عناصر الخطبة
1/مسائل في الوصية وأحكام 2/الوقف خير من الوصية 3/صور من الوقف الخيري.اقتباس
فأما الوصيةُ بالمالِ فتكونُ واجبةً على غنيٍ ورثتُه أغنياءُ، وأقرباؤهُ فقراءُ غيرُ وارثينَ، وتجبُ -أيضاً- على مَن عليه ديونٌ وحقوقٌ، وتسنُ إذا كانَ الموصِي غنيًا، وورثتُه وأقاربُه غيرُ الوارثينَ أغنياءُ، وتكونُ الوصيةُ مكروهةً إذا كان مالُ الموصِي قليلاً، وورثتُه محتاجُونَ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ على تفضُلهِ بعطائهِ، وعلى قدرِه وقضائهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا هوَ قدرَ فقضَى، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه المرتضَى، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ تسليماً يملأُ الأرضَ والفضَا، أما بعدُ:
فاتقُوا اللهَ؛ فتقوَى اللهِ ما *** جاورَتْ قلبَ امرئٍ إلا وَصَلْ
يا عبدَ اللهِ: هل كتبتَها؟! اكتُبْها وعجِّلْ! ماهيَ؟! إنها الوصيةُ، فاكتبْ ما تتبرعُ به، وما كانَ لك أو عليكَ من حقوقٍ، وبما تحثُ عليهِ أهلَ بيتِك. أمَا قالَ رَسُولُنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَلِكَ إلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي"(متفقٌ عليهِ).
فهل كتبتَ وصيتَك يا عبدَ اللهِ؟! إذاً فالآنَ الآنَ، قبلَ أن يفجأكَ الموتُ، وكتابتُها لا تُقدمُك للموتِ، لكنها تحفظُ حقوقَك وحقوقَ غرمائكَ، وبالوصيةِ تمتدُّ لك أجورٌ كثيرةٌ في قبرِكَ، وبالوصيةِ تأمَنُ تَنازُعَ الورثةِ أو تَشاكِيَهُم بالمحاكمِ، وإليكم الآنَ ستةَ أسئلةٍ وأجوبتُها حولَ الوصيةِ.
1. هل أكتبَ وصيتي، مع أني فقيرٌ ليس عندي مالٌ؟
والجوابُ: الوصيةُ ليست بالمالِ فحسبْ، فإن ثمتَ ما هوَ أهمُ من المالِ، ألا وهوَ أن توصيَ أولادَك وأهلَك في أمرِ دينِهم، وصلاتِهم، أسوةً بما وصَى به يعقوبُ أولادَه: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
فأما الوصيةُ بالمالِ فتكونُ واجبةً على غنيٍ ورثتُه أغنياءُ، وأقرباؤهُ فقراءُ غيرُ وارثينَ، وتجبُ -أيضاً- على مَن عليه ديونٌ وحقوقٌ، وتسنُ إذا كانَ الموصِي غنيًا، وورثتُه وأقاربُه غيرُ الوارثينَ أغنياءُ، وتكونُ الوصيةُ مكروهةً إذا كان مالُ الموصِي قليلاً، وورثتُه محتاجُونَ. قالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ"(البخاري ومسلم).
2. اعتادَ الناسُ على الوصيةِ بمقدارِ الثلثِ، فهل هذا هو الأفضلُ؟
لا، بل الأفضلُ أن يوصيَ بأقلَ من الثلثِ؛ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ".. وأوصَى خليفتُه الصديقُ -رضيَ اللهُ عنهُ- بالخُمُسِ. (مجموع فتاوى ابن باز).
3. إذا كتبَ الموصِي وصيتَه بقلمهِ، فهل هذا يكفِي في ثبوتِ الوصيةِ؟
الأولى الإشهادُ والتوثيقُ للوصيةِ، فإن لم يُشهِد شاهِدَينِ فتثبتُ إذا تُحُقِقَ أنه خطُهُ.
4. أيُهما أفضلُ: الوصيةُ لغيرِ الوارثِ من الأقاربِ الفقراءِ أم الوصيةُ في أعمالٍ أخرى؟
الوصيةُ لغيرِ الوارثِ من الأقاربِ الفقراءِ أفضلُ؛ لقولهِ -سبحانَه-: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ).
5. ما حكمُ من يَنُصُّ في وصيتِهِ بتزويجِ أولادِه الصغارِ من تركتِهِ؟
لا يجوز؛ لأنه نُهِيَ عن الوصيةِ للوارثِ.
6. إذا توفيَ شخصٌ ولم يوصِ فهل يُشرعُ لأولادهِ إخراجُ شيءٍ من مالهِ على أنه وصيةٌ؟ لا يَلزمُهم ذلك، لكنهُ من البرِ بأبِيهم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على عظيمِ إحسانهِ، وصلى اللهُ وسلمَ على الداعي إلى رضوانِه. أما بعدُ: فثمتَ أمرٌ آخرُ هو أعظمُ أجرًا من الوصيةِ، وأنفعُ منها للحيِ والميتِ، ألا وهيَ الوقفُ، بألا تنتظرَ حتى تموتَ، ليَجريَ أجرُكَ، بل اجعلْه يجريْ وأنتَ حيٌ معافَى. وغالبُ الناسِ لا يَعرفونَ إلا الوصيةَ، ولا يَعرفونَ بل لا يَعترفونَ بالوقفِ، والوقفُ أنفعُ؛ قَالَ جَابِرٌ -رضيَ اللهُ عنهُ-: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُو مَقْدِرَةٍ إلَّا وَقَفَ.(المغني لابن قدامة).
ولقائلٍ أن يقولَ: ما عنديْ ما أُوقِفهُ، فيُقالُ:
· أوقِفْ مصحفاً، أو حتى حاملَ مصحفٍ.
· اغرسْ نخلةً يُؤكلُ من ثمرِها، أو شجرةً يُستظلُ بها.
· أوقِفْ إناءً يُشربُ به، أو حوضًا يُجمَعُ به الماءُ للحيوانِ.
· أوقِفْ (دِينمو) ماءٍ للمسجدِ أو مكيفًا.
· علِّم علومًا ولو دنيويةً مفيدةً، أو صممْ مقاطعَ أو مواقعَ ولوحاتٍ نافعةً؛ فإنه يجريْ لك أجرُها ما انتُفعَ بها.
· ادخلْ بكلِ اطمئنانٍ منصةَ "إحسانٍ" واخترْ وقفاً تَقدرُ عليهِ.
· قالَ رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنُ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلِمَهُ وَنَشَرَهُ، أَوْ وَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أو مُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهَرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ"(رواهُ ابنُ ماجةَ وابنُ خزيمةَ بسندٍ حسنٍ"(حسن ه الألباني).
· فاللَّهُمَّ لَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ.
· اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ.
· اللَّهُمَّ إِنّا نسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ .
· اللَّهُمَّ إِنّا عَائِذون بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَنا .
· اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ.
· اللهم احفظْ ديارَنا، وأغزرْ أمطارَنا، وآمنْ أوطانَنا، وطيب أقواتَنا، وارحم أمواتَنا، واجمعْ على الهدَى شؤونَنا، واقضِ ديونَنا.
· اللهمَ إنا نحمدُك على الأمنِ في الأوطانِ، وعلى حكامٍ يحكمون بالشرع والقرآن. فاللهم يا ذا الجلالِ والإكرامِ احفظْ ملِكَنا ووليَ عهدِه، واجزِهم عن رعيَتِهم خيرًا، وأعنْهم ببطانةٍ صالحةٍ على إدارةِ مملكتِهم، ووفقهُم إلى الصوابِ في قراراتِهم. اللهم صلِ وسلمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم