الكسب الطيب

الشيخ عبدالله اليابس

2022-10-09 - 1444/03/13
عناصر الخطبة
1/حثّ الإسلام على السعي في الأرض والكسب الحلال 2/تحريم الكسب المحرم والاجتراء على المال الحرام 3/وجوب تحرِّي أكلِ الحلال 4/تحري السلف الصالح لأكل الحلال 5/من أسوأ سُبُل كَسْب الرزق.

اقتباس

السعيُ في الأرضِ وطلبُ الرزقِ أمر محمودٌ, وإنما يكونُ محمودًا إنْ كانَ طالبهُ يسلُكُ الطُرُقَ المشروعةَ في طلبِهِ, أما إنِ انتهَجَ النَّهجَ الآخرَ فهو على خطرٍ عظيمٍ,.. مَنْ وَلَغَ في الكَسبِ الحَرامِ, أَو خَالَطَ مَالَهُ...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ الذي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودينِ الحقِّ ليُظهِرَهُ على الدينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُون. وأشهدُ أَلَّا إلَهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شريكَ لَهُ, يَعلمُ مَا كانَ وَمَا يَكُونُ. وَمَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعلِنُونَ. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الصادقُ المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذينَ كانُوا يَهدُونَ بالحَقِّ وَبِهِ يَعدِلُونَ. وَسَلَّمَ تَسلِيماً كثيرا إلى يوم يُبعثون.

 

أَمَّا بَعْدُ: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

يا أمةَ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-.. حبُّ المالِ طبيعةٌ في البشر، وجِبِلَّةٌ في الإنسان؛ (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ)[آل عمران: 14].

 

والكسبُ الطَّيبُ محمودٌ في شريعة الله؛ حيث أمرَ الله بالسعي في الأرضِ لاكتسابِ الرِّزقِ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15].

 

وروى البخاريُّ مِنْ حديثِ الْمِقْدَامِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ".

 

كان زكريا -عليه السلامُ- نجارًا, وكانَ إدريسُ خياطًا, وداودُ حدادًا,  ومحمدٌ -عليه الصلاةُ والسلام- رعى الغنمَ لأهلِ مَكَّةَ عَلَى قَرَارِيطَ.

 

مَا فِي المُقامِ لِذِيْ عَقلٍ وَذِي أَدَبٍ *** مِنْ رَاحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاغتَربِ

سَافِرْ تَجِدْ عِوَضًا عَمَّنْ تُفَارِقُهُ *** وَانصَبْ فَإِنَّ لَذِيذَ العَيشِ فِي النَّصَبِ

إِنِّي رَأيتُ وُقُوفَ الماءِ يُفسِدُهُ *** إِنْ سَاحَ طَابَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ

وَالأُسُدُ لَولَا فِراقُ الغَابِ مَا افْتَرَسَتْ *** وَالسَّهمُ لَولَا فِراقُ القَوسِ لَمْ يُصِبِ

وَالشَّمسُ لَوْ وَقَفَتْ فِيْ الفُلْكِ دَائِمةً *** لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنْ عَرَبِ

والتِّبْرُ كالرَّمْلِ مُلْقًى فِي أَمَاكِنِهِ *** والعُودُ فِي أَرْضِهِ نَوعٌ مِنْ الحَطَبِ

 

أيها الإخوة: السعيُ في الأرضِ وطلبُ الرزقِ أمر محمودٌ, وإنما يكونُ محمودًا إنْ كانَ طالبهُ يسلُكُ الطُرُقَ المشروعةَ في طلبِهِ, أما إنِ انتهَجَ النَّهجَ الآخرَ فهو على خطرٍ عظيمٍ, ولذلكَ فإنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا ما أوصى بالكسبِ الحلال, أخرج مسلمٌ في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ, يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ".

 

نعم.. مَنْ وَلَغَ في الكَسبِ الحَرامِ, أَو خَالَطَ مَالَهُ ما حَرَّم اللهُ فَلَمْ يُبالِ أَكَانَ مالُهُ من حلالٍ أو مِنْ حَرَامٍ, فإنَّ دَعوتَهُ لا تُجابُ, وهُوَ مِنْ علاماتِ آخرِ الزمانِ التي أخبَرَ عنها رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-, أخرجَ البخاريُّ في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ".

 

إنَّ أصحابَ المكاسِبِ الطيبة, والأموالِ الصالحة, هُم أَسلمُ الناسِ دِينًا، وأعفُّهم نَفْسًا، وأهدؤُهم بالاً.

 

هُمْ أَشرَحُ الناسِ صَدرًا، وأهنؤُهم عيشًا، أَعراضُهُم مُصانة، وَأَيدِيهِم نَزيهَة، ورِزقُهم مُبارَك، وذِكرُهم في الناس جميل.

 

إنَّ تحرِّي أكلِ الحلال من أعظم الخِصال التي تحلَّى بها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه، وكان أهلُ السنة والصلاح يتواصَون بالتعفُّف في المآكِل والمشارِب والمكاسِب.

 

أخرج الإمام أحمد وغيرُه وصححه الألبانيُ من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أربعٌ إذا كُنَّ فيك فلا عليك ما فاتكَ من الدنيا: حِفظُ أمانةٍ، وصِدقُ حديثٍ، وحُسنُ خَلِيقَةٍ، وعِفَّةٌ في طُعمة".

 

إنَّ اللهَ طيبٌ لا يقبَلُ إلا طيبًا، والطيبُون للطيِّبات، والطيِّباتُ للطيِّبين، (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النحل: 32].

 

وَرَدَ في خطبةٍ لعثمانَ بنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه-: "وعفُّوا إذا أعفَّكمُ اللهُ، وعليكُمْ مِنَ المطاعمِ بِمَا طَابَ مِنهَا".

 

أيها المسلمون: لَقَد كانَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وصحابتُهُ والصالحونَ مِنْ أُمتِهِ يتحرزونَ من كسبِ ما فيهِ شبهة, فضلاً عَنْ كَسبِ الحرامِ.

 

روى البخاري ومسلم عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -رضي الله عنهمَا- تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "كِخْ كِخْ. لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ".

 

وهذا الصدِّيقُ أبو بكرٍ -رضي الله عنه- يجيئُهُ غُلامُهُ بشيءٍ فيأكلُه، فيقول الغلامُ: أتدرِي ما هُوَ؟ تكهَّنتُ في الجاهليَّة لإنسانٍ، وما أُحسِنُ الكِهانة، لكني خَدَعتُهُ، فَلقِيَني فأعطانِي بذلك، فهذا الذي أكلتَ. فأدخلَ أبو بكرٍ -رضي الله عنه- يدَه في فمِه، فقاءَ كلَّ شيءٍ في بطنِه.

 

وفي روايةٍ أنه قال: "لو لم تخرُج إلا مع نَفْسِي لأَخْرَجتُها، اللهم إني أعتذرُ إليك مما حمَلَتِ العُروقُ وخَالطَ الأمعاء"(أخرجه البخاري).

 

وشرِبَ عمرُ -رضي الله عنه- لبنًا فأعجبَه، فقالَ للذي سقَاه: مِنْ أين لك هذا؟ قال: مَرَرْتُ بإبلِ الصَدَقَةِ وَهُمْ عَلَى مَاءٍ، فَأَخَذْتُ مِنْ أَلبَانِها. فأدخلَ عُمرُ يدَه فاستقاءَ.

 

وهذا عمرُ بن عبدالعزيزَ -رحمه الله- رأى ابنَهُ يَأخُذُ تُفاحةً مِنْ تُفَّاحٍ يَقسِمُهُ بَينَ المُسلمينَ فَانتَزَعَهَا مِنْهُ، فَبَكَى الولدُ وَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ، فَلَمَّا عَاتَبَت زَوجَهَا عَلَى ذَلِكَ قال: "واللهِ لَقَدِ انتزَعتُها وَكَأَنِّي أَنتَزِعُهَا مِنْ قَلبِي، وَلَكِنِّي كَرِهتُ أَنْ أُضِيعَ نَفسِي عِندَ اللهِ -عزَّ وَجَلَّ- بِتُفَاحَةٍ مِنْ فَيءِ المُسلمينَ".

 

وتلك امرأةٌ صالحةٌ تُوصِيِ زوجَها وهو خارجٌ لِكَسبِ الرزقِ فتقولُ: "يا هذا! اتقِ اللهَ في رِزقِنا؛ فإننا نصبِرُ على الجوع ولا نصبِرُ على النار".

 

هكذا يتورَّعُ الصالحون؛ صيانةً لدينِهم، وتقوَىً لربِّهم، وبُعدًا عن الشُّبُهات. فكيف بمن يعمَدُ إلى الحرام يملأُ به جوفَه وجوفَ أهلِه؟!

 

تَوَكَّلتُ في رِزقي عَلى اللَهِ خالِقي ***  وَأَيقَنتُ أَنَّ اللَهَ لا شَكَّ رازِقي

وَما يَكُ مِن رِزقي فَلَيسَ يَفوتُني ***  وَلَو كانَ في قاعِ البِحارِ العَوامِقِ

سَيَأتي بِهِ اللَهُ العَظيمُ بِفَضلِهِ  ***  وَلَو لَم يَكُن مِنّي اللِسانُ بِناطِقِ

فَفي أَيِّ شَيءٍ تَذهَبُ النَفسُ حَسرَةً *** وَقَد قَسَمَ الرَحمَنُ رِزقَ الخَلائِقِ

 

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, قد قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ, وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

 

أَمَّا بَعْدُ: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: ينبغي للإنسان أن يسعى في الأرضِ ويعملَ.. فالعملُ الحلالُ ليسَ عيبًا.. وإنَّما العيبُ كلُّ العيبِ في أن يكونَ الإنسانُ عالةً على غيره.

 

أخرج البخاريُّ عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ".

 

إن من أسوأ سُبُل ِكَسبِ الرزقِ الجَشَعُ في طَلَبِهِ, وأخذُ المالِ بالإلحاحِ وبسيفِ الحياءِ, روى البخاريُّ في صحيحه عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: "يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى".

 

قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ -رضي الله عنه- دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى تُوُفِّيَ.

 

نَعَم.. إنَّ إطابةَ المَطعَمِ وَتَحليلَ الرزقِ تَبدأُ باجتنابِ الشُبُهَاتِ، وَتَنْتَهِي إِلى عَدَمِ استشرافِ النَّفسِ إِلَى مَا بِأَيدِي النَّاسِ, بِحيُث تَعُفُّ اليَدُ وَيَقنَعُ القَلبُ.

 

مَنْ أَلَحَّ في المسألةِ لَمْ يُبارَك لَهُ في مالِهِ, روى مسلمٌ في صحيحه عن معاويةَ بن أبي سفيانَ -رضي الله عنه- أن رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ، فَوَاللهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُهُ".

 

عَلَامَ سُؤالُ النَّاسِ والرِّزقُ وَاسِعُ *** وَأَنتَ صَحِيحٌ لَمْ تَخُنْكَ الأصابعُ

وللعيشِ أوكارٌ وفي الأرضِ مذهبٌ *** عريض وباب الرِّزق في الأرض واسعُ

فَكُنْ طَالِبًا لِلرزقِ مِنْ رَازِقِ الغِنى*** وَخَلِّ سُؤَالَ النَّاسِ فاللهُ صَانِعُ

 

فاللهم إنا نسألُك علمًا نافعًا, ورزقًا طيبًا, وعملاً صالحًا متقبلاً يا رب العالمين.

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فاللهم صَلِّ وسَلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]؛ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات

الكسب الطيب

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات