عناصر الخطبة
1/قرب رحيل الشهر 2/هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر 3/فضائل ليلة القدر وكيفية إدراكها 4/التحذير من إضاعة أوقات العشر الأواخر.اقتباس
والحكمة من إخفائها حتى يجتهد المسلمون في الطاعة في ليالي العشر كاملة؛ فقد أخفى الله -عز وجل- ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأخفى ساعة الموت لكل واحد منا ليبقى الإنسان على استعداد دائم لتلك اللحظة.
الخطبة الأولى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم:
ها هي عشركم قد حلَّت، وسرعان ما تنقص وترتحل، وهي خلاصة شهر رمضان كاملاً، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين الأولى من الشهر بنوم وقيام، أما العشر الأخيرة فقد كان لا ينام فيها، بل إذا دخلت العشر كان لا ينام الليل، وكان يُوقظ أهله من أجلها، وكان يجتهد اجتهادًا في العبادة، ويحيي ليله بالطاعة، وكان يعتكف في هذه العشر.
فحري بنا أن نقتدي بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالاهتمام بهذه العشر، وأن ننوي الاعتكاف، ونطبق هذه السنة ولو ساعة أو ساعتين نجلسها في المسجد؛ اعتكافاً لله -عز وجل-؛ فقد ذكر بعض العلماء لمن ينوي الاعتكاف أن أقله يوم وليلة أو ساعة أو ساعتين.
عباد الله: هذه العشر فيها ليلة القدر ذات القدر والشرف الرفيع؛ هذه الليلة تفصل فيها الأقدار من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم إلى الملائكة فيعرف الملائكة ماذا سيحصل للناس خلال عام كامل من مرض وصحة، وغنى وفقر، وحياة وموت، حتى إن الملائكة تنظر إلى الرجل يمشي على الأرض وهو مكتوب عندهم أنه يموت في هذه السنة شهر كذا ويوم كذا؛ بسبب حادث أو مرض، أو نحو ذلك.
هذه الليلة تنزل الملائكة من السماء ترى الناس المسلمين وهم في المساجد يصلون ويذكرون الله -تعالى-؛ فهنيئاً للعابد والذاكر في هذه الليالي. هذه الليلة من أدركها وكان قائماً فيها فكأنما عبد الله -عز وجل- أكثر من ألف شهر؛ أي ما يقارب 84عامًا.
قال -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)[القدر:3]؛ خير هذا الشهر العظيم في ميزان حسناتك يوم القيامة عندما تجده يوم القيامة أضيف إلى عمرك عمر جديد من العبادة يرفع درجتك في الجنة؛ إنه عمل بسيط وأجر عظيم؛ فهنيئًا لمن اجتهد ليلة القدر وكلها عشر ليالٍ، وسواء رأيت علاماتها أم لم ترها؛ فإنك بالنية يرزقك الله إياها؛ لأن فضل الله واسع؛ فعليك بالاجتهاد واستغلال هذه الليالي بالذكر والدعاء والصلاة والصدقة وبر الوالدين وقراءة القرآن الكريم والأعمال الصالحة حتى ولم تكن في المسجد. واحذر المعاصي والنظر الحرام في المسلسلات والاستماع المحرم للغيبة والنميمة والأغاني وغير ذلك.
عباد الله: قال بعض العلماء: إن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين، وقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي سجد فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- في ماء وطين في صبيحتها، وقال بعضهم: هي ليلة ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: هي آخر ليلة من رمضان، والبعض ذكر أن ليلة القدر غير معينة ومحددة بليلة في العشر إنما تنتقل في العشر؛ فتارة في سنة تكون في ليلة، وفي سنة أخرى تكون في ليلة أخرى، وهكذا.
والحكمة من إخفائها حتى يجتهد المسلمون في الطاعة في ليالي العشر كاملة؛ فقد أخفى الله -عز وجل- ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأخفى ساعة الموت لكل واحد منا ليبقى الإنسان على استعداد دائم لتلك اللحظة.
إن هذه العشر فرصة لرفع الدرجات وتكفير السيئات؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر ما تقدم من ذنبه"؛ إيمانًا بأن ليلة القدر في هذه الليالي العشر، وقام هذه العشر كاملة احتساباً للأجر وفضل هذه الليلة.
نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا قيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
هناك مَن يضيّع وقته في هذه الليالي الفاضلة في الأسواق، وخاصة كثير من النساء، وهناك مَن يضيّع هذه الليالي الفاضلة وهو يتابع وسائل الإعلام المختلفة لا سيما المسلسلات التي تخدش الحياء والدين، وتزيد من الذنوب والمعاصي.
وهناك من الشباب من يضيّع هذه الليالي في اللعب واللهو في الملاعب أو متابعة القنوات والمباريات، وهناك مَن يضيع هذه الليالي في جلسات السمر على المعسل والشيشة، وهكذا وهؤلاء وغيرهم قد ضيّعوا على أنفسهم خيرًا كثيرًا، وسيندمون ويتحسرون يوم القيامة؛ لأنهم ضيّعوا وفرّطوا فضلاً عن الآثام والذنوب التي ارتكبوها؛ فنسأل أن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
واعلموا أن الله -تعالى- قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام، فاللهم صلِّ وسَلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته ولا همًّا إلا فرجته، ولا دَيْنا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته ولا مريضًا إلا شفيته.
اللهم وفّق ولي أمرنا لما يرضيك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، وأبعد عنه بطانة السوء الفاسدة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم