بعض محاسن دين الإسلام وفضائله

بندر بليلة

2022-12-23 - 1444/05/29 2022-12-24 - 1444/05/30
التصنيفات: الفكر والثقافة
عناصر الخطبة
1/أعظم النعم هي نعمة دين الإسلام 2/حقيقة دين الإسلام وبعض خصائصه ومميزاته 3/دين الإسلام دين سعي وكد لا دين كسل وتوانٍ

اقتباس

الصِدقُ للإسلام شِعار، والحقُّ له دِثارٌ، الحِكمةُ رائدُه ورَايَتُه، والرحمةُ رُوحُه وغايتُه، والصلاحُ والإصلاحُ حالُه وأعمالُه، أحكامُهُ أصَحُّ الأحكام وأسَدُّها، وشرائعُهُ أقومُ الشرائعِ وأحكَمُها، لا حَرجَ فيها ولا مشقةَ ولا عَنَتَ، وبها زَكاءُ القلوب، وصَلاحُ الأرواح...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، الحمد لله حمدًا يستدعي مزيدَ الإنعام، ويقي سوءَ البلاء وشديدَ الانتقام، ويرتقي بقائله إلى أسمى منزلٍ وأسنى مقامٍ، أشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةَ مَنْ آمَن بالله ثم استقام، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، المبلِّغُ للشرائع والأحكام، والمبَيِّنُ للحلال والحرام، صلى الله وسلم وبارَك عليه، وعلى آله الكرام، وأصحابه الأعلام، والتابعينَ وتابِعِيهم بإحسان إلى يوم البعث والمقام.

 

أما بعدُ: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله -رحمكم الله-، فالتقوى ضياء في الظلام، وجلاء في الأفهام، وعُروةٌ ما لها انفصامٌ.

 

أيها المسلمون: أعظمُ النِّعَمِ وأَولاها، وأكرمُ المِنَنِ وأَسناها: دينُ الإسلام، واسطةُ عِقْدِ الأديانِ وتاجُها، وخاتِمةُ الشرائعِ ورِتاجُها، سبيلُ اللهِ القويمُ، وصراطُهُ المستقيمُ، قال سبحانه: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)[آلِ عِمْرَانَ: 19]، وقال سبحانه: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[يُوسُفَ: 40].

 

الانتسابُ له عِزٌّ ومَفخرةٌ، والعيشُ في ظِلاله أُنسٌ ومَطهَرةٌ، يقول تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)[النِّسَاءِ: 125].

 

حقيقتُه الاستسلامُ لله بالتوحيد، ونفيُ الشريكِ له والنَّديد، واليقينُ بخَلْقه للكونِ وتدبيرُه للكائنات، وإثباتُ ما له مِنَ الأسماءِ الحُسنى، والعُلى من الصفاتِ، وتعظيمُه والإنابةُ إليه، وطاعتُه وطاعةُ رسولِه محمدٍ -عليه الصلاة والسلام-.

 

وأساسُه الكتابُ المفَصَّل، والذِّكْرُ المنزَّل، كلامُ اللهِ الذي لا يأتيه الباطلُ مِنْ بينِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلفِه، يقول تعالى: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)[هُودٍ: 1]، ويقول تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النَّحْلِ: 89].

 

معاشرَ الأخيارِ: الصِدقُ للإسلام شِعار، والحقُّ له دِثار، الحِكمةُ رائدُه ورَايَتُه، والرحمةُ رُوحُه وغايتُه، والصلاحُ والإصلاحُ حالُه وأعمالُه، أحكامُهُ أصَحُّ الأحكام وأسَدُّها، وشرائعُهُ أقومُ الشرائعِ وأحكَمُها، لا حَرجَ فيها ولا مشقةَ ولا عَنَتَ، وبها زَكاءُ القلوب، وصَلاحُ الأرواح، قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[الْمَائِدَةِ: 50]، وقال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الْحَجِّ: 78]، وقال سبحانه: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[الْبَقَرَةِ: 185].

 

أباح لنا الطيباتِ، مِنَ المآكلِّ والمشاربِ والملابسِ والمعامَلاتِ، وحَفِظَ الضروراتِ والمصالحَ والحاجِيَّاتِ، وحرَّمَ علينا الخبائثَ والمضارَّ والمفاسدَ في كل الحالات.

 

ومن محاسن دين الإسلام وفضائله: أنه يأمُرُ بمكارم الأخلاق، ويحُثُّ على معالي الأمور، قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالحَ الأخلاق"(أخرجه الإمامُ أحمد)، وقال عليه الصلاةُ والسلام: "إن الله يُحبُّ معاليَ الأمورِ ويَكرهُ سَفسافَها"(أخرجه الطبرانيُّ والحاكمُ).

 

حَفِظَ دِينُكم الحقوقَ لأصحابها، وصانَ الأماناتِ لأربابها، فأمَر بِبِرِّ الوالدينِ، وصلةِ الأرحامِ، وإكرامِ الضيفِ، والإحسانِ إلى الجيران، ورِفْدِ المحتاجينَ.

 

دينٌ يدعو إلى التعاون والمودَّة والائتلاف، ويَنهَى عن التفرُّق والتنازُعِ والاختلاف، قال سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آلِ عِمْرَانَ: 103]، وقال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمنُ للمؤمنِ كالبُنيان يشُدُّ بعضُه بعضا"(أخرجه البخاري ومسلم).

 

إنه دينُ سَعيٍ وجِدٍّ وعَمَلٍ، لا دين عَجْزٍ وتوانٍ وكَسَلٍ، يَجمَع بين مَطالِبِ الروحِ والقلبِ والجسدِ، ويندُبُ للجَمْع بينَ الدِّينِ والدنيا، قال سبحانه: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون)[التَّوْبَةِ: 105]، وقال سبحانه: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى)[النَّجْمِ: 39-40]، وقال سبحانه: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[الْقَصَصِ: 77]، وقال النبي عليه الصلاةُ والسلام: "احُرِصْ على ما ينفعكَ، واستعِنْ بالله ولا تَعجَز"(أخرجه مسلم).

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[الْمَائِدَةِ: 3].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الهدى والبيان، أقول ما سمعتُم، وأستغفِر اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.

 

 

 الخطبة الثانية:

 

الحمد لله كما أمَر، والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان، ما توالت الآصال والبكر.

 

أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن دين الإسلام أجلُّ شاهد بتفرُّد الله -سبحانه- بالكمال المطلَق، وسَعة الحكمة والعِلْم، وعظمة نبيِّه محمد -عليه الصلاة والسلام-، وأنه رسولُ الله حقًّا صِدقًا.

 

إنه لا أحسنَ ممَّن أسلمَ وجهَه لله، وأحْسَنَ إلى عباد الله، واستقام على دِين الله، فانصبغَ قلبُه بالإخلاص والتوحيد، واستقامَتْ أخلاقُه وأعمالُه على الهداية والتسديد؛ (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)[الْبَقَرَةِ: 138].

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا على محمد بن عبد الله، النبي القرشي الهاشمي، فاللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى الآل والأصحاب، التابعين لهم بإحسان إلى يوم المآب، وعنا معهم بمنك وكرمك يا كريم يا وهاب.

 

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واحمِ حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونَفِّسْ كربَ المكروبين، واقضِ الدَّينَ عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.  

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق والتوفيق والتسديد إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد يا رب العالمين، اللهم سَدِّدْ جندَنا المرابطينَ على الحدود والثغور، كن لهم معينًا وظهيرًا، ومؤيِّدًا ونصيرًا.

 

اللهم إنا نسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وعملًا صالحًا متقبَّلًا، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 53]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201].

 

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)[النَّحْلِ: 90-91].

المرفقات

بعض محاسن دين الإسلام وفضائله.pdf

بعض محاسن دين الإسلام وفضائله.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات