المسؤولية

عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: قضايا اجتماعية
عناصر الخطبة
1 /كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ 2/أقسام المسؤولية: فردية – جماعية. 3/مسؤولية الإمام، الرجل، المرأة، الخادم 4/من المسؤولية العامة: الأمر بالمعروف, مسؤولية وسائل الإعلام 5/الواجب على الإعلام والتحذير من فتنها

اقتباس

ومن المسؤولية العامة: مسؤولية وسائل الإعلام، لاسيما في هذه القنوات الفضائية والشبكات المعلوماتية فإن مسؤوليتها عظيمة, فالمسؤولون على هذه القنوات عليهم مسؤولية نحو دينهم ونحو مجتمعهم في الدعوة إلى الله وحماية العقيدة ومبادئ الإسلام وأسسه، والمحافظة على الأخلاق والقيم والسعي في نشر الخير...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين.     

 

فيا أيُّها النَّاسَ: اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

 

عباد الله: اهتم الإسلام بشأن المسؤولية وقسمها على الجميع أفرادا وجماعات، هيئات ومؤسسات، شعوب وحكومات كل على قدر استطاعته وطاقته, يقول -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي بيت أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه".

 

أيها المسلم: إذا نظرت إلى هذا الحديث وتقسيم المسئوليات, علمت أن الإسلام قد وزع المسؤولية على قدر سلطان ومحيط عمله؛ سواء كان في مسئولية فردية أو جماعية:

 

أما المسؤولية الفردية فإن الإنسان راع على نفسه وجوارحه، على عقله وروحه، على عَمَلَه وعِلَمَه، على معاملته وعبادته، على عمره، وعلى ماله مسؤوليته مختصة بها دون غيره، إن أدى نال الثواب، وإن قصر فيها نال على تقصيره من العقاب، وهذه مسؤولية كل فرد بنفسه قال الله -جل وعلا-: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) [آل عمران: 30]، وقال -جل وعلا-: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر: 38]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "كل الناس يغدوا فبائع النفس فمعتقها أو موبقها"، ويقول أيضا -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَزالُ قَدَمَا عبد يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وعن َمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ".

 

والإنسان مسؤول عن لسانه أن يهتك عرض مسلم بغيبة أو وشاية، ومسؤول عن بصره بما ينظر إليه إن نظر إلى ما حرم الله عليه كان منتهك رعاية، مسؤول عن قلبه أن لا يحمل حقدا ولا غلا على المسلمين: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) [الإسراء: 36].

 

أما المسؤولية الجماعية: فأعظمها مسؤولية الإمام العام والحاكم على الأمة الذي ابتلاه الله بهذه الرعية وولاه عليها, فإن الله سائله عن تلكم الرعية عن تنظيم شؤونها وأحوالها، وإقامة العدل بين أفرادها، وتحقيق مصالحها والسعي في تيسير معيشتها، ومن حق الرعية عليه أن يولي عليهم الأكفاء الأمناء, الذين بهم تبرئ الذمة ويؤدى الواجب وتحفظ الحقوق، ويؤخذ كل حقه على قدر حاله، إن تولية الأمناء الأقوياء الأكفاء الذين يشعرون بالواجب ويحسوا بالمسؤولية توليتهم مما يعين الراعي على حفظ رعيته: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) [القصص: 26]، فلا مجال للجور والسفه في ولاية تولية الأمور، فإن ذو الجور والسفه لا خير فيهم، لابد أن يكون من يتولى أميرا ذا ديانة وتقوى وحسن رعاية لمن تولى عليه.

 

ومن المسؤولية أيضا: مسؤولية رب الأسرة: فرب الأسرة مسؤول عن أهل بيته زوجته وأولاده رعاية وتربية وتوجيها، فإن البيت هو الركيزة الأولى، وعليه المسؤولية العظمى في إعداد النشر عقيدة وأخلاقا وسلوكا، فالآباء مسؤولون عن غرس الإيمان في نفوس شبابهم، وحثهم على الاعتزاز بدينهم والتخلق بأخلاقه والبعد عما يضار ذلك، كما أنه مسؤول عن أولاد بيته بتربيتهم وتوجيهم وأمرهم بواجبات الإسلام لاسيما الصلاة: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) [طه: 132], وتحذيرهم من مخالفة الشرع: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ) [التحريم: 6]، والسعي في العدل بينهم والمواساة بينهم وعدم تفضيل بعضهم عن بعض حتى يكونوا جميعا يدا واحدة متحابين متناصرين متعاضدين على الخير والتقوى.

 

ومن المسؤولية العامة، مسؤولية المرأة عن بيت زوجها وتربية أولادها، فهي أمينة في بيت زوجها، وعلى عرضه، وماله، مسؤولة ومؤتمنة على عرض زوجها وماله، فلا تدخل بيته من لا يرضى ولا تخالفه ولا تتصرف بماله إلا بإذنه فإنها مسؤولية عن هذا البيت إعداد تربية وتوجيها ورعاية.

 

ومن المسؤولية العامة أيضا: قيام كل من الزوجين في الحق الواجب عليه قال -جل وعلا-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: 19]، وقال: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ) [البقرة: 228] فقيام الزوجة وقيام الزوج برعاية الأسرة جميعا وتعاونهم كل ذلك من أمر الرعية المهمة التي دعا الإسلام إليها.

 

أيها المسلم: ومن المسؤولية الأسرية أيضا: تعاون الرجال جميعا في رعاية النساء، وحثهن على الخير، وحثهن على الحجاب، وحثهن على عدم الخروج إلا إذا دعت الحاجة حفظ لهن وعلى أعراضهن.

 

ومن المسؤولية العامة: تيسير أمر الزواج، وتيسير مهمته وعدم التغالي في الأمور كلها، فإن تسهيل أمر الزواج وتعاون الزوجين في تيسير هذه المهمة مما ينشر الحق، ومما يعين الشباب على الزواج ويساعدهم على ذلك. فالمرأة والرجل مسؤولان جميعا عن تسهيل أمر زواج البنات؛ لأن الأبوين إذا أديا الواجب واختارا ذو الكفاءة في الدين: "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كبير".

 

أيها المسلمون: فلنتقِ الله في أنفسنا، وفي أهلينا، وأولادنا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الخادم راعٍ على مال سيده، من حيث تصرفه والمحافظة عليه من الضياع والهلاك.

 

أيها المسلمون: هذا الرعاية في الإسلام، الإمام، الرجل، المرأة، الخادم، كلٌ مسؤول، وكل سيسأل يوم القيامة عما ولي عليه، ما من رعية إلا ويسأل عنها حفظ ذلك أو ضيعه.

 

أخي المسلم: أنت مسؤول عن نفسك وعن تصرفاتك، فاتقِ الله في نفسك واعلم أن أعمالك محصاة عليك يوم القيامة: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [المجادلة: 6]، فإذا قام كل منا بالرعاية المطلوبة منه وأدى الأمانة كان من المتقين، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا، واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.      

 

أما بعدُ:

 

فيا أيُّها الناس: إن من المسؤولية العامة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متى قام به المسلمون، وحافظوا عليه وسهلوا أمر القائمين عليه، وأعانوه سواء أفراداً أو رسميا، كان ذلك عون على الخير والهدى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) [آل عمران: 110]، فالتأمر بالمعروف والتناهي عن المنكر خلق أهل الإيمان: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة: 71]، ومن الدعوة إلى الله بحكمة وبصيرة قال الله -جل وعلا-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [النحل: 125].

 

أيها المسلم: ومن المسؤولية العامة: مسؤولية وسائل الإعلام، لاسيما في هذه القنوات الفضائية والشبكات المعلوماتية فإن مسؤوليتها عظيمة, فالمسؤولون على هذه القنوات عليهم مسؤولية نحو دينهم ونحو مجتمعهم في الدعوة إلى الله وحماية العقيدة ومبادئ الإسلام وأسسه، والمحافظة على الأخلاق والقيم والسعي في نشر الخير بين الناس والبعد عن رذائل الأخلاق والأعمال.

 

إن الواجب على الإعلام تقوى الله في أنفسهم وأن يسعوا في تأصيل شباب الأمة وتوعية الأمة وخدمة قضاياها، ومن مسؤولية وسائل الإعلام أيضا: أن يهتموا بتحذير المسلمين من مكائد أعداءهم ومخططاتهم الرهيبة التي يريدون بها زرع الخلاف بين أفراد الأمة وإلقاء العداوة والبغضاء وسفك الدماء بين أفراد الأمة؛ حتى يضعف شأن الأمة وحتى يمكن الأعداء السيطرة على الأمة، فإن الواجب على الإعلام تبصير الأمة وتحذيرها عن كل المكائد التي يخطط الأعداء لها ويريدون ضرب الأمة بعضها في بعض، هذه الفتن المتتابعة والمصائب المتعاقبة إنه لبلاء عظيم، إنه الدناءة في ضعف الأمة وعدم رعيتها وعدم بصيرتها.

 

أيها المسلمون، هذه الدماء التي تراق كل يوم، وهذه الفتن المتعاقبة يوم بعد يوم، ما هي أسبابها؟ من الباعث لها؟ إنها والله ثقل الوعي عن الأمة حتى سير بالأمة يسوقونها إلى هذه الفتن كأنهم قطيعة من الغنم لا يدرون ما يراد بهم, إنها مصيبة فتبصروا -معشر المسلمين- في أموركم، تبصروا في واقعكم، تبصروا في أمتكم، انظروا ماذا يردا بكم؟.

 

إن أعداءكم لا يريدون نصحا ولا محبة ولا مودة؛ لكنهم ساعون في تدمير كلمتكم صانعين أسلحة الدمار والخراب؛ ليقتل بعضكم بعضا ويهلك بعضكم بعضا، هذه الأمة التي لجأت في كثير منها تفرقت وشتت شملها وأصبحوا في بلادهم في خوف ورعب وذل وهوان، لماذا؟ لأن أبناء الأمة جاهلون في واقعهم لا يدرون ماذا يردا منهم؟ تنزل هذه الفتن ونسمعها كل يوم هنا وهناك، إنها لمصيبة والله تقض مضاجع الأمة. فلنتقِ الله في أنفسنا وليكون إعلامنا إعلاما صحيحا يحذر الأمة من مكائد الأعداء ويوضح لهم الطريق المستقيم.

 

أيها المسلمون، بعض المحطات الفضائية تعزم على إخراج مسلسل رمضاني بعنوان التحذير من محرمات في رمضان، هذا المسلسل وأمثاله الذي بث بعضه إذا تأمله المسلم حق التأمل وجد أنه دعوة للفساد لا دعوة للأخلاق الفاضلة؛ لأن هذا الفيلم يصور -والعياذ بالله- انتهاك المحرمات, هو تصوير سيئ يحطم الحواجز ويُغري السفهاء بهذه الأمور، الواجب علينا أن نحذر من الشر ووسائله وذرائعه دون أن نصور واقعه كأنه واقع محسوس.

 

المسلمون فيهم حياء من الله -إن شاء الله-، المسلم يستحي من الله حق الحياء، "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" فكون يصور فيلما ويقال فيه: إن هذا فعل بأمه، وهذا فعل بأخته، وهذا فعل وهذا فعل كيف يُروى ذلك؟ هذه أمور محرمة شرعا نحذر منها بالآيات القرآنية والسنة النبوية، أما أن نخرجها في أفلام مصورة مجسدة فيها استباحة هذا الحرام، ونشر هذه المحرمات وإعلانها على الملأ فإن هذا أمر خطير، فليتقِ الله أرباب القنوات ليخافوا الله ويحذروه، ويحذروا من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بعده إلى يوم القيامة".

 

فاتقوا الله في أنفسكم -يا أمة الإسلام يا مالك القنوات-, اجعلوا رمضان شهر توعية وتوجيه إلى الخير والهدى لا تسلية زائدة ولا دعوة للانحراف الأخلاقي والقيم فإن هذا أمر غير جائز.

 

فلنتقِ الله في أنفسنا ولنحافظ على ديننا، ولنستقبل رمضان بتوبة نصوح وعزيمة صادقة ودعوة إلى الخير، ونحول إعلامنا ليكون ناصراً للشريعة لا أن يكون عدوا لها ولا أن يكون ناشراً بما يفسد الأخلاق والقيم فإن هذه أمور خطيرة.

 

ومن الرعاية العامة: رعاية الأسرة الثقافية والعلمية بتربية النشء والشباب على الخير والتقى والعقيدة الصحيحة والأخذ على أيدي أبناءنا وتوجيهم بما ينفعهم وإبعادهم عما يضرهم وتهيئتهم بأن يكونوا رجالا صالحين؛ يتحملون المسؤولية في بلادهم ويتحملون العلم والمعرفة, ما يحفظون به بلادهم وما يقوي مداركم من علم وصناعة وطب وغير ذلك، لنحفظ شبابنا ولتكن مناهجنا مناهج تخرج هذه العقيدة وتؤسس هذه بالنفوس، فإن عقيدتنا وتأسيسها في نفوس أبناءنا أمر مهم علينا لتكون مناهجنا مناهج علمية إيمانية تنطلق من غيرة لله وعلى دينه، وعلى محارمه.

 

أيها المسلمون: ومن المسؤولية العامة أيضا: مسؤولية الدعاة إلى الله من الخطباء والعلماء والمفتون فكل مسؤول عن هذه الأمة، كل مسؤول، العالم مسؤول، المفتي مسؤول، خطيب المسجد مسؤول، المعلم مسؤول، كل يؤدي حقه، الخطيب يدعو إلى الخير ويحذر من الشر ويبين الهدى من الضلال من غير غلو ولا تفريط، المعلم يعلم الخير، الكاتب، المفتي، الداعي إلى الله كل منا مسؤول عن هذا الدين وحمايته، يقول عمر -رضي الله عنه-: "ما منكم إلا على ثغر من ثغور الإسلام، الله الله أن يؤتى الإسلام من قِبله".

 

أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والعون على الخير إنه على كل شيء قدير.   

    

واعلموا -رحمكم الله- أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.

 

وصَلُّوا -رحمكم الله- على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفاءه الراشدين الأئمة المهدين أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.

 

اللَّهمَّ آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، اللَّهمَّ وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بن عبدالعزيز لكل خير وثبته بأقواله وأعماله، وبارك له في عمره وعمله إنك على كل شيء قدير، وشد عضده بولي عهد وولي ولي عهده وجعلهم جميعا هداة إلى الخير وأعنهم إنك على كل شيء قدير.

 

عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

 

 

 

 

المرفقات

1

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات