تعد وسائل الاعلام – سواء كانت التقليدية ( كالصحف أو التليفزيون أو الإذاعة ) أو الوسائل الحديثة كالصحافة الالكترونية ومواقع الاخبار والمعرفة المختلفة على شبكة الانترنت، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر والتي تعد الان أحد وسائل نقل الاخبار والأكثر شهرة فى العالم، وكل هذه الوسائل لها تأثير كبير على تشكيل البناء الادراكى والمعرفى للفرد أو المجتمع ويساهم هذا البناء في تشكيل رؤية الفرد والمجتمع تجاه قضايا مجتمعة والقدرة على تحليلها واستيعابها للاتخاذ السلوك المناسب حول هذه القضايا، فوسائل الاعلام أيضا قادرة على تغير سلوك وأنماط المجتمع.
وقد يكون تأثير وسائل الاعلام فى بعض الاحيان قويا جدا وقادر على نشر نمط سلوكى وثقافي واجتماعى ينتهجه الفرد أو المجتمع، وفى بعض الاحيان يكون تأثير وسائل الاعلام أقل تأثيرا ويستطيع الفرد أو المجتمع الخروج من النمط الفكري والمجتمعى والسياسى الذي ترسمه وسائل الاعلام، ويتوقف ذلك على مدى رغبة الفرد أو المتلقى للتعرض للرسائل والمعلومات التى تبثها وسائل الاعلام المختلفة فكلما كان الفرد أو المتلقى لديه رغبات واشباعات حول معلومات أو قضايا معينة فانه يتجه إلى وسائل الاعلام لاشباع رغباته وتطلعاته بما يسمى نظرية التعرض الانتقائي بمعنى ان الفرد او المتلقى يبحث دائما فى وسائل الاعلام عما يتفق مع افكاره واتجاهاته حتى لو كان ما يبحث عنه المتلقي هو مشاهدة أفلام سينمائية او أغاني فيديو كليب فذلك يدخل ضمن اشباعات ورغبات المتلقين .
ولكن فكرة أن وسائل الاعلام دائما ماتكون ايجابية فيما تقدمه من معلومات ليست صحيحة فى المطلق فيؤكد عدد كبير من علماء الاعلام والاتصال أن عدد كبير من الدول والانظمة السياسة تسعى للهيمنة على وسائل الاعلام ليبث من خلالها أفكار واتجاهات بغرض التأثير على الجمهور لصالح النظام السياسى أو المهيمنين على وسائل الاعلام ومن الممكن ان تكون هذه الأفكار مشوهة بغرض ايجاد حالة من الانقسام بين المواطنين تجاه قضايا معينة.
وهناك دراسات تؤكد أن الفرد الذي لايشاهد التليفزيون بصورة كبيرة تكون لديه مصادر متنوعة لعدد كبير من الاخبار بينما من يتعرض بصورة كبيرة للتليفزيون تكون لديه مصادر محدودة للمعلومات، ولذلك الاعتماد على التليفزيون أو وسيلة إعلامية واحدة كمصدر وحيد للمعلومات ليس صحيحا لتكوين رؤية شاملة ومتنوعة، فالقراءة والاطلاع فى خلفيات الاحداث أمر هام سواء لتكوين بناء فكرى متميز ومتنوع، وفى نفس الوقت يكون قادر على معرفة إذا كان الاعلام يضلله ويوجه لصالح الدولة أو النظام السياسى أو المهيمنين على الاعلام سواء من رجال الأعمال أو من المقربين من السلطة أو فلول النظام القديم كما هو يحدث الآن فى بعض المشاهدات التي سنقوم بشرحها فى السطور التالية، أو إذا كان الاعلام بالفعل يعبر عن واقع فعلى يعيشه المواطن ويعبر عن قضاياه الأساسية ويجمعهم على القضايا المؤثرة وصاحبة الأولوية للاستكمال عملية الإصلاح التي بدأتها ثورة يناير.
ولذلك يجب أن يكون مشاهدة وسائل الاعلام وما تقدمه من معلومات تتبعها نظرة تحليلية وتفكير من المشاهد فى ما يجب أن تطرحه وسائل الاعلام من قضايا هامة تشكل فيما بعد مايسمى الرأي العام الواعي تجاه القضايا التى يجب العمل عليها فى الوقت الحالى لتحقيق مايصبو إليه كل مواطن مصرى وتنحية جميع القضايا الخلافية التى تعطل من إقامة حياة ديمقراطية وبناء دولة أخرى قوية فى جميع المجالات، وقد بدأ تاريخ مصر الجديدة في 25 يناير يوم ثورة الشعب.
المبحث الأول: الاعلام وأثاره الايجابية
الاعلام له دور قومي في تشكيل الرأي العام وطرح قضايا وموضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية يلتف حولها جموع المواطنين، والارتقاء بالبناء المعرفي والادراكى للمواطن في كافة المجالات ذلك بجانب دور الاعلام التقليدي فى نشر الأخبار المختلفة من جميع دول العالم، وتكون وسائل الاعلام فى هذه الحالة ايجابية وفى صالح توعية المواطن والارتقاء بمجتمع مطلع قادر على التفكير والتحليل ورابط واقع الاحداث والمشاهدات من حولة بالصورة الذهنية التي ترسمها وسائل الاعلام.
وهناك نظرية لأحد كبار علماء الاتصال والإعلام ( والتر ليبمان ) تؤكد أن وسائل الاعلام فاشلة دائما فى توجيه الجماهير كيف يفكرون ولكنها تنجح دائما فى إبلاغهم عما يجب أن يفكروا فيه، فمبدأ التفكير والتحليل لكل مايعرض في وسائل الاعلام أمر لابد منه لمعرفة هل اتجاه وسائل الاعلام يصب في القضايا الوطنية والأساسية التي تجمع مصالح العدد الأكبر من المواطنين داخل مجتمع مثقف وواع لايعتمد فقط على وسائل الاعلام وإنما يتيح مجال للقراءة والاطلاع والتعرف على خلفيات المشاهد والقضايا والأخبار التي يتلقفها من وسائل الاعلام المختلفة، ووسائل الاعلام لايمكن أن توجه الانسان كيف يفكر ولكن قادرة على توجيه فكره نحو قضية بعينها أو تؤثر على الفرد لصالح اتجاه او أيدلوجية سياسية معينة ولكن هذا لايلغى مبدأ التفكير والتحليل وطرح هذه القضايا الهامة للنقاش الجماهيرى والنخبوي أيضا باختلاف أفكارهم وانتمائتهم السياسية والاجتماعية.
والإعلام في صورته الايجابية تكون أهدافه أهمها:
1- المساهمة فى تثقيف وتوعية المواطنين
2- الكشف عن الفساد
3- تقوم بدور الرقيب أو الحارس فيما يتعلق بحرية التعبير وحرصها على ان يكون هذا الحق ملكية خاصة لكل مواطن
4- خلق المثل الاجتماعي وذلك بتقديم النموذج الايجابي في كافة مجالات الحياة
5- الحرية والمساواة واحترام القوانين وغيرها من الأدوار التي يجب أن تتضمن رسائل الوسائل الإعلامية المختلفة.
6- تبنى أنماط فكرية اجتماعية واقتصادية وسياسة تحظى بموافقة شعبية هامة لتطوير وتغير الأنماط السائدة لتحقيق التطور والتقدم الذي يرفع من مستوى البلاد.
7- الحفاظ على استقلالية وسائل الاعلام وعدم وجود هيمنة أو سيطرة عليها إلا من الشعب
وبهذه الأهداف يكون تأثير وسائل الاعلام على الجماهير ايجابى بصورة كبيرة، ولكن للوصول إلى هذه الصورة المثالية لوسائل الاعلام يجب أن تكون الديمقراطية هى النظام السياسي السائد.
ولكن واقعيا لاتكون وسائل الاعلام بهذه الصورة المشرقة والمثالية نظرا إلى أن دائما تسعى النظم السياسية وخاصة فى الوطن العربي فى فرض الهيمنة والسيطرة على وسائل الاعلام للتغاضى عن دوره فى مراقبة النظام وكشف أخطائه وانتقده، أو تشديد الخناق على وسائل الاعلام من خلال قوانين تحض على استقلال وحرية الاعلام من خلال اجراءات عقيمة وروتينية ، أو سيطرة رأس المال تجعل المالك يتحكم فى سياسات الوسيلة الإعلامية لصاح أفكاره وأهوائه فالواقع فى البلدان العربية ومنها مصر ان وسائل الاعلام ليست متحررة فهى دائما داخل نطاق السلطة والسيطرة.
وهذا ما سوف نكشفه عنه فى المبحث الثانى حيث سنتعرض للتأثير السلبي لوسائل الاعلام ورصد للسلبيات التى تعرض على وسائل الاعلام حاليا وكيفية مواجهتها.
المبحث الثاني: التأثير السلبي لوسائل الاعلام وكيفية التصدي له
الوجه القميء والتأثير الفاسد لوسائل الاعلام عندما يسيطر عليها النظام السياسي أو المقربون من السلطة من أصحاب النفوذ أو سيطرة رأس المال الامر الذى يجعل الجهاز الاعلامى أداة لبث رسائل إعلامية بغرض حشد الرأى العام لصالح القضايا التى يتبانها النظام السياسي واصحاب النفوذ ورأس المال وفى هذه الحالة تنعدم مصداقية ما تبثه وسائل الاعلام من أخبار ورسائل اعلامية وتكون موجهة دائما لصالح وجهة نظر واحدة وهى وجهة نظر صاحب السلطة على هذه الوسائل الاعلامية لفرض نفوذهم على الجماهير ووضع تفسيرات خاصة بمحتوى وسائل الاعلام للترويج لمصالح الفئات المسيطرة فى المجتمع، والهاء الناس عن البحث عن الحقيقة التي تعبر عن الواقع الذي يعيشونه وبهذا يكون النتيجة لهذا التأثير السلبي لوسائل الاعلام الموجهة لخدمة فئة معينة هي:
1- تدهور مستوى الذوق الثقافى العام
2- زيادة معدلات اللامبالاه والميل إلى انتهاك القوانين
3- المساهمة فى الانهيار الاخلاقى العام
4- تشجيع الجماهير على السطحية السياسية
5- قمع القدرة على الابتكار والتجديد
6- اشاعة روح الانقسام بين الجماهير وفصلهم إلى فريقين بهدف تحقيق أهداف الفئة المسيطرة على وسائل الاعلام
وفى هذا الوضع يكون الاعلام مضلل ولايهدف إلى أى توعية جماهيرية وتنتشر فى حينها الأخبار الكاذبة والغامضة مما يجعل هناك مجالا خصبا لنشر الشائعات وغسيل المخ لترويج أفكار المهيمنين على وسائل الاعلام مثلما كان يفعل (غوبلز) وزير الدعاية النازي ورفيق هتلر.
مركز الوعي للحقوق الاجتماعية والسياسية
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم