الهجوم على الفساد!!

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

 

 

د. زيد بن محمد الرماني

 

يقول أيان ماكدونالد: الفساد مثل وحش هيدرا الأسطوري، عدو متعدد الرؤوس يتشكل إلى كل جزء من النسيج الاجتماعي، ويضعف الجسد السياسي، ويعرِّض آفاق النمو الاقتصادي للخطر.

 

وكثيرًا ما بدا لنا أن خطر الفساد لا يقهر، ولكن مؤخَّرًا، وبعد التحسُّن الذي طرأ على التنظيم والإدارة، وأصبح صنع القرار أكثر شفافية من خلال جهود الحكومات والمنظمات الخاصة والأفراد - حدث تقدُّم ملحوظ في كبح الفساد.

 

إذًا: ما المشكلة بشأن الفساد؟ هذا السؤال وجَّهه عالم السياسة (كولين لييز) منذ ما يَقرب من أربعين عامًا.

 

إن جهود البلدان تبدأ في العادة لمناهضة الفساد برفع الوعي، ثم إجراء تغييرات؛ لجعل الحكومات أقل قابلية للفساد، ثم بالتصدي لمشكلة الأنظمة الفاسدة، وعند الوصول إلى هذه المرحلة الثالثة، ما التدابير التي تستطيع الحكومات والمواطنون المعنيُّون وغيرهم اتخاذها لاقتلاع الفساد من جذوره؟!

 

الحقيقة، إننا الآن نحتاج لأن نتعلم، ونفعل المزيد في المرحلة الثالثة من العمل المناهض للفساد، فما الذي يمكن عمله إذا فشل رفع الوعي وتدابير الوقاية، وإذا أصبح الفساد هو القاعدة؟

 

ما يمكن أن يطلق عليه المرحلة الأولى لردِّ الفعل لكل من الفساد أو المرض هو رفع الوعي، وفي عدد من الكتب التي صدرت أخيرًا، مثل: (صانعو البؤس)؛ لسبلينيو أبوليو وآخرين، يعزى الفساد للمواقف السيئة تجاه السلطة ودعوته السياسية هي نوع خبيث من خصخصة الدولة؛ أي: الاستخدام الخاص غير الرسمي، وغير المشروع للحكومة بواسطة الطبقة السياسية.

 

وتؤكد المرحلة الثانية لردِّ الفعل للمرض أو الفساد على الوقاية، الإبقاء على الأجسام السليمة بعيدة عن العدوى، والتدابير المضادة للفساد التي وصفناها أعلاه، التي تتراوح ما بين اختيار موظفين أفضل، ورفع التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للفساد مشتقة من هذا الأسلوب.

 

ولكن ماذا نفعل لو كان الفساد قد ترسَّخ بالفعل؟! عندما تفشل الوقاية، فإننا نحتاج لمرحلة ثالثة من محاربة الفساد، مرحلة تتعقب المرض.

 

إن معظم مؤسسات التنمية اليوم تسعى إلى تحسين وسائل التنظيم والإدارة؛ سعيًا إلى ضمان نجاح المشروعات التي تساعد في تمويلها.

 

وهي تركز على كبح جماح الفساد بين موظفي الحكومة، وإساءة استخدام الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة.

 

ولكن التحديات التي تواجه منع الفساد والحد منه أصبحت رغم كل شيء أكثر تعقيدًا.

 

وتؤكد خبرات هيئة الشفافية الدولية وخبرات المجموعات الوطنية المنتمية إليها أن العدد المتزايد من مبادرات مكافحة الفساد التي يجري القيام بها يصطدم بجدار ضخم من ممارسات الفساد.

 

ويظهر من مؤشر مفهوم الفساد لدى هيئة الشفافية الدولية ومؤشر دافعي الرشوة اتساع نطاق الرشوة في كثير من البلدان النامية، والبلدان التي تمرُّ بمرحلة انتقال.

 

ويرجع ذلك في الأساس إلى ضَعف رواتب القطاع العام، وحصانة كبار الموظفين ورجال السياسة في الواقع من الملاحقة في الغالب، وما يتسمون به من جشع، هذا فضلاً عن نزوع الشركات غير الوطنية بدرجة كبيرة إلى دفع الرشاوى، ولكي تكون مبادرات مكافحة الرشوة فعَّالة، ينبغي أن تعترف بهذه الحقائق وتواجهها.

 

ختامًا أقول:

عندما يصبح الفساد شاملاً، تكون التدابير العادية ضد الفساد غير كافية، إنها لن تكون عتيقة أو عفا عليها الزمان، بالتأكيد فستكون هناك دائمًا حاجة لرفع الوعي بتكلفة الفساد، ولجعل مؤسسات الدولة والسوق أقل قابلية للفساد، ولكننا نحتاج أيضًا إلى التفكير في أساليب جديدة للعمل بواسطة أنواع جديدة من العاملين؛ لتيسير الجهود المشتركة للقضاء على الفساد.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات