الطرق السليمة في نشر اللغة العربية

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات:

 

د. ريمه الخاني

 

إن اللغة العربية هي من أقدم اللغات وأغناها على الإطلاق، ولأسرار وحكم يعلمها خالقُ البشر والقوى، اختارَ هذه اللغة وعاءً لكتابه الخالد؛ كما أشار إليه قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192 - 195]، وكانت اللغة العربية قد بَلَغت قبل البَعثة المحمَّدية أوج كمالها في التعبير البليغ السامي عن جميع مقومات الحياة، وأوج مجدها في الفصاحة والنتاج الأدبي؛ شعرًا ونثرًا، وظهرت روائع إنتاجها في الأشعار والأمثال والقصص.

 

ومع نزول القرآن في هذه اللغة ارتفع شأنها، وأصبحت اللغة السائدة في بلاد العرب والمسلمين، وإن للغة العربية فضلًا كبيرًا على نشر حضارة الفكر العربي الإسلامي، وتَقدُّم العلوم والفنون والآداب المختلفة، ولأجل القرآن ظهرت علوم القرآن كلُّها، كما ظهرت علوم اللغة، والنحو، والصرف، والبلاغة التي كانت أساسًا لتفسير نصوص القرآن وفَهمها، ومن أجله أيضًا ظهرت علوم منهجِيَّة؛ مثل علوم التاريخ والأخبار والأسانيد وغيرها، كما تقدَّمت - تطبيقًا لتعاليم القرآن - علومٌ كثيرة؛ مثل الرحلات والجغرافيا والسِّيَر، واستُحدِثَت علوم الطب والكيمياء والاجتماع... وعلوم أخرى تابعة لدراسة القرآن؛ مثل التجويد والتلاوة، إلى جانب علوم عديدة إسلامية.

 

ويتضح من هذا كلِّه مدى طاقة اللغة العربية لما تمتاز به من قوة بيانها، وأصالة ألفاظها وأصواتها، وموسيقا كلماتها، ووفرة معانيها، ولمَّا كانت العلوم الإسلامية كلُّها تقوم على المبادئ القرآنية والسنة النبوية، فيَجِب اغترافُها من مناهلها الفيَّاضة الأصلية؛ ألا وهي نصوص القرآن والحديث النبوي، فلا يتحقَّق هذا الهدف المنشود إلا عن طريق اللغة العربية التي هي وعاؤهما الأصلي، وإذا رجعنا إلى نصوص القرآن وجدنا أن اللغة العربية هي مركز الانطلاق إلى حظيرة القرآن؛ إذ جاء فيه: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، و ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3]، و﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].

 

وإن دراسة القرآن والحديث تحتاج إلى اللغة العربية؛ لما فيها من معانٍ سامية ومفاهيمَ أصيلة، وإذا قُدِّمت معاني القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية مترجمةً إلى اللغات الأجنبية، فستفتقد روح الأصالة وروعة النصوص التي ينوط بها إعجاز القرآن، وكذلك غزارة المعاني التي تمتاز بها اللغة العربية.

 

ومن ناحية أخرى، إن نشر اللغة العربية بين الشعوب الإسلامية في مقدمة الوسائل الفعالة التي تُساعِد على إيجاد التقارب الفكري بين الأمة الإسلامية؛ لأنها تحملُ في طَيَّاتها القيم الروحيَّة التي يمنحها الإسلام لكل مسلم، كما تكمن فيها روح الأُلفة والمودة والأخوّة التي تربط بين قلوب المسلمين برباط وثيق، ومنح الله سبحانه وتعالى المسلمين هذه اللغة لتحقيق التفاهم والترابط بينهم في أنحاء الأرض؛ بحيث يسعى كل مسلم ليقرأها ويفهمها، بل يتحدث بها، وإنها أيضًا الوسيلة الأولى لنشر الدعوة الإسلامية.

 

ومن هنا يمكن أن نقول: إن اللغة العربية تربط بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها برباط فكري ولفظي؛ لأن القرآن ليس مجرد مبادئ وتعاليم منعزلة عن الظاهر اللفظي، وأن إعجاز القرآن منوط باللغة العربية، وإن اللغة العربية - بطاقتها وتراثها - لَجديرةٌ بأن تكون وسيلة للتفاهم بين الشعوب المسلمة في كل مكان، وعونًا على المحافظة على الوحدة الفكرية والمظهرية بين أفرادها وجماعاتها، وإن الوحدة الفكرية بين المسلمين تلعب دورًا هامًّا في هذه المرحلة الحرجة الخطيرة التي يمر بها العالم العربي والإسلامي[1].

 

محاور الموضوع:

1- لماذا نحتاج للتجديد في تعليم اللغة العربية؟

2- جولة سريعة في الطرق التعليمية السريعة الآن.

3- الطريقة الفضلى في تعليم العربية.

  • • •

1- لماذا نحتاج للتجديد في تعليم اللغة العربية؟

 

حقيقة، واجهنا دعوات كثيرة، تدفع للتفكير في طرق تعليمية جديدة للعربية.

 

كانت من قِبل ماليزيا والهند وبلدان الخليج على عمومها، ولعل الدعوة نعتبرها ناقصة؛ لأنها على نفقة الباحث والأكاديمي الذي سيجتهد لتقديم الدراسة المطلوبة، كما تفضل الدكتور بهجت قبيسي[2]، مستغرِبًا توقيتها، في زمن محرج، وفي وقت تسيل فيه الدماء العربية.

 

 

 

كيف نحافظ على كتاب قطعت اليد التي تمسك به مثلًا؟

 

باختصار يهمنا عبر تلك الدراسة طريقة تدريس اللغة العربية عمومًا، وكيف نجعلها متطورة بتطور العصر والتفكير العصري.

 

 

 

2- جولة سريعة في الطرق التعليمية السريعة الآن:

 

حقيقة، تجتهد بلدان الغرب لتطوير تعليم اللغة بتلقائية وعفوية وعصرية فائقة، وخاصة الإنكليزية، بحيث تجمع بين القراءة والكتابة والسماع والحوار.

 

 

 

وهو الأسلوب الفعال الذي يقوم عليه تعليم أي لغة، ولعل العيب الذي يكرس قصور نشرها خللٌ في توازن عناصرها تعليميًّا، وبذات الوقت، مدى احترام الشعوب المرتبطة باللغة أيضًا، فالبلاد الضعيفة لن تفكر بتعلم لغتها، بل لو فكرت يومًا ستبحث عن سبب وجيه لذلك.

 

 

 

سبب علمي، سبب سياسي، سبب اجتماعي، سبب ديني؛ فالسبب الأول هو للوصول لاختصاص علمي فكري ما، والثاني لأن الدولة الفلانية قوية؛ يمكنها أن تقدم عروضَ عمل جيدة، أو لسبب اجتماعي، كاللجوء، وديني كالشعوب الأخرى المسلمة التي تتعلم العربية؛ بُغية الإلمام بلغة القرآن، (رغم أن هناك من يحفظه بلا معرفة لما وراء ذلك).

 

 

 

ولعلنا نستشهد بمحاولات حول ذلك كانت بسيطة وهامة، وجدناها في صفحات مدرسين من مصر، وهي التعليم الصوري؛ بحيث نستثمر الخارطة الذهنية في البرمجة اللغوية العصبية ونقدم مخطَّطًا لكل قاعدة نحوية.

 

  • • •

 

 

اجتهادات المدرسين:

 

لقد اطَّلعنا على اجتهادات المدرسين في القطر المصري الشقيق؛ حيث وجدنا أنهم قسموا تعليم القراءة إلى هجائي وصوري، وجزئي وكلي، ولعل الجزئي يعني الأبجدي، كما كان قديمًا في الكُتَّاب، أو التعليم في المسجد، والكُلِّي الذي يعتمد على الصورة.

 

 

 

والاستنتاج، وما خلصنا إليه من خلال سماعنا لما يتردد في حديث المعلمين، أن الثاني أكثرُ متعة وأقلُّ دقة، والأول أكثر دقة وأقل متعة، والسؤال هنا كيف نجمع بين حسنات الاثنين؟[3]

 

 

 

لعلنا وجدنا - من خلال بعض الممارسة العملية - أنه يمكننا الجمع بين الطريقتين، بحيث يتعلم الطالب الأحرف، ويطبق من خلال الصور معرفتها صوريًّا وكتابة ومكانًا... إلخ؛ وذلك - كما أسلفنا - للجمع بين المتعة والفائدة.

 

 

 

وهذا يُشبه - إلى حد ما - الجمع ما بين التعليم الحواري الذي يعتمد الأسئلة المؤتمتة[4]، والتعليم السَّرْدِيِّ الذي يرتكز على كمِّ الحفظ الذي حصل عليه الطالب، وقوة الذاكرة ومرانها.

 

 

 

ولعل الجمع بين النمطين هام جدًّا، وذلك لأن لكل مادة طريقتها الخاصة في الدراسة، فالمواد الأدبية والتاريخية... إلخ، تحتاج من الطالب الذاكرة والمران الحفظي.

 

 

 

والثانية طريقة علمية، تحتاج للنقاش، والحوار، والمنطق، والاستنتاج المنطقي.

 

 

 

ولعل الطريقة التطبيقية العمليَّة هي أهم ما يهم دارسي اللغة العربية لغير الناطقين بها، وهذا ما قاله مدرس اللغة العربية الإندونيسي؛ د. نصر الدين إدريس جوهر؛ المدرس في جامعة سونن أمبيل الحكومية بإندونيسيا.[5]

 

 

 

يقول فيها:

 

إذا كانت طرائق تدريس اللغة الأجنبية كثيرة ومتعددة، وليس منها ما هي مُثلَى ومناسبة لكل المواقف التعليمية، فمعنى ذلك أنه ينبغي على معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها ألا يتقيَّد بطريقة معينة دون غيرها؛ وإنما ينتقي منها ما يناسب الموقف التعليمي الذي يجد نفسه فيه.

 

 

 

وهناك عدة أسس يمكن أن يلجأ إليها المعلم وهو يختار طريقة التدريس المناسبة، وهي:

 

أ- المجتمع الذي تُدرس فيه العربية كلغة ثانية.

 

ب- أهداف تدريس العربية كلغة ثانية.

 

ت- مستوى الدارسين وخصائصهم.

 

ث- اللغة القومية للدارسين.

 

ج- إمكانيات تعليم اللغة.

 

ح- مستوى اللغة العربية المراد تعليمها؛ فصحى، عامية... إلخ.

 

 

 

وهذا قول حق يمكننا إسقاطه على تعليمنا المتكلس حقيقة، والذي لا يراعي الحالات الخاصة التي تتعلم ببطء، أو التي يناسبها أسلوب معين من التعليم، وحَرِيٌّ بالمعلم الحاذق معرفة أغلبية النمط التعليمي في صَفِّه، ليجعلها منهجًا، فالدرس المطبوع في الكُرَّاس الورقي لا يلغي اجتهاد المعلم، وقد وصلني عن طالب أن بينه وبين معلمته صلة روحية وعلمية فريدة؛ بحيث يكتب لها في آخر كراسته الكتابية ما هو محتاج إليه؛ من عطف أو عناية أو أسلوب يستطيع فيه الوصول لمبتغاه، فتساعده المدرسة بقدر ما تستطيع.

 

 

 

أليس المدرس مُربِّيًا ثانيًا، وليس معلمًا فقط؟

 

 

 

لعل ما اقترحه الدكتور محيي الدين الألوائي عن تهيئة الجو العربي المناسب لتعليم اللغة هو الأهم لنجاح التدريس، وهذا ما قاله؛ فكيف لتدريسها محلِّيًّا؟ أليس هذا أولى في تكريس الجو المناسب بين الألفة والمحبة؟

 

 

 

إن عامل الاحتفاظ بعربية جوِّ الدروس، في الفصول أو قاعات التعليم، من أهم العوامل التي تساعد الطلاب الأجانب على معايشة جو اللغة العربية، والتأثر بخواص هذه اللغة نُطقًا واستعمالًا في أرضية واقعية؛ ولهذا يجب أن تكون الطريقة التي يقوم عليها تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها هي الطريقة المباشرة؛ بأن تكون لغة التخاطب والتعليم بين المدرس والطالب في قاعات الدروس هي اللغة العربية فقط دون الالتجاء إلى الترجمة، أو استخدام اللغات الأجنبية.

 

 

 

يقول الدكتور نصر الدين حول الأسلوب: ويهمنا هنا التنوع حسب الظروف:

 

أ- السياقية؛ أي: أنْ تُقدِّم الطريقةُ كافةَ الوحدات اللغوية الجديدة، في سياقات ذات معنى، تجعل تعلمها ذا قيمة في حياة الدارس.

 

 

 

ب- الاجتماعية؛ أي: أنْ تُهيِّئ الفرصة لأقصى شكل من أشكال الاتصال بين المتعلمين.

 

 

 

ت- البرمجة؛ أي: أن تُوظِّف المحتوى اللغوي الذى سبق تعلمه في محتوى لغوي جديد، وأنْ تُقدِّم هذا المحتوى الجديد مُتصلًا بسابقه.

 

 

 

ث- الفردية؛ أي: أنْ تُقدِّم المحتوى اللغوي الجديد بشكل يسمح لكل طالب - كفرد - أن يستفيد، فإن الطريقة الجيدة هي التي لا يضيع فيها حق الفرد أمام تيار الجماعة.

 

 

 

ج- النمذجة؛ أي: أن تُوفِّر نماذج جيدة يمكن محاكاتُها في تعليم اللغة.

 

 

 

ح- التنوع؛ أي: أن تُعدِّد أساليب عرض المحتوى اللغوي الجديد.

 

 

 

خ- التفاعل؛ أي: أن يتفاعل فيها كل من المتعلم والمعلم والمواد التعليمية، في إطار الظروف والإمكانيات المتوفرة في حجرة الدراسة.

 

 

 

د- الممارسة؛ أي: أنْ تُعطَى لكل متعلم الفرصة للممارسة الفعلية للمحتوى اللغوي الجديد، تحت إشراف وضبط.

 

 

 

ذ- التوجيه الذاتي؛ أي: أنْ يُمكَّن المتعلم من إظهار أقصى درجات الاستجابة عنده، ومن تنمية قدرته على التوجيه الذاتي.

 

  • • •

 

 

ولعل ما يتحكم بالطريقة الهدفُ والغايةُ المرتبطة بها، مثال:

 

أ- الغرض من تعلم اللغة الأجنبية هو قراءة النصوص الأدبية، والاستفادة منها في التدريب العقلي، وتنمية الملكات الذهنية.

 

 

 

ب- النحو والترجمة وسيلة لتعلم اللغة؛ وذلك يتم من خلال التحليل المفصَّل للقواعد النحوية، وتطبيقها في ترجمة الجمل من وإلى اللغة الهدف، وتَعلُّم اللغة إذن لا يربو على عملية استظهار للقواعد النحوية والحقائق.

 

 

 

ت- القراءة والكتابة نقطة تركيز هذه الطريقة، ولا تهتم اهتمامًا منهجيًّا بالكلام والاستماع.

 

 

 

ث- يتم اختيار المفردات وَفْقًا لنصوص القراءة المستخدمة، وتُقدَّم من خلال قوائم المفردات ثنائية اللغة، والمعجم، والاستظهار.

 

 

 

ج- تعليم النحو بأسلوب استقرائي، ويتم من خلال عرض وتحليل القواعد النحوية، ثم تطبيقها بعد ذلك من خلال تدريبات الترجمة.

 

 

 

ح- كانت اللغة الأم للدارس هي وسيلة التعليم، وكانت تستخدم في شرح النقاط الجديدة، ومقارنة بين لغة الدارس واللغة الهدف.

 

 

 

خ- العلاقة بين المعلم والطلاب علاقة تقليدية؛ حيث يسيطر المعلم على الفصل، ولا يكون للطلاب إلا أن يفعلوا ما يطلب منهم، وأن يتعلموا ما يعرفه ويُقدِّمه المعلم.

 

 

 

وعليه فنقول: إن الطالب الذي عقد الآمال على تعلمه للغة العربية يختلف عن الطالب الذي يتعلمها لأنها مقررة، أو لأنه سيستخدمها يومًا ما.

 

  • • •

 

 

ولعل المدرس وليد جابر كان له اجتهاد حول المزاوجة ما بين التعليم النظري والعملي في عالم اللغة:

 

ولأن اللغة العربية لا تقتصر على القراءة، بل النحو الذي يسبب للطلاب بحثًا ومحاولات مزعجة، تجعلها سهلة التناول عندما نتعرف على الطريقة المناسبة فيها؛ فهل تشكيل قصة حول كل قاعدة نحوية في المرحلة الابتدائية طريقة جميلة لجعله قريبًا منها؟ أم الطريقة العملية في جعل كل طالب يحضّر الدرس، ويتولى تدريسه، ويكمل المدرس تهذيب طريقة التدريس؛ ليكون الطالب قريبًا من الموضوع حتى لو كان الموضوع في تحفظ وخشية الخطأ؟

 

 

 

ولعل حسن تعامل المدرس مع الطالب هامٌّ جدًّا في جعل المادة شائقة وفعالة وحركية.

 

  • • •

 

 

من المآخذ التي وجدناها عبر عالم التعليم عبر الإنترنت، والتي باتت وسيلة التعليم الأقرب في زمننا، في السن المبكرة، وقصور وقلة المواقع التي تدعم المُجيدين للغة، وغير المتقنين لها، وهذا نجده في اللغات الغربية كثيرة، وهذا يدعو كلَّ المجتهدين في هذا المجال إلى حشد جهودهم، وتفعيل التعاون بين الكوادر المهتمة بهذا الأمر؛ لأنه عمل جماعي عمومًا.

 

 

 

ولعل المدرس الدكتور علي أحمد مدكور حاول منهجة دور المعلم والطالب، في جعل الدور التعليمي مدروسًا وفعالًا في كتابه: "طرق تدريس اللغة العربية".

 

 

 

كان من أهم أهداف الكتاب:

 

1- التعرف على مفهوم اللغة، ومراحل اكتسابها، ودورها؛ باعتبارها "منهجًا للتفكير" و"نظامًا للتعبير والاتصال".

 

2- التعرف على نظريات اللغة، والاتجاهات الحديثة في تدريسها.

 

3- إدراك أهمية اللغة العربية وخصائصها التي تميزت بها.

 

4- إدراك دور معلم اللغة العربية، ومسؤوليته في الحفاظ على ثقافة الأمة وخصوصيتها.

 

5-اكتساب الاتجاهات الإيجابية نحو التدريس عمومًا، وتدريس اللغة العربية على وجه الخصوص.

 

 

 

6- إدراك أهمية فنون اللغة العربية؛ الاستماع، والتحدث، والقراءة، والكتابة، والقواعد، والمحفوظات، والأناشيد، وأهمية العلاقات والارتباطات بين هذه الفنون ومهاراتها.

 

 

 

7- وضع الخطة المناسبة لكل درس في كل فن من فنون اللغة العربية، بما في ذلك من أنشطة ووسائل مساعدة.

 

8- اكتشاف القدرات اللغوية لدى التلاميذ، والإسهام في تنميتها وصَقْلها.

 

9- التعرف على الأهداف العامة لكل مقرر من مقررات اللغة العربية، والأهداف الخاصة لكل درس.

 

10- التعرف على طرائق التدريس المناسبة، وتوظيفها في تدريس فنون اللغة العربية.

 

11- التعرف على وسائل وأساليب التقويم المناسبة في تعليم اللغة العربية.

 

12- استخدام التقويم في تطوير منهج تعليم اللغة العربية؛ من حيث الأهدافُ والمحتوى وطرائق التدريس... إلخ.

 

 

 

لكل ما سبق جاء هذا الكتاب في عشرة فصول:

 

الفصل الأول: عن ثقافة التلميذ العربي في عصر العولمة؛ باعتبار أن الثقافة الإطار المرجعي للتربية والتعليم عامة، وللغة العربية على وجه الخصوص.

 

 

 

الفصل الثاني: عن المهارات اللغوية لطفل المدرسة الابتدائية وما قبلها، وكيفية تنمية المهارات اللغوية لدى أطفالنا.

 

الفصل الثالث: عن نظريات تعليم وتعلُّم اللغة للتلاميذ، وكيف يكتسب التلميذ اللغة.

 

الفصل الرابع: عن اللغة كمنهج للتفكير، ونظام للتعبير والتواصل، وليست مجرد أداة أو وسيلة أو وعاء.

 

الفصل الخامس: عن فن الاستماع ومهاراته، وكيفيات تدريب التلاميذ عليه.

 

الفصل السادس: عن الطفل؛ كيف يتكلم وكيف يشارك في الحديث.

 

الفصل السابع: عن التلميذ؛ كيف يقرأ ويستمتع بالقراءة.

 

الفصل الثامن: عن أدب الأطفال؛ شعرًا ونثرًا وقصة وأناشيد ومحفوظات... إلخ.

 

الفصل التاسع: عن كيف ننمي مهارات الكتابة لدى التلاميذ.

 

الفصل العاشر: عن الأنماط اللغوية والقواعد النحوية اللازمة للمتعلم كي تستقيم لغته استماعًا، وكلامًا، وقراءةً، وكتابةً.

 

 

 

3- الطريقة الفضلى في تعليم العربية:

 

يقول المهندس (ي ز) عن حياته النحوية: سألت المدرس يومًا:

 

  • لماذا نتعلم النحو يا أستاذ؟

 

  • لكي نتعلم القراءة.

 

 

 

من هنا يبدو لنا السؤال الأهم:

 

اللغة العربية كانت تعتمد على اللغة المطبوعة، يعني تعلمها من مصادرها في الأبدية، في عالم المساجد العامر بالعلم، وليس المصنوعة البعيدة عن الأصول اللغوية السليمة، وإن استُخدِم هذا المصطلح في عالم الشعر، فهو في عالم اللغة أولى.

 

 

 

لغة السليقة والبيئة والحياة اللغوية القويمة؛ من هنا قال الدكتور ياسر شرف: "القواعد النحوية نشأت عندما وجد الموالي عوائق في تعلمها".

 

 

 

ويقول الدكتور بو بكر جيلالي مشرف الدراسات العليا في جامعة حسيبة بو علي في الشلف بالجزائر:

 

إن تعثر اللغة العربية في مواكبة التطورات الراهنة، ومواجهات التحدِّيات المعاصرة، خاصة على المستويَيْن؛ العلمي والتكنولوجي، وكذلك على المستويَيْن الثقافي والفني - لا يعود إلى عجزها عن ذلك، بسبب أصولها، أو بنيتها، أو فقهها، أو علومها المختلفة، بل بسبب عَجْز القائمين عليها ومالكيها، عَجْزًا - كما لاحظنا من قبل - ارتبط بأزمة عامة، مثلما ارتبطت الكثير من اللغات بهذه الأزمة العامة لدى شعوب عديدة، تآخت مع الشعوب العربية في التخلُّف والانحطاط وتساوت، والقول بالعلاقة السببية بين غياب الإبداع الفني أو غيره ولغة العرب ظلمٌ، وهو رأي أحاديُّ الجانب، أفُقُه ضيِّق، لا يستند إلى مرجعية أو أساس، لا في الواقع، ولا في المنطق، ولا في التاريخ؛ فاللغة الإنجليزية لم تكن شيئًا في وقت مضى، كانت فيه لغة العرب لسان الازدهار الحضاري والثقافي والفني والأدبي، وصار اللسان الإنجليزي لسان الحضارة الحديثة والمعاصرة؛ فأصحاب هذا اللسان خرجوا ولسانُهم من العزلة إلى أفق العالمية، فِكرًا وثقافة وحضارة ولغة، وعَجَز عربُ الرَّاهن عن فعل ذلك، بل عجزوا عن مسايرة الركب الحضاري الراهن الذي تجاوزهم مسافة مقدار سنة ضوئية بأكملها، وبالتالي لا تقوم شرعية المقارنة والنِّدِّية بين الطرفين إلا ضمن رؤًى قاصرة أو مشبوهة ومؤدلجة...

 

 

 

إن التفوق اللغوي لدى أُمَّة ما مشروط بتفوقها الحضاري، وبتطور وَعْيها الثقافي والفكري في التاريخ، وليس للتفرد اللغوي دور في ذلك التفوق؛ فلغة العرب حملت الحضارة الإسلامية، وقبل ذلك حملت ديوان العرب والوحي الإسلامي الذي نقلته عبر مختلف بقاع المعمورة، لم يتسنَّ لغير المسلمين القيام بهذه المهمة من أصحاب اللغات الأخرى؛ لافتقارهم للوعي التاريخي، ولأسباب النهوض الحضاري وشروطه التي كانت بحوزة المسلمين، استمدُّوها من ديانتهم وقيمها، وعجز تمامًا مسلمو الراهن عن بَذْل الوُسع في استمدادها واستثمارها، أما تفوق اللغة الإنجليزية - وبعض اللغات الأوربية الأخرى في عصرنا - مردُّه إلى الدَّور الذي لعبه أصحاب هذه اللغات في الاستئثار بالتقدم العلمي والتكنولوجي، الذي تتميز به الحضارة الحديثة والمعاصرة؛ فالقضية ليست قضية لغة بالدرجة الأولى، بل هي قضية فكر نيِّر، ووعي كاف للدخول في معركة النهضة والشد في شروط انطلاق التاريخ؛ لضمان الإقلاع الحضاري، وبلوغ نقطة الوصول بأيَّة لغة كانت.

 

 

 

المُعلِّم العربي مبدع في أساليب التدريس إن أتيح له ذلك بقوة، إن أعطِيَ حقَّه في المردود، وفي حرية التطوير على أرض الواقع، بألَّا يشده المشرفون على العملية التعليمية للقوالب القديمة، أو تُفرَض عليه أساليب متكلسة، تمنعه من إيجاد مخرج لتعثر الطلاب فيها.

 

 

 

من هنا نفكر، ومن هنا نبدأ.

 

تمَّت.

 

 

 

[1] من دراسة للدكتور محيي الدين الألوائي، بعنوان: تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وبتصرف.

 

[2] محاضر في جامعة دمشق اختصاص لغات قديمة.

 

[3] رابط الفكرة الأولى على يوتيوب بعنوان: طرق تدريس اللغة العربية - الوحدة 6: طرق تعليم القراءة للمبتدئين.

 

[4] التي لا تعتمد على السرد والذاكرة بقدر الحصيلة الفكرية وكم المعلومات، والأسئلة اختبارية صرفة تطالب الممتحن بالرد بنعم أو لا والتصويب، أي بأقل قدر ممكن من الكتابة.

 

[5] الدراسة معنونة بالعنوان ذاته: كيفية تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات