الطيبات وأثرها على المسلم في حياته ومماته

عبدالله بن حسن القعود

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ تكريم الله للعبد بخلقه على أحسن هيئة 2/ ارتباط حسن الخَلْق بالطيبات

اقتباس

ذلكم الخلق الذي لم يكن محض صدفة، ولكنه تهيئة وقدر من قدر الله، تهيئة لهذا الإنسان بهذا الخلق السوي؛ لتقبل الأمر السوي؛ لتقبل شرع الله الحسن الطيب الذي هيأ له الحسن الطيب من الناس طيب الخلقة، طيب القلب ليحل ما اختاره الله من شرع كريم في قلب كريم وجسم قويم، ليؤتي ثماره يانعة شهية كما تؤتي الأرض القابلة للماء إذا سقيت به، ثمارها يانعة شهية بإذن الله وإزاء ما خلقنا عليه

 

  

 

الحمد لله العلي الأعلى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أكرم الطيبين من خلق الله أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، الذين هدوا إلى الطيب من القول وإلى صراط الحميد، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فيقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء:70]

أيها الإخوة: لقد أكرمنا الله -سبحانه وتعالى- بهذه النعم التي أجلها ما خلقنا عليه من أحسن الهيئات، وأكمل الصفات التي عناها الحق تعالى بقوله: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) [غافر:64] (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين:4]

ذلكم الخلق الذي لم يكن محض صدفة، ولكنه تهيئة وقدر من قدر الله، تهيئة لهذا الإنسان بهذا الخلق السوي؛ لتقبل الأمر السوي؛ لتقبل شرع الله الحسن الطيب الذي هيأ له الحسن الطيب من الناس طيب الخلقة، طيب القلب ليحل ما اختاره الله من شرع كريم في قلب كريم وجسم قويم، ليؤتي ثماره يانعة شهية كما تؤتي الأرض القابلة للماء إذا سقيت به، ثمارها يانعة شهية بإذن الله وإزاء ما خلقنا عليه.

نحن بني الإنسان من طيب الهيئة وطيب القلب الذي هو مناط التكليف؛ أمرنا بالتزام الطيب من كل شيء، والابتعاد عن الخبيث من كل شيء، بالتزام الاعتقاد الطيب والعمل، الطيب والقول، الطيب والمأكل والمشرب والملبس والمسكن، والمنكح الطيب.

يقول -سبحانه وتعالى-: (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة:100] ويقول: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) [النور:26]

ويقول في رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف:157] ويقول رسوله فيما رواه الإمام مسلم -رحمه الله- عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً) [المؤمنون:51]

وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة:172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!"

فاتقوا الله -عباد الله-، والزموا الطيبات أياً كانت وبما كانت من ثمن، فلن يقبل عند الله إلا الطيب، ولن يرفع إليه وينفع ويشفع لديه دنيا وأخرى إلا ما كان طيباً، والطيب من المآكل والمشارب، والنكاح ما كان حلالاً مباحاً، ومن الاعتقادات والأعمال والأقوال ما كان مشروعاً يبتغى به وجه الله، ومتبعاً فيه رسول الله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر:10] (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) [إبراهيم:24-25]

فاتّقوا الله -عباد الله-، وكونوا كما يريده الله لكم وهيأكم له وأكرمكم به خلقاً، وأمركم به شرعاً طيبي الاعتقاد، وطيبي الأفعال وطيبي الأقوال، طيبي المآكل طيبي المشارب طيبي المساكن طيبي المناكح، طيبي الأخلاق طيبي المدخل طيبي المخرج، طيبي المحيا طيبي الممات، يطب منقلبكم ومأواكم ونزلكم يوم أن تلقوا الله سبحانه الذي يقول: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل:31-32]

ويقول: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [الزمر:73-74]

نستغفرك اللهم ونتوب إليك، ونسألك أن تجعل آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 

 

  

 

المرفقات

وأثرها على المسلم في حياته ومماته

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات