العولمة (2)

ناصر بن محمد الأحمد

2013-05-20 - 1434/07/10
عناصر الخطبة
1/ مخاطر العولمة الاقتصادية 2/ أخطر أنواع العولمة 3/ تأثير العولمة على المكونات الثقافية للشعوب 4/ طرق وأساليب أمركة العالم 5/ كيفية مواجهة تحدي العولمة.

اقتباس

العولمة تحدٍّ كبير يحتاج من الأمة أن تستدعي مثقفيها وعلماءها ومفكريها إلى رصدها، والتصدي لها من منظور إسلامي، وهي قضية شائكة تتطلب التفهم الإيجابي لبعض مكوناتها، كالاستفادة من التقنية والجوانب الاقتصادية التي لا تتعارض مع مصالح الأمة المسلمة، وهذه الدعوة تحتاج إلى عقول ورجال وإمكانيات بحجم التحدي الهائل وبحجم الإحجام والإهمال الذي...

 

 

 

 

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، …

 

أما بعد: حديثنا اليوم هو تممة للحديث في الأسبوع الماضي عن موضوع العولمة. هذا المخطط الذي يهدف إلى توظيف التفوق التقني لتمكين مصالح الطرف الأقوى، واستبعاد الشعوب الضعيفة، واستنـزاف مواردها، وإرهاب شعوبها، وعرقلة مسيرتها، وإخماد طاقاتها، وطمس هويتها، وتبعية فكرها، ووأد حركة الأصالة والإصلاح والتطوير في بناء ثقافتها.

 

وبهذا المفهوم تكون العولمة هي الإخطبوط الذي يلفّ عنق العالم الإسلامي، إنه غزو واستعمار غربي تقني ثقافي اقتصادي وسياسي أشد ضراوة وشراسة من أي لون من ألوان الاستعمار الغربي الذي سامت خسفه الإنسانية.

 

إن العولمة اليوم هي الليبرالية، وهي الديمقراطية بالمفهوم الغربي، وهي الشركات المتعددة الجنسيات، وهي السوق المالية المتوحدة المفتوحة، وهي التجارة الحرة، ورأس المال الطليق الذي لا يحدّه دين ولا شرع، وهي شبكات الاتصال المتقدمة، وهي تدفق المعلومات وتبادلها، وهي السهم الذي يخترق السياسة، ويخترق الهياكل الاقتصادية، ويخترق المقومات الثقافية، ويخترق أنماط التفكير، ويخترق السلوكيات الخاصة ليدخل بعد ذلك بكل هدوء على المجتمعات، ويفرض ما سبق ذكره كله، إن الهدف المعلن من العولمة هو إزالة الحواجز، وتذويب الفروق بين المجتمعات الإنسانية المختلفة، لسيادة آلية رأس المال التي تأبى أي قيود، وآلية المعلومات التي تأبى أي رقابة.

 

ولقد بدأنا في الأسبوع الماضي بمقدمة عن هذا المصطلح الجديد – العولمة – ثم تحدثنا عن أحد مجالاتها وهي العولمة الاقتصادية. وقلنا بأن خلاصتها هي فتح الأبواب أمام المستثمرين من مختلف أنحاء العالم للاستثمار في أية دولة دون أي قيود. والمجتمع الذي يرفض هذا الشرط سيُستخدم معه ما يسمى بالعقوبات الاقتصادية التي قد تصل إلى الحصار الاقتصادي الجزئي أو الشامل، وما يصاحبها من إجراءات سياسية ودبلوماسية، بل ورياضية، تعززها حملة إعلامية منظّمة لحشد الرأي العام العالمي لتأييد هذه العقوبات والإجراءات التي تحقق النتيجة المطلوبة من هذه الآلية البديلة عن أسلوب الحرب المعلنة.

 

وهذه النتيجة يمكن التحكم فيها حسب نوع العقوبات وقوتها، فتثمر إزعاج المجتمع المستهدَف ومضايقته، أو تعويقه، أو شلّه، أو تدميره تدميراً شاملاً أو جزئياً، إلى أن يخضع وتتم السيطرة عليه، وهذه الآلية تم اختبارها وما زالت مع دول عديدة.

 

وعلى ذلك فالقوى العظمى ذات المصلحة الحالية لن تفرّط بمكاسبها، وعلى أساس أن الذي يسيطر حالياً هو الذي سيبقى مسيطراً في عصر العولمة  إلى درجة العمل على إفناء الآخرين، فالمعركة التنافسية لن ترحم الضعفاء، وبدهي أن إجراءات العولمة تفترض الاعتماد على اقتصاد قوي وأنظمة سياسية واجتماعية مستقرة، وبنى تحتية غير محدودة، وخاصة في نطاق الاستثمارات التي تتطلب رءوس أموال باهظة، وهذا ما لا يتوفر لدول هشة لا تملك القدرة بذاتها على تأمين الضرورات الحيوية لشعوبها، فاختارت أو اضطرت للانجذاب إلى الأقطاب القوية كما في الحقيقة الفيزيائية في التجاذب المغناطيسي.

 

وأيضاً من وسائلهم في تحقيق العولمة الاقتصادية: اتفاقيات التجارة الدولية، والتي من خلالها تحقق العولمة شروطها، وأهمها فتح الأسواق العالمية أمام المنتجات الغربية بدون عوائق أو ضوابط، وعليه فلن تستطيع المنتجات المحلية مواجهة المنتجات المستوردة ومنافستها، مما يعني تعثر العديد من الأنشطة الاقتصادية، ويكون البديل المتاح هو: إما الاقتصار على الاستيراد، وهذا البديل قصير الأمد، حيث ستنضب أرصدة السيولة المالية، ويزيد التضخم نتيجة الركود الاقتصادي، وإما بيع الأصول الاقتصادية إلى الشركات العالمية بحجة الإصلاح الاقتصادي، واللحاق بركب المنافسة العالمية، وهذا هو المطلوب.  

 

وأيضاً من وسائلهم في تحقيق العولمة الاقتصادية، وإخضاع المتمرد إغراقه بالديون، فهل تعلم بأن الدول العربية كإحدى المناطق المستهدَفة بالعولمة بلغت ديونها الخارجية عام 1995م (250) مليار دولار، وتتفاقم ديونها بما مقداره (50) ألف دولار في الدقيقة الواحدة، ولا شك أنه كلما ارتفعت وتيرة الديون كلما ترسخت التبعية، ووُجدت الذريعة للتدخل، فعن طريق القروض احتلت إنجلترا مصر، وعن طريق القروض احتلت فرنسا تونس في القرن الماضي، وبسبب هذه الديون التي بدأت بتشجيع من الغرب عن طريق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين يعملان على إغراق الدول المستهدَفة بالديون أصبح اقتصاد معظم هذه الدول متخبطاً، يستطيع وبصعوبة بالغة ملاحقة خدمة الديون وفوائدها المتراكمة، فهي في الحقيقة وسيلة لبسط النفوذ على البلاد تماماً كما كانت في الماضي. فبين من ستكون المنافسة في ظل العولمة؟ وكيف ستكون مكانة مثل هذه المجتمعات النامية في العولمة؟ إنها مكانة البقرة الحلوب التي يُرَاد لها ألا تخرج من الحظيرة.

 

أيها الأحبة: لننتقل إلى أخطر مجالات العولمة وهو العولمة الثقافية. ولقد كانت من أخطر أنواع العولمة؛ لأنها تتدخل مباشرة في صياغة الفكر والسلوك الإنساني بوسائل متعددة. ومن أجل هذا كانت معظم هواجس المفكرين والمربيين تتعلق بخوفهم من تأثير العولمة على المكونات الثقافية للشعوب. يقول وزير الخارجية الكندي: "لئن كان الاحتكار أمراً سيئاً في صناعةٍ استهلاكية، فإنه أسوأ إلى أقصى درجة في صناعة الثقافة؛ حيث لا يقتصر الأمر على تثبيت الأسعار، وإنما تثبيت الأفكار أيضاً".

 

إن العولمة الثقافية بلهجة واضحة هي: محاولة نقل ثقافة الغرب وبالتحديد الثقافة الأمريكية إلى معظم شعوب ودول العالم، إنها بتحديد أكثر ما يعبر عنه بعض المثقفين بأمركة العالم، ولكي يقبل الناس هذه الثقافة الدخيلة عليهم فإنهم لا يبدءون مباشرة بتغيير المناهج ونمط التفكير، ولكن يأتونك من أبواب لا تخطر لك على بال منها: تغيير نمط المجتمع في تناول طعامه وشرابه، وإقباله على وجبات لم يكن يعرفها، هذا باب؛ ثم باب آخر وهو طريقة تأثيثه لمنـزله، وباب ثالث طريقة خروجه ونـزهته مع أولاده، وباب رابع وخامس وسادس وعاشر، وبعد سنوات تجدك أخذت ثقافة تلك المجتمعات وأنت لا تشعر، فإذا ما جاءت المناهج والأفكار كان المجتمع مهيئاً لقبول كل شيء.

 

لعلك تريد مثالاً واقعياً تشاهده بنفسك على ما أقول، هل تظنون أيها الأحبة أنه من قبيل الصدفة وفي خلال أقل من عشر سنوات أن يغزو العالم كله وليس فقط مجتمعنا مطاعم الوجبات السريعة، وبالأخص الشركات الأمريكية كماكدونالد وأخواتها، وإقبال الناس عليها بشكل عجيب وطرح كل البدائل الأخرى، إنها حقيقة تعاني منها حتى أوربا نفسها الجناح الثاني للغرب.

 

ولعل من أوضح الأمثلة على ما ذكرت أن فرنسا من أكثر الدول الأوربية مناهضة للعولمة الأمريكية بهذا الشكل، فاتخذت لمقاومة هذا التيار عدداً من التدابير، أولها أن الرئيس الفرنسي شيراك أصدر قراراً عارض فيه بشدة فتح مطعم ماكدونالد في برج إيفل الذي يعتبره تراثاً يخص الفرنسيين وحدهم، ولا يصلح أن تغزوه الثقافة الأمريكية!! مع أن شوارع باريس مليئة بمطاعم الشركات الأمريكية.

 

ثم فرضت على التلفزيون الفرنسي أن يخصص 60% من برامجه للإنتاج الأوربي كي لا يطغى الإنتاج الأمريكي المتدفق على إعلامه. كما حجبت المساعدات المالية والمادية عن جميع التظاهرات الثقافية الفرنسية التي لا تجعل اللغة الفرنسية لغة أعمالها.

 

وأخيراً ألحّت فرنسا على ألاّ ينتخب على رأس الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة بعد نهاية ولاية بطرس غالي من لا يتقن الفرنسية، وقد تم لها ما تريد في شخص كوفي عنان.

 

إن معظم من يعارضون العولمة الثقافية يرون أنها تتعارض مع الهوية القومية، وتسعى للقضاء على التنوع الثقافي، وإحلال الثقافة الغربية أو بلغة أصرح الثقافة الأمريكية بشكل خاص محل كل الثقافات الموجودة، والعولمة بهذا المفهوم تتعارض تعارضاً تاماً مع قواعد القانون الدولي.

 

فتأملوا رحمكم الله، هؤلاء وهم كلهم نصارى ودينهم واحد، ومع ذلك لا يرضون بالتبعية الثقافية لغير جنسهم، والمتأمل في حال أمة الإسلام في الوقت الراهن يرى العجب العجاب.

 

إن هناك جهوداً محمومة لتهيئة الرأي العام نفسياً وثقافياً للعولمة، بدءاً من انتشار سراويل الجينـز، وأزياء الموديلات العالمية، ومطاعم الوجبات السريعة الأمريكية ومشروباتها الغازية التي يعتبر افتتاح محلاتها ومصانعها تمهيداً للفتح الأمريكي وشعاراً عليه.

 

إن العولمة الثقافية برأي الخبراء والمفكرين تروِّج لثقافة الهمبرجر والكوكاكولا والغناء على الطريقة نفسها، وهي طلائع العولمة التي لا تبشّر إلا بمزيد من الشقاء والتعاسة للبشرية.

 

إن أملنا بالله جل وتعالى لكبير، أن يحفظ علينا إيماننا وديننا، وأن يحفظنا من هذا الغزو المدبّر الذي يحمل في طياته كل شر ودمار، ولكن أيها الأحبة لا بد مع الدعاء من عمل ومقاومة لهذا التيار، وأول طرق المقاومة هو كشف هذا المخطط، وفضح هذه المؤامرة، ثم المناعة الشخصية والأسرية حتى نصل بعد ذلك لحصانة المجتمع والدولة، وإن ثقتنا بربنا وديننا لكبيرة من أن تُهزم ثقافة الميكي ماوس عبر الإيمان الحقيقي الفعّال، إيمان الغلام حين يُستدعى للموت فيطلب الشهادة شريطة أن يُنادي بسمع الكون وبصوت عالٍ "باسم الله رب الغلام".   (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].

 

نفعني الله وإياكم بهدي …

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين …

 

أما بعد: إن العولمة الثقافية هي الشكل الذي يستنهض كل أشكال العولمة الأخرى، فجميع تلك الأشكال تُفضِي إليها. والعولمة الثقافية تستغل النتائج التي حقّقها الإعلام والاقتصاد في تحطيم الحدود، وإلغاء السيادات، أو التهوين من قوتها.

 

إن العولمة الثقافية هي اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي على سائر الثقافات، وهي تعني أن ينشأ في وعي الناس ثقافة لا تقوم صلة بينها وبين نُظمهم الاجتماعية فضلاً عن شريعتهم ودينهم.

 

إن العولمة الثقافية بوضوح شديد هي تعميم أو توحيد لاتجاهات وسلوكيات تشمل كل سكان هذا الكوكب، ويذكر تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أنه من مانيلا إلى ماناجوا، ومن بيروت إلى بكين، وفي الشرق وفي الغرب وفي الشمال وفي الجنوب أصبحت أشكال الزي الجينـز، وتصفيفات الشعر الخاصة، والعادات المتعلقة بتناول الطعام، والمواقف الاجتماعية والثقافية أصبحت كلها تشكل اتجاهات عالمية، وحتى الجرائم سواء كانت تتصل بالمخدرات أو الاختلاس أو الفساد، أصبحت متشابهة في كل مكان، لقد انكمش العالم في أوجهٍ عديدة.

 

أيها المسلمون: إن دول العالم الثالث، وبالمناسبة ليس هناك رابع، هذه الدول في نظر الغرب مجرد حشو دولي! يمكن الاستفادة منه، ولكنه غير مؤهل لدخول لعبة العولمة، أي أنه ليس بلاعب ولكنه ملعوب عليه.

 

أيها الأحبة: لماذا يُرَاد لنا نحن المسلمين أن نقبل بعضوية نادي العولمة دون أن نسأل عن شروط العضوية، ورسوم الاشتراك، وطقوس النـزاع التي تنتظرنا، ودرجة حرارة النار التي سوف يطبخ عليها العشاء الأخير الذي سيزيل من أجسادنا آخر ذرات المقاومة ليجهز في النهاية على أنفاسنا؟!

 

إن هذه الأمة بشهادة خبراء العولمة أنفسهم كانت حتى هذه اللحظة ولا تزال أصعب الأمم على القولبة، وأشدها مراساً في مواجهة النموذج الاستعماري المتغطرس. لماذا؟ لأن العقلاء من هذه الأمة والناصحين والمخلصين فيها يعلمون أن العولمة لا تعني انتقال البضائع والخدمات والنقد والتقنية والمعلومة والشراكة والسلوك والثقافة منفردة الواحدة تلو الأخرى كلا، إنها تعني أن يقدم هذه الطُّعْم ضمن سياق فكري لا نحتاج إلى ذكاء شديد أو حتى بلاهة أشد لنعرف حقيقته أنها الثقافة الغربية النصرانية المادية في نموذجها الأشد فجاجة وغطرسة وتعالياً !!

 

وإذا كان من حق فرنسا أن تقاتل وتحارب وترفع صوتها وتتصدى بالقوانين والممارسة لهذا النموذج، فلا أظن أن اللاعقين لجراح داحس والغبراء المعاصرة إلا أن يفتحوا عيونهم قليلاً وعقولهم كثيراً لهذه الهجمة المتواصلة منذ انحسار الإسلام كقوة عالمية ودولية مؤثرة !

 

إن الأسئلة تزداد توغلاً في صدورنا، ونحن نرى اليوم ثمار العولمة تُنبِت في أراضينا شجراً من علقم.

 

وأخيراً: فالعولمة تحدٍّ كبير يحتاج من الأمة أن تستدعي مثقفيها وعلماءها ومفكريها إلى رصدها، والتصدي لها من منظور إسلامي، وهي قضية شائكة تتطلب التفهم الإيجابي لبعض مكوناتها، كالاستفادة من التقنية والجوانب الاقتصادية التي لا تتعارض مع مصالح الأمة المسلمة، وهذه الدعوة تحتاج إلى عقول ورجال وإمكانيات بحجم التحدي الهائل وبحجم الإحجام والإهمال الذي نشعر به من مثقفي المسلمين الأصلاء، والذين نخجل من نتاجهم في هذا الجانب مقارنةً باهتمام ومتابعة ومقاومة الاتجاهات الفكرية الأخرى داخل وخارج عالمنا الإسلامي.

 

نسال الله أن يوفق علماء الأمة ودعاتها وطلاب العلم فيها لتحمل هذه المسئولية

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

 

اللهم رحمة اهد بها قلوبنا، واجمع بها شملنا ولم بها شعثنا ورد بها الفتن عنا. اللهم صلّ على محمد …

 

أيها الأحبة: ستقوم مؤسسة الحرمين بجمع التبرعات هذا الأسبوع لصالح مسلمي كوسوفا. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه..

 

 

 

العولمة (1)

 

العولمة (3)

 

العولمة (4)

 

 

 

 

المرفقات

–2

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات