بين العقل والعاطفة؟!

عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ تمييز الإنسان بالعقل 2/ معنى العاطفة وأهميتها لدى الإنسان 3/ دور العقل في تهذيب العواطف 4/ التحذير من الانسياق خلف العواطف 5/ مواقف عظيمة من ضبط العقل للعاطفة 6/ نُبل العاطفة عند رسول الله 7/ ضوابط مهمة في عواطف المسلم.

اقتباس

إذاً -أخي المسلم- فلا تعجل في اتخاذ أيِّ قرار لمجرد فرط محبة، أو لأجل عصبية ورؤية ناقصة أو لعرقٍ عرق أو نسب أو بلد، أو لمجرد كراهيةٍ شديدة فهذه مشاعر عاطفية مجردة تدفعُك للعجلة، تمهَّلْ وفكر ودعْ لنفسك وقتاً كافياً للتأمّل وبعد النظر؛ فإن التؤدةَ مهمةٌ لضبطِ التوازن بين العقل والعاطفة فالتحكُّم بالمشاعرِ يضعُ الشيءَ بمكانه الصحيح، ولكن انتبه من طولٍ مملٍّ باتخاذ القرار بدعوى التفكير والتأمل كما يفعله البعض فالمطلوبُ التوسّطُ!!

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله وهب من شاء عقولاً راشدة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أكملُ الناس عقلاً وأرجحُهم رأياً، وأكثرهُم فكراً صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد فاتقوا الله إخوتي واعلموا أن الله كرّم بني آدم، ومَنَّ عليه بعقل وقدرة وإرادة ميَّزه بها على الخلائق (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء: 70]؛ تكريم افترق الإنسان به عن غيره في صفاتٍ؛ أهمّها عقلٌ راجحٌ يؤهّلُه لتحمِّلِ التكاليف، ومنها التوازنُ بين العقل وبين الشهوة، فالبهيمة تحركها الغرائزُ والشهوات من أكلٍ وشربٍ وتزاوج ونوم وغريزة البقاء وليس للعقل دورٌ عندها.. أما الإنسان فعقله راجح وغرائزه وعواطفه متزنةٌ مع عقله، وكلما توازنَ بينهما ازداد كمالاً وعدلاً وتوفيقاً وهذا توازنٌ مهمٌ بين العقل والعاطفة..

 

فالعاطفةُ هي ميلُ النفس وتأثُّرها الشديدُ بالمشاعر، كبغضٍ ومحبّةٍ وعصبيةٍ وشفقة، وغيرها مما إذا تأجَّجت بالنفس وتَحرَّكَ الإنسانُ بموجبِها وحدها دون العقل ستوقُعه في ظلمٍ وإساءةٍ وإفساد؛ فوحدُها يؤدي لميل شديدٍ دون تبصُّر أو هوية أو اعتبار لحقٍ أو باطلٍ، وتبعدُه بلا سببٍ شرعيٍّ أو عقليٍّ سوى العاطفة، فالعاطفةُ لوحدها لا توصل إلى الحق..

 

لكنها أيضاً صفةٌ مطلوبةٌ وضروريةٌ للإنسان، إذ بها يرغبُ في الأجر، ويخافُ فواتَه، ويرجو ويخاف ويتأثر بما في كتاب الله من الوعظ والتذكير.. بالعاطفة يبقى الحب، ويتآلف الناس، ويصفح بعضهم عن بعض، ويزول الشقاق (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159]، (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر: 88]، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128]، ولولا العاطفة أيضاً لفسدت عقيدة الولاء والبراء والحب في الله والبغض في الله..

 

لكنَّ العاطفةَ لوحدها لا تكفي فهي سببٌ لخداعٍ ووهمٍ ووقوعٍ في الخطأ وسرعة قرار ولذلك تميَّزت المرأة بزيادةِ عاطفةٍ وحنان فكان لا بد أن تشاركها أخرى بالشهادة معها (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) [البقرة: 282].

 

وكذلك المفتي والقاضي إذا انشغل قلبُه بغضبٍ أو رهب أو إرهاق أو مصلحة أو قرابة أو حزن أو فرح وجب عليه أن يكفَّ عن الإفتاء والقضاء حتى يعود لطبيعتِه خشية الخطأ قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان" (رواه البخاري).

 

فتأثيرُ العاطفةِ قويٌّ على تصرفات الإنسان واستقامته وصحة قراره واعتدال موقفه.. قال ابن القيم: "عاطفة الغضبان بالغضب تحمله على الإسراف في الانتقام، فإذا هدأ وزال غضبه ندم على ما بدر منه"..

 

أيها الإخوة: لقد تميّزَ العربُ من غيرهم بمشاعر العاطفة من سرعةِ غضبٍ أو فرحٍ أو تأثر وكلا طرفي الأمر ذميم فالإنسان يحتاج إلى توازن كي لا يطغى عقلُه على عاطفته أو العكس.. مع حاجةٍ للرحمة في مواقفها وعقل مع حزمٍ يضبطها..

 

وهذا يكون بالتؤدةٍ والتأنّي؛ كي لا تدفعَ العاطفةُ صاحبَها للعجلة، وتحجبُ عنه رؤيةَ عقلِه الصحيحة فصاحبُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر -رضي الله عنه- بِنِيّته الطيبة وغيرتِه على الإسلام وبعاطفةٍ إيمانيةٍ فياضةٍ جعلتْه يُخطئ رغم الصحبة والفضل وموافقة القرآن أحياناً لرأيه إلا أنه -رضي الله عنه- اعترض يوم الحديبية على بعض بنود الصلح غيرةً للدين، فقال: يا رسول الله! ألسنا المسلمين؟ أليسوا المشركين؟ فكيف نرضى بالدنيّة في ديننا؟ فيضطربُ ويتألَّمُ لأنه تكلَّم بعاطفته فكان يقول بعدها: "عملتُ لذلك أعمالاً"؛ من صدقةٍ وعتق رقاب كفَّارةً ليومَئِذٍ.

 

بينما هو بعقله -رضي الله عنه- ألغى حد قطع اليد للسرقة في عام الرمادة للجوع الذي حلَّ بالناس؛ وهكذا المواقف بين العقل والعاطفة لكل أحد..

 

إذاً -أخي المسلم-فلا تعجل في اتخاذ أيِّ قرار لمجرد فرط محبة، أو لأجل عصبية ورؤية ناقصة أو لعرقٍ عرق أو نسب أو بلد، أو لمجرد كراهيةٍ شديدة فهذه مشاعر عاطفية مجردة تدفعُك للعجلة، تمهَّلْ وفكر ودعْ لنفسك وقتاً كافياً للتأمّل وبعد النظر؛ فإن التؤدةَ مهمةٌ لضبطِ التوازن بين العقل والعاطفة فالتحكُّم بالمشاعرِ يضعُ الشيءَ بمكانه الصحيح، ولكن انتبه من طولٍ مملٍّ باتخاذ القرار بدعوى التفكير والتأمل كما يفعله البعض فالمطلوبُ التوسّطُ!!

 

فكما الشفقةُ والرحمةُ ليست قسوةً، فالحزمُ والشدةُ مطلوبةٌ وهي عقلٌ وحكمة (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) [النور: 2]، أي: لا تمعنكم الشفقة من إقامة حدود الله رغم أن الرأفةَ صفةٌ جميلةٌ مطلوبة تميّز بها -صلى الله عليه وسلم-: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128]، وإنما النهيُ عن تأثيرها بمنع إقامة الحد، أو إنكار المنكر، وتطبيق أصول الدين.. فتلكَ رأفةٌ وعاطفةٌ ليست صحيحة!

 

لما نزل يهود بني قريظة على حكم حليفهم ونصيرهم في الجاهلية سعد بن معاذ -رضي الله عنه-؛ طمعاً في حميته لكن عاطفته وشفقته ما منعته من حكم مناسب على خيانتهم المسلمين في أحلك الظروف.. ولما شفع البعض لهم قال: "لقد آن لسعد ألَّا تأخذه في الله لومة لائم". فحكم فيهم أن يُقتَل الرجالُ، وتُسبى الذرية، وتُقسَّمَ الأموال؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-.. "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات".

 

هكذا تتوازن العاطفة والعقل عند الحكم، ولذا كان موقفُ أبي بكرٍ أفضل من رأي عمر الفاروق بقتالِ المرتدّين عن دفع الزكاة، فنصح عمر.. "يا خليفةَ رسول الله تألَّفْ الناسَ وارفقْ بهم"، فيردُّ عليه الصدِّيق: "أجَبَّارٌ في الجاهلية خوَّارٌ في الإسلام؟! فلمَ أتألّفهُم؟! قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وانقطع الوحيُ وتمّ الدين، أفينقصُ وأنا حي؟ والله لو منعوني عقالاً كانوا يعطونه رسول الله لقاتلتهم عليه" (رواه الحاكم)؛ فعُدَّ موقفُه هذا حفظاً للإسلام من التحريف..

 

إنَّ العاطفةَ تفيضُ وتكونُ لازمةً في التعاملِ مع الأطفالِ والنساءِ والضعفاءِ؛ كصبرِه -صلى الله عليه وسلم- على نسائه وغيرتهن، وتفهمه لصغرِ سن عائشة -رضي الله عنها- حين وضعت رأسها على منكبه وهي تنظر لَعِبَ الحبشة وهو يسترُ وجهَها حتى ملَّتْ وشبعت من مرآهم ويركبُ على ظهره الشريف الحسَنُ والحسين وهما طفلان -رضي الله عنهما- فيسعد بذلك -صلى الله عليه وسلم- رأفةً بهما، يحبو في البيت ويقول: "نعم الجمل جملُكما ونعم العدلان أنتما".

 

ويحمل ابنتَه فاطمة وهي صغيرة فيقول: "ريحانة أشمُّها ورزقها على ربها"، ويُقبِّل الصبيان ويسمعُ بكاءَ الصبي بالصلاة فيخفّفُها ويطيلُ السجودَ لأن حفيده ركب على ظهره، وقال "لم أقم حتى يقضيَ نهمتَه"، الله أكبر ما أعظمها من عاطفةٍ عظيمة له -صلى الله عليه وسلم- نقتدي بها..

 

أيها الأحبة: إن ضبط التحكَّم بالعاطفة والتوازن بين العقل وبين العاطفة، بمعرفة الموقف الشرعي الصحيح قبل الموقف العاطفي؛ فنحن محاسبون على ما تُكنّه قلوبُنا من ودٍّ وحُبٍّ، أو بُغضٍ وكُره، ودينُ الإسلام قائمٌ على ذلك..

 

فإذا اتخذت موقفَ محبةٍ أو بغضٍ أو اتهام وتصنيف فوازنْ بين عقلك وجدّيته وعاطفتك ورحمتها.. قال -صلى الله عليه وسلم-: "من أحبَّ لله، وأبغضَ لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان"، وقال تعالى.. (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رضي الله عنهمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة: 22].

 

ويقول سبحانه: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة: 24].

 

فاسأل نفسك عند كل موقف هل اتخذته بعقلٍ سليم أو عاطفةٍ جيّاشة؟! واحذر في عاطفتك وعقلك من هوى يُضلّك ويُعميك عن الحقِّ ويقودُك للضلال ويُوقعك بالظلم..

 

ولذلك ورد الهوى على سبيل الذمِّ بالقرآن ثلاثًا وثلاثين مرة؛ لأنَّ اتباعَه سببٌ للحيف وحُذّر -صلى الله عليه وسلم- من اتّباع هوى نفسه ورغبتِها، وحذّرنا هو من الهوى المُتّبع والأسوأُ مَن اتخذ إلهه هواه فأضلّه وأعماه فيظلمُ ويرفضُ الحقَّ ويتخذُ الباطلَ منهجاً أما من جعل عقله متزناً مع عاطفته وهواه تبعاً لدينه وخاف مقام رَبِّه ونهى النفس عن الهوى فإنّ الجنة هي المأوى.

 

اللهم اجعلنا مؤمنين بك.. متوكلين عليك.. رحماءَ بخلقك.. عاطفتُنا لدينك.. وعقلُنا لمرضاتك يا أرحم الراحمين. أقول ما تسمعون...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

 

اعلموا أن من مهمات العقيدة محبةَ الله ورسوله وهي تُقَدَّمُ على كل محبة، والناس قربُهم من الله أو بعدُهم عنه بالإيمان فهذا الميزان الصحيح، فإذا خرج الإنسان عن دين الله، أو ابتدع فيه، أو أعرض عن أصلٍ من أصوله واتبع الهوى والضلال، أو قدَّم رضا الخلائق على رضا الله –تعالى-، أو قدَّم قوانين البشر على شريعة الإسلام، فإنما خلط الحق بالباطل.. وأهمل عقلاً يدعو إلى الإيمان فالله خلق العقل للاستدلال على آياته، والتعرُّفِ على حكمه وأحكامهِ؛ وإثبات إيمانه ويكمّلُ ذلك القلبُ بصلاحه فهو محل المشاعر والأحاسيس لارتقاء الإيمان، فلا غنى لنا عن عاطفة إيمانية هي روح الدين، ومكان انعقاده (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [الفتح: 4]، فطوبى لمن وازَن بين عقله وعاطفته وإيمانِه وعقيدتِه وبين هواه وتقواه..

 

يا رب أرشد عقولنا للصلاح والإيمان وأصلح قلوبنا باليقين والاطمئنان وارزقنا عقولاً راشدة وعاطفةً مؤمنة ورأياً سديداً وقولاً ناصحاً اجعل هوانا فيما تُحبّ وترضى..

 

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ووفّق أئمتنا وولاة أمورنا، واحفظ جنودنا واحم حدودنا ورد كيد أعدائنا وكن لإخواننا المستضعفين في كل مكان...

المرفقات

بين العقل والعاطفة؟!

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات