اليأس طريق إلى الإلحاد

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

 

 

الشيخ محمد بن إبراهيم السبر

 

السؤال:

 

الملخص:

امرأة متزوجة، بدأت الالتزام منذ أربع سنوات، لكنها لا ترى أثرًا لدعائها ولا لصلاتها في أولادها، فداخلها شكٌّ في جدوى الدين بأسره، وفكرت في الإلحاد، وتسأل: ما النصيحة؟

 

تفاصيل السؤال:

أنا امرأة متزوجة منذ ثلاثين عامًا في بلد أجنبي، لا أهلَ لي فيه، تحملت كثيرًا بسبب الغربة ومشاكلي مع زوجي؛ صببتُ تركيزي واهتمامي بأولادي؛ من حيث دينهم ودراستهم، وكنت أصلي بشكل متقطع، وأسأل الله التوفيق والستر، ثم التزمت بالصلاة وتمسكت بالقرآن منذ أربع سنوات، مع إلحاح في الدعاء، لكني لم أجد ثمرةً لدعائي؛ فابني يريد ترك الجامعة وتقليد رفاقه في مصاحبة الفتيات، والسهر خارج المنزل، وابنتي لا تصوم إلا لِمامًا، ولا تصلي، ودائمة الشكوى والتذمر من الحياة، ومن حالها وحالنا، حاولنا التقرب من المسلمين المقيمين في الغربة معنا، ولكن للأسف لا تأتي الطعنات والمشاكل إلا منهم؛ فهم أبعد ما يكونون عن حس التكافل والتضامن، العلاقة معهم يتخللها الغَيرة وتربص الزَّلَلِ، بدأت أفقد ثقتي في الدين والالتزام والدعاء، ومع كثرة المشاكل والصعوبات - مع اجتهادي في الصلاة والاستغفار والقرآن - بدأتْ نفسي تحدثني بالإلحاد، وأن لا فائدة من كل هذا الدين، كيف أساعد نفسي؟ علمًا بأن زوجي بعيد كل البعد عن الدين، لكنه أصبح يصوم مؤخرًا، وكيف أفعل لمساعدة أولادي؛ اللذَين اجتهدت في تنشئتهما تنشئة صالحة؟ ساعدوني؛ كي تهدأ نفسي، وجزاكم الله خيرًا.

 

الجواب:

 

أختي الفاضلة:

أولًا: احمدي الله على نعمة الإسلام والإيمان، وسَلِي الله الثبات عليها، وخاصة أنكم في بلد غير مسلم، وبلد غربة.

 

ثانيًا: إياكِ ثم إياكِ واليأس من إصلاح حال عائلتكِ؛ فقد تكونين بإذن الله طوقَ النجاة لهم، ولو بعد حين.

 

ثالثًا: تمسكي بالدعاء بيقين وثقة في إجابته سبحانه أن يصلح لكِ زوجكِ وأولادكِ.

 

ومن خير ما يستعان به على إصلاح الأولاد: الدعاء؛ فهو دأب المؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ [الفرقان: 74]، وقال: ﴿ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ﴾ [الأحقاف: 15].

 

وقال بعض السلف: ‏"إن من الذنوب ما لا يكفره إلا الهم بالأولاد".

 

رابعًا: الشيطان الرجيم يوسوس لكِ بأنكِ لن تنجحي، وأن دعاءكِ لن يجدي، وأنكِ تجتهدين بلا فائدة؛ فهو حريص على أن يُفقِدكِ الأمل بصلاح عائلتكِ؛ فتتركي الدعاء، والتوكل واليقين، وفعل الأسباب؛ فتقعي في اليأس والقنوط من رحمة الله، وهذا كله ليخذلكِ عن الطريق الصحيح الذي تمشين فيه.

 

خامسًا: قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56]، فهداية وتوفيق أولادكِ وزوجكِ ومن أحببتِ هدايته - ليس إليكِ، ولكنه بيد الله يهدي من يشاء أن يهديه للإيمان، ويوفقه له؛ ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56]، فهو جل جلاله أعلم بمن يصلح للهداية فيهديه.

 

فليس عليكِ هداية زوجكِ وأولادكِ، بعد أن أصبحوا مسؤولين عن أنفسهم، بل الواجب عليكِ بذل الوُسْعِ في نصحهم وإصلاحهم قدر المستطاع، وثقي يقينًا بأن الله حتمًا سيستجيب؛ فهو أرحم بهم منكِ، ولكن لا تيأسي ولا تحزني.

 

سادسًا: اجعلي لكِ وردًا يوميًّا من القرآن، وأكثري من الاستغفار، ومن ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثري من الحوقلة والحسبلة (قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبي الله ونعم الوكيل)، وحافظي على صلواتكِ في أوقاتها، ولا تفرطي في قيام الليل ولو قليلًا، ولا في صلاة الضحى، وثقي بأن الله لن يخذلكِ.

 

أسأل الله الكريم أن يصلح لكِ زوجكِ وولدكِ، وأن يؤلف بين قلوبكم، ويصلح شأنكم، ويهديكم سبيل الرشاد.

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات