اللهو المذموم والترفيه المباح

ناصر بن محمد الأحمد

2015-02-08 - 1436/04/19
عناصر الخطبة
1/ذم القرآن والسنة للهو2/المقصود باللهو وخطره على هوية الإسلام 3/بعض الأدلة الشرعية على تحريم الغناء 4/اللهو المحرم وبعض صوره ووسائله 5/الترفيه المباح وبعض صوره

اقتباس

إن من وسائل الحركات المناهضة للأمة الإسلامية، وجعلها تطرح المنهج الإسلامي ليحل محلها الأنظمة الغربية البائرة، والمناهج الوضعية الفاشلة، التي اختلقها أولو الأهواء لصرف البشرية عن ربها، وطريق خلاصها وسعادتها: وسائل من اللهو مختلفة ومتنوعة، من مسرحيات ومسلسلات، وأغاني ومباريات، وغيرها من وسائل اللهو التي تشكل قسطاً كبيراً من الدعوة إلى...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

تحدثنا فيما سبق عن بعض الأمور التي تحصل في إجازات الصيف، وما قد يصاحب ذلك من بعض المخالفات والمحرمات، فكانت هناك خطبة عن السفر والسياحة، وما قد يصاحبها من مخالفات ومنكرات، وأمور لا ترضي الله -عز وجل- تحت مظلة السياحة، ثم كانت هناك خطبة عن الزواج، وما قد يحصل فيها أيضاً من منكرات ومخالفات، وهذا أمر ثالث أيضاً غالباً ما يصاحب الصيف، وإجازات المدارس، وهو: اللهو.

 

إن اللهو جاء في القرآن على وجه الذم والتقبيح، قال تعالى: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا)[الأنعام: 70].

 

وقال تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)[الأنعام: 32].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "كل ما يلهو به الرجل باطل...".

 

فاللهو هو ما كان من الأعمال غير الجادة، وهو التلهي عن القيام بالأعمال الجادة النافعة.

 

وإن من وسائل الحركات المناهضة للأمة الإسلامية، وجعلها تطرح المنهج الإسلامي ليحل محلها الأنظمة الغربية البائرة، والمناهج الوضعية الفاشلة، التي اختلقها أولو الأهواء لصرف البشرية عن ربها، وطريق خلاصها وسعادتها: وسائل من اللهو مختلفة ومتنوعة من مسرحيات ومسلسلات، وأغاني ومباريات، وغيرها من وسائل اللهو التي تشكل قسطاً كبيراً من الدعوة إلى إشاعة الانحلال الأخلاقي، وأداة فعالة لاختطاف ألباب شبابنا، ودفعه إلى دائرة الأهواء والإباحية والمسخ الفكري، وتحت دعوى الترفيه البريء، أُدخلت جيوش أخبث من جيوش الاحتلال العسكري، وهي أفواج المغنيين والمغنيات، والممثلين والممثلات وأمثالهما من البغايا والراقصات، وشُجع على إنشاء المسارح وفرق الغناء، والتمثيل والملاهي المتنوعة.

 

كل ذلك يشكل معولاً من معاول الهدم والتخريب لأسس وركائز النهضة الإسلامية المرتقبة في أي وقت وحين.

 

إن هناك خطرين يتهددان الأصالة الإسلامية، والهوية المسلمة، يحرمانها من الفطرة التي فطر الله الناس عليها:

 

أولاً: ما تقدمه مناهج التعليم المفرغة من الإيمان الحقيقي بالله، والعمل الخالص لوجهه، وبناء المجتمع الإسلامي على الأرض، والقائمة في معظم بلدان العالم الإسلامي -إلا من رحم الله- على مفاهيم الطبيعة والجبرية، وصراع الأجيال، والصراع الطبقي، والتفسير المادي للتاريخ، والخضوع للجنس، وغيرها.

 

ثانياً: ما تقدمه وسائل اللهو المتمثلة في المسارح والإذاعة والقصص والروايات والمسلسلات والأغاني والطرب والقنوات الفضائية، والآن شبكات الانترنت، أقول: ما تقدمه هذه من مفاهيم ضالة، وشبهات وشهوات وسموم وأساطير، وخرافات وشركيات، هذه المفاهيم التي تستنكر قيم الإسلام الحقيقية، والتي تحقق ذلك التمزق الخطير بين الرجل والمرأة، والزوج والزوجة، والابن والأب.

 

والحديث بالتفصيل عن وسائل اللهو هذه حديث طويل، لكن سنعرّج على بعضها إبراءً للذمة، وتحذيراً وتنبيهاً لأبناء الأمة أن يقعوا في شراكها وشباكها.

 

فمن وسائل اللهو المحرمة والمنتشرة، والتي أغرقت كثير من البيوت، وأخذت بلب أعدادٍ من الشباب والشابات: الغناء: ذلكم الغناء الذي انتشر في بيوتات المسلمين وشوارعهم، بل وصل الأمر إلى إقامة حفلات غنائية ومهرجانات غنائية -والله المستعان-، قال الله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)[لقمان: 6].

 

جاء في تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى- عن غير واحد من السلف: أن المراد بهذه الآية هو الغناء، وقد حلف الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- بالله الذي لا اله إلا هو ثلاث مرات أن المراد بلهو الحديث في هذه الآية، هو: الغناء.

 

وفي الصحيح قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرى والحرير والخمر والمعازف".

فقوله عليه الصلاة والسلام: "يستحلون" يدل على أن هذه الأشياء محرمة، وهي الحرى -أي الزنا- والحرير والخمر والمعازف.

 

أيها المسلمون: إنك لتعجب أحياناً من هذه الحفلات الغنائية التي تقام، وهذا اللهو والطرب الذي قد شغل به الصغير والكبير، فتسأل أهو للعز الذي يتمتع به المسلمون، أم هو للفتوحات التي حققوها في كل صعيد، مع أن الأصل في حق المسلمين عند تحقق أية نعمة أن يشكروها بطاعة الله، ولا يقابلوها بمعصية الله، فكيف إذا كان الوضع مقلوباً، تخلفٌ مع معصية؟

 

والله إن الواجب في حقنا البكاء على ما نعيشه من أوضاع، ولكن أين القلوب التي تبكي؟ أين هي؟

 

إنها شُغلت باللهو والطرب والغناء.

 

على عدم البكاء أخيّ فابكِ *** فما جدوى الحياة وأنت لاهِ

وما طعم الحياة بلا أنينٍ *** وما الدنيا بلا دمع وأهِ

 

أيها المسلمون: أن الوضع التي تعيشه أمتنا ومجتمعاتنا من الذل والهوان والضياع والشتات، ومن التخلف في كل مجال، ومن نقص في الكوادر في جميع التخصصات، فهل مثل هذه الأوضاع يدع مجالاً ووقتاً لعاقل أن يطرب ويغني ويلهو، فكيف إذا كان الإسلام بعد هذا كله يحرم الغناء والموسيقى أصلاً؟.

 

لقد كان فيما مضى إذا قيل المسلمون، إذا ذكر المسلمون، تذكر الناس القادة الجهابذة، والعلماء الربانيين، وعمالقة المسلمين في كل مجال، إذا قيل المسلمون، تذكر الناس العز بن عبد السلام، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وأحمد بن حنبل، وصلاح الدين الأيوبي، تذكر الناس سعداً وخالداً والمثنى، وغيرهم وغيرهم ممن نعجز عن حصرهم أو عدهم ممن قدموا وبذلوا لهذا الدين.

 

أما اليوم، وفي وقتنا هذا بالذات، فماذا يقدم للعالم من شخصيات ونماذج تمثل شخصية المسلمين الحقيقية؟

 

مع كل أسف لقد أبرز الإعلام شخصيات ونماذج في حقها أن تكون في ذيل القائمة، بل حتى الذيل لا تستحقه، من مغنيين ومغنيات، ولاعبين وأصحاب أقلام مشبوهة، وغيرهم ممن أُبرزوا وقدموا نماذج وشخصيات تمثل المسلمين، ولا يعني هذا أن الأمة قد عجزت عن إخراج رجال وقدوات وقادة، لا، الرجال موجودون، والقدوات موجودة، لكن منع من ظهورهم أسباب، صحيح أنهم ربما ليسوا بمستوى تلك النماذج السابقة، لكنهم رجال وقدوات، وقادة يستحقون أن يُقدموا.

 

فيا عبد الله: ما هو موقفك أمام الله -عز وجل- يوم القيامة، إذا فتحت صحيفتك، وإذا هي مليئة بما سمعته أذناك من الأغنية الفلانية، والمغني الفلاني؟.

 

تنشر صحيفتك أمام الناس، وإذا بكلمات الغناء أضعاف أضعاف كلمات القرآن، كيف يجتمع في القلب الواحد الضدان والنقيضان، وحي الرحمن ووحي الشيطان؟

 

إن الغناء وحي الشيطان، والقرآن وحي الرحمن، ولو اجتمع الضدان في مكان واحد، فلا بد أن يطرد أحدهما الآخر.

 

لا يمكن -أخي المسلم- أن تكون محباً للألحان، ومحباً للقرآن في آن.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون- قبل أن نندم في يوم لا ينفع فيه الندم: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء: 88 - 89].

 

إن البيوت التي كان يتلى فيها كتاب الله -تعالى-، وترتفع فيها أصوات التهليل والتكبير والتسبيح قد أصبحت مراقص من خلال القنوات والإذاعات، لا يسمع فيها طوال الليل والنهار إلا الزمر والتصفيق وأنغام الشياطين من الزور والباطل.

 

إن الأسر والعائلات الإسلامية التي كان إذا جهر بين أفرادها بلفظة سوء أو بعبارة بذيئة تمعرت وجوه الجالسين منهم حياءً وخجلا، وتفرقوا يبكون من الحياء والاحتشام، أصبحت هذه الأسر تجتمع، وهي تنظر وتسمع للغناء والموسيقى، وكلها ألفاظ عشق وفحش وغرام، مع مناظر أقرب ما تكون للعريّ، ثم يتفرقون، وكأن الأمر طبيعي جداً.

 

روى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله -تعالى- حرم على أمتي الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام".

 

و"الكوبة" هي: الطبلة الصغيرة.

 

والغبيراء: آلة من آلات الطرب أشبه ما تكون بالطنبور.

 

وسأل الإمام مالك -رحمه الله-، سأله تلميذه ابن القاسم عن الغناء، فأجابه قائلاً: "قال الله –تعالى-: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ)[يونس: 32].

 

أفحق هو؟

 

وقال أيضاً رحمه الله: "الغناء إنما يفعله الفساق عندنا".

 

وسأل الإمام أحمد عنه، فقال: "الغناء ينبت النفاق في القلب فلا يعجبني".

 

فلنتق الله -عباد الله- ولنحافظ على حسناتنا التي نتعب في جمعها، من خلال صلاة وصيام وصدقة وذكر وتلاوة، ثم تحرقها -يا عبد الله- بأغنية تسمعها، أو معصية تفعلها، فكن على حذر، فإن العمر قصير، والموت قريب، والعذاب شديد، والنار محرقة، والبدن ضعيف.

 

أيها المسلمون: ومن الوسائل التي استخدمت في إلهاء الشعوب: الرياضة، والحديث عنها طويل ومتشعب، فإن كان لابد من كلمة فليعلم بأن الرياضة من خلال واقعها اليوم يكسبنا قناعة تامة لا يشوبها أدنى شك في صيرورتها آلة تطويع، وتوجيه لدواليب السياسة في معظم دول العالم، تتحكم فيها الحركات العالمية المعادية لحقوق الدول المستضعفة والمغلوبة على أمرها، وما هذا الضغط الإعلامي المثقل بسيل من المباريات الدولية، والتي تبثها مختلف وسائل النقل التلفزي عبر شبكة الأقمار الصناعية من جميع أرجاء العالم، وبعد حملة مكثفة من الدعاية لها، والإعلانات المتوالية لمواعيدها قبل أسابيع من إجرائها إلا وسيلة من الوسائل التي تجد فيها الحركات المعادية والإمبريالية العالمية دواءً ناجعاً لتسكين آلام الضياع والبؤس والجهل والمرض التي تفتك بجسد الأمم المستضعفة؛ وتعطي الأنظمة الغربية المزيد من ربح الوقت للاستمتاع بنشوة استعباد هذه الأمم إلى حد الرقص على جراحها ومواضع آلامها.

 

ومن اللهو المحرم: لعبة النرد: وكانت تسمى في القديم ب"النردشير" نسبة إلى أول من وضعها أحد ملوك الفرس، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لعب ب"النردشير" فكأنما غمس يده في لحم خنـزير"[رواه مسلم].

 

وعند أبي داود من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لعب بالنرد، فقد عصى الله ورسوله".

 

ومن اللهو الذي حرمه جمع من العلماء: لعبة الورق: بسبب انعدام المقاصد الإسلامية في هذه اللعبة؛ فإنها لا تكسب مهارة جهادية، ولا خبرة علمية، ولا فائدة اجتماعية، ولا استراحة نفسية تهدأ فيها الأعصاب، وترتاح بها النفوس، إنها لعبة مجردة من كل خير، بل هي محض هرج وجدل وقتل للوقت، ترتكز على التخمين والحدس فشابهت النرد، وتفضي إلى الخصام والشجار فشابهت الخمر والقمار، وفيها الإلهاء الشديد والصد عن ذكر الله.

 

أسأل الله -تعالى- أن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.

 

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه...

 

أقول هذا القول...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد:

 

إن في جنس الإنسان جانباً آخر لابد من مراعاته، وحاجة غير حاجته إلى الجد والانضباط لابد من إشباعها وأداء حقها، ذلك الجانب هو الاستجمام والترويح والترفيه المباح: إن المواظبة على الحزم والجد في كل حال أمر شاق على النفس، وتورث الملل والضيق؛ ذلك لأن النفس مجبولة على المراوحة بين الأشياء، فهي تنتقل من عمل إلى آخر، ومن قول إلى قول، وتختلف فيما بين الجد والفكاهة، وتجد راحتها في عمل ترغب في القيام به، ولا تكاد تتقنه حتى تمله، وتبحث عن عمل آخر، ولا تزال مصغية إلى قول معين، فإذا ملّت طلبت حديثاً من نوع آخر.

 

ولعل هذا التحول في النفس هو الذي يعنيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من خلال توجيهه للصحابي الجليل حنظلة، كما في صحيح مسلم: "والذي نفسي بيده إنكم لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة".

 

قال الشيخ الأُبّي معلقاً على هذا الحديث: "سنة الله -تعالى- في عالم الإنسان أن فعله متوسط بين عالم الملائكة وعالم الشياطين، فمكن الملائكة في الخير بحيث يفعلون ما يؤمرون ويسبحون الليل والنهار لا يفترون، ومكن الشياطين في الشر والإغواء بحيث لا يغفلون، وجعل عالم الإنسان متلوناً، وإليه أشار صاحب الشرع -صلوات الله وسلامه عليه- بقوله: "ولكن يا حنظلة ساعة وساعة".

 

فيا عبد الله: هناك الرحلات والتنـزه في الخلوات مع المحافظة على الحشمة والستر، وهناك بعض الرياضات التي حث الإسلام عليها لنفعها في الدنيا والآخرة كالرماية، وهو استخدام نوع من السلاح والتصويب به نحو هدف معين كي يختبر قدرته على إصابة الهدف، فعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر، يقول: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)[الأنفال: 60].

 

 ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي"[رواه مسلم، في كتاب الإمارة، بابفضل الرمي والحث عليه].

 

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه المحتسب في عمل الخير، والمعين به، والرامي به في سبيل الله -عز وجل-"[رواه أصحاب السنن].

 

ولقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يخصصون ما بين العشاءين لتعلم الرماية، روى البخاري بسنده إلى رافع خديج، قال: "كنا نصلي المغرب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فينصرف أحدنا، وإنه ليبصر مواقع نبله".

 

ومن الرياضات أيضاً: السباحة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل شيء ليس من ذكر الله، فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة"[رواه النسائي].

 

ومن الرياضات: تعلم ركوب الخيل، والمسابقة بينها، قال صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"[أخرجه البخاري].

 

وفي البخاري أيضاً: أنه صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل.

 

أيها المسلمون: إن الإسلام دين جاد، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، فليس هناك قتل للأوقات بدون فائدة، ثم إن عمر الإنسان ليس ملكاً له، بل هو ملك لله استخلف فيه الإنسان ليوظفه في النهج الذي أمر به، وربطه بسر وجود هذا الكون، فالإسلام يقوّم عمر الإنسان في هذه الحياة الدنيا، بأنه أسمى وأغلى من أن يضيع فقراته بين لهو عابث سخيف لا قيمة له، ولعب باطل لا يأتي من ورائه بمنفعة دنيوية طيبة، أو أخروية نبيلة.

 

فالإسلام قد حرم بعض أنواع اللهو، وحرم بعض الألعاب التي قد تمارس، لكنه أباح غيرها كثير ضمن ضوابط مثل: خلوه من المحرمات، وعدم إفضائه إليها، وألاّ يصد عن أداء الواجبات الشرعية، وألاّ يشمل على اعتداء على حرمة أو حق من حقوق الغير، وعدم حدوث إسراف أو تبذير في أي مجال مالي، وعدم اشتماله على كذب أو تزييف للحقائق، وألاّ تؤدي هذه اللعبة إلى إشاعة مفاسد أو منكرات، وعدم إثارتها للعداوة والبغضاء والصراعات، وأن يزاول في ظروف وأجواء إسلامية.

 

الإسلام دين جاد، ولو تأملنا في بعض أنواع الترفيه الذي أباحه الإسلام لرأينا أنها تحقق مقصداً من مقاصد الشريعة من تأليف قلوب الناس على الإسلام، أو التلطف معهم في سبيل ربطهم بأعمال جادة وهادفة، أو إعداد القوة والعدة لمواجهة التحديات عسكرية كانت أو مدنية، أو إعلام الناس بسماحة الإسلام، ويسر تكاليفه، أو غيرها من المقاصد النبيلة، والأهداف السامية.

 

اللهم علمنا ما ينفعنا ...

 

اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك...

 

 

المرفقات

المذموم والترفيه المباح

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات