عناصر الخطبة
1/تعريف القلب الميت 2/علامات موت القلوب 3/أسباب موت القلب.اقتباس
إن موت الجسد يقطع المرءَ عن الدنيا، أما موت القلب فيقطعه عن الدنيا والآخرة، ويشقى العبد بذلك أبد الآباد، قال بعضُ السلفِ: يا عجبًا للناس يبكون على مَنْ مات جسده، ولا يبكون على مَنْ مات قلبه وهو...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]، أمَّا بعدُ:
عبادَ اللهِ: إنَّ مدار الأعمال على القلب، فبه تصلح الأعمال أو تفسد، بل لا تُقبل الأعمال أيًّا كانتْ إلا إذا صلح القلب؛ فهو مَلِكُ الجوارح، فلا تعمل الجوارح شيئًا إلا بأمره؛ قال عليه الصلاة والسلام: "ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلحَتْ صلح الجسدُ كلُّه، وإذا فسدَتْ، فسَد الجسد كله، ألاَ وهي القلْبُ"(رواه البخاري ومسلم)، فهو ملكها، وهي جنوده المنفذِّة لما يأمرها به، ولا يستقيم لها شيء من أعمالها حتى تصدر عن قصده ونيته، وهو المسئول عنها كلها؛ لأن كلَّ راعٍ مسئول عن رعيته، فكان الاهتمام بتصحيحه وتسديده أَوْلَى ما اعتمد عليه السالكون، والنظر في أمراضه وعلاجه أهمّ ما تنسَّكَ به الناسكونَ، فإن لم يسدد ويصلح مَرِضَ واعتلَّ، فإن أهمل وتُرك هلَك ومات، وحينئذ يصعب الدواء ويشتد الداءُ، فهو قلب ميت بين جَنْبَيْ حيِّ، كَثُرَ داؤه وصعب دواؤه.
والقلب الميت كما قال ابن القيم -رحمه الله-: "هو الذي لا يعرف ربَّه، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته ولذاته، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، فهو متعبِّد لغير الله حُبًّا وخوفًا، ورجاءً ورضًا، وسخطًا وتعظيمًا، وذُلًّا، ومخالطة صاحب هذا القلب سقم، ومعاشرته سُمّ، ومجالسته هلاك".
إخوةَ الدينِ: إن القلب الميت قلب استهوته الشهوات فقبع في الدنيا، واعتقد أنَّ لذاتها غاية المنى، فأرخت عليه سدولها بمصائدها، وسقط في شباكها تناوشه أمراضها من غفلة وكسل وفتور، ورياء وحسد، فلم يَعُدْ للموعظة في هذا القلب مجال، ولا للنصيحة مكان، وقد قال تعالى فيمن هذا حاله تشبيهًا له بالموتى في عدم الانتفاع بالمواعظ والآيات: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)[الأنعام: 36].
والمعنى: إنما يستجيب لكَ إلى ما تدعو إليه الذين يسمعون سماعَ تفهُّم بما تقتضيه العقولُ وتُوجِبُهُ الأفهامُ، وهؤلاء ليسوا كذلك، بل هم بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون ولا يعقلون لِمَا جَعَلْنَا على قلوبهم من الأكنة، وفي آذانهم من الوقر، ولهذا قال تعالى بعد ذلك: (والموتى يَبْعَثُهُمُ الله) فشبَّهَهم بالأموات بجامع أنهم جميعًا لا يفهمون الصواب، ولا يَعْقِلُونَ الحقَّ.
إن موت الجسد يقطع المرءَ عن الدنيا، أما موت القلب فيقطعه عن الدنيا والآخرة، ويشقى العبد بذلك أبدَ الآبادِ، قال بعض السلف: يا عجبًا للناس يبكون على مَنْ مات جسدُه، ولا يبكون على مَنْ مات قلبه وهو أشد؛ فلا أخطر على المرء من موات القلب، ولا أبعد في الزيغ والتيه من زيغ القلب وتيهه، وقال بعضهم: "ما اطلع اللهُ على قلبٍ فرأى فيه هَمَّ الدنيا إلا مقته، والمقت أن يتركه ونفسه".
معاشرَ المسلمينَ: إنَّ صاحب القلب الميت ميتٌ بين الأحياء ولو مشى معهم، فقلبه خَرِبٌ كالبيت المهجور الذي لا تسكنه إلا الهوامّ والحيات، فكذلك القلب الميت لا تسكنه إلا الأوهام والغفلة والشهوات، فحرِيٌّ بالمؤمن أن يحرص على حياة قلبه؛ لئلا يموت فيشقى أبدًا، وحريٌّ به كذلك معرفة علامات وأمارات موت القلب وأسباب ذلك ليتوقاها، ومِنْ تلك العلامات التي تدلّ على موت القلب -سلَّمَكم اللهُ منها وعافاكم-:
نسيان ذِكْر الله، كما قيل:
فنسيانُ ذِكْرِ اللهِ موتُ قلوبِهم *** وأجسامِهم فهي القبور الدوارسُ
وأرواحُهم في وحشةٍ من حبيبهم *** ولكنها عند الخبيث أوانسُ
فذكر الله دليل حياة القلوب، وبه تطمئن، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)[الأنفال: 2]، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ"، (متفق عليه)، ولمسلمٍ: "مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ".
ومن علامات موت القلب: الإعراض عن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِه -صلى الله عليه وسلم- فالقلب الميت مظلمٌ بعيدٌ عن الحقِّ لا يَصِلُ إليه شيءٌ من نور الإيمان، وحقائق الفرقان، قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا)[الكهف:57].
ومن العلامات الدالة على موت القلب كذلك: عدم التأثر بالعِظَات والآيات، والتثاقل عن فعل المأمورات، قال أحد الصالحين: "الرَّجل: هو الذي يخافُ مِن مَوْتِ قَلْبِهِ لا مِن مَوتِ جَسَدِه".
جِيءَ للحسن البصري بكوب من ماء ليُفْطِرَ عليه، فلما قرَّبه مِنْ فيه بكى وقال: "ذكرتُ أُمنية أهل النار وقولهَم لأهل الجنان: (أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)[الأعراف:50]، وذكرتُ ما أجيبوا: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ)[الأعراف: 50].
يقول ابن القيم -رحمه الله-: "اطلب قلبك في ثلاثة مواطن: عند سماع القرآن، وفي مجالس الذكر، وفي أوقات الخلوة، فإن لم تجده في تلك المواطن، فاسأل الله أن يمن عليك بقلب، فإنه لا قلبَ لكَ".
ومن علامات موت القلب-إخوة الإيمان- إيثارُ الدُّنْيَا على الآخِرَةِ: جاء في الحديث: "بَادِرُوا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا"(رواه مسلم). لـمَّا مات قلبه آثر الدنيا على الآخرة، فأصبح لا يبالي بدينه، فربما قال أو فَعَلَ كُفْرًا من أجل دراهم معدودة.
ومن علامات موت القلب: حُبّ الشهوات، قال -عز وجل-: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)[الكهف: 28]، فصاحب القلب الميت مُولَع بتتبع الشهوات؛ فهي من أسمى غاياته في هذه الحياة.
معاشرَ المسلمينَ: إنَّ عدم إنكار المنكر والسكوت عنه، لَمِنْ علامات موت القلب: فإن القلب إن كان لا يعرف معروفًا، ولا ينكِر منكرًا، نُكِّسَ، فكان أعلاهُ أسفَلَهُ، كما جاء في الحديث: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ"(رواه مسلم).
ومن علامات موت القلب كذلك: ضِيقُ الصدر، والشُّعورُ بالقَلق والغم، قال –تعالى-: (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)[الأنعام: 125].
إخوةَ الإسلامِ: إن عدم التألُّم لآلام وآهات المستضعفين، وعدم نجدة الملهوفين، وعدم الوقوف مع المظلومين المقهورين، دليلٌ على موت قلب صاحبه وبُعْده عن خالقه ومولاه، فترى ذلك الشخصَ لا يرى إلا مصلحة نفسه، ولا يأنس إلا بتأمين حاجاته ورغباته، والله المستعان.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه... أما بعد:
معاشرَ المؤمنينَ: كما أنَّ القلب يحيا ويزهو بأسبابٍ وأعمالٍ صالحةٍ من توحيدٍ لله، وتعظيم لأوامره، وتعاهدٍ بما ينفعه في الدنيا والآخرة، فإنه يموت كذلك بأسبابٍ وأعمالٍ تودِّي به للهلاك والموت، ومن تلك الأسباب التي تؤدي لموت القلب وغفلته:
عدم المبالاة بأوامر الله، وعدم المبادرة إلى طاعة الله، وعدم التعرض للخير والهدى، فإنَّ القلب كالأرض متى تعرضت للغيث اهتزت ورَبَت، وكذا القلب فمتى تعرَّض لنفحات الرحمة، واستجاب لأمر الله جاءته حياته، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الأنفال: 24].
فحياة القلب والروح بعبودية اللَّه تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام، وموتها بالبعد عن عبوديته وطاعته، ولذلك قال –تعالى- في الآية: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)، والمقصود إياكم أن تَرُدُّوا أمرَ اللَّه حين يأتيكم؛ فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك، وتختلف قلوبكم، فإنَّ اللَّه يَحُولُ بينَ المرء وقلبه، يقلِّب القلوبَ حيث شاء ويصرفها أنى شاء.
ومن الأسباب المفضية إلى موت القلب: تَرْكُ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب موت القلب وانتكاسته؛ فالذي يترك هذه الشعيرةَ يتشرَّب قلبُه الرضا بالمنكرات فيألف رؤيتها ثم مباشرتها، وذلك لا شك يودِّي بقلبه إلى الهلاك والموت.
كما أن من أسباب موت القلب وهلاكه: أكل الحرام، فأكلُ المحرمات تُفسد القلوبَ وتُميتها، ومن هذه المحرمات: الربا، الرشوة، الغش، الخداع، وأكل مال اليتامى والمساكين.
معاشرَ المسلمينَ: إن أكثر مُمْرِضٍ وأعظم مُمِيت للقلوب هو: الصدود عن ذكر الله وعن كتاب الله تلاوةً وعملًا وتدبرًا، فالصد عن ذكر الله وعن كتاب الله تعالى يُورِثُ الرانَ في القلوب؛ لأن تلك القلوب تأنس بغير ذكر الله تعالى، وتطمئن بالقرب ممن سواه، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى)[طه: 124-126].
ومن مميتات القلوب كذلك: الغِيبة والنميمة وقبيح الكلام؛ فإنها تُمرض القلبَ شيئًا فشيئًا حتى تُرديه في المهالك، وتُميته.
كما أنَّ من أسباب موت القلب إطلاق البصر والسمع فيما حرَّم اللهُ تعالى، قال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا)[الإسراء: 36].
إخوةَ الإسلامِ: اتقوا الله -عزَّ وجلَّ-، وَأَحْيُوا قلوبكم بالبعد عن أسباب هلاكها وموتها، وتعاهَدُوا قلوبَكم في كل آونة، وفي كل لحظة بالإقبال على ربِّ العالمينَ، بالتوبة النصوح، وبكثرة ذِكْر الله، وبكثرة الاستغفار وبتلاوة كتاب الله، واستماعه، وتزوَّدُوا بالأعمال الصالحات، فأنتم الآنَ في دار العمل، ومازلتم في وقت الإمكان، أنتم الآن في زمن الإمهال، تزودوا من الأعمال الصالحة، فهو أقوى العوامل في إنارة القلوب وهدايتها واستقامتها، جَالِسُوا الأخيارَ، احذروا من استماع المحرمات بأنواعها، واحذروا أكلَ الحرام؛ فإنه من أسباب موت القلوب، وورود النار، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ"(رواه البيهقي).
عبادَ اللهِ: أَلِينُوا قلوبَكم بالمواعظ، ذَكِّرُوهَا بالنهاية والقبور، ذكروها بيوم الحشر والنشور، والوقوف بين يدي الله ليسأل العبد ليس بينه وبين ربه ترجمان.
فإن فعلتم ذلك كُفيتم موتَ قلوبكم، وهُديتم لقلوبٍ سليمة لا فلَاح للمرء يومَ القيامة إلا بها، قال تعالى: (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء: 88-89].
وصلُّوا وسلِّموا على خير البرية، كما أمركم الله بذلك في كتابه؛ فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم