيا: ملابسهم؛ فأهل النار لا يلبسون اللباس ليقوا أنفسهم من الحر والبرد والزمهرير كما في الدنيا، وإنما هو زيادة في العذاب وتنوع في النكال، قال تعالى: (والَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ) (الحج: 19]، كان إبراهيم التيمي إذا تلا هذه الآية يقول: "سبحان من خلق من النار ثياباً"، وقال تعالى: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ) [إبراهيم: 49 – 50]، والقطران هو النحاس المذاب، ولما لبسوا في الدنيا لباس المعاصي والمحرمات، تأمل كيف ألبسهم الله يوم القيامة ثيابًا مقطعة حامية.

 

فالبس أخي لباس التقوى يقيك من حر يوم القيامة وينافح عنك لهيب جهنم, فهو أسلم لك وأجدى وأنفع من لباس الإجرام والفسوق والمعاصي, فانظر كيف ألبسهم الله يوم القيامة ثياباً مقطعة حامية, لما لبسوا في الدنيا لباس الكبائر والفواحش, قال تعالى: ( لِبَاساً يُوَارِي سَوءاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى) [لأعراف: 26]، وممن يلبسون تلك الثياب النائحات عن أَبَي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ" (مسلم (934)).

 

فلا تسل عن حالها وحال أهلها فهي نيران لا تفنى ولا تنطفئ، أعدها الله لكل جواظ عتل مستكبر, إذا ذكر لا يذكر, وإذا وعظ لم يتعظ, وإذا سمع آيات الله اتخذها هزواً ولعباً، فعن حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الخُزَاعِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عُتُلٍّ، جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ" (البخاري(4918)).

 

ثالثا: أغلالهم؛ جعل الله في أعناقهم الأغلال يسحبون منها, فتزيدهم عذاباً على عذاب وخلق لهم سلاسل يسلكون فيها، ليذوقوا العذاب، قال تعالى: (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) [غافر 71], وقال سبحانه: (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ) [الحاقة 32]، وما أعظم تلك السلاسل والأغلال, وتلك المقامع والأصفاد, وما أثقلها عليهم، ويا للهوان والذل الذي يجلبه منظر حاملها وسط الجحيم, فإنما قيدهم الله بها إذلالاً لهم لا خشية بهم كما يقيد السجين في الدنيا، قال الحسن: "إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب, ولكنهم إن طفا بهم اللهب أرسبتهم".

 

فاعمل -يا عبد الله- أمهد لنفسك, فجسدك لا يطيق حلقة من تلك السلاسل الغلاظ, ولا يقوى على المكوث في حفرة النار لحظة واحدة, فهو عذاب لا ينفع معه صبر ولا جلد, ولا مال ولا ولد, ولن ينجيك منه أحد, سوى ما قدمت من عمل في هذه الأيام.

 

ثالثا: شرابهم وهواؤهم, وأما حر الدنيا فإنه يتقى, فقد مد الله لعباده الظل يقيهم الحر, ورزقهم الماء يرويهم من العطش, وأوجد لهم الهواء والريح الكريمة تلطف وتهون من شدة الفيح، أما في جهنم فإن هذه الثلاثة تنقلب عذاباً على أهلها فالهواء سموم, والظل يحموم والماء حميم، قال تعالى: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ *فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) [الواقعة 41-44]، وقال سبحانه: (انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ *إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ *كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات 30-33].

 

فشررها قطع ضخمة وحمم كبيرة، على قدر الحصون والقصور ويشبه الإبل السود في لونه من شدة السواد, أما دخانها فمتشعب إلى وحينها أين صبرك على هذا؟‍‍‍‍‍ فهلاً نفسك من هذا البأس العظيم والخطر الجسيم؟ فها هو النذير ينذر بهذا الشر العظيم, ويخبر عن جهنم كيف تصنع بالعصاة المجرمين.

 

يا ويلهم تحرق النيران أعظمــهم  *** بالموت شهوتهم من شدة الضجر

وكل يوم لهم في طول مدتهـــم   ***  نزع شديد من التعذيب بالسعر

 

اللهم إنا نعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم نجنا من هولها وعذابها، واجعل لها منها نجاة وبراءة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

 

عباد الله: تكلمنا عن النار ووصفها، ووصف أهلها، بقي أن نتعرف عن صور العذاب والنكال فيها، فإن الله -عز وجل- قد بين أن عذاب جهنم متباينة ألوانه متعددة أشكاله، بحسب تنوع دركاتها وتفاوت أهلها في الإجرام وما قدموه من السيئات والآثام، قال تعالى: (بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 81]. وهذه الآية نزلت في الكفار خاصة فسيئاتهم تحيط بهم ناراً يوم القيامة، قال تعالى:  (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [الأعراف: 41].

 

ولأن الله لا يظلم عباده مثقال ذرة, لذلك فالمعذبون يختلفون في العذاب كل بحسب ذنبه، عنْ سَمُرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حُجْزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى عُنُقِهِ" (مسلم(2845)).

 

فمن صور العذاب في النار ؛ اللفح فمن أهل النار من تلفح النار وجهه, فيلقى فيها كما تلقى السمكة في الزيت الحار, قال تعالى: ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُون ) [المؤمنون: 104]، وقال سبحانه: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [إبراهيم: 50]، وتخيل حال وجوههم وقد ذهب لحمها وبقي عظمها, فيالها من بشاعة, ويا له من ألم ومهانة, تتقلب وجوههم في النار وهم ينادون فلا يسمعون ويصرخون ولا يرحمون, ويطلبون الموت فلا يجابون.

 

وحينما تذوب جلودهم وتحترق يخلق لهم جلوداً أخرى ليحسوا بالعذاب, فهي مركز إحساسهم بالألم, وهذا فيه آية وإعجاز لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, وهو ما أثبته العلم الحديث من أن مركز الإحساس هو الجلد ليس اللحم ولا العظم, قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيم) [النساء: 56].

 

ومنها أيضا الصب؛  فمن عذاب جهنم صب الحميم فوق رؤوس أهلها، قال تعالى: ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ*يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) وحينما يصب فوقهم ذلك الحميم الشديد الحرارة, تنقطع جلودهم وتذوب, وتتمزق أحشاء بطونهم وتصهر, فلا صبر ولا هروب, ولا مخرج ولا  النجاة, ولا موت ولا هلاك, وإنما يحيون بعد ذوبانهم فيعادون مرة أخرى, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ حَتَّى يَنْفُذَ إِلَى الْجُمْجُمَةِ, حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ فَيُسْلَبُ مَا فِي جَوْفِهِ, حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ قَدَمَيْهِ فَهُوَ الصِّهْرُ ثُمَّ يعَادُ كَمَا كَانَ" (نظر جامع الأصول(8103)).

 

ومنها الجوع والطعام البشع؛ فحين يصيب أهل النار الجوع الشديد، يطعمهم الله طعاماً يزيدهم عذاباً, مما يجدونه من الألم والحر في بطونهم بعد أكله، فلا هم يذهبون حرارة الجوع بذلك الطعام, ولا هم يهنئون, قال تعالى: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ* لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) [الغاشية 6-7]، والضريع نوع من الشوك المر النتن, لا ينفع آكله ولا يشبعه ويعرف عند الحجازيين بالشربق، وكل طعام يأكله أهل النار يجمع عليهم مرارة الطعام وغصته، قال تعالى: (إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيم*وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيم) [المزمل: 12-13]، والغصة هي التي يعلق بها الطعام في الحلق فلا يسهل عليه دخوله إلى الجوف ولا يسهل خروجه عنه للتخلص منه.

 

ومن طعام أهل النار صديد الأبدان وقيحها, فعند شدة جوعهم وفقدهم للطعام يلتفتون إلى صديدهم يأكلونه، قال تعالى: (وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ*لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ) [الحاقة: 36]، والغسلين والصديد وهو أنواع وألوان، قال تعالى: (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ*وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) [ص: 57-58]، فيا له من مشهد تنفر النفس منه، فضلاً عن رؤيته وانظر إلى هؤلاء البؤساء وهم يلعقون الضريع والقيح والغسلين, ويذوقون ألوانا من العذاب فيها وصوفنا من العقاب، إنها الخزي والندامة والحسرة والخسارة.

 

ويا قبح طعم ما يأكلون, لا تستسيغه أذواقهم, ولا تقبله ألسنتهم, ومن شدة ما هم فيه من ألم الجوع ومرارة الطعم, قال تعالى: (مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم: 16-17]، وأما فاكهتهم فإنها من شجرة الزقوم شنيعة المنظر فظيعة المظهر مرة المذاق, قال تعالى: (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ *ث ُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ) [الصافات: 65-68]، فأي نكال بعد هذا النكال.

 

هذا عن طعامهم أما عن شرابهم، فشراب أهل النار الحميم الشديد الحرارة, يشربونه من شدة العطش وهم يعلمون حرارته وحميمه فيقطع أمعاءهم وأحشاءهم، قال تعالى: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ) [الكهف 28-29]، وقال تعالى: (وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) [محمد: 15]، فلا يزدادون إلا عطشا، فما أشقى هذه الحياة, وما أتعس أهلها، كلما استغاثوا أجيبوا: (قَالَ اخسئوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) [ المؤمنون 108].

 

أما أشد ما يلاقي أهل النار وأشد ما يعذبون به، فهو عذابهم المعنوي بالحسرة والندامة، والبكاء والعويل، والهم الثقيل، والليل الطويل، فأهل النار يعذبون ظاهراً وباطناً فهم مع عذابهم الجسدي, يتعذبون بالحسرة والندامة على كفرهم وأعمالهم، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [يونس: 54]، وتزداد مع تبرئ الشيطان منهم وهو الذي أغواهم، قال تعالى: (فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) [إبراهيم: 22].

 

بل يصرخون بندامتهم واعترافهم بذنبهم وقلة عقلهم, قال تعالى: (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) [الملك: 11]، ويتمنون لو أن كانوا تراباً من شدة ندمهم، قال تعالى:  (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاب) [النبأ: 40]، وتارة يلوم بعضهم بعضاً، قال تعالى: (هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّار* قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) [صّ: 59-61].

 

ولما يلومهم المؤمنون ويوبخونهم يزدادون حسرة، قال الله: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ) [لأعراف: 50-51]، وتكتمل حسرتهم إذ يوبخهم الملائكة، قال تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) [الزخرف: 77-78].

 

فيطلبون التخفيف فلا يجدونه ويتمنون الخروج فلا يصلونه، قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ) [غافر: 49]، يستنجدون بالغير لكن لا جدوى، قال تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ..) [الأعراف:50– 51]، بعد كل هذه الأمنيات يصابوا باليأس المرير فتأتي آخر أمنياتهم، قال تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ) [الزخرف: 77]، ولكن الجواب يجئ في تيئيس وإنهاء للآمال، وبلا رعاية، ولا اهتمام قال إنكم ماكثون، وعندها لا خلاص، ولا رجاء، ولا موت، ولا قضاء، إنكم ماكثون.

 

وعند ذلك تنقطع بهم الأماني، ويوقنون ألا رجاء هنالك، وأنهم ماكثون فيها إلى أبد الآبدين، فيزداد بكاؤهم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يَصِيرَ فِي وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الْأُخْدُودِ، لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهَا السُّفُنُ لَجَرَتْ " (صحيح الجامع(4324)).

 

عباد الله: إن الله تعالى خلق الجنّة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلا، فمن أدخل منهم الجنة ففضلا منه، ومن أدخل منهم النار عدلا منه، وكلّ يعمل لما قد فرغ له، وصائر إلى ما خلق له، والخير والشرّ مقدّران على العباد، وما عليك -أيها العبد- إلا أن تعمل وتجتهد فكل ميسر لما خلق الله، والله الموفق والهادي، ولك -أيها المسلم- بشرى، عنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَغْفِرُهَا اللهُ لَهُمْ وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى" (مسلم(2767)).

 

اللهم اجعلنا من أهل الجنة، واعتق رقابنا من النار، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّة وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مَنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ، اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ.

 

رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَاب جَهَنَّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَاب النَّارِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ، وَأسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ النَّارِ. رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسِلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَومَ القِيامَة إِنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعَادِ.

 

اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَاباً يَسِيراً، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئاً نَعْلَمُهُ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا نَعْلَمُهُ، اللَّهُمَّ إنِّيْ أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاء، ودَرَكِ الشّــَقَاء، وســوء القضاء، وشَمَاتَة الأعْدَاء، يَا سَمِيْع الدُّعَاء، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَـاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ.

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ.

 

اللَّهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِي بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِيَ مِنْ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ، اللَّهُمَّ رَبِّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَرَبِّ إِسْرَافِيلَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ.

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ المُقَامَةِ، فَإِنَّ جَارَ البَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَالهَرَمِ وَالقَسْوَةِ، وَالغَفْلَةِ وَالعَيْلَةِ وَالذِّلَّةِ، وَالمَسْكَنَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ وَالكُفْرِ، وَالفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّمَمِ وَالبَكَمِ، وَالجُنُونِ، وَالجِذَامِ، وَالبَرَصِ، وَسَيِّئِ الأَسْقَامِ.

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ، وَالبُخْلِ، وَالهَرَمِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا.

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ وَالأَدْوَاءِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تُحَسِّنَ فِي لَوَائِحِ العُيُونِ عَلانِيَتِي، وَتُقَبِّحَ فِي خَفِيَّاتِ العُيُونِ سَرِيرَتِي، اللَّهُمَّ كَمَا أَسَأْتُ وَأَحْسَنْتَ إِلَيَّ، فَإِذَا عُدْتُ فُعُدْ عَلَيَّ.

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْـعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَــرِي، وَمِنْ شَــرِّ لِسَـانِيْ، وَمِنْ شَرِّ قَـلْـبِي، ومن شـرِّ مَنِيِّي. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَقُولَ زُوراً، أَوْ أَغْشَى فُجُوراً، أَوْ أَكُونَ بِكَ مَغْرُوراً. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الأخْلاقِ.

 

 

 

المرفقات

الأبرار بفقه خلق النار

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات