المنان -جل جلاله-

د عبدالله بن مشبب القحطاني

2021-02-12 - 1442/06/30 2022-10-10 - 1444/03/14
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/اسم الله المنان حقيقته ومعناه 2/في ظلال اسم الله المنان 3/أثر الإيمان باسم الله المنان.

اقتباس

فَرَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَظِيمُ الْهِبَاتِ وَالْعَطَايَا وَالْإِحْسَانِ؛ فَهُوَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ، وَهُوَ الْمُعْطِي ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَيُعْطِي فَوْقَ الْآمَالِ وَالرَّجَاءِ؛ فَلَمَّا كَانَ الْمَنُّ مِنْهُ بِالْجُودِ وَالْعَطَاءِ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ؛ كَانَتْ لَهُ...

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

عِبَادَ اللَّهِ: مِنَنُ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى؛ فَكَمْ مِنْ بَلْوَى رَفَعَهَا، وَكَمْ مِنْ مَرَضٍ شَفَانَا مِنْهُ! وَكَمْ مِنْ حُزْنٍ جَبَرَهُ؟ وَكَمْ مِنْ هَمٍّ فَرَّجَهُ؟

 

وَإِنَّ أَعْظَمَ مِنَّةٍ يَرْجُوهَا الْعَبْدُ فِي آخِرَتِهِ: مَغْفِرَةُ ذُنُوبِهِ، وَإِنَّ مَغْفِرَتَهُ تُنَالُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ وَإِنْ قَلَّ؛ فَهَذَا الْكِفْلُ يَعُفُّ عَنِ امْرَأَةٍ، وَيُعْلِنُ تَوْبَتَهُ، فَيَمُوتُ مِنْ لَيْلَتِهِ؛ فَيَغْفِرُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ. وَهَذَا الْأُصَيْرِمُ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ يُسْلِمُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَيُقْتَلُ يَوْمَهَا، وَمَا صَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً، فَذَكَرُوهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ، وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي الْمَجْمَعِ: "رِجَالُهُ ثِقَاتٌ").

 

وَالرَّجُلُ الَّذِي قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ اطَّلَعَ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى صِدْقِ تَوْبَتِهِ؛ فَغَفَرَ لَهُ، ثُمَّ إِنَّ أَعْظَمَ مِنَّةٍ عَلَى الْعَبْدِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ هِيَ الْهِدَايَةُ؛ (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[الْحُجُرَاتِ: 17].

 

وَإِنَّ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ: "الْمَنَّانَ" -جَلَّ وَعَلَا-؛ نَقِفُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ: "الْمَنَّانِ" نُجَدِّدُ إِيمَانَنَا بِهِ، وَنَتَأَمَّلُ فِيهِ، لَعَلَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَرْحَمُنَا بِهِ؛ جَاءَ فِي السُّنَنِ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- : "أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَرَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعَا: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.. يَا حَيُّ.. يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ).

 

فَرَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَظِيمُ الْهِبَاتِ وَالْعَطَايَا وَالْإِحْسَانِ، فَهُوَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ، وَهُوَ الْمُعْطِي ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَيُعْطِي فَوْقَ الْآمَالِ وَالرَّجَاءِ؛ فَلَمَّا كَانَ الْمَنُّ مِنْهُ بِالْجُودِ وَالْعَطَاءِ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ؛ كَانَتْ لَهُ الْمِنَّةُ عَلَيْهِمْ، وَلَا مِنَّةَ عَلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ، وَمَنْ أَعْظَمَ هِبَاتِهِ: أَنَّهُ أَعْطَى الْحَيَاةَ وَالْعَقْلَ وَالْمَنْطِقَ، وَصَوَّرَ فَأَحْسَنَ، وَأَنْعَمَ فَأَجْزَلَ.

 

وَمِنْ أَعْظَمِ مِنَنِهِ -جَلَّ وَعَلَا- عَلَى عِبَادِهِ أَجْمَعِينَ: أَنَّهُ أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلَيْهِمْ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛ فَأَنْقَذَ بِمَنِّهِ أَوْلِيَاءَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَدَاهُمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَعَصَمَهُمْ مِنَ الْجَحِيمِ؛ (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[آلِ عِمْرَانَ: 164]، (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[الْحُجُرَاتِ: 17].

 

وَمِنْ مِنَنِهِ: أَنَّهُ يُنْجِي الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ زَمَانٍ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُفْسِدِينَ، فَيُنْعِمُ عَلَيْهِمْ بِالْأَمْنِ وَالتَّمْكِينِ؛ (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)[الْقَصَصِ: 5].

 

وَاللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- أَحَقُّ مَنْ شُكِرَ، وَأَحَقُّ مَنْ عُبِدَ، فَنَعِيمُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ دَائِمٌ مُتَوَاصِلٌ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَنَعِيمُ اللَّهِ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الدُّنْيَا؛ الْهِدَايَةُ وَالْحِفْظُ، وَفِي الْآخِرَةِ؛ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ، وَدُخُولُ الْجَنَّةِ، وَالنَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، قَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)[الطُّورِ: 26-28].

 

وَانْظُرْ إِلَى مِنَنِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْكَ؛ فَعَطَاءُ اللَّهِ تَامٌّ كَامِلٌ، وَمِنْ أَكْبَرِ مِنَنِهِ: أَنَّهُ أَخْبَرَكَ بِهَذَا الِاسْمِ، كَمَا فَتَحَ عَلَى الصَّحَابِيِّ لِكَيْ يَدْعُوَ بِهِ وَيَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِهِ، وَتَذَكَّرْ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ عَلَى الدَّوَامِ؛ فَهُوَ الَّذِي أَعْطَاكَ ثُمَّ تَفَضَّلَ عَلَيْكَ بِشُكْرِهِ، ثُمَّ شَكَرَكَ عَلَى شُكْرِكَ، وَهَذِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْمِنَنِ عَلَيْكَ.

وَنِعَمُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- حَقِيقَةٌ فِيهَا اللَّذَّةُ وَالْجَمَالُ، بَلْ تَزِيدُ كُلَّمَا تَقَرَّبْتَ إِلَى الْمَنَّانِ كَثِيرِ الْعَطَاءِ، الرَّزَّاقِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَإِنَّ الدُّنْيَا لَا يَطِيبُ الْعَيْشُ فِيهَا إِلَّا بِمِنَّتِهِ؛ وَعَطَايَاهُ شَمِلَتِ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَشَمَلَتِ الْكَافِرَ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ.

 

وَالْمُؤْمِنُ إِذَا رَأَى مِنَنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِ ذَهَلَ قَلْبُهُ، وَطَابَتْ نَفْسُهُ، وَصَارَ عَبْدًا فَقِيرًا إِلَى مَوْلَاهُ، مُثْنِيًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وَهَذَا أَعْظَمُ بَابٍ يَدْخُلُ مِنْهُ الْعَبْدُ عَلَى رَبِّهِ، وَهُوَ: بَابُ الذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ دَاعِيًا وَرَاجِيًا وَمُنَادِيًا: يَا مَنَّانُ!

 

وَهُنَا تَتَحَقَّقُ الْأَمَانِيُّ، وَيُعْطَى السَّائِلُ، وَيُغْفَرُ لِلْمُذْنِبِ، وَيُفَرَّجُ الْهَمُّ، وَيُكْشَفُ الْغَمُّ، وَيُفَكُّ الْأَسِيرُ، وَيُشْفَى الْمَرِيضُ، وَيَعُودُ الْغَائِبُ، وَيُجَابُ لِلْمُضْطَرِّ؛ (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)[النَّمْلِ: 62].

 

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ دَعَاكَ فَأَجَبْتَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِذَا كَانَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قَدِ امْتَدَحَ نَفْسَهُ بِمِنَّتِهِ عَلَى عِبَادِهِ؛ فَقَدْ ذَمَّ الَّذِينَ يَمُنُّونَ عَلَى اللَّهِ أَوْ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ؛ بِمَا أَنْفَقُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَبِمَا قَدَّمُوهُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، فَاللَّهُ قَدْ قَالَ: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[الْحُجُرَاتِ: 17].

 

وَحَذَّرَنَا رَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مِنْ أَنْ نَمُنَّ بِمَا نُقَدِّمُهُ؛ فَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلصَّدَقَةِ وَالْأَجْرِ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى)[الْبَقَرَةِ: 264].

 

وَحَذَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَنِّ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ، وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ"(أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ).

 

وَصَحَّ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ: مَنَّانٌ، وَلَا عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ).

 

أَفْسَدْتَ بِالْمَنِّ مَا أَوْلَيْتَ مِنْ نِعَمٍ *** لَيْسَ الْكَرِيمُ إِذَا أَسْدَى بِمَنَّانِ

 

وَلِذَا كَانَ أَهْلُ الصَّلَاحِ يَتَوَاصَوْنَ بَيْنَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: "إِذَا أَعْطَيْتَ رَجُلًا شَيْئًا، وَرَأَيْتَ أَنَّ سَلَامَكَ يُثْقِلُ عَلَيْهِ؛ فَكُفَّ سَلَامَكَ عَنْهُ"، وَأَهْلُ الْمَكَارِمِ إِذَا اصْطَنَعُوا صَنِيعَةً لِأَحَدٍ نَسُوهَا، وَإِذَا أَسْدَى إِلَيْهِمْ أَحَدٌ مَعْرُوفًا فَلَا يَنْسَوْنَهُ أَبَدًا.

 

وَمَا تَخْفَى الْمَكَارِمُ حَيْثُ كَانَتْ *** وَلَا أَهْلُ الْمَكَارِمِ حَيْثُ كَانُوا

 

اللَّهُمَّ يَا مَنَّانُ امْنُنْ عَلَيْنَا بِصَلَاحِ حَالِنَا وَصَلَاحِ ذَرِّيَّتِنَا، وَأَحْسِنْ لَنَا الْخَاتِمَةَ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لَنَا خَيْرًا.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّاتِنَا، وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَاجْعَلْنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا.

 

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المرفقات

المنان -جل جلاله-.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات