عناصر الخطبة
1/ من أحب الأعمال إلى الله 2/فضائل ذكر الله تبارك وتعالى 3/أفضلية ذكر الله عن الصدقة 4/ فضل تعظيم الله وتبجيله.اقتباس
إِنَّ تَعْظِيمَ اللَّهِ، وَتَوْقِيرَهُ، وَتَبْجِيلَهُ، مِنْ أَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ، والذِّكْرُ أَعْظَمُ عِندَ اللَّهِ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَجَمِيع مَا فِي هَذَا الْكَوْنِ لَا يَعْدِلُ شَيْئًا أَمَامَ ذِكْرِ اللَّهِ، وَلَئِنْ كَانَ الإِنْفَاقُ فِيهِ خَيْرًا وَمَنْفَعَةً، لَكِنَّ تَعْظِيمَ اللَّهِ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُم عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عِبَادَ الله: إِنَّ تَعْظِيمَ اللَّهِ، وَتَوْقِيرَهُ، وَتَبْجِيلَهُ، مِنْ أَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ، والذِّكْرُ أَعْظَمُ عِندَ اللَّهِ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَجَمِيع مَا فِي هَذَا الْكَوْنِ لَا يَعْدِلُ شَيْئًا أَمَامَ ذِكْرِ اللَّهِ، وَلَئِنْ كَانَ الإِنْفَاقُ فِيهِ خَيْرًا وَمَنْفَعَةً، لَكِنَّ تَعْظِيمَ اللَّهِ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ. فَمَا تَقَرَّبَ عَبْدٌ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَعْظَمَ مِنْ تَبْجِيلِهِ، وَتَعْظِيمِهِ، وَتَسْبِيحِهِ، وَتَحْمِيدِهِ، وَتَهْلِيلِهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
وَلَقَدْ جَاءَ فَضْلُ الذِّكْرِ عَلَى الصَّدَقَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، بِمَا يَدُلُّ دَلَالَةً قَاطِعَةً عَلَى أَنَّ النَّفْعَ الذَّاتِيَّ، مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي بِصُورَةٍ عَامَّةٍ، وَإِنْ وَرَدَتْ حَالَاتٌ، فُضِّلَ فِيهَا النَّفْعُ الْمُتَعَدِّي، إِلَّا أَنَّ الأَصْلَ يَبْقَى أَنَّ النَّفْعَ الذَّاتِيَّ أَوْلَى مِنَ النَّفْعِ الْعَامِّ.
وَلَا يَعْنِي ذَلِكَ التَّقْصِير فِي الصَّدَقَةِ، أَوِ التَّهَاوُنِ بِهَا، فَكِلَاهُمَا خَيْرٌ، وَلَكِنَّهَا فُرْصَةٌ لِمَنْ لَمْ يُرْزَقِ الْمَالَ، لِيُكْثِرَ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ رُزِقَ الْمَالَ، فَلْيَجْمَعْ بَيْنَ الْخَيْرَيْنِ. وَإِلَيْكُمْ الأَدِلَّةَ الدَّالَّة الْوَاضِحَة الْبَيِّنَة عَلَى فَضْلِ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَتَبْجِيلِهِ:
أولاً: أَعْظَمُ مِنْ جَبَلِ ذَهَبٍ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "من هالَه الليلُ أنْ يُكَابِدَه، أو بَخِلَ بالمالِ أن يُنْفِقَه، أو جَبُنَ عن الْعَدُوِّ أنْ يقاتلَه؛ فلْيُكثِر مِن: "سُبحان اللهِ، وبحمدِه"؛ فإنها أحبّ إلى اللهِ من جبلِ ذهبٍ، ينفقُه في سبيل اللهِ-عزَّ وجلَّ-".
ثانيًا: أَفْضَلُ مِنْ إِنْفَاقِ الدَّرَاهِمِ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لو أنَّ رجُلًا في حِجرِه دراهمُ يقسِمُها، وآخَرَ يذكُرُ اللهَ؛ كَانَ الذَّاكِرُ للهِ أفضَلَ".
ثالثًا: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ فَاتَهُ اللَّيْلُ أنْ يُكَابِدَه، وَبَخِلَ بمالِه أنْ يُنفقَه، وجَبُنَ عَنْ عَدُوِّه أَنْ يقاتلَه؛ فليكثرْ من: "سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ"؛ فَإِنَّهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ، مِنْ جَبَلِ ذهبٍ، أَوْ فضةٍ، ينفقُه فِيْ سبيلِ اللهِ -عزَّ وَجَل-".
رابعًا: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن عجزَ منكم عنِ اللَّيلِ أَنْ يُكابدَه، وَبَخِلَ بِالمَالِ أن ينفقَه، وجبُنَ عنِ العدوِّ أن يجاهدَه؛ فليُكثر ذِكرَ اللهِ".
خامسًا: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَلَا أُنبِّئُكُم بخيرِ أعمالِكم، وأزْكاها عندَ مَليكِكُم، وأرفَعِها في دَرَجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وخيرٌ لكم مِن أنْ تَلْقَوا عَدُوَّكُم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبُوا أعْنَاقَكُم؟" قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "ذِكرُ اللهِ تَعَالَى".
سادسًا: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا صدقةٌ أفضلُ من ذكرِ اللهِ تَعَالَى".
سابعًا: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن ضَنَّ بالمالِ أن يُنفِقَه، وباللَّيلِ أن يُكابِدَه؛ فعليه بـ "سُبْحانَ اللهِ، وبحَمْدِه".
ثامنًا: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمِل آدمِيٌّ عملًا، أَنْجَى له منَ العذابِ، مِن ذِكرِ اللهِ".
تاسعًا: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "كبِّري اللهَ -مائةَ مرَّةٍ-، واحْمَدي اللهَ -مائةَ مرَّةٍ-، وسبِّحي اللهَ -مائةَ مرَّةٍ- خيرٌ من مائةِ فرَسٍ، مُلجَمٍ مُسْرَجٍ في سبيلِ اللهِ، وخيرٌ من مائةِ بدَنةٍ، وخيرٌ مِنْ مائةِ رقبةٍ".
عاشرًا: أتى فُقَرَاءُ الصَّحَابَةِ إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: "يَا رَسولَ اللهِ، ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرَجَاتِ، والنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. قالَ: كيفَ ذَاكَ؟ قالوا: صَلَّوا كما صَلَّيْنَا، وجَاهَدُوا كما جَاهَدْنَا، وأَنْفَقُوا مِن فُضُولِ أمْوَالِهِمْ، وليسَتْ لَنَا أمْوَالٌ. قالَ: أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بأَمْرٍ، تُدْرِكُونَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، وتَسْبِقُونَ مَن جَاءَ بَعْدَكُمْ، ولَا يَأْتي أحَدٌ بمِثْلِ ما جِئْتُمْ به، إلَّا مَن جَاءَ بمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ -عَشْرًا-، وتَحْمَدُونَ -عَشْرًا-، وتُكَبِّرُونَ -عَشْرًا-". وأهلُ الدُّثُور: أهلُ المَالِ.
الحادي عَشَرَ: جَاءَ الفُقَراءُ إِلَى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: "ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأمْوالِ بالدَّرَجاتِ الْعُلا، والنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كما نَصُومُ، ولَهُمْ فَضْلٌ مِن أمْوالٍ يَحُجُّونَ بها، ويَعْتَمِرُونَ، ويُجاهِدُونَ، ويَتَصَدَّقُونَ، قالَ: "ألا أُحَدِّثُكُمْ إنْ أخَذْتُمْ أدْرَكْتُمْ مَن سَبَقَكُمْ، ولَمْ يُدْرِكْكُمْ أحَدٌ بَعْدَكُمْ، وكُنْتُمْ خَيْرَ مَن أنتُمْ بيْنَ ظَهْرانَيْهِ، إلَّا مَن عَمِلَ مِثْلَهُ، تُسَبِّحُونَ، وتَحْمَدُونَ، وتُكَبِّرُونَ، خَلْفَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ"، فاخْتَلَفْنا بيْنَنا، فقالَ بَعْضُنا: نُسَبِّحُ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، ونَحْمَدُ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، ونُكَبِّرُ أرْبَعًا وثَلاثِينَ، فَرَجَعْتُ إلَيْهِ، فقالَ: تَقُولُ: "سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لله، واللهُ أكْبَرُ، حتَّى يَكونَ منهنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاثًا وثَلاثِينَ".
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.
أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.
اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلَا تُعَامِلْنَا بِمَا نَحْنُ أَهْلُهُ، أَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ، وَالْفَضْلِ والإِحْسَانِ، اللَّهُمَّ اِرْحَمْ بِلَادَكَ، وَعِبَادَكَ، اللَّهُمَّ اِرْحَمْ الشُّيُوخَ الرُّكَّعَ، وَالْبَهَائِمَ الرُّتَّعَ.
اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، يَا ذَا الجلَالِ، والإِكْرامِ، يَا ذَا الجلَالِ والإِكْرامِ، أَكْرِمْنَا وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ.
اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمكُمُ اللهُ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم