اقتباس
الغيرة بين النساء
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
السؤال:
الملخص:
امرأة متزوجة تشكو زوجة ابن عمِّ زوجها، فهي تظن أنها تغار منها؛ ما أحدث بينهما نوعًا من التنافس والغيرة، وهي لا تريد أن تحقِد عليها، وتسأل: كيف تتخلَّص من هذا الشعور؟ وكيف تفهم أفعالها؟
تفاصيل السؤال:
مشكلتي مع زوجة ابن عمِّ زوجي، تزوجتُ منذ سنتين وتزوجتْ هي منذ سنة، أصبحت جارتي، ولما أن دخلت العائلة، لم نكن نتكلم كثيرًا، لكنها زارتني وأصبحت علاقتنا طيبة وفيها ودٌّ وحب، لكنها ومنذ فترة تغيرت عليَّ، وصارت تتجاهلني، ولا تكلمني حتى وإن جلسنا جنبًا إلى جنب، وقد فسرتُ ذلك بغَيرتها مني؛ إذ إنني قد نحفتُ ورجعت لوزني السابق قبل الولادة، وجددت ملابسي، وعدتُ للاهتمام بتفاصيل الأناقة، وقد كانت تظن جسمي كما كان بعد الولادة؛ لأنها لم تَرَني إلا وأنا حامل، وسبب آخر أنها لم تحمل بعدُ، وأن ابني هو أول حفيد في العائلة والكل يحبونه، حتى أهل زوجها (الله يرزقها بالذرية الصالحة)، ومظهر آخر أكد لي الأمر أنها من المستحيل أن تقول كلمة طيبة حتى لو أعجبها شيء، وتتفاخر دائمًا بمال أبيها، ودلال زوجها، والماركات، وتنشر صورها وصور بيتها وأثاثها على مواقع التواصل، وقد أخبرتني ذات مرة بأن الفتيات يراسلنها ويقلن لها: لا بيت كبيتكِ، فهي تعتبر بيتها أحلى من بيوت كل الناس، لكنها في الحياة الواقعية لا تتفاخر بأشيائها، بل تحاول أن تكون مثالية، وتكسب قلوب ومحبة الناس، لكنني وبعد أن رأيت منها هذه التصرفات أصبح لدي نفور منها، وصار بيننا شيء من تنافس وغَيرة، غير مباشرة أو مباشرة من حيث الحفاظ على الأناقة والرشاقة، والأكل الصحي، وجمال البيت والديكورات، وتطوير الذات والتعليم الجامعي (كلٌّ منا في جامعة مختلفة)، رغم أنها لطيفة في محيطنا والكل يحبها، أريد التخلص من هذا الشعور، ولا أريد أن أحقد عليها، لكنني أشعر بأن تصرفاتها غير مفهومة، ولا أستطيع استيعابها، هل لكم أن تفسروا لي تصرفاتها؟ وكيف أتخلص من التفكير فيها ومن شعوري تجاهها؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فمشكلتكِ منحصرة في هيجان الغَيرة بينكِ وبين زوجة ابن عم زوجكِ، وعادةً الغَيرة تثور بين الأنداد في العمر، أو المستوى الدراسي والمالي، وينتج عنها الحسد المدمر للأخلاق، فعلاجكما هو الآتي:
أولًا: أن تستعيذا بالله كثيرًا من الغيرة والحسد.
ثانيًا: أن تُكثرا معًا من الاستغفار والاسترجاع.
ثالثًا: أن تحاسب كل واحدة منكما نفسَها إذا وجدت غيرة أو حسدًا.
رابعًا: لا تنشغلي كثيرًا بالتفكير في: لماذا فلانة تفعل كذا وكذا؟ بل انشغلي بمحاسبة نفسكِ على أخطائكِ معها وتصحيحها.
خامسًا: تذكري قوله صلى الله عليه وسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: ((ليس الواصلُ بالمُكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُه وصَلَها))؛ [رواه البخاري].
سادسًا: اجتهدي في إخفاء أخباركِ السارة عنها.
سابعًا: لتكن الزيارات بينكما بحسب الحاجة والضرورة فقط.
ثامنًا: لا تحزني لو وجدتِ منها نفورًا وإعراضًا، فقد يكون خيرًا عظيمًا لكِ، وأنتِ لا تدرين؛ قال سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
تاسعًا: حافظي على الصلاة في وقتها، والإكثار من تلاوة القرآن، وأذكار الصباح والمساء؛ ففيها جميعًا الحفظ من الشرور، وتقوية الإيمان، والتسلية عما يُصيب المؤمن.
عاشرًا: تذكري الإيمان بالقدر، وأن ما حصل بينكما قدرٌ كتبه الله لِحِكَمٍ يعلمها سبحانه؛ فربما كان فيها صرفُ شرٍّ عنكما معًا؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
حفظكما الله، وأعاذكما من شر الغيرة والحسد.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم