تحية إكبار وإعزاز لحراس العقيدة وحماة الثغور

الشيخ د عبدالرحمن السديس

2022-01-21 - 1443/06/18 2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/صمامَا أمن الأمة العلماء وحراس الثغور 2/بعض صفات العلماء الربانيين المخلصين 3/أعظم فقد على الأمة فقد العلماء الربانيين 4/واجب المسلمين نحو العلماء الربانيين 5/فضل الرباط في سبيل الله وأجر المرابطين 6/المكانة السامية لحراس الثغور 7/حفظ الله لبلاد الحرمين الشريفين 8/التوصية بتطبيق الإجراءات الاحترازية

اقتباس

وإن هناك صنفينِ عظيمينِ، وفئتينِ مهمَّتينِ، هما صِمام أمنِه، وطوق نجاته: العلماء؛ حُرَّاس الشريعة، ورجال الأمن حماة الثغور، وحُرَّاسها؛ فالعلماء يقومون برسالتهم التي تشمل: صلاحَ الإنسان، وصلاحَ عَقلِه وعمله، وما بين يديه من موجودات العالَم الذي يعيش فيه، فالعلماء هم أئمة الأنام...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمدك ربي ونستعينك ونستغفرك ونتوب إليكَ، ونُثني عليكَ الخيرَ كلَّه، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، جعَل العلمَ والأمنَ والأمانَ مبعثَ الخير والاطمئنان.

زَهَتِ القلوبُ بنورِ حكمتِهِ *** وتعطَّرَتْ في ذِكْرِهِ الأفواهُ

فاقصد له واعرفه واستمسك به *** تلقَ الهدى وكفَى المريدَ هُدَاهُ

 

وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، أيَّده بذوي الفضائل الغُرَر، والفواضل الغُزُر، من آله وصحابته الدُّرَر، واختصَّ أهلَ العلم وحرَّاس الثغور بعظيم المكانة والمنازل، إمام المتقين، وقدوة العلماء العاملين، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا مزيدًا.

 

أما بعدُ: فيا عبادَ اللهِ: اتقوا الله حقَّ تقاته؛ فإنها خير الوصايا، ووصية رب البرايا؛ (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)[النِّسَاءِ: 131].

فما أروع الأيام إن زانها التقى *** وأضحت مساعي الجمع محمودةَ العُقبى

ففي تقوى الإله السَّنِيَّة حلَّقَتْ *** نفوس إلى عليائها تَنشُد القُربَا

 

أيها المسلمون: ليس بخافٍ على أولي النهى والألباب، أنَّ شريعتنا الإسلامية الغرَّاء، تنتظم مصالح العباد في أمور المعاش والمعاد، وإن المقصدَ العامَّ من التشريع هو: حفظ نظام الأُمَّة، واستدامةُ صلاحِ المجتمعِ، باستدامةِ صلاحِ محوره؛ وهو الإنسان.

 

وإن هناك صنفينِ عظيمينِ، وفئتينِ مهمَّتينِ، هما صِمام أمنِه، وطوق نجاته: العلماء؛ حُرَّاس الشريعة، ورجال الأمن حماة الثغور، وحُرَّاسها؛ فالعلماء يقومون برسالتهم التي تشمل: صلاحَ الإنسان، وصلاحَ عَقلِه وعمله، وما بين يديه من موجودات العالم الذي يعيش فيه، فالعلماء هم أئمة الأنام، زوامل الإسلام، وحُرَّاس الدِّين، وحماته، وهذا الأمر لا يقوم عليه إلا أهل العلم المخلصون، والعلماء الربانيون، ذوو العقليات الفذَّة والمَلَكات الاجتهاديَّة، الذين يُحكِّمون الأصولَ والقواعدَ، ويَزِنُونَ الأمورَ بميزان الشرع والمقاصد، فوجودهم في الناس صِمامُ أمانٍ، ولكنَّ بعض الناس في عمًى عن مكانتهم غمزًا، وهمزًا، ولمزًا، فما أحسَنَ أثرَهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-.

 

إخوةَ الإيمانِ: وإن أعظم أنواع الفقد على النفوس وقعًا، وأشده على الأمة لوعةً وأثرًا؛ فَقْدُ العلماءِ الربانيينَ والأئمةِ المصلحينَ؛ فهم ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل، والأمناء على ميراث النبوة، هُمْ للناسِ شموسٌ ساطعةٌ، وكواكبُ لامعةٌ، وللأمةِ مصابيحُ دجاها، وأنوارُ هداها، بهم حُفِظَ الدينُ، وبه حُفِظُوا، وبهم رُفعت منارات الملة، وبها رفعوا؛ صحَّ عند الإمام أحمد وغيره، من حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما مَثَلُ العلماءِ كمَثَلِ النجومِ يُهتدى بها في ظلماتِ البَرِّ والبحرِ، فإذا انطمستِ النجومُ أوشَكَ أن تضلَّ الهداةُ"، وحسبُنا في بيانِ فداحةِ هذا الخَطْب، وعظيم مقدار هذه النازلة قولُ المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الله لا يَقبِضُ العلمَ انتزاعًا ينتزِعُه من الناس، ولكِنْ يقبِض العلمَ بقبضِ العلماءِ، حتى إذا لم يبق عالِمًا اتخذ الناسُ رؤوسًا جُهَّالًا، فسُئلوا، فأفتَوْا بغير علم فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"(متفق عليه)، وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "عليكم بالعِلْم قبلَ أن يُقبَض؛ وقبضُه ذهابُ أهلِه"، وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: "إذا ماتَ العالِمُ ثُلِمَ في الإسلام ثُلمَةٌ لا يَسُدُّها إلا خلفٌ منه" أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.

 

وقال المفسرون في تفسير قوله -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)[الرَّعْدِ: 41]، وذلك بموت علمائها وصلحائها.

لَعَمْرُكَ ما الرزيةُ فَقْدُ مالٍ *** ولا فرسٍ تموتُ ولا بعيرُ

ولكنَّ الرزيةَ فَقْدُ حُرٍّ *** يموتُ بموتِه خلقٌ كثيرُ

وما كان قيسٌ هُلْكُه هُلْكُ واحدٍ *** ولكنَّه بُنيانُ قومٍ تهدَّمَا

 

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "موتُ العالِم ثُلمةٌ في الإسلام، لا يسدها شيءٌ ما اختلف الليلُ والنهارُ"، وقيل لسعيد بن جبير -رحمه الله-: "ما علامة الساعة وهلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم"، ولَمَّا مات زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "مَنْ سرَّه أن ينظر كيف ذَهابُ العلم فهكذا ذهابه".

إذا ما مات ذو علم وتقوى *** فقد ثُلِمَتْ من الإسلام ثُلمَةْ

وموتُ العابد القوَّام ليلًا *** يُناجي ربَّه منقصةٌ ونِقمَةْ

وموتُ الصالح المرضيِّ نقصٌ *** ففي مَرآه للإسلامِ نِسمَةْ

 

وإن من عظيم فجائع هذا الزمان، تحاتُّ أوراق العلماء، وانفراط عِقدهم الوضَّاء، وموت القامات العلمية والقضائية الشامخة في الأمة.

تَخَرَّمَ العلماءُ المقتدى بِهُمُ *** وقام فيهم مقامَ المقتضى الخبرُ

واحرَّ قلباه ممَّن فقده شبمُ

 

وواجبُ المسلمين معرفةُ عظيم قدرهم، والإفادة منهم، وذِكرُهم بالجميل، ومَنْ ذكرَهم بغيره فهو على غير سواء السبيل، والدعاء لهم أحياء وأمواتًا، والحمد لله على قضائه وقدره، ولا نقول إلا ما يُرضي ربَّنا؛ إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، واللهم آجُرنا في فقدهم، وعوِّض الأمةَ بفقدهم خيرًا، بعظيم الخلف المبارك، ولا يأس ولا قنوط؛ فالخيرُ باقٍ في هذه الأمة إلى يوم القيامة.

إذا مات منَّا سيدٌ قام سيدٌ *** قؤولٌ لِمَا قال الكرام فعولُ

 

أمة الإسلام: والصنف الثاني العظيم، رعاة الأمن المكين، حراسهما صنوان، أصلهما ثابت وفرعهما في السماء، حُرَّاس الملة، وحماة الثغور، لا حياةَ إلا بهما، ولا يَستغني أحد عنهم من الناس، مادامت في الصدور أنفاس، فهنيئًا لرجال أمننا، هنيئًا للمرابطينَ على الحدود والثغور، ويا بشراهم، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: عينانِ لا تمسُّهُما النارُ: عينٌ بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"(أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن)، وروى البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي، -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "رباط يوم في سبيل الله، خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها"، وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "رباطُ يومٍ وليلةٍ، خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامِه، وإِنْ مات جرى عليه علمُه الذي كان يعمله، وأمن من الفتَّان"(رواه مسلم)، والميت يُختَم له على عمله، إلا المرابطَ في سبيل الله، فإنَّ اللهَ -تعالى- يُنمِي له عملَه إلى يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: "كلُّ ميت يُختَم على عمله إلَّا الذي مات مرابطًا في سبيل الله؛ فإنه يُنمَى له عملُه إلى يوم القيامة، ويَأمَن من فتنة القبر"(أخرجه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح").

 

قال الإمام القرطبي -رحمه الله-: "وفي هذين الحديثين دليلٌ على أن الرباط أفضل الأعمال التي يَبقى ثوابُها بعد الموت، وهذا لأنَّ أعمالَ البر كلَّها لا يُتمكَّن منها إلا بالسلامة من العدُوّ، والتحرُّز منه، بحراسة بَيضةِ الدِّينِ، وإقامة شعائر الإسلام، وهذا العمل الذي يجري عليه ثوابُه هو ما كان يعمله من الأعمال الصالحة"، الله أكبر، الله أكبر.

للهِ دَرُّ مرابطينَ بذكرهم *** قَدْ أنجَدَ الخبرُ الصحيحُ وأَتْهَمَا

هُمْ جندُنا لم يَجبُنُوا لَمَّا رأوا *** وجهَ البُغاةِ على الحدود تجَهَّمَا

 

فأي مكانة يتبوؤها رجالُ الأمن، وحماة الثغور، أهل الرباط في سبيل الله، وأي فضل عظيم ينتظرهم، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، عن جماعة العلماء، أن الرباط في سبيل الله أفضل من الاعتكاف في الحرمين الشريفين، وسائر المساجد.

وَلَقَدْ أتانا من مقالِ نبيِّنا *** قولٌ صحيحٌ صادقٌ لا يَكذِبُ

لَا يستوي وغبار خيل الله في *** أنف امرئ ودخان نار تَلهَبُ

هذا كتابُ اللهِ ينطِق بيننا *** ليس الشهيدُ بميتٍ لا يَكذِبُ

 

هذا ما كتبه عبد الله بن المبارك للفضيل بن عياض -رحمهما الله- نزيلِ الحرمينِ والعابدِ فيهما، فلما قرأ الفضيل هذه الأبيات ذرفت عيناه وقال: "صدَق أبو عبد الرحمن"، هكذا كان أهل العلم المخلِصون يحثُّون على الرباط في ثغور بلاد المسلمين؛ لِمَا له من فضل عظيم وأجر كبير، وأثر كبير في حماية المقدَّسات والأرواح، واستقرار وازدهار البلاد والعباد والأوطان، وإننا لَنفخر أعظم الفخر بأبطالنا، رجال الأمن البواسل، وحراس الثغور الأشاوس، وكماة المتارس، جنودنا المرابطين وحماة العرين، وأباة العرنين، ونوجه لهم من منبر المسجد الحرام تحية شذية محبَّرة مضوعة، معطرة ندية، على نصاعة البطولات، والسجل الحافل من الانتصارات، تحية إجلال واعتزاز ووفاء وثناء وفخر بامتياز.

 

سهرتم فنمنا، وذُدتم فأمِنَّا، فضلًا من الله ومَنًّا، في استبسال وشجاعة، خضتُم المعامعَ فوجب علينا الدعاء لكم بفيض المدامع، للمعالي والفخار فلتعلون أبطالًا هكذا بقوة وإلا فلا لا، شرف يطاول النجوم بروقيه وعز يقلقل الأجبالا، فنصرتم أيها الجنود البسالا وظفرتم دوما حالا ومآلا.

أبطالنا وهُمُ أحاديث الندى *** ليسوا على أوطانهم بشِحَاحِ

صبَرُوا على مُرِّ القتالِ فأدرَكُوا *** حُلوَ المنى معسولةَ الأقداحِ

 

وللمصابين أجر وعافية، لا بأس طهور إن شاء الله، إصابتكم وسام عز وشرف، وتاج كرامة وفخار، (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 35].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الْأَنْفَالِ: 45-46]، (أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[الْبَقَرَةِ: 214].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، حمدًا يليق بجلال وجهه ولعظيم سلطانه، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، خيرُ مَنْ أرشَد للحق والهدى، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله ربَّكم واشكروه؛ فإنه مَنِ اتَّقَى اللهَ وقاه، ومَنْ شكَرَه زادَه ممَّا وهبَه وحَبَاهُ، واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

 

إخوةَ الإيمانِ: من أعظم النعم والآلاء علينا نعمة الأمن والأمان؛ فبلادنا بحمد الله آمنة مرغوسة، وفي تخوم الأمان والأمن مغروسة، وهي -بحفظ الله- محفوظة من الأعادي -بإذن الله- مصونة محروسة، وستظل ثابتةً منصورةً بفضل الله أولا، ثم بفضل أبطالنا الأشاوس، وجنودنا البواسل، ونسور دفاعنا الجوي، وصقور قواتنا المسلحة، وسائر القطاعات العسكرية، بالتعاون مع قوات التحالف المشتركة، الذين أثبتوا قولًا وعملًا الكفاءةَ العاليةَ، والجاهزيةَ المثاليةَ، والترقبَ والتحفزَ واليقظةَ، والاحترافيةَ والمهنيةَ الرائدةَ، في اعتراض وتدمير الصواريخ المعادية، والطائرات المسيَّرة، والذود عن الوطن، وطن التوحيد، ووطن السُّنَّة، ووطن الحرمين الشريفين، والذود عن الوطن والمواطنين، وحماية المقدسات والحفاظ على المكتسَبات والمقدَّرات، والأعيان والمنشآت المدنية، في تأكيد للعمل الأمني المشترك؛ صدًّا لعدوان البغاة الإرهابيين، وجرائم حربهم، ضد أمن واستقرار المنطقة، ودرءًا للخطر الداهم الإقليمي والدولي، المخالف للشرع الإلهي، والقانون الدولي والإنساني، وغدًا -بإذن الله- بشائر النصر تلوح، والانتصارات التي تغدو وتروح، والعدو المنهزم المفضوح، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ* وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[الرُّومِ: 4-6].

 

وبعدُ عبادَ اللهِ: فما يزال التذكير مستمرًّا بأهمية التقيُّد بالإجراءات الاحترازية، والتدابير الوقائية، والاشتراطات الصحية، في الحرمين الشريفين، وفي كل أرجاء البلاد؛ حرصا على صحتكم، وسلامة أُسركم وأبنائكم، لاسيما مع انتشار الموجات المتجددة، والسلالات المتحورة، من هذه الجائحة "الكُورُونيَّة"؛ ممَّا يتطلَّب الحذرَ والجِدِّيَّةَ، في تطبيق الاحترازات، خاصة التباعد الجسدي، ولبس الكمامات، وعدم التجمعات، والسعي في الحصول على اللقاحات، والجرعات المعززة التنشيطيَّة، فمناعتنا حياة، لاسيما مع العودة الحضوريَّة الموفَّقة لأبنائنا وبناتنا للمدارس، وقلاع العلم، ممَّا يتطلَّب التهيئةَ النفسيةَ من البيت، والأسرة، والمجتمع، وإيجاد بيئة تعليمية صحية آمنة، وعدم الإصغاء للافتراءات والشائعات.

 

حفظ الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين، من كل سوء ومكروه.

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على مَنْ سَمَا في العالمين قدرًا وجنابًا، خير الورى آلًا وصحابًا، صلاة تعبق مسكًا وتِطيابًا، كما أمركم المولى العزيز الحميد، في كتابه المجيد فقال سبحانه قولًا كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، فصلَّى اللهُ والأملاكُ جمعًا *** على داعي البرية للرشادِ

وآلٍ صالحينَ لهم ثناءٌ *** بنورِ القلبِ سطَّرَهم مدادي

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهم بَارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين؛ وعن سائر الصحابة والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتكَ يا أرحمَ الراحمينَ.

 

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأعلِ بفضلكَ كلمةَ الحق والدين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وَفِّقْه لِمَا تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه وولي عهده إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وإلى ما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم وفقهم للبطانة الصالحة، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها، وقيادتها، وأمنها، ورخاءها واستقرارها، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم اجعلها دائما حائزة على الخيرات والبركات، سالمة من الشرور والآفات، اللهم اصرف عنا شر الأشرار وكيد الفجار، وشرَّ طوارق الليل والنهار، رُدَّ عنا كيدَ الكائدين، وعدوانَ المعتدين، ومكرَ الماكرين، وحقدَ الحاقدينَ، وحسدَ الحاسدينَ، حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلتُ وهو ربُّ العرش العظيم، لا إله إلا أنتَ برحمتكَ نستغيث، فلا تَكِلْنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألف ذات بينهم، وأصلح قلوبهم وأعمالهم، واجمعهم يا حي يا قيوم على العطاء والسنة، يا ذا العطاء والفضل والمنة.

 

اللهم انصر جنودنا، ورجال أمننا، المرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهم تقبل شهداءهم، اللهم اشف مرضاهم، وعاف جرحاهم، وردهم سالمين غانمين.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 127]، (وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 128]، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم، والمسلمين والمسلمات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].

المرفقات

تحية إكبار وإعزاز لحراس العقيدة وحماة الثغور.pdf

تحية إكبار وإعزاز لحراس العقيدة وحماة الثغور.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات