عناصر الخطبة
1/ تدنيس المصحف ودلالاته 2/ جرائم في معتقل غوانتانامو 3/ حلول عملية على الأمة القيام بهااقتباس
إنَّ الواجب على شعوب المسلمين الاستنكار القولي والعملي بكل وسيلة مشروعة، مع مراعاة المصالح والمفاسد المترتبة على ردود الأفعال؛ يجب على كل مسلم إنكار هذه الأعمال بالقول و القلب وتمعُّر الوجه، وكيف لا يغضب المسلم ويتمعر وجهه لهذه الحادثة، وحرمات الله تنتهك، وكتابه يدنس؟ (ذَ?لِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:33].
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على من بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد: فقد تناقلت وسائل الإعلام تلك الجريمة البشعة، والسلوك الحيواني الوضيع الذي أقدم عليه جنود الصليب في قاعدة غوانتانامو، عندما قاموا بتدنيس كتاب الله تعالى وإلقائه في المراحيض، هذا العمل الشنيع الذي تجاوز شناعته كل عبارة ووصف، (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) [مريم:90].
هذه الحادثة التي تعكس بحق حالةَ الأمةِ المَهينة، ومدى الذل والهوان التي وصلت إليه، كما أنها تجسد بصدق نزعةَ الكراهية البغيضة، والحقدَ الدفينَ المتأصلَ في جنود الصليب، والذي تؤزه مواقف قادتهم المتطرفين ذوي التاريخ الأسود.
تأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة الهجمة الشرسة التي تستهدف النيل من المقدسات والرموز الإسلامية، بدءا بالتطاول على شخص الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومرورا بتهديدات اليهود المتواصلة باقتحام المسجد الأقصى وهدمه لإقامة الهيكل المزعوم، وإضافة لعمليات اقتحام المساجد وتدنيسها مراراً في العراق من قِبل قوات الاحتلال والمتعاونين معها.
وسواء قيل بأن هذه الحادثة غيرُ صحيحة اختلقها الكتاب اليهود بالصحيفة، أو روجت لها أجهزة الاستخبارات الأمريكية لمعرفة ردِّ فعل الشعوب المسلمة، أو قيل بالاحتمال الثاني وهو الأقوى والأقرب للحقيقة أن الحادثة حقيقية؛ فإننا نقول إن هذه الحادثة البشعة ليست الوحيدة، وليست بجديدة من إخوة القردة والخنازير؛ ألم يدنس جنود الصليب المساجد في العراق؟ ألم يدنسوا المصاحف، ويرسموا عليها الصليب الأسود؟.
ألم نر صور مساجد الفلوجة في العراق، وكيف دنسوا بأقدامهم النجسة المصاحف، وقد ظهرت ممزقة تحت أرجلهم؟.
ألم نشاهد العسكري الأمريكي وهو يقتل مسلماً أعزلَ، نائماً على ظهره في مسجد من مساجد الفلوجة، ثم يبرؤه القضاءُ بأنه كان في حالة دفاع عن النفس!.
ألم يشهد العالم جرائمهم في معتقل أبو غريب، بل إن ما يحدث في قاعدة جوانتانامو البعيدة عن عيون الصحافة والإعلام هو أشد فظاعة مما رآه العالم في سجون أبو غريب.
في قوانتانامو، أهين الإنسان قبل القرآن، وتعرض المسلمون لفضائح وانتهاكات للكرامة الإنسانية يندى لها الجبين.
في قوانتانامو، المئات من المسلمين اختطفوا من كل مكان، كل جريمتهم أنهم شاركوا في أعمال خيرية، أو دافعوا عن أرضهم، أو عاشوا لبعض الوقت في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن سامهم جنود الصليب سوء العذاب فشلوا في تقديمهم للمحاكمة رغم مرورِ أكثرِ من ثلاث سنوات، حتى ذهبت جهود المحامين أدراج الرياح، لأن السياسة عند هؤلاء الظلمة لا تعرف الإنسانية.
قبل يومين، ذكر سمو نائب وزير الداخلية -وفقه الله- أن معظم السجناء السعوديين في قوانتانامو تعرضوا للظلم.
ومنظمات حقوقِ الإنسان في العالم -بما فيها منظمات أمريكية- احتجت على ظروف اعتقال السجناء في غوانتانامو، وتحدثت تقاريرُ كثيرةٌ عن اعتقالاتٍ طويلة المدى لصبيان وشباب صغار دون تُهم ودون محاكمة، وكأنهم صاروا كبش فداء لغيرهم، ناهيك عن الانتهاكاتِ والعدوانِ على السجناء، وحرمانهم من أبسط الحقوق؛ بينما يتم التعامل مع سجناء الدول الحليفة في الحرب بطريقة مختلفة تماماً عن بقية السجناء.
ثم لمـــَّا لم يكفهم انتهاكُهم جميعَ شرائعِ السماء وقوانينِ الأرض ومواثيقِ البشر، تجرؤوا على كلام رب البشر -جل جلاله-، القرآن العظيم الذي هو أحب إلينا من أنفسنا وبلداننا وحكوماتنا وأولادنا ووالدينا والناس أجمعين.
إن هذا العمل الدنيء لهو دليل إضافي جديد على الاستخفاف بمليار إنسان يدينون بهذا القرآن ويؤمنون بأنه كلامُ الله تعالى، أنزله على محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين وإمام المرسلين، كما يؤمنون بالكلمات التي أنزلها الله على موسى وعيسى وسائر الرسل، (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة:285].
وإذا كان هؤلاء الفجرة يتبجحون بشعارات الحرية والمساواة والديمقراطية، فليحاكموا مجرميهم الذين ارتكبوا هذه الجريمة وغيرها من الجرائم تحت ستار [الحرب على الإرهاب]، ألا إنهم هم الإرهابيون، ولكن لا يشعرون!.
إن إهانة القرآن جريمة كبرى، وقد أجمع العلماء على أن من أهان القرآن الكريم أو دنّسه فإن كان من المسلمين فهو مرتدٌّ يجب أن يقام عليه حد الردّة، وإن كان من الكفار فهو محارِب حلال الدم والمال، ويُلحق بهذا الحكم كل مَن رضي بهذا الفعل أو فرح به أو أيده أو دافع عن فاعليه.
القرآن دستور حياتنا، ومصدر عزتنا، وتاريخ أسلافنا -رضي الله عنهم-، الذين كانوا يتنادون بالقرآن في أحلك الظروف.
انظروا إلى الصحابة في غزوة اليمامة عندما تحصن مسيلمة الكذاب ومن معه بحصونهم، واشتدت المعركة، وكاد المسلمون ان ينهزموا ويفروا من أرض المعركة، وتراجعوا وبدؤوا بالتقهقر والتفكك، عندها نادى أحد الصحابة : يا أهل القرآن! يا أهل القرآن!.
فتجمع الصحابة وحفظة القرآن وقاموا قومة رجل واحد على مسيلمة وأصحابه، واستبسل أهل القرآن حق الاستبسال، حتى إن ابن مسعود -رضي الله عنه- كان يقاتل وأذنه تتدلى والدم يخر منها، وهو يزأر ويجول بين الصفوف بسيفه حتى هُزِم أعداءُ الله شرَّ هزيمة. ألَسنا نحن منهم؟ كيف نرضى أن يهان كلام الله الذي طالما عظَّمناه وعكفنا على قراءته وحفظه، وجعلناه دستوراً لحياتنا وعنواننا لشرفنا؟ يا ويحنا! ماذا أصاب رجالنا؟ أوَما لنا سعدٌ ولا مقدادُ؟!.
عذراً يا أهل القرآن! فنحن نشكو إلى الله ضعفَنا وقلةَ حيلتنا وهوانَنا على الناس؛ ولكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصف حالنا حينما يقول في حديث ثوبان: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها". قالوا: أمِن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولَيَنْزَعَنَّ اللهُ مَهَابَتَكُمْ من صدور أعدائكم, وَلَيَقْذِفَنَّ في قلوبكم الوهن". قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حب الدنيا، وكراهية الموت" رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
عذراً يا أهل القرآن! فصحفنا وقنواتنا مشغولة بسهرات الحب والمجون وفيديو كليبات العهر والرذيلة! بل وحتى إعلانات صحفنا التجارية قد تلطخت بالصور الفاضحة والدعوة إلى الاشتراك في القنوات الفضائحية! ثم نتساءل ونقول: لماذا تجرأ أعداؤنا علينا وعلى مقدساتنا؟
نعم؛ لقد تجرأ علينا أعداؤنا لبعدنا عن حقيقة الإسلام, وإن بقيت لنا بعض مظاهره.
لقد بقي لبعض المسلمين أنهم ينطقون بأفواههم: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فهل يعون معناها أو يعرفون مقتضياتها؟ وبقي لهم أنهم يؤدون بعض العبادات, فهل أدركوا المقصود بها, أو رعوها حق رعايتها؟.
كيف يؤدي بعض المسلمين الصلاة المفروضة في المسجد ثم يخرجوا ليكذبوا على الناس ويغشوهم ويخدعوهم، ويخلفوا وعودهم معهم، ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر, ولا يعملون على وقاية أنفسهم وأهليهم من النار باجتناب ما حرم الله؟!.
لقد هُزم المسلمون في أُحد وفيهم رسول الله حين عصوا أمره -صلى الله عليه وسلم-، وهزموا يوم حنين وفيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أعجبتهم كثرتهم، فكيف بالأمة اليوم وقد ظهرت فينا البدع والمعاصي؟ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [يونس:44].
يا أهل القرآن: يتساءل الكثير من الناس: ما الواجب علينا تجاه هذه الحادثة؟ ليس من الحكمة أن نكتفي بتهييج العواطف، وإلهاب المشاعرِ المملوءة أصلاً بأنواع من الذل والقهر، ثم نقول إنّا داعون على المجرمين فأمنوا.
ولا نقصد التقليل من شأن الدعاء؛ لكننا نريد حلولاً عمليةً تقوم بها الأمة حكاماً ومحكومين بقدر الاستطاعة.
ومن هذه الحلول ما يلي:
أولا: الواجب الأول على الحكومات والمنظمات الإسلامية أن تتخذ موقفاً حازماً تجاه هذا الحدث، والعلماء مطالبون كذلك ببيان الحكم الشرعي في هذه الحادثة واستنكارها، قال الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله-: "وأنا لا يحزنني أن يموت رجل من الشيشان أو امرأة من الشيشان أو طفل من الشيشان لأنهم إن شاء الله شهداء، لكن الذي يحزنني كثيرا -والله!- سكوت الدول الإسلامية عن هذا، وأعني بذلك رؤوس الدول الإسلامية، دعنا من الشعوب، الشعوب قد يكون عندها حماس وغيره لكن ما تستطيع" اهـ.
وإن مما يفرح كل غيور ما صدر من حكومة هذه البلاد -وفقها الله- من استنكار لهذه الجريمة، والمطالبة بالتحقيق مع من قاموا بها ومعاقبتهم، فجزى الله ولاة أمرنا كل خير، وجزى الله علماءنا وعلى رأسهم سماحة المفتي على بياناتهم وكلماتهم في استنكار هذه الجريمة وبيان الواجب فيها.
ثانيا: إنَّ الواجب على شعوب المسلمين الاستنكار القولي والعملي بكل وسيلة مشروعة، مع مراعاة المصالح والمفاسد المترتبة على ردود الأفعال؛ يجب على كل مسلم إنكار هذه الأعمال بالقول و القلب وتمعُّر الوجه، وكيف لا يغضب المسلم ويتمعر وجهه لهذه الحادثة، وحرمات الله تنتهك، وكتابه يدنس؟ (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:33].
ثالثا: التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله، قال تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:165].
وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
يا أهل القرآن! لا يكفي أن نرى العواطف تلتهب، والدموع تسكب، وبعد أيام يزول الحدث فينسى الناس، ويبرد الحماس، ويأتينا من الأحداث ما ينسينا الذي قبله، ومن الفتن ما يرقق بعضه بعضا.
تدنس القدس منذ ستين سنة، ويهان المسجد الأقصى على أيدي عصابة آثمة من الصهاينة الأنذال، وفي أجزاء من العالم الإسلامي تراق دماء المسلمين الأبرياء التي هي أشد عند الله من هدم الكعبة، ومع هذا فقد ألفنا أوضاعنا، وأصبحنا ظاهرة صوتية نجيد فنون الخطابة والكلام، دون أفعال ننصر بها الإسلام.
يا أمة القرآن! إن كان جنود الصليب قد دنسوا كتاب ربنا، فنحن اتخذناه وراءنا ظِهريا، لقد نُحِّيَ القرآن عن الحكم في أكثر الدول الإسلامية، واستُبدِلت القوانينُ الوضعية وزبالةُ عقول البشر بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحُكِّمَت الجاهلية في دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50]، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65].
لقد هجرت الأمة القرآن، ولم يعرفه بعض أبنائها إلا طرازاً لمقدمات الحفلات، ونُواحاً يناح به على الأموات.
ووالله! وبنص كلام رسول الله لا ينزع الله عنا هذا الذل حتى نرجع إلى ديننا وكتاب ربنا.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه...
يا أهل القرآن، ومن الحلول العملية أمام هذه الحادثة :
رابعا: إحياء عقيدة الولاء والبراء، التي أصبحت مع كل أسف ضعيفة هزيلة في نفوس كثير من المسلمين في هذه العصور المتأخرة؛ الولاء للمسلمين عامة، وبالأخص الأسرى الذين يقبعون في سجون الكفار في كل مكان، والبراء من كل عدو للإسلام والمسلمين.
البراء من الذين قال الله تعالى فيهم: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة:217]، وقال فيهم : (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران:118]،( قد بدت البغضاء من أفواههم وماتخفي صدورهم أكبر ) وقال فيهم : ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) [النساء:89]، وقال فيهم: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة:109]، وقال فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [الأنفال:36].
هذا كلام الله، ولا عزاء للمتأمركين من العلمانيين والتغريبيين، فهُم -وإن لبسوا لبوس الوطنية وادعوا الموضوعية- أبعد الناس عن أن يثأروا لدين الله، ويقفوا من انتهاك حرماته موقف العزة والشرف،كيف وهم يهدمون دين الله بما يشيعونه من التغريب والتمييع لقضايا الأمة؟!.
خامسا: الدعاءَ الدعاءَ! والانطراحَ بين يدي جبار السموات والأرض! وسؤالَه نصرة دينه وكتابه وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-! فلا تنس أُخي أن تخص إخوانك وأمتك بدعواتك الصادقة.
وختاماً: (لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ) [النور:11]، فنحن والله لا نخاف على القرآن، فإن الله -تعالى- قد تكفل بحفظه، (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9]، إنما نخاف على الأمة إذا هانت على عدوها، وهجرت كتاب ربها.
إن ما رأيناه من احتجاجات واستنكارات عالمية يبيّن أن هذه الأمة لا تزال تعظّم هذا القرآن؛ لكن الأهم من هذا أن نستثمر هذه الحادثة عملياً، ونحولها إلى سبب يغيظ أعداء القرآن، بالإقبال عليه، قراءة، وحفظاً، وتدبراً، وتعلماً، وتعليماً لأبنائنا، وعملاً بما فيه.
(لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ)، فإن الدولة الطاغية متى ما تساقطت من قلوب الناس فإن هذا مؤذن -بإذن الله- بسقوطها من أرض الواقع، وما ذلك على الله بعزيز.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه المشهور: [الصارم المسلول على شاتم الرسول] ما مفاده: "حدثني العدول من أهل الفقه والخبرة أنهم كانوا يحاربون بني الأصفر -يعني الروم- فتستعصي عليهم الحصون ويصعب عليهم فتحها، حتى إذا وقع أهل الحصن في عرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استبشرنا خيرا بقرب فتح الحصن، يقول: فوالله لا يمر يوم أو يومان إلا وقد فتحنا الحصن عليهم بإذن الله -جل وعلا-... كانوا يستبشرون خيرا بقرب الفتح إذا ما وقعوا في سب الله أو سب رسول الله، مع امتلاء قلوبهم غيظا على ما قالوه".
إننا نرجو الله أن تكون حادثةُ إهانةِ كتابِ الله وما سبقها من الاستهزاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشرى لاستيقاظ الغافلين، وانتشار الدين، وانتصار المسلمين، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
اللهم صل على محمد...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم