الوصية بلزوم الطاعات وهجر السيئات

عبد الله بن عواد الجهني

2024-04-12 - 1445/10/03 2024-04-12 - 1445/10/03
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/هنيئا لمن تزيَّن بالطاعات وتنزَّه عن السيئات 2/الوصية بالمداومة على الأعمال الصالحة 3/الحث على صيام ست من شوال

اقتباس

اعلموا أن هذه اللياليَ والأيامَ، وهذه الشهورَ والأعوامَ، كلُّها مقاديرُ للآجال، ومواقيتُ للأعمال، تَسِيرُ بكم إلى الآجال سيرًا حثيثًا، وتستودِع من أعمالكم ما كان طيِّبًا وخبيثًا، فهي خزائنُ أعمالِكم ومستودعاتُها، فأودِعوها ما يَشهَد لكم...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، الحمد لله على رعايته وتوفيقه، وأشكره على إعانته وجزيل عطائه، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، هو الجواد الكريم، والرب الرؤوف الرحيم، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، أفضل من صلى وصام، وخير مَنْ باتَ لله ساجدًا والناس نيام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ واستقام.

 

أما بعدُ: فاتقوا الله -عز وجل عبادَ اللهِ- وأطيعوه فيما أمَر، واجتنِبوا ما نهى عنه وزجَر، واشكروا نعمةَ اللهِ عليكم، وما ساقَه مِنْ فيضِ جودِه إليكم؛ حيثُ وفَّقَكم لصيامِ رمضانِ وقيامِه، وبلَّغَكم المنى بكمال عدته وختامه.

 

وهنيئًا لمَنْ صامَ وقامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، وهنيئًا لمَنْ أَتْحَفَهم المولى بكرامةِ الأُنس وحلاوةِ مناجاتِه، وهنيئًا لمَنْ تخلَّى عن الأوزار، وتطهَّر من السيئات، واجتنَبَ القيلَ والقالَ، والإثمَ المبينَ، وهنيئًا للذين أطاعوا ربَّهم، وعظَّموا شهرَهم، وأخلَصُوا العملَ لخالقهم؛ فاستقيموا -رحمكم الله- على طاعته في كل زمان ومكان، ولا تُكَدِّرُوا بعدَ رمضانَ ما صِفَيَ لكم من أعمال صالحة في رمضان من الخير والإحسان، وتَعُودُوا من بعدِ ذلك إلى الإساءة وطاعة الشيطان، وملابَسة الفسوق والعصيان؛ فإنَّ إفسادَ الأعمال بعد إصلاحها دليل على مصير مُفسِدِها إلى الطرد والحرمان، والردّ والخذلان، فإنَّ ربَّ رمضانَ هو ربُّ شوالٍ وسائرِ الشهورِ، وهو يَكرَه أن يُعصى في أي زمان كان، فاستحيوا من الله وراقِبوه، فإنَّه يراكم ويعلم سركم وجهركم؛ (أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[هُودٍ: 5].

 

ألَا وإنَّ من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- المداومةَ على الأعمال الصالحة؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا عمل عملًا أثبته، وكان إذا نام من الليل أو مَرِضَ صلَّى من النهار ثِنْتَيْ عشرةَ ركعة"(رواه مسلم)، وعن مسروق قال: سألتُ عائشةَ -رضي الله عنها-: "أيُّ العملِ كان أحبَّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: الدائم"(مُتفَق عليه).

 

وكانت أمُّ المؤمنينَ عائشةُ -رضي الله عنها- تُصلِّي الضُّحَى ثمانيَ ركعاتٍ، ثم تقول: "لو نَشَرَنِي أبوايَ ما تركتُهما"(أخرجه مالك).

 

بذلك ينال العبد محبةَ الله -تعالى- وولايته، قال الله -تبارك وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 222]، قال العلَّامة السعديُّ -رحمه الله-: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ التوابينَ مِنْ ذنوبهم على الدوام، ويُحِبُّ المتطهرينَ؛ أي: المتنزِّهين عن الآثام".

 

فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- واعلموا أن هذه اللياليَ والأيامَ، وهذه الشهورَ والأعوامَ، كلُّها مقاديرُ للآجال، ومواقيتُ للأعمال، تَسِيرُ بكم إلى الآجال سيرًا حثيثًا، وتستودِع من أعمالكم ما كان طيِّبًا وخبيثًا، فهي خزائن أعمالكم ومستودعاتها، فأودِعوها ما يشهد لكم.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الْحِجْرِ: 99].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، قلتُ ما سمعتُم، وأستغفِر اللهَ لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد للهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 

أما بعدُ: فاتقوا الله -سبحانه وتعالى- حق التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن من عظيم فضل الله -جل جلاله- على هذه الأمة ورفع درجاتهم، وتعظيم شأنهم بين الأمم أَنْ منَّ عليهم بتتابُع الخيراتِ والحسناتِ، ومِنْ ذلك -عبادَ اللهِ- أَنْ شرَع لهم صيامَ ستٍّ من شوال، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صامَ رمضانَ ثم أَتْبَعَهُ ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر"، فبادِروا بصيامها، سارعوا إلى الخير، وسابقوا إلى الطاعة؛ (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)[آلِ عِمْرَانَ: 8].

 

اللهُمَّ حبِّب إلينا الإيمانَ وزيِّنْه في قلوبنا، وكَرِّهْ إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، واجعلنا من الراشدينَ، اللهُمَّ يا مقلبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ، اللهُمَّ يا مصرفَ القلوبِ صرِّفْ قلوبَنا على طاعتِكَ، اللهُمَّ أَنْجِ المسلمينَ المستضعَفينَ في فلسطينَ، اللهُمَّ اشدد وطأتك على اليهود الغاصبين، اللهُمَّ اجعلها عليهم سنين كسني يوسف، اللهُمَّ أعذنا من مظلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وارفع عن بلاد المسلمين المصائب والمحن، واكشف الغمة، واهد الأمة، وأزل الكربة، وصد أعداء الملة، واكفنا شر الفُرْقة والثورات، وتخريب البلاد والأوطان.

 

اللهمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاةَ أمورنا، اللهمَّ أيِّدْ بالحقِّ والتسديد إمامَنا ووليَّ أمرنا، خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين، اللهمَّ وفِّقْهما لِمَا تُحِبّ وترضى، وخُذْ بناصيتهما للبِرّ والتقوى، وارزقهما البطانة الصالحة الناصحة، وأعز بهما دينك، وأعل بهما كلمتك، واجعلهما نصرة للإسلام والمسلمين، واجمع بهما كلمة المسلمين على الحق والهدى يا ربَّ العالمينَ، واجزهما والمسؤولين عن خدمة الحرمين، وجميع أجهزة الدولة وقطاعاتها العسكريَّة والمدنيَّة والصحيَّة خيرًا، على كل ما يقدمونه من خدمات جليلة، وتسهيلات عظيمة للمعتمرين وزُوَّار بيت الله الحرام؛ ليُؤَدُّوا نسكهم بسلامة وأمن وأمان، اللهمَّ وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك، واتباع سُنَّةِ نبيِّكَ -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم رحمةً على رعاياهم، اللهُمَّ وفِّقْنا لِمَا تُحِبُّ وترضى، واجعلنا مبارَكينَ أينما كُنَّا، واحشرنا إليكَ في زمرة أهل التقى.

 

اللهمَّ وفقنا لحُسْن الصلاة والتسليم على النبي الكريم، كما أمرتنا بذلك في كتابك المبين: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.

 

وأَقِمِ الصلاةَ؛ (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].

المرفقات

الوصية بلزوم الطاعات وهجر السيئات.doc

الوصية بلزوم الطاعات وهجر السيئات.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات