النظام الإسلامي

مراد كرامة سعيد باخريصة

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ افتخار المسلم الحق بالنظام الإسلامي ومطالبته به 2/ غربة النظام الإسلامي عن حياتنا المعاصرة 3/ حلول أوان الرجوع للإسلام بعد فشل الأنظمة الوضعية 4/ بعض محاسن النظام الإسلامي المفتقرة لها الأنظمة الوضعية 5/ بشارة النبي الكريم بعودة الخلافة الراشدة

اقتباس

إننا نريد نظاماً خالياً من الرّشوةِ والظلم والفساد، يعطي الأمْنَ والأمان، والسكينة والاطمئنان، ويوفِّر لجميع أبنائه العيش الكريم، والدخل القويم، ويُحقِّق فينا حديث نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "والله! لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاءَ إلى حضرموتَ لا يخاف إلا اللهَ، والذئبَ على غنمه" صحيح أبي داود ..

 

 

 

 

إن الإسلام هو الدين القويم الذي فيه صلاح البلاد والعباد، وهو أعظم المنن التي امتنَّ الله بها على العباد؛ لأن فيه المبادئ السامية، والأخلاق العالية، والنظم العادلة.

إنَّ نظامَ الإسلامِ هو النظامُ الذي يجب أن نفتخرَ به، وأن نتشرف بالانتساب إليه، فمَن لم يطالب بنظام الإسلام ولم يتشرفْ بهذا الدين فإن في قلبه مرضٌ وَشَكٌّ ونُقصانُ يقينٍ، (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) [البقرة:10]، ويقول -سبحانه-: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف:44]، أي: شرفٌ لك، وشرفٌ لأتباعك، إلى يوم القيامة.

إن المسلم الحق هو الذي يطالب بنظام الإسلام ويجعل تفكيره وتركيزه على أحكام الإسلام ويسعى سعياً حثيثاً لإقامة المجتمع الإسلامي الذي تطبق فيه الشريعة لا فرق فيه بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى، ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].

إن الإسلام اليوم غريب بيننا؛ لأننا عزلناه عن نظام حياتنا فلم نلتفت إلى أحكامه، ولم نُقِم وزنا لنظامه، ولم نطالب بتحكيمه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبَّث الناس بالتي تليها، فأوَّلهن نقضا الحُكْم، وآخرهن الصلاة" رواه أحمد وصححه الألباني، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء!" رواه مسلم.

عباد الله: إن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فَمَن ظن أن العزة في الديمقراطية فهو واهم، ومن ظن أن العزة في العلمانية وإبعاد الدين عن الحياة فهو واهم، ومن ظن أن العزة في الاشتراكية فهو واهم، ومن ظن أن حركة من الحركات أو دعوة من الدعوات أو مبدأ من المبادئ التي تتنكر للإسلام ستكبح الظلم وتنشر العدل فهو واهم، (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [المنافقون:8].

لقد مدت الأمة يديها إلى الشرق فخانها الشرق، فمدت يديها إلى الغرب فخانها الغرب، واليوم يجب عليها أن تمد يديها إلى رب المشرقين ورب المغربين، (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) [المعارج:40-41].

ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ * إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة:1-2].

أما آن للأمَّةِ أن تغسل يديها من جميع الأنظمة الأرضية الوضعية، وأن تطالب بالأنظمة السماوية الربانية؟ أما آن للأمة ألا تقدم شيئا من القوانين والنظريات، أو المبادئ والخيارات، بين يدي الله ورسوله؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات:1].

أما آن للأمَّة أن تعود إلى أصل عزها وسر وجودها إلى كتاب ربها وسنة نبيها -صلى الله عليه وسلم-؟ أما آن للأمة أن تعرف أن سر النجاح في السياسة موجود في سياسة الإسلام فقط؟ (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:179].

أما آن للأمة أن تقول: نريد نظاماً مستسلماً لأمر الله، وقَّافاً عند حدود الله، مطبقاً لقول الله؟ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) [النساء:65].

فإن النظام الذي تتوفر فيه هذه الصفات سيكون نظاماً محفوظاً بحفظ الله، مصاناً برعاية الله، عزيزاً بعز الله، (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:40-41]، فإذا فقد النظام هذه الصفات حصلت الفرقة والشتات، وحلت المصائب والتحديات، يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة:38].

إننا نريد نظاماً يسوده العدل في جميع المجالات، وبين جميع الشرائح والطبقات، خالياً من الظلم والظلمات، ولا يكون هذا -عباد الله- إلا في النظام الإسلامي، يقول الله في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حَرَّمْتُ الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم؛ فلا تَظَالَموا" رواه مسلم.

إن عدالة الإسلام جعلت أبو بكر الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- يقوم بعدما بايعه المسلمون على الخلافة فيقول: إني وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني؛ إن الصدق عندي الأمانة، والكذب الخيانة؛ وإن القوي عندي ضعيف، والضعيف عندي قوي حتى آخذ له الحق.

فيا له من تواضع عظيم من خير رجل في هذه الأمة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! يقول: إني وليت عليكم ولست بخيركم. ثم يقول: فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني. هل سمعتم حاكماً يقول مثل هذا الكلام أو نصفاً من هذا؟ ثم يقول تلك الكلمات الرائعة: إن الصدق عندي الأمانة، والكذب الخيانة، وإن القوي عند ضعيف، والضعيف عندي قوي حتى آخذ له الحق.

إن عدالة الإسلام جعلت أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- يصعد المنبر فيقول: إن رأيتم فيّ اعوجاجاً فقوموني. فقام له رجل من الصحابة فقال له: والله! لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا. فهل غضب عمر؟ هل أعلن حالة الطوارئ والاستنفار؟ أبداً! اسمعوا ما قال عمر: الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من يقومه بحد السيف إذا اعوجَّ.

عباد الله: إننا نريد نظاماً خالياً من الرشوة والظلم والفساد، يعطي الأمن والأمان، والسكينة والاطمئنان، ويوفر لجميع أبنائه العيش الكريم، والدخل القويم، ويحقق فينا حديث نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "والله! لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاءَ إلى حضرموتَ لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه" صحيح أبي داود.

ولا يكون هذا إلا في ظل شريعة الإسلام، يقول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ) [سبأ:15-16].

 

 

الخطبة الثانية:

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت" السلسلة الصحيحة.

هكذا يبشرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- بحكم الإسلام، ودولة الإسلام، خلافة على منهاج النبوة.

إن الناس اليوم يلهثون وراء السراب بسعيهم وسيرهم وراء أنظمة أرضية مترهلة أثبتت فشلها، وظهر مرضها، فلم تستطع أن تعالج نفسها فسقطت في مزبلة التاريخ.

إن الناس جربوا النظام القومي الوطني فسقط ولم يقم، ثم جربوا النظام الشيوعي فسقط ولن يقوم، واليوم يجربون النظام العالمي الرأسمالي، وهاهو يؤول للسقوط ويلفظ أنفاسه الأخيرة، ولم يبق إلا نظام الإسلام وحكم الإسلام: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50]، (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) [آل عمران:83].

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حَدٌّ يُعمَل في الأرض خيرٌ لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحا" رواه النسائي وحسنه الألباني.
 

 

 

 

 

المرفقات

الإسلامي

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات