عناصر الخطبة
1/تحذير شديد من الكبر والإعجاب بالنفس 2/تعريف الكبر وبيان حقيقته 3/علامات المتكبر 4/جزاء المستكبرين في الدنيا والآخرة 5/فضائل التواضع 6/سيد المتواضعين 7/أثر الإيمان الحقيقي في تواضع العبد.اقتباس
لا يَقبلُ النَّقدَ وَلو كَانَ صَحِيحاً، وَلا يَرضَى بِالنُّصحِ وَلو كَانَ تَلمِيحاً، وَيَلوكُ الكَلامَ لَوكاً ويَحسَبُ نفسه فَصِيحاً، يُحبُّ أَنْ يَتَصدَّرَ المَجَالسَ مَكَاناً وَحَديثاً، وَمَن حَاولَ مُقَاطَعتَهُ أَو مُعَارَضَتَهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ مُغيثاً، يَحسَبُ أنَّهُ مَحبُوبٌ وَخَفِيفٌ وَهو عِندَ النَّاسِ غَثيثاً....
الخُطْبَة الأُولَى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70- 71].
أما بعد: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
إذا مَشَى كَأنَّهُ سَيَخرِقُ الأَرضَ أَو يَبلُغُ الجِبَالَ طُولاً، وَإذا تَكَلَّمَ مَلأَ الأَسمَاعَ بِثَقِيلِ الأَلفاظِ قَولاً، وَإذا نَظَرَ إلى غَيرِهِ، نَظَرَ نَظرةَ هَوانٍ وَاحتقارٍ، وَإذا نُصِحَ غَضِبَ حَتى كَأنَّهُ يَخرُجُ مِن أَنفِهِ نَارٌ.
فَمَهلاً أيُّها المُتكَّبرُ! وَاسمَعْ مَعيَ لِهَذَا الحَديثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ"، لا إلهَ إلا اللهُ! مَنْ مِنَّا -أيُّها الأحبَّةُ-، يَستَطيعُ أَنْ يَجزِمَ بِعَدَمِ وجُودِ هَذا المِقدَارِ القَليلِ جِدًّا مِن الكِبْرِ في قَلبِهِ؟، إذًا فالأَمرُ خَطيرٌ جِدًّا.
خَافَ الصَّحابةُ -رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنهُم- مِن هَذا الكَلامِ، وَكَيفَ لا يَخَافُونَ، وَالنَّتيجَةُ هِيَ عَدَمُ دُخُولِ دَارِ السَّلامِ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، مَا أَعظَمَ حِرصَ الصَّحابةِ عَلى دِينِهم، حَتَى ظَنُّوا أنَّ حُبَّ حُسْنِ اللِّباسِ والنِّعالِ، قَد يَكونُ مِن الكِبْرِ؛ لأنَّ فيه حُبَّ الجَمالِ، فَقَالَ لَهمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُطَمئناً: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ"، ثُمَّ ذَكَرَ لهم تَعرِيفاً دَقِيقاً للكِبْرِ، فقالَ: "الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ".
إذاً هَذِهِ حَقِيقَةُ الكِبْرِ: "بَطَرُ الحَقِّ"، أيْ: ردّ الحقِّ وعَدم قَبولِه، "وغَمْطُ النَّاسِ"، أي: احتقارُهم وازدراؤهم، فليفتِّشْ كلٌّ منَّا قلبَه، وليُصارحْ نفسَه، قبلَ أن يُحرمَ جنَّةَ ربِّهِ.
إنَّ أَولَ مَا يُنفِّرُ مِنَ الكِبرِ، هو أَن تَعلمَ أَنَّ إِمَامَ المُتكبرينَ هو إبليسُ؛ (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[البقرة: 34]، "بَطَرُ الْحَقِّ"، فَسَألَهُ اللهُ -تَعَالى- عَن سَبَبِ عَدَمِ السُّجودِ: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)[ص: 75].
فَأَجَابَ مُفتَخِراً بِنفسِهِ، مُحتَقِراً لآدمَ -عَليهِ السَّلامُ-: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)[ص:76]، "غَمْطُ النَّاسِ"، فَمَا هِيَ النَّتيجةُ؟، (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)[الأعراف: 13].
المُتكبِّرُ هُو مَنْ إذا أَخطَأَ فَقِيلَ لَهُ: أَخطَأتَ.. استكبرَ، وَهُو الصَّوابُ دَائماً.. وَبِكلامِ غَيرِه يَستهترُ، لا يَقبلُ النَّقدَ وَلو كَانَ صَحِيحاً، وَلا يَرضَى بِالنُّصحِ وَلو كَانَ تَلمِيحاً، وَيَلوكُ الكَلامَ لَوكاً ويَحسَبُ نفسه فَصِيحاً، يُحبُّ أَنْ يَتَصدَّرَ المَجَالسَ مَكَاناً وَحَديثاً، وَمَن حَاولَ مُقَاطَعتَهُ أَو مُعَارَضَتَهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ مُغيثاً، يَحسَبُ أنَّهُ مَحبُوبٌ وَخَفِيفٌ وَهو عِندَ النَّاسِ غَثيثاً، وَصَدقَ اللهُ -تَعَالى-: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)[غافر: 35].
الحَقُّ مَا يَقُولُه، وَلو خَالَفَ آيةً أَو حَدِيثاً في الصَّحيحِ، ويُجادلُ في شَرعِ اللهِ -تَعَالى- بِغَيرِ عِلمٍ وَلا عَقلٍ صَريحٍ، وَقَد يَصِلُ الأمرُ في تَعَاملِهِ مَعَ مُخَالفيهِ إلى الشَّتمِ والتَّجريحِ، وَصَدقَ اللهُ -تَعَالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ، فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[غافر: 56].
المُتكبِّرُ لا يَنتَفِعُ بالآياتِ القُرآنيةِ، وَلا يَعتَبِرُ بِالأَحدَاثِ الكَونيةِ، وَلا يَنزِجِرُ بِالعُقُوبَاتِ الرَّبانيةِ، يَرَى الحَقَّ بَاطِلاً، والبَاطِلَ حَقّاً، فَهو بَعيدٌ عن الرُّشدِ، قَد غَرِقَ في الغَيِّ غَرْقاً، وَصَدَقَ اللهُ -تَعَالى-: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ)[الأعراف: 146].
المُتكبِّرُ هُوَ مَن يُحبُّ أَنْ يَتَمثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَامَاً، وَلا يَكَادُ يَردُّ عَلى المِسكِينِ وَالفَقيرِ سَلامَاً، لا تُرى أَسنَانُهُ إلا في ابتِسَامتِهِ لأَصحَابِ الجِاهِ وَالمنَاصبِ، وَأَمَا لِغَيرِهم فَوجهٌ مُكْفَهِّرٌ عَبُوسٌ غَاضِبٌ، يُصنِّفُ النَّاسَ عَلَى المَنَاصِبِ وَالجِنسياتِ وَالأَنسابِ، وَيَنسَى أنَّه هُوَ وإيَّاهم مِنْ أَبٍ وَاحدٍ مِنْ تُرابٍ، كَأنَّهُ فَوقَ جَبلٍ، يَرَى النَّاسَ صِغَاراً، ولا يَدري المِسكِينُ أنَّهم أَيضَاً يَرونَهُ صَغِيراً.
حُكِيَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ -رَحِمَهُ اللهُ- أنَّهُ نَظَرَ إلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَهُو وَالِي خُرَاسَانَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ يَسْحَبُهَا وَيَمْشِي الْخُيَلَاءَ، فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْمِشْيَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ فَقَالَ: بَلْ أَعْرِفُك، أَوَّلُك نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُك جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَحَشْوُك فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَوْلٌ وَعَذِرَةٌ".
وصدقَ القائلُ:
وَلَا تَمْشِ فَوْقَ الْأَرْضِ إِلَّا تَوَاضُعًا *** فَكَمْ تَحْتهَا قَوْمٌ هُمُ مِنْكَ أَرْفَعُ
وَإِنْ كُنْت فِي عِزٍّ وَحِرْزٍ وَمَنْعَةٍ *** فَكَمْ مَاتَ مِنْ قَوْمٍ هُمُ مِنْكَ أَمْنَعُ
المُتكبِّرُ مَبغُوضٌ مِن رَبِّ العَالمينَ، (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ)[النحل: 23]، مَنبُوذٌ مِنَ المَخلُوقَاتِ أَجمعينَ، حَتَى النَّارَ اشتكتْ إلى رَبِّهَا -تَعَالى- من المُتكبرينَ، كما جاءَ في الحديثِ: "احْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتْ النَّارُ: فِيَّ الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتْ الْجَنَّةُ: فِيَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُمْ، قَالَ: فَقَضَى بَيْنَهُمَا إِنَّكِ الْجَنَّةُ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكِلَاكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا".
وفي ذلك اليومُ لا ينفع المتكبرينَ النَّدمُ، حينَ يُقالُ لهم: (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)[غافر: 76].
بَاركَ اللهُ لي وَلَكم في القُرآنِ العَظيمِ، وَنَفَعني وإياكم بما فِيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحَكيمِ، أَقولُ قَولي هَذا، وَأَستغفرُ اللهَ العظيمَ الجَليلَ لي ولَكَم وَلِسَائرِ المسلمينَ مِنْ كُلِّ ذَنبٍ، فَاستغفِروه إنَّه هو الغَفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى النَّبيِّ الأَمينِ وَعَلى آلِه وَصحبِهِ أَجمعينَ.
أما بعد: يَظُنُّ البَعضُ أنَّ التَّواضعَ قَد يُنقِصُ قَدْرَ الرَّجلِ، وَيَضَعُ مِن مَكانتِهِ، فَلا وَاللهِ، بَل عَلى العَكسِ، قالَ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ"، رِفعةٌ في الدُّنيا وفي الآخرةِ.
إذا شِئْتَ أن تَزْدَادَ قَدْرًا ورِفْعَةً *** فَلِنْ وتواضعْ واتْرُكِ الْكِبْرَ والْعُجْبَا
كَانَ سيِّدُ المُتَواضعينَ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- إذا أَكَلَ طَعَاماً لَعِقَ أَصَابِعَهُ، وَإذا سَقَطَتْ لُقمَتُهُ أَمَاطَ عَنهَا الأَذَى وَأَكَلَها، وَكَانَ مِن دُعَائهِ: "اللهمَّ أَحيني مِسكِينَاً، وَأَمتني مِسكينَاً، وَاحشُرني في زُمرةِ المَسَاكينِ يَومَ القِيامةِ".
وكانَ إذا مَرَّ عَلَى صِبيانٍ، سَلَّمَ عليهم، وَرَعَى الغَنَمَ عَلى قَرَاريطَ لأَهلِ مَكةَ، وَقَالَ: "إنَّمَا أَنَا عَبدٌ فَقُولوا: عَبدُ اللهِ وَرَسُولُه"، وَكَانَ يَمشِي مَعَ الأَرمَلةِ وَالمِسكِينِ فَيَقضِي لَهُم الحَاجَةَ، وَلم يَكُنْ فَظَّاً وَلا غَليظَاً عَلى النَّاسِ، مُستجيباً لأمرِ اللهِ -تعالى-: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)[الشعراء: 215]، وَهَكَذَا تَرى أَتبَاعَهُ مِن أَهلِ الهُدى والرُّشدِ.
وَاسمَعْ لأَثرِ الإيمانِ الحَقِيقيِّ في تَوَاضعِ العَبدِ؛ يَقُولُ عُلْوَانُ بْنُ دَاوُدَ الْبَجَلِيُّ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ هَمْدَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِخَيْلٍ أَهْدَوْهَا لِذِي الْكَلَاعِ الحِمْيريِّ، وكَانَ مَلِكاً من مُلُوكِ حِمْيَرَ في اليَمَنِ، قَالَ: فَأَقَمْتُ بِبَابِهِ سَنَةً لَا أَصِلُ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَشْرَفَ إِشْرَافَةً عَلَى النَّاسِ مِنْ غُرْفَةٍ لَهُ فَخَرُّوا لَهُ سُجُودًا، ثُمَّ جَلَسَ فَلَقِيتُهُ بِالْخَيْلِ فَقَبِلَهَا، ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُهُ بِحِمْصَ وَقَدْ أَسْلَمَ، يَحْمِلُ بِالدِّرْهَمِ اللَّحْمَ فَيَبْتَدِرُهُ قَوْمُهُ وَمَوَالِيهِ فَيَأْخُذُونَهُ مِنْهُ فَيَأْبَى تَوَاضُعًا وَهُوَ يَقُولُ:
أُفٍّ لِذِي الدُّنْيَا إِذَا كَانَتْ كَذَا *** أَنَا مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي أَذَى
وَلَقَدْ كُنْتُ إِذَا مَا قِيلَ مَنْ *** أَنْعَمُ النَّاسِ مَعَاشًا؟، قِيلَ: ذَا
ثُمَّ بُدِّلْتُ بِعَيْشٍ شِقْوَةً *** حَبَّذَا هَذَا شَقَاءً حَبَّذَا
اللهمَّ أَحينَا مَسَاكينَ وَأَمِتنَا مَسَاكينَ وَاحشُرنَا في زُمرةِ المَساكينَ يَومَ القِيامَةِ.
اللَّهُمَّ أعِنَّا عَلَى شَهَوَاتِ أَنْفُسِنَا، وَقَسْوَةِ قُلُوبِنَا، وَضَعْفِ إِرَادَتِنَا، وَلا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا وَلا إِلَى أَحَدٍ غَيْرَكَ.
اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَينَا الإيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهِ إلَينَا الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَوُلَاةِ أَمْرِنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ.
اللهمَّ فَرِّجْ همَّ المَهمومينَ مِنَ المُسلمينَ، ونَفِّسْ كَربَ المَكروبينَ، وَاقضِ الدَّينَ عَن المَدينينَ، وَاشفِ مَرضَانَا وَمَرضَى المُسلمينَ، بِرَحمتِكَ يَا أَرحمَ الرَّاحمينَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم