عناصر الخطبة
1/اجتماع خيرات الغوث وشهر شعبان وانتظار رمضان 2/فضل الرباط في بيت المقدس 3/خصوصية شهر رمضان في بيت المقدس 4/هدي السلف الصالح في انتظار رمضان والفرحة بقدومه 5/وصية لقادة الأمة العربية بخصوص غزة وفلسطين 6/تحية إكبار وإعزاز للأسرى المحرريناقتباس
إنه رمضان شهر العزة والكرامة، شهر الخير والانتصارات، شهر العزة على امتداد تاريخ الأمة الإسلاميَّة، فهلا استظلَّت أُمَّتُنا في أيام رمضان ولياليه بهذا الفضل الكبير؟! ووقفَتْ على كل معاني العزة والكرامة التي أعزَّ اللهُ بها المسلمينَ على امتداد تاريخهم في شهر رمضان المبارَك...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، جعل الصيام فريضة محكمة، وسنة باقية إلى يوم الدين، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، قال وقوله الحق: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[الْبَقَرَةِ: 185]، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا، وشفيعنا وقدوتنا، محمدًا عبد الله ورسوله، وصَفِيُّه من خَلقِه وخليلُه، صلى الله عليه، وعلى آله الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، ومن سار على نهجهم، واتبع سنتهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، والصلاة والسلام على الشهداء والمكلومين، والجرحى والمعتقَلين، والقائمين الراكعين الساجدين، في المسجد الأقصى المبارَك، وفي كل بقعة من ديار المسلمين.
أيها المسلمون، يا أبناء بَيْت الْمَقدسِ وأكناف بَيْت الْمَقدسِ، يا أبناء هذه الديار المبارَكة: يجتمع لنا في هذا اليوم الفضيل، في هذه الجمعة المباركة، فضلُ الجمعة، وخيراتُ ربِّ العالمين، الغوث، الذي يغيث العباد والبلاد، وفضل شهر شعبان، والذي يتلوه وننتظره وينتظره المسلمون بكل حرقة وحنين، شهر الصيام، شهر الخير والبركات، شهر القرآن، شهر التراويح والتسابيح، شهر الذكر، والتلاوة وكل أعمال الخير؛ من صيام وصدقات وخيرات.
ويجتمع لنا كذلك فضل الرباط في هذه الديار المبارَكة، ديار الإسراء والمعراج، التي يُهاجَر إليها، وتَحرُم الهجرةُ منها، فأرض الإسراء والمعراج محط أنظار المرسَلين، ومهوى أفئدة الصالحين والعلماء العاملين، كانت وما زالت أرضًا للرباط والثبات، فلا يُهاجَر منها، بل يهاجر إليها، ولا يجوز بحال من الأحوال أن نقبل التهجير منها أبدًا، مهما كانت الظروف والأحوال، فهنيئًا لكم أهل ديار الإسراء والمعراج، أن اختاركم الله -تعالى- أن تكونوا المرابطين، والمعمِّرين والثابتين في هذه الديار المبارَكة، إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج: إن الرباط في هذه الديار له أجره العظيم، وثوابه الجزيل، عند الله -تعالى-؛ يكفي في ذلك أن نقرأ قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 200]، وكذلك حديث حبيبنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم-: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، والغدوة أو الروحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها"، فهنيئًا لكم أهل هذه الديار المبارَكة، هنيئًا لكم رباطكم، هنيئًا لكم بقدوم وحلول شهر رمضان المبارَك، شهر الصيام، وشهر الخير والبركات والطاعات.
ولِرمضانَ في هذه الديار نكهتُه الخاصَّةُ، وتقاليدُه البَيِّنَةُ؛ حيث يهرع أهل فلسطين، كل فلسطين، شادين رحالهم إلى المسجد الأقصى المبارَك؛ ليعمروه في هذا الشهر وفي جميع أيام السنة، تحصيلًا لثواب الرباط، وتحصيلا لثواب شد الرحال إلى هذا المسجد المبارَك، وإلى مدينة القدس التي شرفها وكرمها الله بالإسراء والمعراج، وكانت مهدا للأنبياء، ومنطلَقًا للرسالات السماوية.
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج: إنه رمضان شهر العزة والكرامة، شهر الخير والانتصارات، شهر العزة على امتداد تاريخ الأمة الإسلاميَّة، فهلا استظلَّت أُمَّتُنا في أيام رمضان ولياليه بهذا الفضل الكبير؟! ووقفَتْ على كل معاني العزة والكرامة التي أعزَّ اللهُ بها المسلمينَ على امتداد تاريخهم في شهر رمضان المبارَك، هذا الشهر الذي أعز الله به القلة والفئة المؤمنة القليلة، في بدر الكبرى، وأكرمها بفتح مكة، في العشرين من رمضان في السنة الثامنة للهجرة، وتوالت انتصارات وعزة المسلمين على امتداد الرمضانات وتاريخ المسلمين المشرق.
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج: نعم، ننتظر رمضان وقد أُثِرَ عن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- أنهم كانوا يقولون: "نحضر أنفسنا ستة أشهر من العام لقدوم رمضان، ونستغفر الله وندعوه ستة أشهر أن يتقبل منا الصيام والقيام في رمضان"، نعم أيها المسلمون هذا هو رمضان الذي يؤدِّي فيه المسلمون فريضة الصيام، وهي ركن من أركان الإسلام، قال عنه رسولنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم-: "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادة ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا"، أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-، فيا فوزَ المستغفرينَ استغفِرُوا اللهَ، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد لا نبي بعده، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ أحب لعباده أن يعملوا لدينهم ودنياهم، حتى يفوزوا بنعم الله وينالوا رضوانه، وأشهد أنَّ سيدَنا وحبيبَنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد، أيها المسلمون: يستعدُّ قادة الدول العربيَّة في بدايات رمضان أن يعقدوا مؤتمرًا على مستوى القمة، ونحن من علياء منبر المسجد الأقصى المبارَك نقول للمؤتمرين: "إن القدس وأقصاها المبارك، وإن قضية فلسطين بكل ما تمثله هذه القضية للعالم الإسلامي والعربيّ، التي هي جزء من عقيدتكم، وجزء من تاريخكم وحضارتكم، وجزء من كل مقدس وكريم، في هذه الدنيا، في هذا العالم اليوم، نقول لكم: "إن الأمانة تقتضي وتستدعي وتتطلب منكم أن توحدوا صفكم، وأن تجمعكم شملكم، وأن تجعلوا رضوان الله الذي أنزل القرآن في رمضان هداية للناس أجمعين، ودستورا للمسلمين أن اتقوا الله في شعوبكم، اتقوا الله في أمتكم، اتقوا الله في مقدساتكم، ولتكن قمتكم على مستوى الأحداث والتحدِّيات التي تمر بها الأمة، أما ترون وقد رأيتم ما حل بأهلنا في غزَّة، وما يحل في أهلنا اليوم ومنذ أيام في مدن جنين وطولكرم وطوباس وسائر مدن وأرياف ومخيمات الضفة الغربيَّة؟! إن أمانة الله، وأمانة القرآن، وأمانة رمضان، وأمانة التاريخ، وأمانة الحبيب الأعظم -صلى الله عليه وسلم- يجب أن تكون حاضرة في اجتماعكم، حتى يكون لذلك أثر يرضي الله -تعالى-، وترضى عنه الأمة، ويعيد لكم بعض أمجادكم الماضية".
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج: وفي رمضان كثِّفُوا شدَّ الرحال إلى المسجد الأقصى، اعمُرُوه بإيمانكم، بعباداتكم، برباطكم، بالتلاوة والتسبيح والتهليل، والذِّكْر الكريم، فهو أمانة في أعناقنا جميعًا.
أيها المسلمون: بمناسبة الإفراج عن بعض إخوتنا المأسورين، نحييهم من علياء مسجد الأقصى المبارَك، نبارك لهم حريتهم، آملين وداعين الله -تعالى- أن يفرج عن جميع أسرانا، وأن يرحم شهداءنا وموتانا، وأن يشفي مرضانا وجرحانا، وأن يجعلنا بفضله وكرمه من المرابطين الثابتين إلى يوم الدين، في المسجد الأقصى المبارَك إلى أن نلقى الله -تعالى- ونبيه الكريم على حوضه الشريف، نشرب من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.
فاللهمَّ رُدَّنا إليكَ ردًّا جميلًا، وهيئ لنا وللمسلمين فرجًا عاجلًا قريبًا، وقائدًا مؤمنًا رحيمًا، يُوحِّد صفَّنا، ويَجمَع شملَنا، وينتصر لنا، إنك على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وَصَلَّى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وأنتَ يا مقيمَ الصلاةِ: أقمِ الصلاةَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم