بدر الفلك مع حديث والله إني لأحبك

خالد بن علي أبا الخيل

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ عشر وقفات مع حديث " والله إني لأحبك"

اقتباس

عن مُعاذٍ -رضي الله عنه-، قال: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فقال: "يا مُعَاذِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَلَا تَدَعَنَّ دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أن تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ". هذا الحديث حديثٌ عظيم مع وجازته وقلة ألفاظه إلا أنه يحمل سعادة الدنيا والآخرة؛ فلنا معه عشر وقفات وجمع كلمات مختصرات...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

أيها المسلمون: اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا بالعروة الوثقى؛ فإن أجسامكم على النار لا تقوى.

 

إخوة الإسلام لقد أُعطي نبينا -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم ونوابع الحِكم، فيقول الكلمة المختصرة الوجيزة ذات الألفاظ المعاني الكبيرة، وتحمل في طياتها العِبر الكثيرة، وهذا من خصائصه -صلوات الله وسلامه عليه-؛ فقد قال كما في البخاري: "وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ"، وقال كما عند الترمذي: "وَاخْتُصِرَ لِيَ الْكَلاَمُ اخْتِصَارًا".

 

ومن هذه الكلمات الوجيزة والوصايا النافعة المُجيزة؛ وهي ما وصى به مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه-؛ فقد روى الإمام أحمد، وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وغيرهم بسندٍ صحيح عن مُعاذٍ -رضي الله عنه-، قال: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فقال: "يا مُعَاذِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَلَا تَدَعَنَّ دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أن تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ".

 

إن هذا الحديث حديثٌ عظيم مع وجازته وقلة ألفاظه إلا أنه يحمل سعادة الدنيا والآخرة؛ فلنا معه عشر وقفات وجمع كلمات مختصرات؛ فالوقفة الأولى مع أهمية هذا الدعاء:

إن هذا الدعاء وهو "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" جاء مطلقًا ومقيدًا؛ فالمطلق تقوله في كل حال، وعلى كل حال في صلاتك وفي غير صلاتك؛ ولهذا روى الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا اجتهدتم في الدعاء، فقولوا: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ".

 

ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "تأملت أنفع الدعاء فوجدته سؤال الله العون على مرضاته".

 

والوقفة الثانية -أيها الأحباء-: فهو مع الأسلوب الحسن من المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد جامع في أسلوبه بين القول والفعل؛ فالقول: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّك"، والفعل أخذ بيده -صلوات وسلامه عليه-؛ فما أجمل التعليم أن يتحقق فيه القول والفعل؛ فعلٌ يُنبئ عن محبة وشفقة وعطف، وقولٍ: يُنبئ عن كلماتٍ ترفع الهمة وتُنقذ الأمة "وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّك".

 

فعلى العلماء والمعلمين، وطلبة العلم والمدرسين أن يُعنوا بتربيتهم في فلذات أكبادهم، وطلبة العلم منهم، ومن سوف يأتي يسألهم أن يشرحوا صدروهم ويُحسِّنوا ألفاظهم؛ ولهذا المصطفى جمع بين هذا القول وهذه العبارة التي تُعتبر أعظم عبارة "وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّك".

 

والوقفة الثالثة -أيها الأحبة مع فضل معاذ رضي الله عنه-: فإن هذا الحديث من أعظم ما يدل على فضل هذا الشاب النبيل، وهذا الشاب العظيم مُعاذ بن جبل الذي قد اخترمته المنية وهو لم يصل إلى عمر الأربعين، فيقول له رسول الهدى: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّك"؛ لأنه -عباد الله- كما يقول السلف: "ليس الشأن أن تُحب إنما الشأن أن تُحَب".

 

ولما كان في غزوة أُحد لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، وخاض الصحابة ليلتهم أسهر ليلهم تناقشوا يتناظروا؛ ليحظوا بهذه الفضيلة وهي حب الله ورسوله؛ فلهذا قال: "أَين عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟"، فأوتي به أرمد فأعطاه الراية، والخبر في الصحيح من حديث سهل بن سعدٍ -رضي الله عنه-.

 

فلهذا -أحبتي في الله- فهذا يدل على فضل معاذٍ -رضي الله عنه-، وهو أعلم الصحابة بالحلال والحرام، وقد جاء في الأثر أن معاذ بن جبل يُحشر يوم القيامة أمام العلماء برتوة؛ ولهذا لما بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن قال: "إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ"، فلم يبعثه وهو خاليًّا من الفهم والتعليم، بل بعث شابًا مُحنَّكًا عالمًا فاهمًا قاضيًا مُفتيًا -رضى الله عنه-.

 

الوقفة الرابعة -أيها الأحبة-: "فَلَا تَدَعَنَّ". الاستمرار في العبادة، والتواصل في الطاعة، وعدم الانقطاع؛ فربنا يقول -جل جلاله-: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر:99]. المرء لا ينتهي عمله ولا تنقضي عبادته، بل دائمًا مستمرًا مواصلًا حتى يأتيه الموت؛ ولهذا قال: "فَلَا تَدَعَنَّ"؛ أي: لا تتركن، وهذا فيه جمال العمل بالعلم، وهل يُراد من العلم إلا العمل.

 

وَعالمٌ بعلمِهِ لم يعمَلَنْ مُعَذَّبٌ *** من قبلِ عُبَّادِ الوَثَنْ

 

فالعلم وسيلة وغايته العمل والتطبيق على أرض الواقع، وهكذا المؤمن -عباد الله- يجب عليه أن يستمر في طاعة الله، وأن يُداوم على عبادة الله؛ من قراءةٍ وذكرٍ وصلاةٍ وصدقةٍ وعبادة يواصل العبادة مع ربه -عزَّ وجلَّ-؛ فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ"؛ فلم يجعل انقطاع العمل إلا الموت.

 

الوقفة الخامسة -أيها الأحبة-: مع قوله: "اللَّهُمَّ". وأصلها يا الله؛ فحُذِفت الياء وأُبدِلت الميم في آخرها لتدل على الجمع؛ ولهذا يقول الحسن البصري: "اللهم مجمع الدعاء"، ويقول النضر بن شُميل: "من قال اللهم دعا الله بأسمائه الحسنى"، ويقول أبو رجاءٍ العطاردي: "الميم في آخرها فيها تسعةٌ وتسعون اسمًا".

 

فتأمل هذه الكلمة التي تدل على ألوهية الله، وإفراد الله -جلَّ وعلا- بالعبادة.

 

والوقفة السادسة -أيها الأحبة- مع دبر الصلاة: ودبر الصلاة -أيها الأحبة- يشمل قبل السلام وما بعد السلام.

 

والأذكار الواردة في هذا الباب لا تخلو من ثلاثة أحوال:

إما أن يأتي الذكر قبل السلام؛ كاللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال؛ فهذا يُقال قبل السلام.

 

وتارةٌ يأتي الذكر بعد السلام؛ كالتسبيح، والتهليل، والتكبير، والتحميد، وقراءة المعوذتين وآية الكرسي، والأذكار الواردة بعد السلام.

 

وتارةً لا هذا ولا هذا، إنما هو مطلقًا؛ فهذا إن شاء المرء أن يقوله قبل السلام، وإن شاء أن يقوله بعد السلام، وهذا ما هو مذكور في حديث مُعاذ "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" والمرء مُخيرٌ بين الأمرين، لكن الأفضل والأكمل والأجمل أن يقوله قبل السلام؛ لأنه لا يزال في عبادة وطاعة، ولم ينفصل من صلاته وهو أقرب للإجابة؛ لأن من مواطن إجابة الدعاء -مما يخفى على بعض الرجال والنساء- ما هو قبل السلام؛ ولهذا قال عليه الصلاة السلام: "ثُمَّ سَلْ تُعْطَ".

 

والوقفة السابعة -أيها الأحبة- مع الإعانة: الله أكبر إنها إعانة، وما إدراك ما الإعانة؟!

 

إِذَا لم يَكُنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتى *** فَأَوَّلُ مَا يَجنِي عَلَيهِ اجتِهَادُهُ

 

ولهذا سر القرآن في هذه الآية العظيمة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[الفاتحة:5].

 

وقد تسأل -وحُق لك أن تسأل- ما هو السِّر في ذكر الإعانة بعد العبادة في قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[الفاتحة:5] مع أن الاستعانة داخلةٌ في العبادة؟

فالجواب -عباد الله-: أن في ذلك إشارة إلى أن كل عبادة تحتاج إلى إعانة، وها هو أنت حينما تسمع المؤذن يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح، فتُجاوبه لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا لم يُعنك ربك فإنك لن تعمل، ولن تقوم، ولن تُصلي، ولن تبر بوالديك، ولن تصل أرحامك، ولن تُسلِّم صدرك من الغل والشحناء؛ فلهذا ينبغي لك أن تسأل الله -عزَّ وجلَّ- الإعانة، اللهم أعني.

 

والإعانة -أيها الأحبة- هي: الثقة بالله والاعتماد عليه. والعبد محفوفٌ بإعانتين؛ كما يقول ابن القيم -رحمه الله-: "إعانة على أداء العبادة الذي هو فيها يُصلي يقرأ يصل يتصدق يُعينه الله على أدائها، وإعانةٌ على أداء عبادةٍ بعدها" حتى يقضي المرء نحبه وهو محفوفٌ بهذه الإعانتين.

 

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "تأملت أنفع الدعاء فوجدته في قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[الفاتحة:5]، ثم تأملته فإذا هو في قول: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ". كثيرٌ منا مُقصِّر -ونستغفر الله من التقصير-، لكن ينبغي لنا أن نسأل الله الإعانة فيما قصَّرنا، وفيما أسأنا، وفيما ظلمنا؛ فنستعين ربنا على طاعته، ونستعين بالإعانة على ترك معصيته، ونستعين بالإعانة على المصائب والأسقام والآلام.

 

إنها الإعانة -أيها الأحبة- فعليك أن تحرص أن تسأل الله فيما قصرت فيه؛ فمثلًا إذا كنت مقصرًا في تلاوة القرآن فاسأل الله أن يُعينك على تلاوته، وإذا كنت مقصرًا في صلة الأرحام فاسأل الله أن يُعينك على الصلة، وإذا كنت مقصرًا في الصلاة مع الجماعة وتتكاسل عن الصلاة مع الجماعة فاسأل الله أن يُعينك على ذلك؛ فلهذا قال: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي".

 

والوقفة الثامنة مع الذِّكر: والذِّكر -عباد الله- فضائله لا تُحصى، ومناقبه لا تُستقصى، وكفى به شرفًا وفضلًا أن المولى قال -جلَّ وعلا-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)[البقرة:152].

 

وَكُنْ ذَاكِرًا للهِ في كُلِّ حَالَةٍ *** فَلَيْسَ لِذِكْرِ اللهِ وَقْتٌ مُقَيَّدُ

 

فَذِكْرُ إِلهِ العَرْشِ سِرًّا وَمُعْلِنَاً *** يُزَيْلُ الشَّقَا والهَمَّ عَنْكَ وَيَطْرُدُ

 

وَيَجْلِبُ لِلخَيْرَاتِ دُنْيًا وَآجِلاً *** وَإِنْ يَأْتِكَ الوَسْوَاسُ يَوْمًا يُشَرِّدُ

 

وَقَدْ أَخْبَرَ المُخْتَارُ يَوْمًا لِصَحْبِهِ *** بِأَنَّ كَثِيْرَ الذِّكْرِ في السَّبْقِ مُفْرَدُ

 

وَلَوْ لَمْ يَكُن في ذِكْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ *** طَرِيْقٌ إِلى حُبِّ الإِلهِ وَمُرْشِدُ

 

وَيَنَهْى الفَتىَ عَنْ غِيْبَةٍ وَنِمَيْمَةٍ *** وَعَنْ كُلِّ قَوْلٍ لِلدِّيَانَةِ مُفْسِدُ

 

لَكَانَ لَنَا حَظٌّ عَظِيْمٌ وَرَغْبَةٌ *** بِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ نِعْمَ المُوَحَّدِ

 

"سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ" قالوا: مَن يا رسول الله؟ قال: "الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ". (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب:35].

 

والذِّكر لا يخفى على مسامعكم أنه نوعان:

مطلق تقوله في كل حينٍ وزمانٍ ومكان كما كان سيد ولد عدنان يذكر الله على كل أحيانه.

 

وأذكارٌ محدودة موقوتة معلومة؛ كأدبار الصلوات المكتوبة، ومنه هذا الذكر "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"، وأذكار المساء والصباح، والنوم والاستيقاظ، والأكل والشرب وغير ذلك؛ جعلني الله وإياكم من الذاكرين.

 

اللهم اجعلنا من الذاكرين، اللهم اجعلنا من الذين يذكرونك كثيرًا، ويشكرونك كثيرًا، ويحمدونك كثيرًا، فترضى عنهم يا ربنا.

 

اللهم وفقنا لما تُحب وترضى من القول والعمل، والنية والهدى.

 

قلت ما سمعتم وأستغفر الله؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على فضله وامتنانه.

 

والوقفة التاسعة -أيها الأحبة- مع هذا الحديث العظيم مع الشكر: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ".

 

والشكر -عباد الله- له ثلاثة أركان: الاعتراف بالقلب، والعمل بالجوارح، وصرف النِّعمة في مرضاته، والتحدث باللسان؛ فهو قولٌ باللسان، وعملٌ بالأركان، واعتقادٌ بالجنان.

 

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ منِّي ثلاثةً *** يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبَا

 

فالقلب بالاعتراف أن هذا المال أو هذه النعمة أو هذه المنة من الله -جلَّ جلاله-، وإن أتتك من قديم القبل راتبٍ أو عملٍ أو وظيفةٍ او مساهمةٍ أو مناقصةٍ إنما هي أولًا وآخرًا من الله؛ فالله هو الذي يسرها وسهلها، ورزقك إياها ولا تكن كمن كانوا يقولون أو كما قيل عنهم أنهم: (يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ)[النحل:83]. وحمدًا باللسان (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)[الضحى:11]؛ فتتحدث ظاهرًا بأن هذه النعمة من الله؛ لتُشعر نفسك بها وتحمد الله -عزَّ وجلَّ- عليها، وتُشعر من حولك بهذه النعمة.

 

والثالث: صرف النعمة في مرضاة الله؛ فلا تصرف نعمة الله في معصية الله؛ فمن نظر إلى ما حرَّم الله لم يشكر الله، ومن سمع الحرام لم يشكر الله، ومن صرف ماله في الدخان والمخدرات وسماع الغناء لم يشكر الله، ومن عق والديه لم يشكر الله، ومن قطع أرحامه لم يشكر الله، وهكذا دواليك؛ فمتى صرفت النعمة في غير مرضاة الله فأنت لم تشكر الله (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) أالإسراء:36].

 

والعنصر الآخر -وهو الأخير وختامها مسك- مع إحسان العبادة: إن العبد -أيها العبد-مأمورٌ بأن يعبد الله -عزَّ وجلَّ-؛ سواءً كانت العبادة واجبة أو كانت مُستحبة، وهذه العبادة مبنيةٌ على أصلين عظيمين وهما:

الإخلاص والمتابعة (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)[الملك:2]، ولم يقل: ليبلوكم أيكم أكثر عملًا؛ لأن العبرة بإتقان العمل وإكماله وليست العبرة بكثرته وكميته؛ فعلينا أن نُحسن العبادة فيما أمرنا الله -عزَّ وجلَّ- به، فنقوم بها على الوجه الأكمل، وهذا العنصر ختام هذه العناصر.

 

فعلينا -أيها الأحبة- أن نستحضر هذا الدعاء العظيم وهو سؤال الله العون على الذِّكر، وعلى الشكر، وعلى حُسن العبادة؛ فإن الإنسان إذا قام بهذه الثلاثة فإنه على نورٍ وبصيرة، وهدى وسعادة.

 

نسأل الله الكريم رب العظيم أن يوفقنا لما يُحب ويرضى من القول والعمل، والنية والهدى.

المرفقات

بدر الفلك مع حديث والله إني لأحبك

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات