المسجد الأقصى قدسيته وفضله

عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ تفاضل الأماكن 2/ المساجد هي أحب البلاد إلى الله 3/ من فضائل المسجد الأقصى 4/ واجبنا تجاه الأقصى 5/ متى ستعود فلسطين إلى المسلمين؟

اقتباس

إنَّ فلسطين ستعود بحول الله وقوته وبيت المقدس سيعود للمسلمين إن شاء الله بعد هزيمتهم لشراذم اليهود الغاصبين, ولكن هذا مرتبط باجتماع كلمة المسلمين وتصحيح ما داخل عقيدة بعضهم من الشوائب القادحة في العقيدة, وبعد الاستيقاظ من الغفلة التي ابتلي بها كثير من المسلمين, فاشتغلوا بالدنيا ومتاعها عن الآخرة والاستعداد لها...

الخطبة الأولى:

 

الحمدلله حمداً طيباً مباركاً فيه, كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما, أما بعد:

 

فاتقوا الله أيها المؤمنون, فإنَّ اللهَ أمركم بالتقوى في آيات كثيرة.

 

معاشر المسلمين: إنَّ اللهَ -تعالى- فضَّل بعض الأماكن على بعض, أخرج مسلم في صحيحه أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا" (أخرجه مسلم ), قال الإمام النووي -رحمه الله-: "أحب البلاد إلى الله مساجدها" لأنها بيوت الطاعات وأساسها على التقوى, قوله: "وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" لأنها محل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة, وإخلاف الوعد والإعراض عن ذكر الله وغير ذلك... والمساجد محل نزول الرحمة والأسواق ضدها".

 

أيها المسلمون: إنَّ المساجد هي أحب البلاد إلى الله وفي رواية أنَّها أحب البقاع إلى الله -تعالى-, وإنَّ أول مسجد وضع في الأرض, هو المسجد الحرام, ثم المسجد الأقصى, قال -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) [آل عمران: 96] وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: "المسْجِدُ الحَرَامُ" قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ "المسْجِدُ الأَقْصَى" قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الفَضْلَ فِيهِ" (متفق عليه).

 

معاشر المسلمين: إنَّ للمسجد الأقصى منزلة عظيمة وفضائل عديدة منها: أنَّه ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام بمكة, وأنَّه مسرى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنَّ الله وضعه في أرضٍ مباركةٍ, قال -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء: 1], وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ" قَالَ: "فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ" قَالَ: "فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ" قَالَ: "ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ -صلى الله عليه وسلم-: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ" (أخرجه مسلم).

 

ومن فضائله: أنَّه قبلة المسلمين الأولى, قبل نسخ القبلة وتحويلها إلى الكعبة, عن البراء -رضي الله عنه- قال: "صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَهُ نَحْوَ القِبْلَةِ" (متفق عليه).

 

معاشر المسلمين: ومن فضائل المسجد الأقصى مضاعفة أجر الصلاة فيه, عن أبي ذر رضي الله عنه، أنَّه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فقال: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى فِي أَرْضِ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَلَقَيْدُ سَوْطٍ أَوْ قَالَ: قَوْسُ الرَّجُلِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ أَوْ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا" (أخرجه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني).

 

ومن فضائله: أنَّه أحد المساجد الثلاثة التي يجوز شد الرحل إليها؛ لأجل العبادة كما في الحديث المتفق عليه: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى" (أخرجه البخاري  ومسلم).

 

عباد الله: إنَّ أهل الإسلام في أنحاء العالم الإسلامي تتشوف قلوبهم للصلاة في المسجد الأقصى, ويعتصرهم الألم لاحتلال شراذمِ اليهود له, وإفسادهم فيه وتدنيسهم له برجسهم ونجسهم, وكثرة إعتدائهم عليه وعلى أهلنا فيه من عشرات السنين, وقد بانت شدة عداوتهم في احتلالهم للأرض المباركة في فلسطين وظلمهم وبغيهم وطغيانهم, قال -تعالى- عن عداوة اليهود للمسلمين: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة: 82], قال الإمام السعدي -رحمه الله-: "فهؤلاء الطائفتان -اليهود والمشركون- على الإطلاق أعظم الناس معاداة للإسلام والمسلمين، وأكثرهم سعياً في إيصال الضرر إليهم، وذلك لشدة بغضهم لهم، بغياً وحسداً وعناداً وكفراً".

 

معاشر المسلمين: إنَّ اعتداءات اليهود على المسجد الأقصى وعلى أهلنا هناك وإغلاق أبوابه عن المصلين, تتطلب من المسلمين في العالم الإسلامي اجتماع كلمتهم؛ دفاعاً بكلِّ ما يستطيعون عن مسرى نبينا -صلى الله عليه وسلم-, ودفاعاً عن أهلنا في فلسطين, قال سماحة عام المملكة العربية السعودية -حفظه الله-: "هذه الجرائم المتكررة توجب على المسلمين تنسيق مواقفهم؛ لمنع قوة الاحتلال من العدوان على المسجد الأقصى وإنهاء الاحتلال الظالم, وما تقوم به قوات الاحتلال من إغلاق للمسجد الأقصى والتعدي على المصلين يُعدُّ انتهاكاً لحرمة المسجد الأقصى واستفزازاً لمشاعر المسلمين".

 

عباد الله: يتساءل البعض هل ستعود فلسطين إلى المسلمين ومتى ستعود؟ والجواب: إنَّ فلسطين ستعود بحول الله وقوته وبيت المقدس سيعود للمسلمين إن شاء الله بعد هزيمتهم لشراذم اليهود الغاصبين, ولكن هذا مرتبط باجتماع كلمة المسلمين وتصحيح ما داخل عقيدة بعضهم من الشوائب القادحة في العقيدة, وبعد الاستيقاظ من الغفلة التي ابتلي بها كثير من المسلمين, فاشتغلوا بالدنيا ومتاعها عن الآخرة والاستعداد لها.

 

فإذا تمسَّك المسلمون بعقيدتهم التي كان عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام ولازموا التقوى, وتخلَّقوا بأخلاق الإسلام وأصلحوا ما عندهم من خلل, ولم تلههم الدنيا عمَّا أمرهم به الله وأمرهم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الجهاد؛ فإنَّهم سينتصرون على عدوهم ويستعيدوا بيت المقدس منه, ولعل منكم من يُمدُّ في عمره فيصلي في المسجد الأقصى بعد انتصار المسلمين على اليهود وطردهم من فلسطين, وما ذلك على الله ببعيد.

 

معاشر المسلمين: إنَّ احتلال اليهود لفلسطين ولبيت المقدس هو القضية الأولى لدى المسلمين, وهذه الدولة السعودية حرسها الله وزادها قوة, تولي اهتماماً بالغاً بالقضية الفلسطينة من عهد الملك الموسس وامتداداً إلى عهود أبنائه الملوك -رحمهم الله-, إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله وأيده بالحق-.

 

والله نسأل أن يُعجِّل بزوال الكيان الصهيوني, وأن يسقط دولة اليهود في فلسطين, ويُقيم دولة أهل السنة والجماعة فيها.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

المرفقات

المسجد الأقصى قدسيته وفضله

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات