العقيدة الحقة.. وما يناقضها

سليمان بن حمد العودة

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ أهمية الإيمان وتحقيق التوحيد 2/ عقيدة أهل السنة والجماعة في تعريف الإيمان 3/ وجوب تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم 4/ التحذير من الغلو في محبته صلى الله عليه وسلم وذكر نماذج من ذلك 5/ بيان أن دعاء غير الله تعالى شرك أكبر

اقتباس

وأما أهل السنة والجماعة فوسط بين الغالي والجافي. يقول أئمتهم: إن الإيمان عمل الجوارح. فكما يجب على الخلق أن يصدقوا الرسل عليهم السلام فيما أخبروا، فعليهم أن يطيعوهم فيما أمروا، فلا يتحقق الإيمان بالرسول مع ترك الطاعة بالكلية.

 

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، خلق فسوى، وقدر فهدى، وله الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يفعل ما يشاء، يخفض ويرفع ويقبض ويبسط، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو الحكيم الخبير بشؤون أهل الأرض والسماء.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه، والمؤتمن على وحيه، والنموذج الأمثل للرضا بما كتب الله وقدر.

اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بلزوم تقوى الله: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّه) [النساء: من الآية131].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

أيها المسلمون: متقرر عند العقلاء أن الله خلق هذا الوجود لحكمة بالغة، وأن ما يقع فيه من الخير والشر بمشيئته وإرادته، كوناً وقدراً، أو شرعاً وديناً، ومتقرر عند العلماء أن معنى التوحيد: "أن يشهد صاحبه قيومية الرب تعالى فوق عرشه، يدبر أمر عباده وحده، فلا خالق ولا رازق، ولا معطي ولا مانع، ولا مميت ولا محيي، ولا مدبر لأمر المملكة – ظاهراً وباطناً – غيره، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا يجري حادث إلا بمشيئته، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات، ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا أحصاها علمه وأحاطت بها قدرته، ونفذت بها مشيئته واقتضتها حكمته".

أيها الناس: إن امتلاء القلب بهذه الحقيقة الكبرى لا يدعو إلى الكسل والتواكل والتراخي والتقصير في أداء الطاعات والواجبات.. اعتماداً على التقدير الأزلي، والربوبية الشاملة لحركة هذا الكون ومن فيه، فذلك فهم سلبي لمعنى التوحيد. وإنما يدعو التوحيد الحق إلى العبودية الحقة المشتملة على الطاعة والتسليم، والقيام بحقوق الخالق من المحبة والتعظيم وإفراده بالألوهية والعبادة الخالصة، وانشراح الصدر لفعل المأمور والبعد عن المحظور.

إن التوحيد الحق دعامة الإيمان، والإيمان الحق قول القلب، وقول اللسان، وعمل القلب، وعمل الجوارح.

وبالإيمان والتوحيد يستشعر المؤمن السعادة الحقة في الدنيا، قبل أن يصل إلى السعادة الكبرى حين يلقى الله، وهو راض عنه يعمل المسلم جهده في سبيل الخير، وإن كانت الأمور مقدرة في علم الله من قبل، فهو لا يعلم قدر الله من جانب، وهو من جانب آخر يعمل بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم :"اعملوا فكل ميسر لما خلق له..".

وهو يتلو كتاب ربه، وفيه قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) [الليل:من الآية5-10].

عباد الله هناك نوع من الإيمان تجرى عليه الأحكام، وتقسم به المواريث، ولكنه لا يمنح صاحبه سعادة في الدنيا، ولا ينفعه في الآخرة، ذلكم هو إيمان المنافقين والمرائين الذين يظهرون للناس خلاف ما يبطنون.

أما الإيمان الذي يحقق لأصحابه السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة، فهو الإيمان الحق، الذي يتفق الظاهر فيه مع الباطن، وهذه علمها وحكمها عند علام الغيوب، وسوف يكشف المخبوء، يقول سفيان الثوري، وابن المبارك رحمهما الله: "الناس عندنا مؤمنون في المواريث والأحكام، ولا ندري كيف هم عند الله عز وجل".

فإياك إياك -يا عبد الله- أن تغتر بستر الله عليك، وإياك أن تتخذ من غفلة الناس عن حقيقتك مزيداً من التمادي في المخادعة والنفاق والسير في طريق الضلال.

إخوة الإسلام: وفي حال غربة الإسلام تتغير المفاهيم، وتختل الموازين، ويظن أقوام أن مجرد تصديق اللسان يكفي للإيمان حتى وإن كان القلب شاكاً فاسداً، وحتى لو كانت الجوارح تعب من الفساد عباً، وحتى وإن ضيعت الواجبات، وانتهكت المحرمات.

ذلكم فكر الإرجاء، ومعتقد المرجئة: أنه لا يضر مع الإيمان معصية. وعكسهم الخوارج الذين يكفرون بالكبيرة.

وأما أهل السنة والجماعة فوسط بين الغالي والجافي. يقول أئمتهم: إن الإيمان عمل الجوارح. فكما يجب على الخلق أن يصدقوا الرسل عليهم السلام فيما أخبروا، فعليهم أن يطيعوهم فيما أمروا، فلا يتحقق الإيمان بالرسول مع ترك الطاعة بالكلية.

قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) [النساء: من الآية64].

ويقولون: إن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها، فالقلب إذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يختلف البدن عما يريده القلب، كما قال عليه الصلاة والسلام: "ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب..".

إن الإيمان الحق يحدث خشية في القلب، تسري على الجوارح؛ فتصلحها فتنشط لعمل الصالحات.. وتتورع قدر الطاقة من فعل المحرمات، وإن ضعفت ووقعت في شيء من المحظورات ندمت، واستغفر صاحبها (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:110]. أو زاد من فعل الحسنات: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات) [هود: من الآية114].

وإذا صح الإيمان وحيا القلب تعلق العبد بالله تعلق المضطر المنيب المنكسر المسكين، وأحدث له من الأثر ما تحمد عقباه عاجلاً وآجلاً.

يقول الإمام ابن القيم يرحمه الله: "ولا يزال يضرب هذا القلب السليم على صاحبه، حتى ينيب إلى ربه، ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المضطر، الذي لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه، والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن ويأوي، وبه يفرح وعليه يتوكل، فإذا حصل له هذا سكن وزال اضطرابه، وانسدت تلك الفاقة.

إن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله أبداً. وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه، وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له، فحينئذ يباشر روح الحياة، وإذا تعلق القلب بالله استغنى به عن كل ما سواه فيستغني عن المخلوقين ويعظم ربه".

يا أخا الإيمان إذا أردت أن تمتحن قلبك أسليم هو أم مريض فانظر مدى تعظيمك لخالقك وقدره عندك، والله يقول: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر:67].

وتأمل خشوعك في صلاتك، فهي من علائم الإيمان (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون:1-2].

قال العارفون: وإذا كبرت أيها المصلي فلا يكذبن قلبك لسانك، لأنه لو كان في قلبك شيء أكبر من الله تعالى فقد كذبت، فاحذر أن يكون الهوى عندك أكبر، بدليل إيثارك موافقته على طاعة الله تعالى، فإذا استعذت فاعلم أن الاستعاذة هي ملجأ إلى الله سبحانه، فإذا لم تلجأ بقلبك كان كلامك لغواً، وإذا ركعت فاستشعر التواضع، وإذا سجدت فاستشعر الذل بين يدي الله، لأنك وضعت النفس موضعها، ورددت الفرع إلى أصله بالسجود في التراب الذي خلقت منه، واعلم أن أداء الصلاة بهذه الكيفية سبب لجلاء القلب من الصدأ...

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد الشاكرين الذاكرين، وأتوب إليه وأستغفره وأسأله المزيد من فضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

إخوة الإسلام: أما تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته فتكون بطاعته فيما أمر واجتناب ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.

ولا بد أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأهله وماله وولده والناس أجمعين: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24].

وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".

ولكن هذه المحبة مضبوطة بضوابط الشرع، لا ينبغي أن يتجاوز المحب فيها حدود الله، ولا يصرف شيئاً من أنواع العبادة: كالدعاء والاستغاثة والنذر والتوكل ونحوها لغير الله.

وتلك مزلة غلط فيها قوم، فغلوا في حبهم، وتجاوزوا المشروع في تقدير النبي صلى الله عليه وسلم وقال قائلهم ظلماً وعدواناً.

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي *** إذا الكريم تحلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي *** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي *** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

وجرى آخر في شركه حتى قال:

وحل عقدة كربي يا محمد من *** هم على خطرات القلب مطرد
أرجوك في سكرات الموت تشهدني *** كيما يهون إذ الأنفاس في صعد
وإن نزلت ضريحاً لا أنيس به *** فكن أنيس وحيد فيه منفرد

وقال بعضهم زوراً وبهتاناً:

يا سيدي يا صفي الدين يا سندي *** يا عمدتي بل وياذخري ومفتخري
أنت الملاذ لما أخشى ضرورته *** وأنت لي ملجأ من حادث الدهر

إلى قوله:

وامنن علي بتوفيق وعافية *** وخير خاتمة مهما انقضى عمري
وكف عنا أكف الظالمين إذا *** امتدت بسوء لأمر مؤلم نكري
فإنني عبدك الراجي بودك ما *** أملته يا صفي السادة الغرر

قال بعض العلماء: فلا ندري أي معنى اختص به الخالق تعالى بعد هذه المنزلة، وما أبقى هذا المتكلم الخبيث لخالقه من الأمر؟.

معاشر المسلمين: هذه نماذج من شركيات وغلو في جانب الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت ولا تزال تتكرر في مناسبات المولد المزعوم؟

ويتجاوز المادحون فيها حدود الشرع والعقل، وما هي إلا بدع ابتدعوها وسنها أصحاب الملل والنحل والطرق الصوفية، فراج سوقها عند طوائف من المسلمين، ظنها البعض منهم عبادة وقربة، وهي منكرات وشركيات مبتدعة. ومن عجب أن هؤلاء المادحين وأصحاب الأعياد البدعية لا يكاد بعضهم يعرف النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذه المناسبة، وهم أجهل الناس بسنته، وأزهدهم في هديه، فصار حظهم منه صلى الله عليه وسلم مدحه بالأشعار والقصائد والغلو الزائد، مع عصيانهم له في أمره ونهيه.. وذلك نوع من تلاعب الشيطان بالإنسان، نسأل الله السلامة والعافية لنا ولإخواننا المسلمين.

أيها المسلمون: لقد حمى المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد، وسد طرق الشرك، وهو القائل للوفد الذين وفدوا عليه، وقالوا له: أنت سيدنا، فقال: "السيد الله تبارك وتعالى"، قالوا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً، فقال عليه الصلاة والسلام، "قولوا: بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان".

ونهى وحذر عليه الصلاة والسلام أمته قبل موته من إطرائه والغلو فيه فقال:"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبدالله ورسوله".

ومستقر عند العلماء أن: "من الشرك أن يستغيث المرء بغير الله أو يدعو غيره، قال الله تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) [الرعد:14].

وقال تعالى: (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس:107].

قال شيخ الإسلام: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم، ويدعوهم ويسألهم كفر إجماعاً. ونقله عنه غير واحد من أهل العلم مقرين له.

وقال ابن القيم: ومن أنواع الشرك طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، فضلاً لمن استغاث به، أو سأله أن يشفع إلى الله، وهذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده، فإن الله سبحانه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، والله سبحانه لم يجعل سؤال غيره سبباً لإذنه، وإنما السبب لإذنه كمال التوحيد..".

عباد الله: إن صحة المعتقد شرط في المغفرة ودخول الجنة: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء) [النساء: من الآية 48]، (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) [الكهف: من الآية110].

وإن فساد المعتقد وانتشار البدع في مجتمعات المسلمين معوق من أهم معوقات النهوض ببلاد المسلمين، ولن يستكمل المسلمون أسباب النصر حتى تصفو عقائدهم، ويصدقوا في إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له. تلك خلاصة دعوة الرسل عليهم السلام وما أوحى الله به إليهم: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الانبياء:25].

 

 

 

 

 

 

المرفقات

الحقة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات