النار أعاذنا الله منها

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله..

 

معاشر المسلمين: فقد حذرنا - تعالى -في كتابه من النار وأخبرنا عن أنواع عذابها بما تتفطر منه الأكباد وتتفجر منه القلوب, حذرنا منها وأخبرنا عن أنواع عذابها رحمة بنا لنزداد حذراً وخوفاً قال تعالى : (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [آل عمران: 131].

 

عباد الله: النار هي الدار التي أعدها الله للكافرين به المتمردين على شرعه المكذبين لرسله, وهي عذابه الذي يعذب فيه أعداءه وسجنه الذي يسجن فيه المجرمين, وهي الخزي الأكبر والخسران العظيم الذي لا خزي فوقه ولا خسران أعظم منه (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [آل عمران: 192].

 

معاشر المسلمين: ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبداً ولا تبيدان, روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خسفت الشمس على عهد رسول الله  فذكر الحديث وفيه وقال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - : "رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم به حتى لقد رأيتني آخذ قطفاً من الجنة حتى رأيتموني تقدمت, ولقد رأيت النار يحطم بعضها بعضاً حين رأيتموني تأخرت".

 

عباد الله: يقوم على النار ملائكة خَلقُهم عظيم وبأسهم شديد لا يعصون الذي خلقهم ويفعلون ما يؤمرون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].

 

والنار بعيد قعرها شاسعة واسعة (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) [ق: 30] وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال كنا مع رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - إذ سمع وجبة فقال النبي  - صلى الله عليه وسلم -: "تدرون ما هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار إلى الآن". وروى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: "يؤتى بجهنم يؤمئذ لها سبعون ألف زمام, مع كل زمام سبعون ألف ملك".

 

والنار متفاوتة في شدة حرها فليست درجة واحدة قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [النساء: 145] ولها سبعة أبواب قال تعالى: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) [الحجر: 44] وعندما يرد الكفار النار تفتح أبوابها ثم يدخلونها خالدين (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) [الزمر: 71] وبعد هذا الإقرار يقال لهم (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) [غافر: 76] أما طعام أهل النار فالضريع والزقوم وشرابهم الحميم والغسلين والغساق قال تعالى: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ) [الغاشية: 6، 7] والضريع شوك بأرض الحجاز يقال له الشبرق, وعن ابن عباس الشبرق : نبت ذو شوك لاطئ بالأرض.

 

وقال تعالى: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) [الدخان: 43 - 46] وقال : (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ ) [الصافات: 62 - 68], والحميم الماء الحار الذي تناهى حره فشربوا منه كشرب الإبل التي تشرب وتشرب ولا تروى لمرض أصابها, وعند ذلك يقطع الحميم أمعاءهم (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) [محمد: 15] وقال: ( إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا) [المزمل: 12، 13] قال  - صلى الله عليه وسلم -: "لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم, فكيف بمن يكون طعامه".

 

ومن طعامهم الغسلين والغساق قال: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) [الحاقة: 35، 36] (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) [ص: 57، 58] والغسلين والغساق هو ما سال من جلود أهل النار من القيح والصديد, وأما شرابهم فهو الحميم قال تعالى: (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) [محمد: 15] (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ) [الكهف: 29] (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ ) [إبراهيم: 16، 17] والصديد هو ما يسيل من لحم الكافر وجلده. وروى مسلم في صحيحه عن جابر عن النبي  - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن على الله عهدا لمن شرب المسكرات أن يسقيه طينة الخبال", قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: "عرق أهل النار أو عصارة أهل النار". وأما المهل فقد روى أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي  - صلى الله عليه وسلم - في قوله: " كعكر الزيت فإذا قرب وجهه سقطت فروة وجهه فيه".

 

أما لباس أهل النار قال تعالى: (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) [الحج: 19 - 21], وقال: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [إبراهيم: 49، 50] والقطران هو النحاس المذاب.

 

في هذه الأيام هناك حالة استنفار عامة في مجتمع المسلمين وذلك لحلو وقت الصيف ولحلول الحر الشديد, فيتقي الناس حر الصيف ويحتاطون من خطره بما سخره - تعالى -لهم من الأسباب من التكييف وغيره من الأسباب, لكن هناك أمراً غفل عنه الكثير أو يجهله الكثير, ولقد كان النبي  - صلى الله عليه وسلم - يذكر أصحابه بأن تغير الأحوال وتعاقبه فيه حكم وأحكام فقال  - صلى الله عليه وسلم -: "اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا, فأذن الله لها بنفسين, نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير".

 

عباد الله: وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يتحمل حرارة الشمس والصيف فكيف يتحمل حرارة النار أعاذنا الله منها.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله

 

 أما بعد:

                                                           

فمعاشر المسلمين: النار عذابها شديد وفيها من الأهوال وألوان العذاب ما يجعل الإنسان يبذل في سبيل الخلاص منها نفائس الأموال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) [آل عمران: 91], (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [المائدة: 36] وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقول: أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي".

 

عباد الله: وإن شدة النار وهولها تفقد الإنسان صوابه وتجعله يجود بكل أحبابه لينجو من النار (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ) [المعارج: 11 - 16].

وروى البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير قال سمعت النبي  - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة تغلي منها دماغه". (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ) [النساء: 56] (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا) [الإسراء: 97] (وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [النمل: 90 (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [الأنبياء: 39]. (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ) [المؤمنون: 104]. (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) [الأحزاب: 66] (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) [القمر: 47، 48]. (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) [غافر: 70 - 72] (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) [آل عمران: 106]. (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) [الأعراف: 41]. (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر: 16]. (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ) [الحاقة: 30 - 32].

 

 معاشر المسلمين: عندما يرى الكفار النار يندمون ويتحسرون (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) [يونس: 54]. (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ) [فاطر: 37].

 

عباد الله: ويهم يعترفون في الوقت بضلالهم وكفرهم : (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) [الملك: 10]. (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) [غافر: 11].ولكن طلبهم يرفض بشدة ويجابون بما تستحق أن تجاب به الأنعام (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) [المؤمنون: 106 - 108]. (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [السجدة: 12 - 14].

 

عباد الله: ويتوجه أهل النار بعد ذلك بالنداء إلى خزنة جهنم يطلبون منهم أن يشفعوا لهم كي يخفف الله عنهم شيئا مما يعانونه (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ) [غافر: 49]. (قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) [غافر: 50]. (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) [الزخرف: 77]. ولا خروج من النار ولا تخفيف من عذابها (اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الطور: 16].

 

وهناك يشتد نحيبهم ويطول بكاءهم (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [التوبة: 82]. (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا) [الأحزاب: 66 - 68].

 

نعوذ بالله من حالهم ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) [هود: 106، 107].

 

اللهم أجرنا من عذاب النار