بعض خصائص رمضان

ناصر بن محمد الأحمد

2015-02-08 - 1436/04/19
التصنيفات: التربية رمضان
عناصر الخطبة
1/رمضان شهر تكفير السيئات 2/رمضان شهر التراويح والتهجد وبعض وفوائد ذلك 3/رمضان شهر غلق أبواب النيران 4/رمضان شهر فتح أبواب الجنان 5/رمضان شهر القرآن وحال السلف معه

اقتباس

إن فتح أبواب الجنة في رمضان حقيقة، لا تحتاج إلى تأويل، وهذه نعمة عظيمة ومنة كريمة من الله، يتفضل بها على عباده في هذا الشهر؛ إنها الجنة -يا عباد الله- التي غرس غراسها الرحمن بيده، إنها الجنة التي لا يسأل بوجه الله العظيم غيرها، إنها الجنة دار كرامة الرحمن فهل من مشمر لها، إنها...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

أن الحمد لله نحمده ونستعينه…

 

أما بعد:

 

قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 183].

 

أن شهر رمضان -أيها الأحبة- له في قلوب المسلمين معانٍ خاصة، فقد ميزه المولى -جل وتعالى- عن باقي الشهور بعدة خصائص، وميزه بعدة سمات، فـهذه بعضها:

 

أولاً: رمضان شهر تكفير السيئات.

 

أنعم الكريم -سبحانه- على الأمة بتمام إحسانه، وعاد عليها بفضله وامتنانه، وجعل شهرها هذا مخصوصاً بعميم غفرانه.

 

فيا أيها الأحبة: أيام رمضان أيام محو ذنوبكم، فاستغيثوا إلى مولاكم من عيوبكم، هي أيام الإنابة، فيها تفتح أبواب الإجابة، فأين اللائذ بالجناب؟ أين المتعّرض بالباب؟ أين الباكي على ما جنى؟ أين المستغفر لأمر قد دنا؟ كم من منقول في هذه الليلة من ديوان الأحياء، عن قريب يفاجأ بالممات، وهو مقيم على السيئات؟

 

ألا رُبّ غافل عن تدبير أمره قد انفصمت عُرَى عمره، ألا رُبّ معرض عن سبيل رشده، قد آن أوان شق لحده، ألا رُبّ رافل في ثوب شبابه قد أزف فراقه لأحبابه، ألا رُبّ مقيم على جهله، قد قرب رحيله عن أهله، ألا رُبّ مشغول بجمع ماله، قد حانت خيبة آماله، ألا رُبّ ساع في جمع حطامه قد دنا تشتت عظامه، أين المعتذر مما جناه فقد اطلع عليه مولاه؟ أين الباكي على تقصيره قبل تحسره في مصيره؟

 

عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتاني جبريل، فقال يا محمد: من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين".

 

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".

 

يا من كان يجول في المعاصي قبل رمضان، ها قد أعطاك الله الفرصة، لا تكن كمن كلما زاد عمره زاد إثمه.

 

فيا أيها الغافل: اعرف نفسك، وانتبه لوقتك، يا متلوثاً بالزلل، اغسل بالتوبة أدرانك.

 

يا مكتوباً عليه كل قبيح: تصفح ديوانك.

 

لو قيل لأهل القبور: تمنّوا، لتمنوا يوماً من رمضان، وأنت كلما خرجت من ذنب دخلت في آخر، أنت نعم، أنت الآن في رمضان كما كنت في سفر أما تنفعك العبر؟ أصُمّ السمع أم عُشَى البصر؟

 

آن الرحيل وأنت على خطر، وعند الممات يأتيك الخبر.

 

قال بعضهم: "السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، وأنفاس العباد ثمراتها، فشهر رجب أيام توريقها، وشعبان أيام تفريعها، ورمضان أيام قطفها، والمؤمنون قُطّافها".

 

يا من قد ذهبت عنه هذه الأشهر، وما تغير، أقولها لك صريحة: أحسن الله عزاءك.

 

أنا العبد الذي كسب الذنوبا *** وصدته الأماني أن يتوبا

أنا العبد الذي أضحى حزينا *** على زلاته قلقاً كئيبا

أنا العبد المسيء عصيت سراً *** فمالي الآن لا أبدي النحيبا

أنا العبد المفرط ضاع عمري *** فلم أرع الشبيبة والمشيبا

أنا العبد الغريق بلج بحر *** أصيح لربما ألقى مجيبا

أنا العبد السقيم من الخطايا *** وقد أقبلت ألتمس الطبيبا

أنا الغدّار كم عاهدت عهداً *** وكنت على الوفاء به كذوبا

فيا أسفي على عمر تقضى *** ولم أكسب به إلا الذنوبا

ويا حزناه من حشري ونشري *** بيوم يجعل الولدان شيبا

ويا خجلاه من قبح اكتسابي *** اذا ما أبدت الصحف العيوبا

ويا حذراه من نار تلظى *** إذا زفرت أقلقت القلوبا

فيا من مدّ في كسب الخطايا *** خطاه أما آن الأوان لأن تتوبا

 

ثانياً: رمضان شهر التراويح، شهر التهجد والمصابيح.

 

عجباً لأوقاته ما أشرفها، ولساعاته التي كالجواهر ما أظرفها، طوبى لعبد صام نهاره، وقام أسحاره.

 

إليك -يا أخي الحبيب- بعض فوائد صلاة التراويح:

 

منها: أن قيام رمضان من الإيمان، ومغفرة لسالف الذنوب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"[متفق عليه].

 

ومن فوائد التراويح: أن مصليها يستحق اسم الصديقين والشهداء، وهذا من فيض الكريم -سبحانه وتعالى-، جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: "أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته فمِمّن أنا؟ قال: "من الصديقين والشهداء"[رواه البزار وابن خزيمة، وهو صحيح].

 

وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا دخل أول ليلة من رمضان يصلي المغرب ثم يقول: "أما بعد، فإن هذا الشهر كتب عليكم صيامه ولم يكتب عليكم قيامه فمن استطاع منكم أن يقوم فليقم، فإنها نوافل الخير التي قال الله".

 

ومن فوائد وبركات صلاة التراويح: أن من قام مع إمامه كتب له قنوت ليلة، عن أبي ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة".

 

تصلي مع الإمام حتى ينصرف وتتصبر هذه الدقائق يكتب لك قيام ليلة كاملة.

 

فاتق الله -يا عبد الله- في عمرك الذي مضى أكثره، وأقبل على صلاة التراويح، يُقبل الله عليك، وانظر إلى سلفك من الصحابة، عن السائب بن يزيد أنه قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة، قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصى من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر خشية أن يفوتنا الفلاح-أي السحور-.

 

وما صلاح الأجساد إلا بانتصابها لربها، في القيام والتراويح، وهو شفاء من أمراض الأجساد والقلوب ورفعة للدرجات عند علام الغيوب، وهذا طريق الصالحين من قبلنا.

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله -تعالى- ومنهاة عن الإثم، وتكفير السيئات، ومطردة للداء عن الجسد"[حديث صحيح رواه الترمذي وغيره].

 

وقد كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يربطون الحبال بين السواري، ثم يتعلقون بها من طول القيام في التراويح.

 

فرحم الله رجلاً قدم لآخرته، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، وقدم مهره، فإنما مهر الحور الحسان طول التهجد بالقرآن، ولا تكن -يا أخي- ممن يعظم الخِطبة، ويسهى المهر.

 

بادر -يا أخي- فإنه مبادر بك.

 

كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- يقول: "صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور، تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير".

 

وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعةً *** فعند اللقاء ذا الكد يصبح زائلاً

فما هي إلا ساعة ثم تنقضي *** ويصبح ذا الأحزان فرحان جاذلا

 

ثالثاً: رمضان شهر فتح أبواب الجنان؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين"[رواه البخاري ومسلم].

 

إن فتح أبواب الجنة في رمضان حقيقة، لا تحتاج إلى تأويل، وهذه نعمة عظيمة ومنة كريمة من الله، يتفضل بها على عباده في هذا الشهر.

 

إنها الجنة -يا عباد الله- التي غرس غراسها الرحمن بيده.

 

إنها الجنة التي لا يسأل بوجه الله العظيم غيرها.

 

إنها الجنة دار كرامة الرحمن فهل من مشمر لها.

 

إنها الجنة، فاعمل لها بقدر مقامك فيها.

 

إنها الجنة، فاعمل لها بقدر شوقك إليها.

 

إنها الجنة التي اشتاق إليها الصالحون من هذه الأمة، فاسألوا عنها جعفر الطيار، وعمير بن الحمام، وحرام بن ملحان، وأنس بن النضر، وعامر بن أبي فهيرة، وعمرو بن الجموح، وعبد الله بن رواحة.

 

نعم، إنها الجنة التي فتحت أبوابها هذه الأيام، ولكن يا عجباً لها كيف نام طالبها؟ وكيف لم يدفع لمهرها في رمضان خاطبها؟ وكيف يطيب العيش في هذه الدار بعد سماع أخبارها؟

 

إنها الجنة، دار الموقنين بوعد الله، المتهجدين في ليالي رمضان، الصائمين نهاره، المطعمين لعباد الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها" قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال:  "لمن أطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى باليل والناس نيام".

 

إنها الجنة، ما حُليت لأمة من الأمم، مثلما حُلّيت لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

إن نبي الله موسى -عليه السلام- خدم العبد الصالح عشر سنوات، مهراً لزواجه من ابنته.

 

فكم تخدم أنت مولاك لأجل بنات الجنان الحور الحسان؟

 

أن مفاتيح الجنة مع أصحاب الليل، وهم حُراسها، فيا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجه الله في الدار الآخرة، ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة، قال الله -تعالى-: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ* وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ)[القيامة: 22-25].

 

فحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم

ولكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

فلله أبصار ترى الله جهرة *** فلا الحزن يغشاها ولا هي تسأم

فيا نظرة أهدت إلى الوجه نضرةً *** أمن بعدها يسلو المحب المتيم

أجئتنا عطفاً علينا فإننا *** بنا ظمأً والمورد العذب أنتم

 

رابعاً: رمضان شهر غلق أبواب النيران؛ قال الله -تعالى-: (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلْطَّاغِينَ مَآبًا)[النبأ: 21-22].

 

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وأيم الذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً" قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: "رأيت الجنة والنار".

 

النار التي رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحطم بعضها بعضاً، والتي قال عنها صلى الله عليه وسلم لما رآها: "لم أر منظراً كاليوم قط أفظع من النار".

 

هذه النار هي مخلوقة الآن، موجودة الآن، إنها معدة، فإياك ثم إياك أن تكون من وقودها.

 

لقد أُخبرت بأن النار مورد الجميع: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا)[مريم: 71-72].

 

فأنت من الورود على يقين، لكنك من النجاة في شك.

 

استشعر -يا أخي- في قلبك هول ذلك المورد، فعساك أن تستعد للنجاة منه، تأمل في حال الخلائق، وقد قاسوا من دواهي القيامة ما قاسوا فبينما هم في كربها وأهوالها، ينتظرون حقيقة أبنائها، وتشفيع شفعائها، إذ أحاطت بالمجرمين ظلمات ذات شعب، وأظلت عليهم نار ذات لهب، وسمعوا لها زفيراً وجرجرة، تفصح عن شدة الغيظ والغضب، فعند ذلك أيقن المجرمون بالعطب، وجثت الأمم على الركب، حتى أشفق البريء من سوء المنقلب، وخرج المنادي من الزبانية، قائلاً: أين فلان بن فلان، المسوّف نفسه في الدنيا بطول الأمل، المضيع عمره في سوء العمل؟ فيبادرونه بمقامع من حديد، ويستقبلونه بعظائم التهديد، ويسوقونه إلى العذاب الشديد، ثم ينكسونه في قعر الجحيم، ويقولون له: (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)[الدخان: 49].

 

"فَأُسكنوا داراً ضيقة الأرجاء مظلمة المسالك، مبهمة المهالك، يخلد فيها الأسير، ويوقد فيها السعير، طعام أهلها الزقوم، وشرابهم الحميم، ومستقرهم الجحيم، الزبانية تقمعهم، والهاوية تجمعهم، أمانيهم فيها الهلاك، وما لهم منها فكاك، قد شُدّت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي، ينادون من أكنافها، ويصيحون في نواحيها وأطرافها: يا مالك قد حق علينا الوعيد، يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك قد نضجت منا الجلود، يا مالك أخرجنا منها، فإنا لا نعود، فتقول الزبانية: هيهات لات حين أمان، ولا خروج لكم من دار الهوان.

 

يا عبد الله: إن القضية جد، إنه لقول فصل، وما هو بالهزل، نـار، غمٌّ قرارها، مظلمة أقطارها، حامية قدورها، فظيعة أمورها، عقابها عميم، عذابها أليم، بلاؤها شديد، وقعرها بعيد، سلاسل وأغلال، مقامع وأنكال، زمانهم ليل حالك، وضجيجهم ضجيج هالك، يصطرخون فيها فلا يجيبهم مالك، ومقامع الحديد تهشم جباههم، ويتفجر الصديد من أفواههم، وينقطع من العطش أكبادهم، وتسيل على الخدود أحداقهم، لهيب النار سار في بواطن أعضائهم، وحيات الهاوية وعقاربها تأخذ بأشفارهم.

 

نعوذ بالله أن نكون من قوم لباسهم نار، ومهادهم نار، لُحُفٌ من نار، ومساكن من نار، وهم -والعياذ بالله- في شر دار.

 

فيها غلاظ شداد من ملائكة *** قلوبهم شدة أقسى من الحجر

لهم مقامع للتعذيب مرصدة *** وكل كسر لديهم غير منجبر

سوداء مظلمة شعثاء موحشة *** دهماء محرقة لواحة البشر

يا ويلهم تحرق النيران أعظمهم *** فالموت شهوتهم من شدة الضجر

ضجوا وصاحوا زمانا ليس ينفعهم *** دعاء داع ولا تسليم مصطبر

وكل يوم لهم في طول مدتهم *** نزع شديد من التعذيب في سقر

 

فيا أخي الكريم: إذا كانت النار بهذه المثابة بل أشد، فإني أسألك -أيها العاقل- أليست فرصة أن تغلق أبوابها هذه الأيام، فإن لم تنتهز الفرصة الآن، فمتى يكون؟

 

فيا عجباً ندري بنار وجنة *** وليس لذي نشتاق أو تلك نحذر

إذا لم يكن خوف وشوق ولا حيا *** فماذا بقى فينا من الخير يذكر

وليس لحر صابرين ولا بلى *** فكيف على النيران يا قوم نصبر

وفوق جنات الخلد أعظم حسرة *** على تلك فليستحسر المتحسر

 

بارك الله لي ولكم …

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه...

 

أما بعد:

 

الميزة الخامسة لهذا الشهر المبارك: أنه شهر القرآن، بل هو شهر الكتب السماوية كلها، عن وائلة بن الأسقع -رضي الله عنه-عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشر خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان"[حديث حسن، رواه الطبراني وأحمد].

 

أما القرآن خاصة، فيقول الله -جل وتعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة: 185].

 

إن للصيام علاقة خاصة بالقرآن، فإذا علم هذا فلعله يتضح سرّ إقبال الناس على القرآن في رمضان قراءةً وحفظاً واستماعاً دون بقية الطاعات والقربات.

 

قال ابن رجب: "كان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة، وغيرها".

 

وقال أيضاً: "وكان قتادة يدرس القرآن في شهر رمضان".

 

وكان الزهري إذا دخل رمضان، قال: "إنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام".

 

وقال ابن الحكم: "كان مالك إذا دخل رمضان يفرّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم".

 

وقال عبد الرزاق: "كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن".

 

أسأل الله -جل وتعالى- للجميع القبول والإعانة.

 

 

المرفقات

رمضان

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات