الطلاق

عادل العضيب

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ مفاسد الطلاق وعواقبه 2/ الحكمة من تشريع الطلاق 3/ من أسباب وقوع الطلاق 4/ وصايا للزوجين والأسرة

اقتباس

قتلٌ للمحبة، وكسرٌ للصفاء والمودة، تفرّق بعد اجتماع، واختلاف بعد وفاق، وهمّ بعد أفراح، ذلكم هو الطلاق، هدمٌ لعش الزوجية، ونقضٌ لدعائمه وإزالةٌ لمعالمه، يشتّت الأولاد ويجعلهم يعيشون حياة اليتم مع أن الوالدين أحياء، ويُفقدهم إما قيام الأب وتربيته وتعليمه وتوجيهه، وإما حنان الأم ورعايتها وعطفها، ويجعلهم يعيشون مشردين بين الأعمام والأخوال، ينظر الآخرون إليهم نظر الشفقة والرحمة. الطلاق يجر الولايات، ويعقب النكبات، ويجلب العداوات، فبعد التقارب والتآلف والتعارف بين أسرتين تنقطع حبال المودة وتوقد نيران العداوة والبغضاء.

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، أحمده حمد عبد نزه ربه عما يقول الظالمون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، علم ما كان وما سيكون، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق المأمون.

 

صلى عليك الله يا خير الورى *** ما أمطرت مزن وما سيل جرى

صلوا عليه وسلموا لا تفتروا *** إن الصلاة عليه غُنم يُشترى

 

اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الأيام والسنون.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].

 

عباد الله:  قتلٌ للمحبة، وكسرٌ للصفاء والمودة، تفرّق بعد اجتماع، واختلاف بعد وفاق، وهمّ بعد أفراح،  ذلكم هو الطلاق، هدمٌ لعش الزوجية، ونقضٌ لدعائمه وإزالةٌ لمعالمه، يشتّت الأولاد ويجعلهم يعيشون حياة اليتم مع أن الوالدين أحياء، ويفقدهم إما قيام الأب وتربيته وتعليمه وتوجيهه، وإما حنان الأم ورعايتها وعطفها، ويجعلهم يعيشون مشردين بين الأعمام والأخوال، ينظر الآخرون إليهم نظر الشفقة والرحمة.

 

الطلاق يجر الولايات، ويعقب النكبات، ويجلب العداوات، فبعد التقارب والتآلف والتعارف بين أسرتين تنقطع حبال المودة وتوقد نيران العداوة والبغضاء.

 

الطلاق طاعةٌ للشيطان؛ فهو يفرح أشد الفرح بفراق الزوجين، في صحيح الإمام مسلم –رحمه الله- عن جابر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –-صلى الله عليه وسلم--: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته، قال: فيدينه منه ويقول: نعم، أنت".

 

ومع هذا فقد أباحت الشريعة الإسلامية الطلاق إذا ساءت العشرة بين الزوجين، وفقدت المودة والمحبة، وكثر الشقاق والخلاف، وصعب التفاهم والتلاؤم، عندها يكون الطلاق بعد قناعة وتأنٍ، فالطلاق إذًا حل أخير بعد أن يتبين أن الحياة لا يمكن أن تستمر بين الرجل وزوجته.

 

لكن البعض تعدوا حدود الله، فجعلوا الطلاق وسيلةً لتهديد المرأة والضغط عليها وعلى أهلها، أو وسيلة انتقام من الزوجة أو عقوبةً لها على عدم الانصياع لأوامره، والبعض لا يعرف وسيلةً لمنع الزوجة إلا الطلاق، فإن خرجت فهي طالق، وإن كلمت فلانة فهي طالق، وإن دخلت البيت الفلاني فهي طالق؛ ثم إذا ذهب الغضب عنه طرق باب كل عالم يريد حلاً لمصيبة هو من أوجدها، ولا أحصيهم عددًا والله؛ من يأتون يسألون في مثل هذه الحال.

 

عباد الله: إن التهديد بالطلاق عجز وضعف، وليس من القوة في شيء، لقد جعل الله الطلاق في يدك أيها الرجل؛ لأنك أحكم وأعقل، فأين الحكمة والعقل عند من لا يعرف كيف يمنع زوجته إلا بتهديدها بالطلاق؟! أين العقل والحكمة عند من إذا وقعت بينه وبين زوجته مشكلة بادر بقوله: اذهبي إلى أهلك، اخرجي من البيت، فأنت طالق؟! مع أن الله حرم على الرجل أن يخرج المرأة من البيت أو أن تخرج هي إذا طلقت طلاقًا رجعيًّا.

 

قال الله –جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الطلاق: 1].

 

فأين الأزواج وأين الآباء والأمهات الذين يسمعون كلام الله ويطبقونه؟! بل إن بعضهم علق المرأة شهرًا أو شهرين أو سنةً أو سنتين، يرمي بها في بيت والدها، لا يدري عنها وعن أولاده، ولا ينفق عليهم؛ بل قد يحتاجون شيئًا من الأوراق الخاصة بهم لمدرسة أو مستشفى فلا يمكنون من الحصول عليها.

 

وقد قال الله –جل وعلا- في كتابه: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة: 229]، فأمسك بمعروف أو فارق بإحسان، وإذا حدث الفراق فليس للزوج ولا للزوجة إظهار عيوب الآخر بين الناس؛ قال ربنا –جل وعلا-: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) [البقرة: 237].

 

وإذا حصل الفراق فلا يمنع الأولاد من الذهاب لأمهم، ولا يمنعون من الذهاب لأبيهم؛ فكل له حق. ومما ينكر أن بعض الأزواج يريد طلاق المرأة لكنه يعلقها حتى يعطى جميع ما تكلفه في الزواج، وهذا جوز وفجور؛ قال ربنا –جل وعلا-: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) [النساء: 20، 21].

 

ومما ينكر أن بعض الأولياء يمنعون الزوجة من الرجوع إلى زوجها إذا وقع طلاق بحجة أن الزوج هو المخطئ ولا بد أن يتأدب ويذوق عاقبة فعله؛ وهذا كما أنه محرم شرعًا فهو فتح لباب الشر وإيقاد لنار العداوة بين الزوج والولي، فعلى الأولياء أن يتقوا الله ويصلحوا بين الزوجين، ويبينوا لهم عاقبة الطلاق، ويسعوا لإزالة ما بينهما، قال الله: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء: 35].

 

عباد الله، إن من أسباب وقوع الطلاق أولئك الذين يقودون نار الفتنة من أقارب الزوج أو الزوجة؛ فكثير من حالات الطلاق تتسبب فيها التدخلات الخارجية من الأقارب أو من الأصدقاء؛ لذا على الزوجين أن يحرصا على عدم الخروج بمشاكلهما للآخرين.

 

كذلك من الأسباب أن كثيرًا من الأزواج لا يعرفون طبيعة المرأة، أولا يفهمون هذه الطبيعة، فهم يريدونها كالرجل، وينسون أنها ناقصة بأصل خلقتها، قال نبينا –عليه الصلاة والسلام-: "استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوجًا"، وفي رواية: "استمعت بها على عوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا" (رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة).

 

وهذا ليس سبًّا للنساء، ولكنه بيان لطبيعتهن؛ حتى يتحمل الرجل نقصها ويصبر على تقصيرها ويتعامل معها بالرحمة والحكمة والإحسان.

 

فيا أيها الرجال! من يحفظ منكم وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- في ضعيفات مسكينات؟!

وقبل أن تطلق المرأة لنقص تراه منها تذكر ما فيها من محاسن، قال –عليه الصلاة والسلام-: "لا يفرك مؤمن مؤمنةً" أي لا يبغض، "لا يبغض مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خُلقًا رضي آخر"، فانظر إلى ما في المرأة من صفات جميلة تنسى ما فيها من صفات سيئة، ثم تذكر أنك مليء بالعيوب فلست كاملًا، فلا تطلب من المرأة أن تكون كاملةً.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا) [النساء: 129، 130].

 

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا، وكان ربك قديرًا، وصلى الله وسلم وبارك على النبي وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: فيا معاشر المسلمين: من الظواهر السيئة والخطيرة التي بدأت تظهر في المجتمع أن بعض النساء إذا تزوج الرجل عليها امرأةً أخرى طلبت الطلاق، فإذا رفض الزوج اتجهت للمحكمة تطلب الفسخ، والكارثة أن من يتولى كبر هذا الأمر أولياؤها من الرجال، بل ربما كانت المرأة أعقل من الرجال، ولا تريد الخروج من عند زوجها لكنها تدفع لذلك من أهلها، من أبيها أو إخوتها، وإذا أنكر عليهم أحد تحججوا بأن الرجل سيئ وقد فعلت له وفعلت وكانت صابرةً عليه فلما تزوج عليها لم يعد للصبر مجال.

 

وأقول: إن المواقف تبين عقول الرجال، وإن بقاءها مع زوجها ولو كان سيئًا خير من الطلاق؛ فهي إن طلقت إما أن تظل بلا زوج وإما أن تتزوج برجل معدد أو مطلق؛ كما أنها إذا طلقت ستنتصر لنفسها كما تعتقد وسينتصر أهلها لأنفسهم، لكنَّ الضحية الأولاد، والذين إن كانوا صغارًا عاشوا كأنهم أيتام، وإن كانوا كبارًا عاشوا في حرَج عظيم، إن وقفوا مع الأم غضب الأب وإن وقفوا مع الأب غضبت الأم، وهكذا يضحى بالأولاد وتدمر الأسرة لإرضاء نفس غاضبة جامحة مبتعدة عن الطريق الصحيح.

 

بل من الأمهات لما تزوج الزوج خرجت من البيت وترك طفلها صغيرًا في المهد، ولا أدري كيف ماتت عاطفة الأمومة في هذه الأزمنة عند كثير من النساء.

 

عباد الله: لقد أباح الله التعدد، ومع هذا لا نطالب المرأة بالفرح إذا تزوج الرجل امرأةً أخرى، فغيرة المرأة أمر طبيعي، لكننا نعتب على الرجال الذين يشجعون المرأة على الطلاق، وإني أكاد أجزم أنه لو أن أهل المرأة تركوها أيامًا ثم أعادوها لزوجها لعادت، لكنهم يقفون معها، ثم إذا طُلقت عاشت حياة الألم لوحدها وتمنَّت لو أنها وجدت من يأخذ بيدها للتصرف الصحيح.

 

أسأل الله –جل وعلا- أن يهدينا وأن يوفقنا لصالح القول والعمل.

عباد الله، صلوا وسلموا على رسول الله؛ امتثالًا لأمر الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنًا وسائر بلاد المسلمين.

 

اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا، اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا، اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا وأعدهم غانمين سالمين منصورين، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

 

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ووفقنا للعمل بما فهمتنا، وزدنا علمًا يا رب العالمين.

 

اللهم ألف بين قلوبنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا.

 

اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا وزوجاتنا وأصلح فساد قلوبنا واجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغارًا، اللهم أحسن إليهم كما أحسنوا إلينا، اللهم تجاوز عنهم كما تجاوز عن تقصيرنا.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنت القوي ونحن الضعفاء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أسقنا وأغثنا، اللهم أسقنا وأغثنا، اللهم أسقنا وأغثنا، اللهم سقي رحمة ولا سقي عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق.

 

اللهم إن بالبلاد والعباد من اللأواء والشدة والضنك والكرب والحاجة والفقر ما لا نبثه ونرفعه إلا إليك، يا صحاب كل نجوى ومنتهى كل شكوى، يا سميع الدعاء يا قريب يا مجيب، اللهم اسق البلاد والعباد، اللهم اسق البلاد والعباد، اللهم اسق البلاد والعباد واجعل ما أنزلته قوةً وبلاغًا إلى حين.

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار، اللهم صل وسلم على بينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات