اهتمام الأمويين بالحركة العلمية والمنشآت الدينية والعمرانية

مشرف زاوية الأحداث التاريخية

2022-10-12 - 1444/03/16

اقتباس

وهناك فضيلة أخرى يجب أن تذكر للأمويين وتحسب لهم في صحائف حسناتهم: تلك هي حفاظهم على التراث العلمي الأجنبي الذي وجدوه في البلاد المفتوحة، فقد عرفنا فيما سبق أن الفتوحات الإسلامية في العصر الأموي امتدت إلى آفاق بعيدة، شملت مساحات واسعة في قارات الدنيا القديمة الثلاث أسيا وإفريقيا وأوربا، وهذه المناطق التي حوتها الدولة الإسلامية ..

 

 

 

 

أولاً: الحركة العلمية:

 

العصر الأموي لم يكن فقط عصر فتوحات عظيمة وعصر بناء وعمران، ولم يكن الأمويون رجال سياسة وإدارة من طراز عال فحسب، بل إن عصرهم شهد بداية نمو الحركة العلمية في كل مجال من مجالات العلوم.

وإن كان الازدهار العلمي لم يتحقق في عهدهم وتحقق بعدهم في عصر بني العباس إلا أن البداية التي بدأت منذ ظهور الإسلام أخذت تنموا وتتقدم في عصرهم حسب ما كانت تسمح به الظروف والإمكانات، فقد أخذت العلوم الإسلامية الأصلية مثل: التفسير والحديث والفقه واللغة العربية وآدابها، أخذت هذه العلوم الإسلامية تتبلور وتصبح لها مدارس وأساتذة في كل المدن والأمصار الإسلامية، وكان الأساتذة الذين أخذوا يعلمون هذه العلوم هم من الصحابة والتابعين.

ففي مكة أم القرى، التي شهدت أول نزول الوحي ترك الرسول صلى الله عليه وسلم فيها بعد فتحها:

1- معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي كان من أعلم الصحابة بالحلال والحرام، وتركه الرسول في مكة ليعلم أهلها ويفقههم في الدين.

 

2- كذلك من أساتذة مكة في العصر الأموي عبد الله بن عباس ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يجلس في البيت الحرام ويعلم الناس التفسير والحديث والفقه والأدب.

وإلى ابن عباس يرجع الفضل فيما كان لمدرسة مكة من شهرة علمية واسعة، فأشهر من تخرج من هذه المدرسة من التابعين والذين كان له دور كبير في الحركة العلمية في العصر الأموي مجاهد بن جبر ت 103 هـ، وعطاء بن أبي رباح ت 115 هـ وطاووس بن كيسان...وغيرهم كثير.

واستمرت هذه المدرسة العلمية العظيمة قائمة يلتقي العلم فيها جيل عن جيل وكان من أنجب تلامذتها الإمام الشافعي ت 204 هـ.

أما مدرسة المدينة المنورة فكانت أكثر علما وأوفر شهرة من مكة لأن معظم الصحابة الكبار عاشوا فيها وعلموا جيلا كبيرا من التابعين، كان من أشهرهم في العصر الأموي سعيد بن المسيب ت 95هـ، وعروة بن الزبير بن العوام ت 94 هـ الذي كان من أعلم أهل المدينة وأكثرهم تقوى وورعا.

عن هذه الطبقة أخذ العلم طبقة أخرى كان من أشهرها محمد بن شهاب الزهري ت 134هـ، الذي حفظ فقه علماء المدينة وحديثهم، وكان من أسبق العلماء إلى تدوين العلم، واتصل بكثير من خلفاء بني أمية، مثل عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك وقال عنه عمر بن عبد العزيز: "إنكم لا تجدون أعلم بالسنة الماضية منه".

وقد أنجبت مدرسة المدينة إمام دار الهجرة مالك بن أنس 93-179 هـ الذي عاش حوالي نصف عمره في العصر الأموي.

هذا عن الحركة العلمية في العصر الأموي في المدينتين المقدستين: مكة والمدينة.

أما في العراق: فقد نشأت مدرستان عظيمتان في كل من الكوفة البصرة، ففي الكوفة عاش كثيرون من كبار الصحابة الذين نزلوها بعد تأسيسها في عهد عمر بن الخطاب سنة 17 هـ وكان من أشهر من عاش في الكوفة من الصحابة علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، وإذا كان علي رضي الله عنه قد شُغل بالسياسة وأمور الدولة إلى حد كبير عن التفرغ للتعليم فإن ابن مسعود قد قام بهذا الدور، ولذلك يعتبر من أكثر الصحابة أثرا علميا في الكوفة، وقد أخذ عنه كثيرون من علماء الكوفة ولزمه تلاميذ منه تعلموا العلم وعلى يديه وتأدبوا بآدابه، وكان يعلم الناس القرآن ويفسره لهم ويروي لهم الأحاديث التي سمعها من الرسول صلى الله عليه وسلم.

والخلاصة: أنه تكونت في الكوفة حركة علمية كبيرة اشتهر من علمائها شريح القاضي والشعبي والنخعي وسعيد بن جبير وكل هؤلاء عاشوا في العصر الأموي ولم تزل مدرسة الكوفة تنموا حتى تُوجت بالإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان (80 ـ 150 هـ ).

أما البصرة: فقد نشأت فيها كذلك مدرسة علمية كبيرة كان أساتذتها من كبار الصحابة مثل: أبي موسي الأشعري وأنس بن مالك خادم الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن أشهر العلماء الذين خرجتهم مدرسة البصرة في العصر الأموي: الحسن البصري ومحمد بن سيرين، وكلاهما من الموالي، وكلاهما كانت له شخصية علمية ظاهرة في البصرة، فالحسن البصري اشتهر بمتانة خلقه وصلاحه وعلمه وفصاحته، وكان موضع حب واحترام أهل البصرة، حتى أن المصادر تروي أنه عند وفاته سنة 110 هـ تبع أهل البصرة كلهم جنازته، حتى لم يبقى بالمسجد من يصلي العصر. وكان رغم انتقاده العلني لخلفاء بني أمية موضع احترامهم.

وأما محمد بن سيرين فقد تعلم على يد زيد بن ثابت وأنس بن مالك وشريح وغيرهم، وكان محدثا ثقة وفقيها يفتي فيما يعرض عليه من القضايا والشؤون، واشتهر أيضا بتفسير الأحلام وتوفي سنة 110 هـ.

وفي الشام: نشأت مدراس علمية منذ بداية الفتح الإسلامي لها في عهد عمر بن الخطاب، فقد روى البخاري في كتاب التاريخ: أن يزيد بن أبي سفيان كتب إلى عمر بن الخطاب أن أهل الشام قد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين، فأرسل إليه معاذ ابن جبل وعبادة بن الصامت وأبا الدرداء رضي الله عنهم جميعا، فكان هؤلاء الثلاثة أول مؤسسي الحركة العلمية الإسلامية في الشام، فقد تفرقوا في أقاليمها، فنزل أبو الدرداء في دمشق، وعبادة في حمص، ومعاذ في فلسطين، وتخرج على أيدي هؤلاء الصحابة الكبار عدد كبير من التابعين منهم: أبو إدريس الخولاني ثم مكحول الدمشقي، وعمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة، وكل هؤلاء من أعلام العلماء في العصر الأموي.
ثم خرّجت مدرسة الشام عبد الرحمن الأوزاعي الذي يعد من أقران الإمامين أبي حنيفة ومالك بن أنس، وكان من الطبيعي أن تكون الشام مقرا لحركة علمية واسعة وأن يقصدها العلماء من كل صقع لأنها أصبحت مركز الخلافة الأموية وفيها عاصمتها مدينة دمشق.

وفي مصر: نشأت مدرسة علمية إسلامية عظيمة بعد الفتح الإسلامي وكان أساتذتها ومؤسسوها أيضا من الصحابة الذين نزلوا مصر، ومن أشهرهم: عمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما الذي يعد من أكثر الناس حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان يدوّن ما كان يسمعه من الرسول، وقد سكن مصر فلم يكن يغادرها إلا للغزو أو الحج أو العمرة، ويعد بحق مؤسس المدرسة المصرية وأخذ عنه العلم كثيرون من أهلها.

وقد اشتهر من علماء مدرسة مصر بعد جيل الصحابة كثير من التابعين الذين عاشوا في العصر الأموي، منهم: يزيد بن أبي حبيب، الذي قال عنه الكندي المؤرخ المصري: أنه أول من نشر العلم بمصر في الحلال والحرام ومسائل الفقه، وكان ثالث ثلاثة جعل عمر بن عبد العزيز إليهم الفتيا بمصر والآخران هما جعفر بن ربيعة، وعبد الله بن أبي جعفر.
واستمرت مدرسة مصر التي كان مقرها جامع عمرو بن العاص في الفسطاط تنمو وتزدهر حتى خرّجت الكثير من العلماء، كان من أشهرهم: الليث بن سعد فقيه مصر وإمامها، والذي قال عنه الإمام الشافعي: الليث أفقه من مالك بن أنس، وقد توفي الليث سنة 175 هـ.

ويطول بنا الكلام لو تحدثنا عن الحركة العلمية في بقية أقطار العالم الإسلامي في العصر الأموي ولكن هذه مجرد إشارات تنبه الأذهان إلى أن العصر الأموي كان عصر فتوحات عظيمة وإدارة وسياسة وعمران , وكان أيضا العصر الذي شهد بداية نمو الحركة العلمية الإسلامية التي كان قوامها القرآن وتفسيره، والحديث وشرحه والفقه وأصوله، والتاريخ والسير والمغازي، واللغة العربية وآدابها.. الخ.

وهناك فضيلة أخرى يجب أن تذكر للأمويين وتحسب لهم في صحائف حسناتهم: تلك هي حفاظهم على التراث العلمي الأجنبي الذي وجدوه في البلاد المفتوحة، فقد عرفنا فيما سبق أن الفتوحات الإسلامية في العصر الأموي امتدت إلى آفاق بعيدة، شملت مساحات واسعة في قارات الدنيا القديمة الثلاث أسيا وإفريقيا وأوربا، وهذه المناطق التي حوتها الدولة الإسلامية، كانت هي موطن الحضارة في العالم يومئذ، وفيها مدراس علمية وفكرية تركز فيها كل ما أنتجه العقل البشري من علوم على مدى آلاف السنين، فعِلم الهنود والفرس والإغريق على اختلاف أنواعه كان منتشرا في البلاد التي فتحها المسلمون في العصر الأموي، ووضع المسلمون أيديهم على هذا الكنز العلمي الذي كان موزعا على مدن زاهرة تعج بالنشاط العلمي مثل: الإسكندرية وغزة وبيروت ودمشق وحران والرها وغيرها، وكانت العلوم التي تدرس في أغلب مدارس هذه المدن هي علوم الفلسفة والطب والفلك والرياضيات والهندسة والطبيعة والكيمياء والجغرافيا، وكانت تقوم على أساس وثني فماذا صنع المسلمون في العصر الأموي بهذه المدارس ؟ هل أغلقوها وعطلوا الدراسة فيها ؟

لم يحدث من ذلك شيء من ذلك على الإطلاق، بل أبقوا هذه المدارس على ما كانت عليه وتركوا الأساتذة يعلمون والطلاب يتعلمون في جو من الحرية لم يسبق له مثيل، بل لم يتدخلوا مطلقا في شؤون هذه المدارس وتركوا كل شيء للقائمين عليها، فلما رأى العلماء والطلاب هذه الحرية وهذا التسامح مع العلم والعلماء الذي أبداه المسلمون نحوهم والذي هو في الواقع من وحي الدين الإسلامي نفسه الذي يحترم العلم والعلماء ويكرمهم، بل يحث الناس على العلم والتعليم ويعتبر التفكير فريضة من فرائضه: أقبلوا على العلم والتعليم بصدور منشرحة وعقول منفتحة، وأخذت هذه المراكز العلمية تؤدي عملها تحت الحكم الإسلامي حتى جاء العصر العباسي الأول ( 132 - 232 هـ ) وكانت الدولة الإسلامية قد استقرت والعلوم الإسلامية الأصيلة والتي أشرنا إليها قبل قليل من تفسير وحديث وفقه وأصول فقه ولغة عربية وآدابها قد تأصلت ووضعت قواعدها وأصبحت لها مدارس شهيرة في مكة والمدينة والبصرة والكوفة ودمشق والفسطاط الخ.

عندئذ بدأ المسلمون يتجهون للعوم الأجنبية والتي كانوا يسمونها العلوم الدخيلة وهي الفلسفة والطب والفلك والرياضيات والطبيعة والكيمياء.. الخ، اتجهوا إلى هذه العلوم وبدأوا يترجمونها إلى اللغة العربية وكان الخلفاء العباسيون يشجعون حركة الترجمة ويجزلون العطاء للعلماء على عملهم ويحترمونهم وينزلونهم منزلة كبيرة، فقد كان الخليفة المأمون يعطي العالم الذي يترجم كتابا علميا من لغة أجنبية إلى اللغة العربية وزن هذا الكتاب من الذهب الخالص، لذلك أقبل العلماء على الترجمة في همة ونشاط حتى لم يكد يمضي قرن واحد على بداية حركة الترجمة حتى أصبح ذلك التراث العلمي العظيم الذي خلفته البشرية على مدى أجيال عديدة يُقرأ باللغة العربية، والتي كانت أكثر اللغات انتشارا في العالم لأنها لغة الإسلام والمسلمين.

والمسلمون في ذلك الوقت كانوا أقوى وأغنى أمة على ظهر الأرض، فهل يقرأ المسلمون تاريخهم العظيم هذا ويحاولون استعادة مجد آبائهم وعظمتهم !؟

والخلاصة: أنه لولا سماحة الخلفاء الأمويين وسعة أفقهم وحفاظهم على هذا التراث لما رأينا هذه النهضة العلمية الكبيرة التي كان لها الأثر الكبير على حياة البشرية...

 

ثانياً: المنشئات الدينية والعمرانية:

لم يكن خلفاء بني أمية رجال حرب وفتوحات وسياسة وإدارة فقط ,وإنما كانوا رجال بناء وعمران، وشهد عصرهم العديد من المنشآت المعمارية الدينية والمدنية.
والعمارة تمثل ناحية هامة من نواحي الحضارة الإسلامية، والعمارة لها جوانب عديدة منها بناء البيوت والقصور والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة ومنها بناء الجسور والقناطر.. الخ.
وقد أهتم الأمويون اهتماما كبيرا بكل هذه النواحي فقد اتسعت حدود الدولة الأموية إلى الحد الذي جعل من الضروري ربط أجزاء هذه الدولة الواسعة بشبكة من الطرق المعبدة حتى يسهل الاتصال بين أطرافها وبين عاصمتها دمشق، ولتكون حركة الجيوش بذلك سهلة.

وهناك ناحية هامة جعلت الأمويين يهتمون بالطرق وهي: فريضة الحج إلى بيت الله الحرام فقد كان عليهم أن يعبدوا جميع الطرق التي تربط مكة المكرمة والمدينة المنورة ببقية العالم الإسلامي حتى يسهل للحجاج الوصول إلى تلك الأماكن المقدسة بدون مشقة، كما كانت تنتشر على هذه الطرق الأسواق والاستراحات التي تزود المسافرين بحاجياتهم من طعام وشراب.. الخ.

كذلك اعتنى الأمويون بمشروعات الري للنهوض بالزراعة، لأن دولتهم ضمت العديد من الأقطار الزراعية التي تجري فيها أنهار كبيرة مثل: الشام ومصر والعراق وفارس، فكان لابد لكي تنهض الزراعة من تنظيم عملية الري وما يتطلبه ذلك من شق الترع وإقامة الجسور.. الخ.

كذلك اعتنى الأمويون ببناء القصور الفخمة، فقد كان معظمهم ميالا إلى الاستمتاع بمباهج الحياة بعد أن توفر لديهم المال الكثير، فاتجهوا إلى بناء القصور والتأنق فيها وتزينها بالزخارف والصور النباتية والهندسية، وقد اُكتشف في السنوات الأخير العديد من القصور التي ترجع إلى العصر الأموي والتي وُجدت مزينة بالصور حتى في الحمامات ومعظم القصور الأموية التي اكتشفها علماء الآثار منذ القرن الماضي وجدت في الصحراء - صحراء الشام بصفة خاصة - وذلك لأن الأمويون كانوا يحبون حياة البادية للاستمتاع فيها بالهدوء والهواء الطلق بعيدا عن ضجيج المدن..

وكما اهتم الأميون بالمباني والمنشآت المدنية كالطرق ومشروعات الري والقصور والتأنق فيها، فقد كان اهتمامهم أعظم بالمنشآت الدينية وفي مقدمتها المساجد، فالمسجد أهم مؤسسة في الإسلام فقد كان أول شئ فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة عندما هاجر إليها أن أسس مسجده العظيم، الذي كان مكانا للعبادة وتبليغ الوحي وإدارة الدولة الإسلامية وفيه ربى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم أصحابه وشرائع الإسلام وفنون القيادة في ميادين الحرب والسياسة والإدارة، وقد حذا المسلمون حذو الرسول صلى الله عليه وسلم في كل مكان حلّوا فيه، وفي كل مدينة جديدة أسسوها، فكان أول شيء يهتمون ببنائه هو المسجد وفعلوا ذلك في البصرة والكوفة والفسطاط والقيروان.. الخ.

وقد احتل بناء المساجد والعناية بها مكانا بارزا في عصر بني أمية على اتساع العالم الإسلامي، فكانوا يزيدون في مساحة المساجد التي كانت قائمة في عهدهم لكثرة المسلمين، كجامع صنعاء وجامع عمرو بن العاص اللذين أعيد بناؤهما في عهد الوليد بن عبد الملك.

وكان مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم من أول المساجد التي حظيت باهتمام الأمويين، فقد أمر الوليد بن عبد الملك بتوسعته وتجديده، وعهد بتلك المهمة إلى ابن عمه عمر بن عبد العزيز وأمده بكثير من الأموال وكميات كبيرة من مواد البناء والتجميل مثل الفسيفساء حتى جاء البناء على شكل رائع وعظيم.

وأعظم المساجد التي أنشأها الأمويون: المسجد الأموي في دمشق والذي أنشأه أيضا الخليفة الوليد بن عبد الملك، الذي كان مولعا بالبناء والتعمير، لدرجة أن المؤرخين يذكرون أن الناس كانوا في عهد الوليد لا حديث لهم إلا عن البناء والعمارة أسوة بخليفتهم، على قاعدة: أن الناس دائما على دين ملوكهم.

وقد اجتهد الوليد في بناء ذلك المسجد لتتمثل فيه عظمة الإسلام والدولة الإسلامية فجعله آية من آيات العمارة الإسلامية وانفق عليه أموالا طائلة ولا زال هذا المسجد قائما حتى الآن شاهدا على عظمة بنائه.

هذا وقد انتشرت المساجد في العصر الأموي في كل الأمصار الإسلامية بحيث يصعب حصرها، ومنها على سبيل المثال: مسجد القيروان الذي بناه عقبة بن نافع في عهد معاوية بن أبي سفيان سنة 50 - 55 هـ، وجامع الزيتونة في تونس الذي بني في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك سنة 114 هـ، والمسجد الجامع بواسط، ومسجد قصر الحير الشرقي، والمسجد الجامع بحران، والمسجد الجامع بالإسكندرية، المعروف بجامع الألف عمود...

 

 

 

 

بتصرف من كتاب: دراسات في تاريخ الدولة الأموية 41 - 132 هـ للأستاذ الدكتور: عبد الشافي محمد عبد اللطيف.

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات