الغرب وعراقة العداء

عبد العزيز بن عبد الله السويدان

2022-10-08 - 1444/03/12
عناصر الخطبة
1/ ملخص للخطبة السابقة عن النصارى والتعامل معهم 2/ المواقف تكذِّبُ ادعاء الغرب العلماني للحياد الديني 3/ عراقة العداء مع الغرب تستلزم أخذ الحذْر 4/ التعامل الأمثل مع الغرب

اقتباس

لقد تقاربت المسافات، وتنوعت وسائل النقل، وتقاطر الكثيرون منا إلى بلاد الغرب للدراسة والنزهة، وانبهر مَن انبهر، وأعجب من أعجب، ولا بأس! ولكن؛ بشرط أن يكون الإعجاب في مكانه الصحيح، كالإعجاب بصناعتهم، بتقنياتهم، بالتزامهم بالنظام الذي يبقون به متفوقين، لا بأس! فهذه الأمور وأشباهها مما يُعجَبُ به فعلاً؛ أما حُبُّهُم، ومودتهم، والإعجاب بقيمهم وفلسفاتهم، والانبهار بمصداقيتهم وعدلهم، كأنهم أهلٌ للثقة ..

 

 

 

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

تحدثنا عن علاقتنا بنصارى الغرب، وذكرنا ما أخبرنا به القرآن من حقيقةِ توقُّفِ رضاهم عنا على اتباعنا ملتهم، وأن عدم رضاهم عنا لا يمنع التعايش معهم؛ بل علينا بالبر والإحسان إلى المسالم منهم، وكذلك العدل والإنصاف والقسط.

ولا يمنع التجارة معهم، ولا التعلم منهم علوم الدنيا النافعة، ولا يمنع الحوار معهم بقصد دعوتهم؛ وإنما يمنع توليهم ومداهنتهم والسعي إلى إرضائهم بكل وسيلة، والتنازل عن بعض مبادئنا إرضاءً لهم؛ فالتنازل عن المبادئ خزي وعار، ورضاهم مستحيل! (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).

وبيَّنَّا -كذلك- أنه ينبغي أن نفرق في تعاملنا معهم بين التعايش والحب، وبين الصحبة بالمعروف والنصرة والموالاة، وبين البر والقسط والخلة والمودة، فقد قال -سبحانه-: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [المجادلة:22]، وقال -جل من قائل-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة:8-9].

فالقسط والعدل والبر من أخلاق المسلم مع الجميع، حتى مع المشرك، المسلم لا يخدع، ولا يخون العهد، هكذا علمنا ديننا؛ لكن المسلم الموحد لا يمكن أن يحب مشركًا محبة شرعية؛ وبيَّنَّا أن النصارى أصناف، كالمسالم والمحارب والمستأمن والمعاهد، وكلٌّ له أحكامه.

كما بينا أن المحبة الفطرية الطبيعية ممكنة في حالات خاصة، كمحبة الوالد لولده والولد لوالده وما إلى ذلك، وأنه لا إشكال في أن يجتمع في قلب العبد بغض ديني ومحبة حِبِلِّيَّة في آن واحد؛ لأن الباعث لكل من تلكم المحبتين مختلف، فمثلاً؛ تحب الزوجةَ فطرةً، وتكره شرعًا نصرانيتها وشركها بالله وتكذيبها برسوله -صلى الله عليه وسلم-.

كما يجتمع في القلب حب الدواء وكرهه في آن واحد، فباعث حب الدواء هو كونه سببًا للشفاء، وباعث كرهه أن طعمه مُر.

واليوم؛ نأتي على مسألة مهمة ينبني عليها تصورنا لنصارى الغرب، والمسألة هي: ما هي طبيعة نظرتهم لنا -نحن المسلمين-؟! وما هي مواقفهم تجاهنا؟! وما هي الحقيقة التي تظهر في الملمات والوقائع فتكشف عن شخصية الذي أمامك؟!

أيها الإخوة: يزعم الغرب اليوم أنه مجتمع علماني ليس للدين أثر في مواقفه، وأن الأديان بالنسبة له شيء واحد، لا فرق بين دين وآخَر؛ وإنما هي المصالح، ولا شيء سوى المصالح.

ويشهد لهم بذلك وكلاؤهم من الليبراليين والعلمانيين العرب وبعض من تابعهم واغتر بطرحهم من المثقفين وعوام الناس، ونحن نتمنى صحة هذه الرؤية، نتمنى ذلك، وأن تكون تلك الشهادة مطابقة للواقع؛ ولكن الحقيقة التي يحكيها التاريخ ويحكيها الواقع المشاهَد خلاف ذلك.

إنه يحكي -إضافة إلى المصالح- عنصريةً مقيتة يشوبها الظلم والقهر، ويحكي تعاليًا للغربيين في الجملة، ونظرة دينية منه تجاه العرب والمسلمين، وتشهد عنها بوضوح أفلام هوليود، وليس هذا فحسب؛ بل لطالما توافقت مواقفهم السياسية مع تلك النظرة الظالمة عبر العصور، وعلى المسلمين السُّنَّة بالذات، كموقفهم من الخلافة العثمانية، وموقفهم من مسلمي فلسطين، ونصرهم لليهود، ووقوفهم في صفهم عشرات السنين، وهم يظلمون المسلمين أشدّ أنواع الظلم.

وظلوا يقفون مع البوذيين والنصارى ضد المسلمين حتى أصبحت الهند إحدى مناطق سيادتهم، وموقفهم في أفغانستان وقصف المدنيين مع حدودهم مع باكستان، وموقفهم البارد من بطش الحكومة البوذية البورمية في ميانمار وما حدث من مجازر رهيبة للمسلمين في أراكان قديمًا وحديثًا؛ لكن لما وُضعت ناشطة الحقوق البورمية البوذية تحت الإقامة الجبرية فقط في منزلها في ذلك البلد، قام الغرب ذاته ولم يقعد، هؤلاء هم الغربيون لا يتحركون لمذابح آلاف المسلمين، ويهبّون بكل غضب معترضين على إقامةٍ جبريةٍ في المنزل لناشطة بوذية في ذلك البلد.

وموقفهم في إندونيسيا وإعانتهم للنصارى لينفصلوا عنا في الجزء الشرقي من جزيرة تيمور كي ينشئوا دويلة نصرانية في الجسد الإندونيسي المسلم، وبسرعة اعترفت الأمم المتحدة بتلك القطعة الصغيرة من الأرض كدولة مستقلة، بينما يقفون مع الحكومة الفيليبينية النصرانية في جزيرة مندناو! وموقفهم في سنغافورا النصرانية البوذية والإعانة على فصلها عن ماليزيا المسلمة.

وموقفهم من السودان واستماتتهم لتقسيمه لصالح النصارى، وموقفهم الداعم لإثيوبيا الصليبية ضد جيرانها المسلمين في الصومال وغيرها، وموقفهم من مأساة المسلمين في زنجبار في الستينيات وسكوتهم عن مذابح الرئيس التنزاني الصليبي لآلاف المسلمين المدنيين وطردهم منها بغية تطهير زنجبار من المسلمين.

وموقفهم المتخاذل من مذابح البوسنة التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات من القتل المتواصل للأبرياء، ربع مليون مسلم معظمهم من الأطفال والنساء والعجائز قتلوا في تلك الحرب الظالمة في أبشع مذابح القرن العشرين على الإطلاق بشهادة وكالات الأنباء الغربية ذاتها، وشرد أكثر من مليونين، عدا حالات الاغتصاب.

كل ذلك والعالم الغربي يتفرج! لماذا كل ذلك التراخي والإمهال؟! لقد كان من أجل إخضاع المسلمين في البوسنة لاتفاقية دايتون التي ليس هنا مقام تفصيلها؛ ولذلك لمَّا وقّع الرئيسُ عزّت بيغوفيتش على تلك الاتفاقية قال مخاطبًا شعبه والحزن والقهر يعصران قلبه: قد لا يكون هذا سلامًا عادلاً كما نتمناه، ولكنه أكثر عدالةً من استمرار الحرب. إنه -في وضعٍ كهذا وُجِدْنا فيه، وفي عالَمٍ كهذا- لا يمكن أن نتوصَّلَ إلى سلامٍ أفضلَ من هذا، إنَّ اللهَ شاهدٌ علينا أننا قد فعلنا كل ما في وسعنا وطاقتنا لكي نقلل من حجم الظلم الواقع على شعبنا وعلى بلادنا. اهـ.

ولما عاد عزت بيغوفيتش من دايتون سأله صحفي بوسناوي عن معنى عبارته في خطابه السابق: "في عالم كهذا" قال: إنه عالم يمكن فيه أنْ تُشَنَّ حربٌ ظالمةٌ ويُفرَضُ سلامٌ غيرُ عادل. اهـ.

يعني -كما يقال-: "حشفا وسوء كيلة!"، تمر رديء وكَيْلٌ سيئ، خصلتان ذميمتان في هذا العالم، هذه هي مواقف الغرب.

وكذلك موقفهم في رواندا لما همّش الاستعمار البلجيكي المسلمين هناك واستحقرهم واستبعدهم عن التعليم والوظائف المهمة في الدولة، وخصص لهم أوضع المهن؛ بينما أعز النصارى ومكّن لهم.

وسكوتهم عن اضطهاد المسلمين الإيجوريين في الصين لعشرات السنين دون معين ولا ناصر؛ لأنهم مسلمون لا قيمة لهم!

وموقفهم المناصر للجزء اليوناني النصراني من قبرص ضد تركيا التي لم تنفعها علمانيتها في كسب الاتحاد الأوروبي لأن شعبها ما زال مسلمًا، وصدق الله تعالى إذ يقول: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120].

وقريبًا موقف فرنسا والدول المجاورة لها من الحجاب الإسلامي واستصدار قوانين تستثني هذا الشعار الإسلامي من قائمة الحريات الشخصية التي تتباهى بها تلك الدول الحضارية كما يقال! وغيرها من المواقف عبر العصور.

وما أوقع الشهادة إذا جاءت من أهلها! يذكر الدكتور الألماني مراد هوفمان، وكان سفيرًا لألمانيا في الجزائر عام سبعة وثمانين وتسعمائة وألف، وفي المغرب عام تسعين وتسعمائة وألف، يذكر في كتابه "رحلة إلى مكة" أنه لما أشهر إسلامه حاربته الصحافة الألمانية محاربة ضارية؛ بل حتى أمه لما أرسل إليها رسالة قالت: يبقى عند العرب، لا نريده!

ويقول: إن الغرب يتسامح مع كل المعتقدات والملل حتى مع عَبَدَة الشيطان؛ ولكنه لا يظهر أي تسامح مع المسلمين، فكل شيء مسموح إلا أن تكون مسلمًا، ويتعجب هوفمان من إنسانية الغربيين المنافقة فيكتب: في عيد الأضحى ينظر العالم الغربي إلى تضحية المسلمين بحيوان على أنه عمل وحشي متخلف، على الرغم من أن الغربي ما يزال حتى الآن يسمي صلاته قربانًا، ولا يزال يتأمل في يوم الجمعة الحزينة لأن الرب ضحى بابنه من أجله!

ويقول مقترحًا تعديل أسلوب التعامل مع الغرب: إذا ما أراد المسلمون حوارًا حقيقيًّا مع الغرب، عليهم أن يثبتوا وجودهم وتأثيرهم، وأن يكفوا عن الأسلوب الاعتذاري والتبريري عند مخاطبة الغرب، فالإسلام هو الحل الوحيد للخروج من الهاوية التي تردّى الغرب فيها.

ويقول في لقاء معه قبل ستة عشر عامًا، يعني قبل حادثة الحادي عشر من سبتمبر بست سنين، يقول: إننا في الغرب نواجه مواقف سيئة وسلبية ضد الذين يظهرون تعاطفًا مع الإسلام، فالدكتورة "آنا ماري شميل" حَصَلت من قبل على أكبر جائزة أدبية ألمانية عالمية، وقام الرئيس الألماني بتسليمها الجائزة بنفسه.

لكن لما تعاطفت مع الإسلام، وكُرمت في مصر وقد أُجْرِي معها حديث صحفي -أثناء الضجة التي صاحبت فوزها بالجائزة- قالت فيه: إن فتوى قتل سلمان رشدي شيء بشع، ولكنها تؤمن تمامًا أن الملايين مع المسلمين قد استاؤوا كثيرًا من إهانات رشدي للإسلام وللرسول -صلى الله عليه وسلم-. بعد ذلك لاقت حملات هجومية ضارية من كافة الأوساط الثقافية والإعلامية في ألمانيا؛ لأنها تكلمت عن سلمان رشدي وقالت: إنه ضايق المسلمين وآلَمَهُم، وحُوصرت ثقافيًا من أجل ذلك الموقف، مع أنها قالت الحقيقة وعبّرت عن رأيها فقط!

هذا هو الغرب المنصف حامي الحقوق وحرية التعبير، هذه هي عدالته، هذا هو الغرب العلماني الذي يزعم أنه لا يفرق بين الأديان، وأن الدين لا يؤثر في مواقفه، هذا هو الغرب الذي يسبّح بحقوق الإنسان ليل نهار، هذا هو شكله الحقيقي عندما يظهر على سجيته الأصلية، فكلّما حمي الوطيس أو ضربت البورصة انقلب وبدل.

ولا يهمه في سبيل تحقيق مصالحه مَن تضرر أو مات ولو كانوا مدنيين أبرياء ما داموا مسلمين، ولا يهمهم مَن انكسر وأفلت من أمم الإسلام، إنهم يتدافعون لإنقاذ اليونان، ويستميتون لجذب أسبانيا، ولكنهم يقفون بالمرصاد لتركيا -ولو كانت علمانية- ضد محاولتها الانضمام للاتحاد الأوروبي بالرغم من اقتصادها المتين الذي يمكن أن ينفع، لكن العداء للإسلام يجعلهم يتحايلون ضدها.

فبعد أن حاولت تركيا لسنين عديدة -لخمس وعشرين سنة- أن تكسب رضا الاتحاد الأوروبي ليقبل طلبها الانضمام إليه، وبعدما أنجزت كل ما عليها، نجد الاتحاد الأوروبي مترددًا، أقرب إلى الرفض منه إلى القبول.

بل صدرت توصيات كثيرة داخلية وخارجية تحث أوروبا على رفض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وكان من ضمنها توصية الكرسي البابوي في روما والكنيسة الكاثوليكية!

إن فرنسا وألمانيا والنمسا وغيرهم كلهم ما زالوا يتحفظون على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، بل إن رئيس فرنسا الجديد كان أثناء حملته الانتخابية يبشر الفرنساويين بهذا المبدأ ويقول بكل صراحة: إن تركيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي خلال ولايتي.

وفي الوقت ذاته يتهافت الاتحاد الأوروبي -بكل أعضائه- إلى دعوة الجزء النصراني من قبرص الصغيرة والفقيرة للانضمام للاتحاد؛ نصرة لها على تركيا.

إنهم لا أمان لهم، ولا عهد لهم، يقول -تعالى-: (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) [التوبة:8].

ويقول -سبحانه-: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [البقرة:105].

أسأل الله تعالى أن يعز المسلمين، وأن ينصرهم، ويصلح حالهم. أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروه؛ إنه غفور رحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

وبعد:

فإن هذا الحديث الذي يعرض اليوم -معاشر الإخوة- ليس لغرض إيغار الصدور، وإنما هو للبيان، ولكشف الزيف الذي تعج به حياة اليوم.

لقد تقاربت المسافات، وتنوعت وسائل النقل، وتقاطر الكثيرون منا إلى بلاد الغرب للدراسة والنزهة، وانبهر مَن انبهر، وأعجب من أعجب، ولا بأس! ولكن؛ بشرط أن يكون الإعجاب في مكانه الصحيح، كالإعجاب بصناعتهم، بتقنياتهم، بالتزامهم بالنظام الذي يبقون به متفوقين، لا بأس! فهذه الأمور وأشباهها مما يُعجَبُ به فعلاً؛ أما حُبُّهُم، ومودتهم، والإعجاب بقيمهم وفلسفاتهم، والانبهار بمصداقيتهم وعدلهم، كأنهم أهلٌ للثقة، ويمكن أن نستأمنهم على مصالحنا، هذا ما يحذَّر منه بشدة، وعلى كُلٍّ مِنَّا أنْ يَعِيَ حقيقةَ الأمور.

وللحديث بقية، ولعله يكون في مقام لاحق إن شاء الله...

اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
 

 

 

 

المرفقات

وعراقة العداء

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات