عناصر الخطبة
1/ الرضا من أعمال القلوب المهمة 2/ فضائل الرضا عن الله ورسوله ودينه 3/ ثمرات الرضا في حياة العبد 4/ كيف ينال العباد رضا ربهم سبحانه؟اقتباس
إن الرِّضا عن الله تعالى مقامٌ جليلٌ من مقامات أولياءِ الرحمن، ومنزلةٌ عالِيةٌ يُحقِّقُها المُوفَّقُون من عبادِ الكريمِ المنَّان، وهو يعنِي: رِضا العبد بفعلِ ما أُمِرَ به، وتركِ ما نُهِيَ عنه، وقبولَه بما هو فيه من السرَّاء والضرَّاء. قيل للفُضَيل بن عِياضٍ: مَن الرَّاضِي عن الله تعالى؟ قال: "الذي لا يُحبُّ أن يكون على غير منزلتِه التي جُعِلَ فيها".
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي رضِيَ لنا الإسلامَ دِينًا، ومُحمدًا - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه، وعلى آله وأصحابِه وأتباعِه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ .. معاشر المؤمنين: أُوصِي نفسِي وإياكم بتقوَى الله - جلَّ جلالُه -، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5].
أمةَ الإسلام: إن الرِّضا عن الله تعالى مقامٌ جليلٌ من مقامات أولياءِ الرحمن، ومنزلةٌ عالِيةٌ يُحقِّقُها المُوفَّقُون من عبادِ الكريمِ المنَّان، وهو يعنِي: رِضا العبد بفعلِ ما أُمِرَ به، وتركِ ما نُهِيَ عنه، وقبولَه بما هو فيه من السرَّاء والضرَّاء.
قيل للفُضَيل بن عِياضٍ: مَن الرَّاضِي عن الله تعالى؟ قال: "الذي لا يُحبُّ أن يكون على غير منزلتِه التي جُعِلَ فيها".
وذلك - يا عباد الله - لأن الله تعالى لا يختارُ لعبدِه الصالِحِ إلا ما فيه خيرٌ له، (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].
والجزاءُ من جِنسِ العملِ؛ فمن رضِيَ عن الله رضِيَ الله عنه، ورِضوانُ الله على عبدِه أعظمُ من الجنَّة ونعيمِها.
ففي "الصحيحين" من حديث أبي سعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله - تباركَ وتعالى - يقولُ لأهلِ الجنَّة: يا أهلَ الجنَّة! فيقُولون: لبَّيكَ ربَّنا وسعدَيْك، فيقولُ: هل رضِيتُم؟ فيقولُون: وما لَنَا لا نرضَى وقد أعطَيتَنا ما لم تُعطِ أحدًا من خلقِك، فيقولُ: أنا أُعطِيكُم أفضلَ من ذلك، قالُوا: يا ربِّ! وأيُّ شيءٍ أفضلُ من ذلك؟ فيقولُ: أُحِلُّ عليكم رِضوانِي فلا أسخَطُ عليم بعدَه أبدًا».
معاشِر المُؤمنين:
إنَّ من ينظُرُ في سِيَر أنبِياء الله تعالى يجِدُ أن مدارَ حياتهم كلِّها في طلَبِ مرضَاة الربِّ - جلَّ جلالُه -: فهذا كَليمُ الله مُوسَى - عليه السلام - يُسارِعُ إلى مرضَاة ربِّه ويقولُ: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه: 84].
وسُليمان - عليه السلام - يشكُرُ ربَّه على ما منَّ به عليه من النِّعَم، ويدعُوه بالعمل الصالِحِ الذي يُرضِيه فيقول: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل: 19].
ونبيُّ الله زكريا - عليه السلام - يدعُو ربَّه بالذريَّة الصالحةِ الرضِيَّة: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) [مريم: 5، 6].
وأما نبيُّنا - صلواتُ ربي وسلامُه عليه - فهو أرضَى الناسِ بالله، وأرضَاهم لله، وأكثَرُهم طلَبًا لمرضَاة الله، وكان ذلك جلِيًّا في أقوالِه وأفعالِه؛ فمع ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من كمال الرِّضا، فقد كان دائِمَ الدُّعاء به.
ففي "صحيح مُسلم": عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: فقَدتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً من الفِراش، فالتَمَستُه، فوقَعَت يدِي على بطنِ قدَمِه وهو في المسجِدِ - وهما منصُوبَتَان - وهو يقولُ: «اللهم أعوذُ برِضاك من سخَطِك، وبمُعافاتِك من عقوبتِك، وأعوذُ بك منك لا أُحصِي ثناءً عليك أنت كما أثنَيتَ على نفسِك».
وفي "سنن النسائي" من حديث السائِبِ - رضي الله عنه -، أن من دُعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وأسألُك الرِّضا بعد القضاءِ، وأسألُك بَردَ العيش بعد الموتِ، وأسألُك لذَّة النظَرِ إلى وجهِك، والشَّوقَ إلى لِقائِك في غير ضرَّاء مُضِرَّة، ولا فِتنةٍ مُضِلَّة، اللهم زيِّنَّا بزينةِ القرآن، واجعَلنا هُداةً مُهتَدين».
وفقدَ - صلى الله عليه وسلم - أحبَّ الناس إليه خديجةَ - رضي الله عنها -، وأبناءَه من ذُكورٍ وإناثٍ، وعمَّه أسَدَ الله حمزة، وكثيرًا من أصحابِه، وهو لا يقُولُ إلا ما يُرضِي ربَّه.
وفي "صحيح مُسلم": لما مرِضَ إبراهيم ابنُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال أنسٌ - رضي الله عنه وأرضاه -: لقد رأَيتُه وهو يَكِيدُ بنفسِه - يعني: يُقارِبُ الموت - بين يدَي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فدمعَت عينَا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:«تدمَعُ العينُ، ويحزَنُ القلبُ، ولا نقولُ إلا ما يُرضِي ربَّنا، واللهِ يا إبراهيمُ إنَّا بكَ لمحزُونُون، واللهِ يا إبراهيمُ إنَّا بكَ لمحزُونُون».
فلا أحبَّ ولا أكرَم، ولا أكبرَ ولا أعظمَ من رِضوانِ الله - جلَّ جلالُه، وتقدَّسَت أسماؤُه -؛ فمن أجلِه بكَت عيونُ الخاشِعين، ووجِلَت قلوبُ الصالحين، فباعُوا أنفسَهم ليشتَرُوا رِضا ربِّهم، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [البقرة: 207].
فكان ولاؤُهم وبراؤُهم لأجلِ الله، ورُكُوعُهم وسُجودُهم يبتَغُون به رِضا الله، (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) [الفتح: 29].
معاشر المُؤمنين:
إن الرِّضا عن الله تعالى مقامٌ عظيمٌ، يُوجِبُ الله تعالى لصاحبِهِ الجنَّة؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم - لأبي سعيدٍ الخُدريِّ: «يا أبا سعيدٍ! مَن رضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمُحمدٍ نبيًّا وجبَتْ له الجنَّة» (رواه مسلم).
وفي "مسند الإمام أحمد" يقولُ - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِن عبدٍ مُسلمٍ يقولُ حين يُصبِحُ وحين يُمسِي ثلاثَ مرَّاتٍ: رضِيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا إلا كان حقًّا على الله أن يُرضِيَه يوم القيامة».
وأما في الدنيا؛ فبه يجِدُ المُسلمُ حلاوةَ الإيمان، والسعادةَ والاطمِئنان؛ ففي "صحيح مُسلم" من حديث العباسِ - رضي الله عنه -، أنه سمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ذاقَ طعمَ الإيمان مَن رضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمُحمدٍ رسُولاً».
إن مَن رضِيَ بالله تعالى ربًّا - يا عباد الله - وجدَ حلاوةً في طاعته، ولذَّةً في البُعد عن معصيتِه، ومن رضِيَ بالإسلام دِينًا وجدَ سعادةً في اتِّباع شريعتِه والعمل بأحكامِه، ومن رضِيَ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - رسوُلاً وجدَ انشِراحًا في اتِّباع سُنَّته والتِزام هَديِه.
قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -: "سمِعتُ شيخَ الإسلام ابنَ تيمية يقولُ: إذا لم تجِد للعملِ حلاوةً في قلبِك وانشِراحًا فاتَّهِمه، فإن الربَّ شَكُورٌ؛ يعني: أنه لا بُدَّ أن يُثيبَ العامِل على عملِه في الدنيا من حلاوةٍ يجِدُها في قلبِه، وقوَّةِ انشِراحٍ وقُرَّة عينٍ؛ فحيث لم يجِد ذلك فعملُه مدخُولٌ". اهـ كلامُه - رحمه الله -.
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 72].
بارَك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم من كلَّ ذنبٍ، فاستغفِروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، الحمدُ لله حمدًا حمدًا، والشُّكرُ لله شُكرًا شُكرًا، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ .. معاشر المُؤمنين: إن الفوزَ برِضا الرحمن هو أسمَى المطالِبِ وأعظمُها، وأجَلُّ الغايات وأكمَلُها، وما من مُسلمٍ رضِيَ بالله تعالى ربًّا إلا وهو يلتمِسُ الطُّرقَ التي تُقرِّبُه من رِضَا ربِّه.
وإن من أعظَم أسبابِ رِضا الرحمن: توحيدَه - جلَّ جلالُه -، والاعتِصامَ بكتابِه وسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -.
ففي "صحيح مُسلم": عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ يرضَى لكُم ثلاثًا، ويكرَهُ لكُم ثلاثًا؛ فيرضَى لكم: أن تعبُدُوه ولا تُشرِكُوا به شيئًا، وأن تعتَصِمُوا بحبلِ الله جميعًا ولا تفرَّقُوا، ويكرَهُ لكم: قِيلَ وقَالَ، وكثرَةَ السُّؤال، وإضاعَةَ المال».
وعن أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن فارَقَ الدنيا على الإخلاصِ لله وحدَه لا شريكَ له، وإقامَ الصلاةِ، وإيتاءَ الزكاةِ، فارقَها والله عنه راضٍ»؛ رواه الحاكِمُ، وقال: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ".
وأما ذِكرُ الله فهو أرضَى الأعمالِ لله، وإن الذاكِرَ ليجِدُ السعادةَ في قلبِه، والطُّمأنينةَ والرِّضا في نفسِه مهما تكالَبَت عليها الهُمومُ والغُمومُ.
قال الله تعالى لرسولِه - صلى الله عليه وسلم -: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) [طه: 130].
وفي "سنن ابن ماجَه" من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أُنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكم، وأرضَاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجَاتكم، وخيرٍ لكم من إعطاء الذهَبِ والورِقِ، ومن أن تلقَوا أعداءَكم فتضرِبُوا أعناقَهم ويضرِبُوا أعناقَكم؟»، قالوا: وما ذاك يا رسولَ الله؟ قال: «ذِكرُ الله».
ومن مُوجِباتِ رِضا الله على العبدِ: المُحافظةُ على الصلواتِ، وأمرُ الأهلِ بأدائِها؛ فقد أثنَى - سبحانه - على نبيِّه إسماعيل - عليه السلام -: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) [مريم: 54، 55].
وللمُعاملة الحسنة والكلمة الطيبةِ أثرٌ بالِغٌ في النفوسِ، يكتُبُ الله لصاحبِها رِضوانَه إلى يوم القيامة.
فعن بلالِ بن الحارثِ - رضي الله عنه -، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أحدَكم ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رِضوانِ الله ما يظنُّ أن تبلُغَ ما بلغَت، فيكتُبُ الله له بها رِضوانَه إلى يوم يلقَاه»؛ رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
وأوَلَى الناس بحُسن المُعاملة وطِيبِ الكلام مَن كانا سببًا في وجودِك بين الأنام، فأقصَرُ طريقٍ لرِضا الرحمن هو رِضا الوالدَين. وكيف ينسَى المُسلمُ هذا البابَ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رِضا الربِّ في رِضا الوالِد، وسَخَطُ الربِّ في سَخَطِ الوالِد».
فجعلَ رِضا الوالدَين مُقترِنًا برِضا الرحمن - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن فضلِ الله ومِنَّتِه على عبادِه: أن جعلَ تحصيلَ رِضاه بأسَرِ العبادات؛ فمن حمِدَ اللهَ وشكَرَ على النِّعَم فازَ برِضا المُنعِم.
ففي "صحيح مُسلم" من حديث أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه -، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله ليرضَى عن العبدِ أن يأكُلَ الأكلَةَ فيحمَدَه عليها، أو يشرَبَ الشَّربةَ فيحمَدَه عليها».
الله أكبر! عملٌ يسيرٌ، وأجرٌ كبيرٌ.
وجِماعُ ذلك كلِّه: الإيمانُ بالله - جلَّ جلالُه -، وبذلُ النفس له - سبحانه -، ونُصرةُ دينِه ورسولِه - صلى الله عليه وسلم -.
(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح: 18].
ألا وصلُّوا - عباد الله - على رسولِ الهُدى؛ فقد أمرَكم الله بذلك في كتابِه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجِه وذريَّته، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وأزواجِه وذريَّته، كما بارَكتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّر أعداءَك أعداءَ الدين، واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا، وسائرَ بلادِ المُسلمين.
اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعملٍ.
اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عِصمةُ أمرِنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعَل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ برحمتِك يا أرحم الراحمين، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ.
اللهم إنا نعوذُ بك من زوالِ نعمتِك، وتحوُّل عافِيَتك، وفُجاءَة نِقمتِك، وجميعِ سخَطِك.
اللهم ابسُط علينَا من بركاتِك ورحمتِك وفضلِك ورِزقِك برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرِنا لما تُحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك برحمتِك يا أرحم الراحمين، اللهم وفِّقه ونائِبَيْه لكل خيرٍ يا رب العالمين، اللهم وفِّق جميعَ وُلاةِ أمور المسلمين للعملِ بكتابِك وتحكيمِ شرعِك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أرادَنا وبلادَنا وبلادَ المُسلمين بسُوءٍ فاجعَل تدبيرَه تدميرًا عليه يا قويُّ يا عزيزُ، يا ذا الجلالِ والإكرام.
اللهم انصُر جنودَنا المُرابِطين على حُدودِ بلادِنا، اللهم أيِّدهم بتأيِيدِك، واحفَظهم بحفظِك، اللهم سدِّد رميَهم، وثبِّت أقدامَهم، ورُدَّهم سالِمين غانِمين مُنتصِرين برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم فرِّج همَّ المهمُومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكرُوبين، واقضِ الدَّينَ عن المَدِينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا برحمتِك يا أرحم الراحمين.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10].
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، فاذكُروا الله العليَّ العظيمَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم