عناصر الخطبة
1/حال من يعبد الله على حرف 2/انتشار الهزيمة النفسية في كثير من الناس 3/ من وسائل مقاومة هزيمة النفسيةاقتباس
هناكَ اليومُ كثيرٌ ممن أصابتهم الهزيمةُ النَّفسيةِ، فأصبحَ وقد أعمى بصرَه بريقُ حضارةِ الغربِ، وأصمَّ أُذنيهِ صوتُ تقنيةِ الشَّرقِ؛ فلا تراهُ إلا ناقماً على بلادِه وأهلِه، بل وبين قوسينِ: (على دينِه)، يعتقدُ أن العزَّةَ والقوَّةَ والحضارةَ هو في كلِّ ما يأتي من خارجِ بلادِه؛ فهو يتكلمُ بكلمةٍ عربيَّةٍ يتيمةٍ معها عشرُ كلماتٍ إنجليزيةٍ، ولو كانَ...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهْ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ.
(يَا أَيُّهاَ الَّذِيْنَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوْتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُوْنَ)[آلعمران:102].
(يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُوْلُوْا قَوْلاً سَدِيْدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوْبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيْمًا)[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
يا أهلَ الإيمانِ: اسمعوا وانتبهوا مِن هذا الصِّنفِ من النَّاسِ؛ فقد ترونَه وتسمعونَ به كثيراً في هذا الزَّمانِ، وهكذا لا يزالُ القُرآنُ، يكشفُ أقنعةَ الإنسانِ، يقولُ تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ)، على طَرَفِ وحافَّةِ الدِّينِ، (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)[الحج:11]، فهذا النَّوعُ من النَّاسِ مُتهيءٌ لاستقبالِ أيِّ شُبهةٍ وشهوةٍ صغيرةً كانتْ أو عظيمةً، ذليلُ النَّفسِ، ضعيفُ الإيمانِ، مُتذبذبٌ في مواقفِه؛ فإذا رأى للإسلامِ قوَّةً وصولةً وتمكيناً رأيتَه تقيَّاً عزيزاً مكيناً، وإن علمَ أن الإسلامَ في ضَعفٍ وقد تسلَّطَ عليه الأعداءُ - خلعَ قِناعَ العِزَّةِ ولَبسَ قناعَ الأذلَّاءِ، يتشَكَّلُ في المواقفِ والظُّروفِ كما تتشَكَّلُ الحِرباءُ، حالُه كحالِ من وصفَ اللهُ -تعالى- بقولِه: (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)[النساء:143].
أيُّها الأحبَّةُ: هناكَ اليومُ كثيرٌ ممن أصابتهم الهزيمةُ النَّفسيةِ، فأصبحَ وقد أعمى بصرَه بريقُ حضارةِ الغربِ، وأصمَّ أُذنيهِ صوتُ تقنيةِ الشَّرقِ؛ فلا تراهُ إلا ناقماً على بلادِه وأهلِه، بل وبين قوسينِ: (على دينِه)، يعتقدُ أن العزَّةَ والقوَّةَ والحضارةَ هو في كلِّ ما يأتي من خارجِ بلادِه؛ فهو يتكلمُ بكلمةٍ عربيَّةٍ يتيمةٍ معها عشرُ كلماتٍ إنجليزيةٍ، ولو كانَ يعلمُ الفرنسيَّةَ لاستبدلَ بها الكلمةَ العربيةَ اليتيمةَ!.
يُريكَ شيئاً من الايتيكيتِ حتى لو اضطُرَ إلى الأكلِ بالشِّمالِ لمكانِ الشَّوكةِ، يُجادلُ فيما هو معلومٌ من الدِّينِ بالضَّرورةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ، لا لشيءٍ إلا لأنَّ أهلَ الحضارةِ أخبروه أنَّه لا بُدَّ أن لا يُصدِّقَ شيئاً حتى يقبلَه عقلُه الصَّغيرُ، لهُ وجهةُ نظرٍ في بعضِ الحدودِ الشَّرعيةِ، وله بعضُ التَّحَفُّظاتِ على فتاوى هيئةِ كبارِ العُلماءِ، يناقشُ في التَّاريخِ الهِجريِّ وكأنَّه سببُ تخلُّفِ الأمَّةِ، يُشجِّعُ التَّرفيه والسِّياحةَ الدَّاخليةَ ولكنَّه لا يُصيِّفُ إلا في سويسرا، يتكلمُ عن حقوقِ المرأةِ في البلادِ لا لشيءٍ إلا لأنَّه سمعَ الغربَ يتكلمُ عن هذا الموضوعِ فأرادَ أن يُشاركَهم، يخوضُ في كلِّ شيءٍ إلا في أسبابِ الحضارةِ الحقيقةِ، فهو فاهم موضوعَ الحضارةِ غلطٌ؛ ولذلكَ أصبحَ كالغرابِ الذي أرادَ أن يُقلِّدَ مَشيةَ الحمامةِ فأضاعَ مشيتَه ومشيةَ الحمامةِ.
وقارنْ هذا بهذا الموقفِ .. في معركةِ القادسيةِ، بعثَ سعدُ بنُ أبي وقاصٍ -رضيَ اللهُ عنه- رسولاً إلى رستمَ قائدِ الفُرسِ، كانَ هذا الرَّسولُ هو رِبعيُ بنُ عامرٍ -رضيَ اللهُ عنه-، فدخلَ عليه وقد زَيَّنوا مجلسَه بالنَّمارقِ المُذهَّبةِ، والزَّرابيِّ الحريرِ، وأظهرَ اليواقيتَ، واللآلئَ الثمينةَ، والزِّينةَ العظيمةَ، وعليهِ تاجُه وغيرُ ذلك من الأمتعةِ الثَّمينةِ، وقد جلسَ على سريرٍ من ذهبٍ -كعادةِ الكفَّارِ في إظهارِ قوَّتِهم-، فدخلَ رِبعيُ بثيابٍ صَفيقةٍ، وسيفٍ وتِرسٍ وفرسٍ قصيرةٍ، ولم يزلْ راكبَها حتى داسَ بها على طرفِ البِساطِ، ثم نزلَ وربطَها ببعضِ تلك الوسائدِ، وأقبلَ وعليه سلاحُه ودرعُه، فقالوا له: ضَعْ سلاحَك، فقالَ: إني لم آتِكم، وإنما جئتُكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعتُ، فقالَ رستمُ: ائذنوا له، فأقبلَ يتوكأُ على رمحِه فوقَ النَّمارقِ فخَرَّقَ عامتَها، فقالوا له: ما جاءَ بكم؟، فقالَ: اللهُ ابتعثنا لنخرجَ من شاءَ من عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ اللهِ، ومن ضِيقِ الدُّنيا إلى سَعتِها، ومن جَورِ الأديانِ إلى عَدلِ الإسلامِ؛ فمن قَبلَ ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نُفضيَ إلى موعودِ اللهِ، قالوا: وما موعودُ اللهِ؟، قالَ: الجنةُ لمن ماتَ، والظَّفرُ لمن بَقيَ، فقالَ رستمُ: قد سمعتُ مقالتَكم؛ فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمرَ حتى ننظرَ فيه وتنظروا؟، قالَ: نعم، كم أَحبَّ إليكم؟، يوماً أو يومينِ؟، قالَ: لا، بل حتى نكاتبَ أهلَ رأينا ورؤساءَ قومِنا، فقالَ: ما سَنَّ لنا رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- أن نؤخرَ الأعداءَ عندَ اللقاءِ أكثرَ من ثلاثٍ؛ فانظر في أمرِك وأمرِهم، واختر واحدةً من ثلاثٍ بعد الأجلِ، فقالَ: أسيِّدُهم أنتَ؟، قالَ: لا، ولكنْ المسلمونَ كالجسدِ الواحدِ يجيرُ أدناهم على أعلاهم، فاجتمعَ رستمُ برؤساءِ قومِه، فقالَ: هل رأيتُم قط أعزُّ وأرجحُ من كلامِ هذا الرجلِ؟، فقالوا: معاذَ اللهِ أن تميلَ إلى شيءٍ من هذا، تدعُ دينَك إلى هذا الكلبِ! أما ترى إلى ثيابِه؟، فقالَ: ويلَكم لا تنظرونَ إلى الثيابِ، وانظروا إلى الرأيِّ والكلامِ والسِّيرةِ.
كُنَّا جِبَالاً كالجِبَالِ ورُبَّمَا *** سِرْنَا على مَوْجِ البِحَارِ بِحَارَا
نَدْعُوا جِهَارَاً لا إلَهَ سِوَى الَّـذِي *** صَنَعَ الوُجُودَ وقَـدَّرَ الأقْـدَارَا
عبادَ اللهِ: نحتاجُ اليومَ إلى تنشيطِ القوَّةِ الإيمانيَّةِ في النُّفوسِ ومعالجةِ الهزيمةِ النَّفسيَّةِ عند كثيرٍ من المسلمينَ، وهذا يسيرٌ على من يسَّرَه اللهُ -تعالى- عليه من عبادهِ الذينَ يعلمونَ أنَّ اللهَ- عزَّ وجلَّ- كافيهم، وأنَّه مُظهرٌ دينَه وناصرٌ عبادَه؛ فهذه جيشُ أُحدٍ يخرجُ من هزيمةٍ وجِراحٍ واستشهادِ سبعينَ من الصَّحابةِ الكِرامِ، وما إن وصلَ إلى المدينةِ حتى جاءَه من أخبرَه أن المشركينَ في حمراءِ الأسدِ قد جمعوا الجُموعَ للرُّجوعِ إلى المدينةِ، (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)؛ فماذا كانَ موقفُ من يعلمُ أنَّ اللهَ -تعالى- كافيه عندما سمعوا هذه الخبرَ؟، (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، حسبنا اللهِ: كافينا، ونِعمَ من وكَّلناهُ بكفايتِنا، فماذا حدثَ؟ (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)[آل عمران:173-174].
من أسبابِ مقاومةِ الهزيمةِ النَّفسيةِ: الصبرُ، الصَّبرُ على طاعةِ اللهِ، والصَّبرُ عن معصيتِه، والصَّبرُ على أقدارِه المؤلمةِ، واسمع لقولِه -تعالى-: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)، جماعاتٌ كثيرونَ من أتباعِهم، الذينَ قد ربَّتْهُم الأنبياءُ بالإيمانِ والأعمالِ الصالحةِ، فأصابَهم قتلٌ وجِراحٌ في سبيلِ اللهِ؛ فماذا كانَ موقفُهم؟ (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ما وَهِنتْ أبدانُهم، (وَمَا ضَعُفُوا) ما ضَعفُتْ قلوبُهم، (وَمَا اسْتَكَانُوا) ما ذَلُّوا لعدوِّهم؛ فما هو سببُ هذا الثَّباتِ والقوَّةِ النَّفسيةِ؟ ختمَ اللهُ -تعالى- الآيةَ بقولِه: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)[آلعمران:146].
من أسبابِ مقاومةِ الهزيمةِ النَّفسيةِ: صِدقُ الإيمانِ باليومِ الآخرِ ولقاءِ اللهِ -تعالى-، واسمع إلى اختلافِ القوَّةِ النَّفسيةِ بسببِ اختلافِ قوةِ الإيمانِ باليومِ الآخرِ حتى بينَ المؤمنينَ؛ فهذا طالوتُ لمَّا تجاوزَ النَّهرَ بالقليلِ الذين لم يشربوا منه، قالَ تعالى: (فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) إذن كلُّ من تجاوزَ النَّهرَ فهو مؤمنٌ، ولكن اسمعْ إلى الاختلافِ بينهم في القوَّةِ النَّفسيَّةِ، (قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ) هذا قولُ البعضِ عندما رأوا جالوتَ وجودَه، فجاءَ الجوابُ من الفئةِ الأخرى (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[البقرة:249]؛ فالصَّبرَ .. الصَّبرَ.
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ والمسلماتِ من كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنَّهُ هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الملكِ الحقِّ المبينِ، له الحمدُ كلُّه، أولُّه وآخرُه، ظاهرُه وباطنُه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه ومن اتَّبعَ سنتَه بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ.
أما بعدُ:
يا عبدَ اللهِ: ما هو موقفُكَ عندما تعلمُ أنَّ العزَّةَ لا تتجاوزُ ثلاثةً فقط؟، (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون:8]؛ فليسَ لغيرِهم فيها نصيبٌ؛ فمقدارُ العزَّةِ عندَ الإنسانِ هو مقدارُ ما في قلبِهِ من الإيمانِ؛ فمن أرادَ العزَّةَ في غيرِ الإيمانِ باللهِ -تعالى- فلن يشُمَّ لها رائحةً عندَ أيِّ أحدٍ كائناً من كانَ، بل حالُه كحالِ من قالَ اللهُ -تعالى- فيهم: (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا)[مريم:81-82]، وأما من بحثَ عن العزَّةِ عندَ الكُفَّارِ، فلعلَّه لم يتدبَّرْ هذه الآيةَ: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)[النساء:139].
من أعظمِ الوسائلِ لمقاومةِ هزيمةِ النَّفسيَّاتِ: معرفةُ طَريقِ الجنَّةِ وأنَّه مليءٌ بالابتلاءاتِ (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[البقرة:214]؛ ولذلكَ انقسمَ النَّاسُ عندما حاصرَهم المشركونَ يومَ الأحزابِ (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)[الأحزاب:10]، اختلفتْ الظُّنونُ بحسبِ الإيمانِ والعلمِ بسنَّةِ اللهِ -تعالى- في عبادِه (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)[الأحزاب:12]، وأما من يعلمُ الطَّريقَ وما فيه الاختباراتِ التي يتميَّزُ بها الخبيثُ من الطَّيِّبِ؛ فماذا كانَ موقفُهم؟، (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)[الأحزاب:22]، اللهُ أكبرُ .. نسألُ اللهَ الكريمَ من فضلِه.
اللهمَّ إنا نَعوذُ بك من الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ، اللهم أصلحْ قلوبَنا وأعمالَنا وأحوالَنا.
اللهم إنا نسألُك الثباتَ في الأمرِ، والعزيمةَ على الرُّشدِ، ونسألُك موجباتِ رحمتِك وعزائمَ مغفرتِك.
اللهمَّ يا مقلبَ القلوبِ ثبتْ قلوبَنا على دينِك، اللهمَّ مصرفَ القلوبِ صرفْ قلوبَنا على طاعتِك.
اللهم حببْ إلينا الإيمانَ وزينه في قلوبِنا وكرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلنا من الراشدينَ.
اللهم ألفْ بين قلوبِنا وأصلحْ ذاتَ بينِنا واهدنا سبلَ السلامِ ونجنا من الظلماتِ إلى النورِ وجنبنا الفواحشَ كلَّها، وبارك لنا في أسماعِنا وأبصارِنا وقلوبِنا وأزواجِنا وذرياتِنا وتب علينا؛ إنك أنت التوابُ الرحيمُ.
اللهم آمنَّا في أوطانِنا ودورِنا وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، اللهم وفقهم لما تحبُّ وترضى وخذ بنواصيهم للبرِّ والتقوى وبصِّرهم بأعدائهم والمتربصينَ بهم يا ذا الجلالِ والإكرامِ.
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)[آلعمران:8].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم