القوة: معناها، ومظاهرها، ومقوماتها

فيصل بن جميل غزاوي

2025-02-07 - 1446/08/08 2025-02-08 - 1446/08/09
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/يقين المؤمن أن كل شيء تحت قهر الله وسلطانه 2/بعض وجوه فقه قوة الله تعالى 3/بيان أن الإنسان ضعيف من جميع الوجوه 4/السبب الذي يدفع عن المرء العجب والاغترار بقوته 5/بعض أسباب ومقومات قوة المسلمين 6/بعض مظاهر القوة في حياة المسلم 7/الحث على اغتنام شهر شعبان للاستعداد لرمضان

اقتباس

ممَّا ينبغي أن يعلم أن قوة البدن ليست محمودة ولا مذمومة في ذاتها؛ فإن استعمَل الإنسانُ هذه القوةَ فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، وفيما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والطاعات، صارت محمودةً، وإن استعان بهذه القوة على معصية الله؛ كالبطش بالناس وإيقاع الضرر بهم، صارت مذمومة...

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الحمد لله، نحمَدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].

 

أما بعدُ: فَمِمَّا هو مقرَّر في عقيدة كل مؤمن، أن جميع الأشياء تحت قهر الله وغلبته وسلطانه، كما أعلَمَنا -سبحانه- في محكم بيانه؛ (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)[الْبَقَرَةِ: 165]، فجميع أنواع القوى ثابتة مستقرة له -تعالى-، وهو المتفرد بالقوة جميعًا، فيجب أن يتعلَّق قلب المؤمن بالقوي المتين؛ فقدرته فوق كل قدرة، وقوته تغلب كل قوة؛ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)[هُودٍ: 66]، فيوقن المؤمن بأن الله -عز وجل- لا يعجزه شيء، ولا يغلبه شيء، ولا يعزب عنه شيء، القادر على كل شيء، المالك لكل شيء، المحيط بكل شيء، العالم بكل شيء، الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

 

ومِنْ فِقْهِ القوةِ -عباد الله- أن تدبير هذا الكون كله بيد الله -سبحانه-، وأن ما سواه لا يملك لنفسه حولا ولا قوة، ولا يملك نفعًا ولا ضرًّا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فكيف يملك ذلك لغيره.

 

ومِنْ فِقْهِ القوةِ أن كُلَّ مَنْ أُعجِبَ بقوتِه من الخَلْق فاستعظَمَها واعتمَد عليها خَسِرَ وهلَك، قال ابن كثير -رحمه الله-: "قال الله -تعالى-: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا في الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)[فُصِّلَتْ: 15]؛ أي: بَغَوْا وعَتَوْا وعَصَوْا، (وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)[فُصِّلَتْ: 15]؛ أي: منوا بشدة تركيبهم وقواهم، واعتقدوا أنهم يمتنعون بها من بأس الله؛ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)[فُصِّلَتْ: 15]؛ أي: أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة؟! فإنَّه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها، فبارزوا الجبار بالعداوة، وجحدوا بآياته وعصوا رسوله، فلهذا قال: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا)[فُصِّلَتْ: 16]".

 

أيها الإخوةُ: الإنسان ضعيف من جميع الوجوه، وفي كل أموره، قال -تعالى-: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)[النِّسَاءِ: 28]، قال ابن القيم -رحمه الله-، بعد أن ذكر الأقوال الواردة في معنى الآية: "الصواب أن ضعفه يعم هذا كله، وضَعفه أعظم من هذا وأكثر؛ فإنَّه ضعيف البِنْيَة، ضعيف القوة، ضعيف الإرادة، ضعيف العلم، ضعيف الصبر، والآفات إليه مع هذا الضعف أسرع من السيل في صيب الحدور، فبالاضطرار لابدَّ له من حافظ معين يقويه، ويعينه وينصره ويساعده، فإن تخلى عنه هذا المساعد المعين، فالهلاك أقرب إليه من نفسه".

 

عبادَ اللهِ: كيف للعبد الضعيف أن يغتر بقوته وقدرته؟! وينسى كيف كان حاله، وما هو إليه صائر، قال -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)[الرُّومِ: 54]، قال السعدي -رحمه الله-: "ومِنْ ‌حكمتِه ‌أن ‌يري ‌العبدُ ‌ضَعفَه وأنَّ قوتَه محفوفة بضَعفين، وأنَّه ليس له من نفسه إلا النقص، ولولا تقويةُ اللهِ له لَمَا وصَل إلى قوة وقدرة، ولو استمرت قوتُه في الزيادة لطغى وبغى وعتا، وليعلم العباد كمال قدرة الله التي لا تزال مستمرَّة يخلق بها الأشياء، ويدبر بها الأمور ولا يلحقها إعياءٌ ولا ضعفٌ ولا نقصٌ بوجه من الوجوه".

 

أيها الإخوةُ: وممَّا يدفع عُجبَ المرء بقُوَّتِه أن يعلم أنَّها فضلٌ مِنَ الله عليه، وأمانة عنده ليقوم بحقها، وأن العجب بها كفران لنعمتها، فلما تمكن نبي الله سليمان -عليه السلام- من إحضار عرش بلقيس في مدة ارتداد الطرف، قال: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ)[النَّمْلِ: 40]؛ أي: ليختبرني أشكره بذلك وأعترف أنَّه من فضله، من غير حول مني ولا قوة، أم أكفر بترك الشكر، وعدم القيام به، فالمؤمن يستمد قوته وعزيمته من ربه -سبحانه-، ويتبرأ من حوله وطوله، ويعلم أنَّه لا حولا له ولا قوة إلا بالله، ولا يقوى على فعل شيء إلا بتأييد منه -سبحانه-، وهذا ما يقر به المخبِتُون إلى الله، كما قال نبي الله شعيب -عليه السلام-: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ)[هُودٍ: 88]؛ أي: وما توفيقي لإصابة الحق والصواب إلا بهداية الله ومعونته، لا بحولي ولا بقوتي.

 

وممَّا يُستجلَب به كمالُ حالِ القُوَى: الاستغفار والتوبة، قال -تعالى- حكايةً لقول هود -عليه السلام-: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)[هُودٍ: 52].

 

كما أن ذكر الله -عباد الله- يُقوِّي القلبَ والبدنَ، فهو يزيد النفس ثباتًا، والقلبَ طمأنينةً، والإنسانَ رباطةَ جأشٍ، كما أنَّه يُقوِّي الجسدَ، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته فاطمة وزوجها عليًّا -رضي الله عنهما- أن يُسَبِّحَا عند النوم ثلاثًا وثلاثين، ويَحْمَدَا ثلاثًا وثلاثين، ويُكَبِّرَا أربعًا وثلاثينَ، وأخبرهما أنَّه خير لهما من خادم، قال علي -رضي الله عنه-: "ما تركته منذ سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم-"، قيل له: "ولا ليلة صفين؟"، قال: "ولا ليلة صفين". ففي هذا الحديث دلالة على أن ذكر الله يقوي الأبدان، ويحصل لها بسببه هذا الذكر قوة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "من اعتاد على التسبيح قبل نومه أعطي نشاطًا وقوة في قضاء حاجاته، وقوة في عبادته".

 

عبادَ اللهِ: المؤمن يستمدُّ قُوَّتَه ومعونتَه من العلي الكبير، فإن اعتمد قلبه على الأسباب وكَلَه اللهُ إليها، وإن اعتمد على رب الأسباب وتوكَّل عليه، فلن يخذله أبدًا، وهذا ما ذكَّر به عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- أصحابه بقوله: "والله ما نقاتل الناس بعدد ولا عدة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به"، فالمؤمنون لا يعتدون بقوتهم مهما بلغت، ولا يغترون بما لديهم من عدد وعدة، ولا يعتمدون عليها، مع أنهم مأمورون بالأخذ بأسباب القوة المعنويَّة والماديَّة، وعدم الركون للضعف، كما قال -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ)[الْأَنْفَالِ: 60].

 

ومتى كان الاغترار بالقوة والكثرة لم يغن ذلك شيئًا، كما حصل للصحابة -رضي الله عنهم- في حنين، بعد أن قيل: "لن نغلب اليوم من قِلَّة"، فوقعت الهزيمة أول الأمر، فلما تراجعوا نصروا.

 

ومِنْ فِقْهِ القوةِ أيضًا -عباد الله- أن النصر والغلبة مرتبطة بميزان القلوب، لا بميزان القوى، قال -تعالى-: (سَنُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ)[آلِ عِمْرَانَ: 151]، وَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ)[الْأَنْفَالِ: 11]، كما أن قوة أمة الإسلام وصلابتها تقوم على وحدتها واجتماع كلمتها، وأن التفرق والشتات هو من أسباب الفشل، وذهاب الهيبة والغلبة، كما قال -تعالى-: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)[الْأَنْفَالِ: 46].

 

أيها الإخوةُ: ومِنْ فِقْهِ القوةِ ما نستفيده من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ"، ففضَّل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- المؤمنَ القويَّ على المؤمن الضعيف، على الرغم من وجود الخيريَّة في كل منهما، ذلك أن المؤمن القوي أكثر نفعًا وأعظم أثرًا؛ إذ ينتج ويعمل بما يعود عليه بالنفع لنفسه، ويحقق مصالح المسلمين، ويعود عليهم بالخير والنصر على الأعداء، والدفاع عن الدين ودحر الباطل وأهله، ويُنتَفع بقوته البدنيَّة، وبقوته الإيمانية، وبقوته العَمليَّة.

 

وممَّا ينبغي أن يعلم أن قوة البدن ليست محمودة ولا مذمومة في ذاتها؛ فإن استعمَل الإنسانُ هذه القوةَ فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، وفيما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والطاعات، صارت محمودةً، وإن استعان بهذه القوة على معصية الله؛ كالبطش بالناس وإيقاع الضرر بهم، صارت مذمومة.

 

ومِنْ فِقْهِ القوةِ ما ذكره -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"؛ فالقوي الشديد حقيقةً هو الذي يُجاهِد نفسَه، ويقهرها حينما يشتد به الغضبُ؛ لأن هذا يدل على قوة تمكنه من نفسه، وتغلبه على الشيطان.

 

ومن الفقه أيضًا: أن القوة ليست دائمًا فيما نقول ونفعل، بل تكون أحيانًا فيما نصمت عنه وفيما نتركه بإرادتنا، وفيما نتجاهله ونتغافل عنه.

 

أيها المسلمون: ما أشدَّ حاجةَ المرء إلى قوة وعزيمة؛ ليأخذ الحق بجد واجتهاد، كما قال -تعالى-: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ)[الْبَقَرَةِ: 63]، وقال -تعالى- مخبرا عن فضائل عباده المرسلين، وأنبيائه العابدين: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ)[ص: 45]، فقد كانوا أصحاب قوة في دين الله، وبصيرة في دينه.

 

عبادَ اللهِ: إنَّ هناك أسبابًا وعوامل تؤدِّي -بمجموعها- إلى تكوين مُقوِّمات قوة المسلمين؛ فمن ذلك:

التمسك بكتاب الله وسُنَّة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، والعمل بشرع الله القويم في شتَّى جوانب الحياة، وترك الأهواء ونبذ البدع والانحرافات، واستحضار التاريخ الإسلامي ليستذكر من خلاله تاريخ الأمة المجيد، وماضيها التليد، مما يشحذ النفوس، ويبعث العزائم، ويدعو إلى التفاؤل؛ لأن التمكين لهذا الدين، والنصر حليف المؤمنين، فيستشعرون المسؤوليَّة المنوطة بهم، ويسعون في إصلاح مجتمعاتهم، ويتحرون ما هو خير وأصلح في كل ما يأتون وما يزرون؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الْحَجِّ: 77].

 

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ذي القوة والجبروت، أحمده -سبحانه- وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، الحي الذي لا يموت، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: للقوة مظاهر عدة في حياة المسلم؛ منها: قوة الإيمان، وقوة الأخذ به، وقوة الاعتقاد الصحيح، والمنهج السليم، وقوة الثبات على الدين، والتمسُّك بالحق، وقوة البصيرة الناشئة عن العلم النافع، وقوة العبادة والطاعة واستباق الخيرات، وقوة الصبر على الأقدار المؤلمة والمصائب، واحتمال المشاق في ذات الله، وقوة العزيمة والإرادة، وقوة الامتناع عن الشهوات وكبح جماح النفس، وقوة الرأي ووضع الأمور مواضعها، وقوة أداء المهمات وحفظ الأمانات، وقوة الدعوة إلى الله، وبذل النصيحة والقيام بالعمل بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

عبادَ اللهِ: ما أعظمَ نعمةَ الله على مَنْ صرَف جهدَه وطاقتَه في وجه مشروع، ومُتِّعَ بجوارحه وأعضائه وقُوَاهُ مدةَ بقائه في الدنيا، واغتنَم قوتَه ونشاطَه قبلَ الضَّعْف والعجز، كان بعض العلماء قد جاوز المائة سنة، وهو ممتَّع بقُوَّته وعقله، فسئل عن ذلك فقال: "هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكِبَر".

 

عبادَ اللهِ: نحن في شهر شعبان، وهو كالمقدمة بين يدي رمضان، وقد ثبت إكثار النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه من الصيام، قال ابن رجب -رحمه الله- في سياق بيان حكمة الصوم في شعبان: "إن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقَّة وكلفة، بل قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط، ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان، من الصيام وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهب لتلقِّي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن".

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على سيد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين، كما أمركم بذلك رب العالمين؛ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].

 

اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذِلَّ الكفرَ والكافرينَ، اللهمَّ انصر المستضعَفين والمجاهدين في سبيلك والمرابطين على الثغور، وحماة الحدود، واجعل بلدنا هذا آمِنًا مطمئنًا رخاء وسعة، وسائرَ بلاد المسلمين.

 

اللهمَّ آمِنَّا في الأوطان والدُّور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، اللهمَّ وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، من الأقوال والأفعال يا حي يا قيوم، اللهمَّ وفقه وولي عهده لهداك وتقواك، اللهمَّ إنَّا نسألك النصر والعزة والتمكين، لإخواننا المسلمين، في كل مكان يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ انصرهم نصرًا عزيزًا مؤزرا، عاجلًا غير آجل، اللهمَّ انصرهم وثبتهم واربط على قلوبهم، اللهمَّ ارحم ضعفهم واجبر كسرهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، اللهمَّ اشف مرضاهم، وعاف مبتلاهم، واحقن دماءهم، وارحم موتاهم، اللهمَّ استر عوراتهم، وآمن روعاتهم، وكن لهم ولا تكن عليهم، وانصرهم على من بغى عليهم، وانتقم من عدوك وعدوهم، واشدد وطأتهم يا قوي يا عزيز.

 

اللهمَّ ارزقنا حبك، وحب من يحبك، اللهمَّ ما رزقتنا مما نحب فاجعله قوة لنا فيما تحب، اللهمَّ ما زويت عَنَّا مما نحب، فاجعله فراغًا لنا فيما تحب، اللهمَّ متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

 

 

المرفقات

القوة معناها، ومظاهرها، ومقوماتها.doc

القوة معناها، ومظاهرها، ومقوماتها.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات