الغيرة1

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

الغيرة

الدرر السنية

 

معنى الغَيْرة لغةً واصطلاحًا

 

معنى الغَيْرة لغةً:

الغَيْرة بالفتح المصدر من قولك: غار الرجل على أَهْلِه والمرأَة على بَعْلها تَغار غَيْرة وغَيْرًا وغارًا وغِيارًا والغَيْرة هي الحَمِيَّة والأنَفَة

 

معنى الغَيْرة اصطلاحًا:

الغَيْرة: كراهة الرجل اشتراك غيره فيما هو حقه

- وقال الراغب الأصفهاني: (الغَيْرة ثوران الغضب حماية على أكرم الحرم، وأكثر ما تراعى في النساء)

 

الترغيب في الغيرة

- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه ))

(معناه: أن الله يغار إذا انتهكت محارمه، وليس انتهاك المحارم هو غيرة الله؛ لأن انتهاك المحارم فعل العبد، ووقوع ذلك من المؤمن أعظم من وقوعه من غيره. وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته، مثل الغضب، والرضا، ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن يغار، والله أشد غيرًا ))
- وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من الغَيْرة ما يحب الله -عز وجل- ومنها ما يبغض الله -عز وجل- ومن الخيلاء ما يحب الله -عز وجل- ومنها ما يبغض الله -عز وجل- فأما الغَيْرة التي يحب الله -عز وجل- فالغَيْرة في الريبة. وأما الغَيْرة التي يبغض الله -عز وجل- فالغَيْرة في غير ريبة والاختيال الذي يحب الله -عز وجل- اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة. والاختيال الذي يبغض الله -عزَّ وجلَّ- الخيلاء في الباطل ))
قال الشوكاني: (فالغَيْرة في الريبة: نحو أن يغتار الرجل على محارمه إذا رأى منهم فعلًا محرمًا؛ فإن الغَيْرة في ذلك ونحوه مما يحبه الله... والغَيْرة في غير ريبة: نحو أن يغتار الرجل على أمه أن ينكحها زوجها، وكذلك سائر محارمه؛ فإن هذا مما يبغضه الله تعالى؛ لأنَّ ما أحلَّه الله تعالى فالواجب علينا الرضى به؛ فإن لم نرض به كان ذلك من إيثار حمية الجاهلية على ما شرعه الله لنا)

 

أقوال السلف والعلماء في الغَيْرة

- كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (لا تكثر الغَيْرة على أهلك فتُرمى بالسوء من أجلك).

 

- وقال إسماعيل بن خارجة الفزاري وهو يوصي ابنته: (... وإياك والغيرة؛ فإنها مفتاح الطلاة).

- وقال أبو الأسود لابنته: (إياك والغَيْرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، وأزين الزينة الكحل؛ وعليك بالطيب، وأطيب الطيب إسباغ الوضوء.

- وقال ابن القيم: (إن أصل الدين الغَيْرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغَيْرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغَيْرة تميت القلب، فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة، ومثل الغَيْرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلًا، ولم يجد دافعًا، فتمكَّن، فكان الهلاك، ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وولده، فإذا تكسرت طمع فيها عدوه)
- وقال الراغب الأصفهاني عن الغيرة: (جعل اللَّه سبحانه هذه القوة في الإنسان سببًا لصيانة الماء وحفظًا للإنسان، ولذلك قيل: كلُّ أمة وضعت الغَيْرة في رجالها وضعت العفة في نسائها، وقد يستعمل ذلك في صيانة كل ما يلزم الإنسان صيانته)

 

فوائد الغَيْرة

1- الغَيْرة دليل على قوة الإيمان بالله.
2- خصلة يحبها الله سبحانه وتعالى.
3- هي السياج المعنوي لحماية الحجاب، ودفع التبرج والسفور والاختلاط

4- الغَيْرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغَيْرة تميت القلب، فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة
5- هي من الأسباب الدافعة لإنكار المنكر.
6- تطهر المجتمع من الرزائل.
7- الغَيْرة سبب لصون الأعراض.

 

أقسام الغَيْرة

أولًا: أقسام الغيرة من حيث كونها غيرة للمحبوب أو عليه:

قسَّم ابن القيم الغَيْرة إلى نوعين: (غيرة للمحبوب، وغيرة عليه).

 1- فأما الغَيْرة له: فهي الحمية له، والغضب له، إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته، وناله مكروه من عدوه؛ فيغضب له المحب ويحمى، وتأخذه الغَيْرة له بالمبادرة إلى التغيير، ومحاربة من آذاه، فهذه غيرة المحبين حقًّا، وهي من غيرة الرسل وأتباعهم لله ممن أشرك به، واستحلَّ محارمه، وعصى أمره، وهذه الغَيْرة هي التي تحمل على بذل نفس المحب وماله وعرضه لمحبوبه؛ حتى يزول ما يكرهه، فهو يغار لمحبوبه أن تكون فيه صفة يكرهها محبوبه ويمقته عليها، أو يفعل ما يبغضه عليه، ثم يغار له بعد ذلك أن يكون في غيره صفة يكرهها ويبغضها، والدين كله في هذه الغَيْرة، بل هي الدين، وما جاهد مؤمن نفسه وعدوه، ولا أمر بمعروف ولا نهى عن منكر إلا بهذه الغَيْرة، ومتى خلت من القلب خلا من الدين؛ فالمؤمن يغار لربه من نفسه ومن غيره إذا لم يكن له كما يحبُّ، والغَيْرة تصفي القلب، وتخرج خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد.
2- وأما الغَيْرة على المحبوب فهي: أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره. وهذه أيضًا نوعان: غيرة المحب أن يشاركه غيره في محبوبه، وغيرة المحبوب على محبه أن يحب معه غيره)

ثانيًا: أقسام الغيرة من حيث كونها محمودة أو مذمومة
قال ابن القيم: (وغيرة العبد على محبوبه نوعان:
1- غيرة ممدوحة يحبها الله.
2- وغيرة مذمومة يكرهها الله.
فالتي يحبها الله: أن يغار عند قيام الريبة.

 

والتي يكرهها: أن يغار من غير ريبة، بل من مجرد سوء الظن، وهذه الغَيْرة تفسد المحبة، وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه. وفي المسند وغيره عنه قال: ((الغَيْرة غيرتان: فغيرة يحبها الله، وأخرى يكرهها الله، قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الغَيْرة التي يحب الله؟ قال: أن تؤتى معاصيه، أو تنتهك محارمه، قلنا: فما الغَيْرة التي يكره الله؟ قال: غيرة أحدكم في غير كنهه))
(وكما يجب على الرجل أن يغار على زوجته وعرضه؛ فإنه يطلب منه الاعتدال في الغَيْرة، فلا يبالغ فيها حتى يسيء الظن بزوجته، ولا يسرف في تقصي حركاتها وسكناتها؛ لئلا ينقلب البيت نارًا، وإنما يصح ذلك إن بدت أسباب حقيقية تستدعي الريبة) قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ من الغَيْرة ما يحبُّ الله، ومنها ما يكره الله؛ فالغَيْرة التي يحبُّها الله الغَيْرة في الريبة، والغَيْرة التي يكرهها الله الغَيْرة في غير ريبة ))

 

وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخونهم، ويطلب عثراتهم
ويمكن إجمال أسباب الغَيْرة المذمومة في ضعف الإيمان، ووسوسة الشيطان، وما يعتري القلب من أمراض إلى غير ذلك.

 

ويترتب على هذه الغيرة المذمومة أمور منها: الوقوع في الغيبة والتلبس بالسخرية، وترك بذل الخير للآخرين، السعي في الإضرار بالغير، ومعاداة أقارب الزوج وهضم حقوقهم، والحسد، والحقد، والسحر، والتجسس، والآلام النفسية، والأمراض البدنية، والاحتيال والكيد، والقتل، وقد تصل الغيرة المذمومة بصاحبها إلى الكفر والعياذ بالله.

 

وتتلخص معالجة الغيرة المذمومة في تقوى الله تعالى، ومطالعة الأجر العظيم للصابرين، وإحسان الظن، والقناعة، والبعد عن مجالس السوء، وذكر الموت وتقوية الإيمان باليوم الآخر، والدعاء، وفي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأمِّ سلمة لما ذكرت من غيرتها: ((وأدعو الله أن يذهب بالغَيْرة ))

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات