المداومة على الطاعات

عبد الله بن ناصر الزاحم

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/ ثمرات المداومة على الطاعات 2/ الحذر من الأهواء والشهوات 3/ اغتنام الزمان ومجاهدة النفوس

اقتباس

إنَّ المداومة على الطاعات من الأسباب المعينة على الثبات على دين الله، يقول الحقّ -تبارك وتعالى-: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [النساء:66-68]. فهذه أربعةُ أمور يفوز بها من أطاع الله: الخيريّة، والثبات، والأجر العظيم، والهداية إلى الصراط المستقيم.

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه...

 

أما بعد: أيها المسلمون، فاتقوا الله -تعالى- حقّ التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].

 

عباد الله: لا تغرّنّكم الآمال الطِّوال، ولا تنسوا قربَ الآجال، فكم من مؤمِّلٍ لم يدرك أمله!.

 

تزود من التقوى فإنك لا تدري *** إذا جَنّ ليل هل تعيش إلى الفجرِ؟

فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيمٍ عاش حينا من الدهر!

 وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا *** وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري

 وكم من صغار يرتجى طول عمرهم *** وقد أدخلت أجسامهم ظلمة القبر

وكم من عروس زينوها لزوجها *** وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر

وأصدق من ذلك قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون:9-11].

 

أيها المسلمون: مرت بنا أيام مباركة، ومواسم فاضلة، عاش المسلمون خلالها مع عبادات جليلة: صيام، وذكر، وحج، وأنساك؛ يتقربون بها إلى الله، فما أجملها من أيام! وما أسعدها من مواسم! والموفق من يُعينه الله على المحافظة على ما كسب من أجور، وما حاز من حسنات.

 

عباد الله: إن الشهواتِ من ألدِّ أعداء الدين، والأهواء حذَّر منها رب العالمين، ومن أراد النجاة فليلزم صراطَ اللهِ المستقيم، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) [الأنعام:153].

 

 فالفلاح لمن ثبته الله على الصراطِ القويم، وسار على شرعِ الله العظيم؛ والنجاة لمن حرِصَ على أن يكون يومُهُ خيراً من أمسِه، وغدُهُ خيراً من يومه.

 

فتمسكوا -عباد الله- بكتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنبينا -عليه الصلاة والسلام- يقول: "تركتُ فيكم ما إن تمّسكتم به لن تضلّوا: كتاب اللهِ، وسنّتي".

 

أيّها المسلمون: إنَّ المداومة على الطاعات من الأسباب المعينة على الثبات على دين الله، يقول الحقّ -تبارك وتعالى-: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [النساء:66-68].

 

فهذه أربعةُ أمور يفوز بها من أطاع الله: الخيريّة، والثبات، والأجر العظيم، والهداية إلى الصراط المستقيم.

 

 أمّا الجزاءُ فأعظم جزاء، يقول الله -جل وعلا-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) [فصلت:30-31].

 

ويقول -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأحقاف:13-14].

 

فمن تقرب إلى الله في تلك المواسم فحري به أن يتأدَّبَ معه -جل وعلا-، وجدير به أن يستحيي من الله، فيمنَعهُ حياؤه من أن يتلطّخ بشيءٍ من المعاصي بعد أن نزَّهَهُ الله منها. فالإيمانُ يَزيد بالطاعةِ، وينقص بالعصيان، (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) [مريم:76].

 

روى الترمذيّ والحاكم وغيرهما أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أُنزِلَ عليَّ عشرُ آيات، من أقامَهنّ دخل الجنة"، ثم قرأ: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون:1-11].

 

فاتقوا الله عباد الله، وحافظوا على أجوركم، واستقيموا على أمر الله طيلة حياتكم؛ لتفوزوا برضوان الله ونعيمه بعد مماتكم.

 

أسأل الله -جل وعلا- أن يوفقنا إلى العمل الصالح الذي يرضيه، ويرزقنا الثبات على الحق والهدى، ويقينا شرور أنفسنا ونزغات الشياطين.

 

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ذي الطَّول والإنعام، والفضلِ والإحسان، أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد أيّها المسلمون: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، فإن تقواه أفضل زاد ليوم المعاد. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال:29].

 

واعلموا -عباد الله- أن الدنيا مضمار سباق، سبقَ قومٌ ففازوا، وتخلَّفَ آخرون فخابوا، فرحم الله عبدًا نظر فتفكر، وتفكر فاعتبر، وأبصر فصبر؛ ولا يصبر على الحق إلا من عرف فضله، ورجا عاقبته، (إِنَّ الْعَقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [هود:49].

 

عباد الله: إننا في الدنيا أغراض المنايا، وأوطان البلايا، وأخلاف بعد أسلاف، وسنكون أسلافاً قبل أخلاف؛ فعلينا أن نغتنم الزمان، ونجاهد الأنفس، فإن المجاهدة بضاعة العُبَّاد، ورأس مال الزُهَّاد، وبها صلاح النفوس؛ فسددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وعليكم بشيء من الدلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا!.

 

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمدكما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد...

 

 

 

المرفقات

على الطاعات

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات