الصراع بين الحق والباطل (1)

أسامة بن عبدالله خياط

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ الصراع دائم بين الحق والباطل 2/الاختلاف منشأ الصراع 3/ عِظم عداوة الشيطان لبني آدم 4/ أقسام الناس في الطاعة والتلقي 5/ من وسائل الشيطان في إضلال الإنسان.

اقتباس

يغفُلُ كثيرٌ من الناس عن حقيقةٍ واضحةٍ وضوحَ الشمس في رابِعةِ النهار، وتدلُّ عليها دلائِلُ التاريخ وعِبَرُ الأيام، تلك هي: أن الصراعَ قديمٌ في حياة الإنسان، وأنه لا مناصَ من وجودِ عدوٍّ له يُناصِبُه العداء، ويتربَّصُ به الدوائِر، ويسعَى إلى بلوغِ الغايةِ في النصرِ عليه، أو استِلابِ نعمةٍ يرى آثارَها ظاهرةً عليه، أو لمُجرَّد تعكير صفوِه، أو الإزراءِ عليه.. وهو واقعٌ لم تخْلُ منه حياةُ أنبياءِ الله ورُسُلِه، وهم خيرةُ الخلق وصفوةُ المُخلَصين من عباد الله، فانظُر كيف وقعَ عليهم من عداءِ قومِهم الذين أعلَنوا عليهم حربًا عوَانًا لا هوَادَةَ فيها، بلغَت من الكيدِ والأذى والتكذيبِ ما لا نظيرَ له.

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله ذي الجلال والإكرام، أحمدُه - سبحانه - على نِعَمِه العِظام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ القدوسُ السلام، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه وخيرتُه من خلقِه سيِّدُ الأنام، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه صلاةً وسلامًا دائمَين ما تعاقَبَت الليالي والأيام.

 

أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله - وراقِبوه، واذكُروا أنكم موقوفون عليه (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 88، 89].

 

عباد الله: يغفُلُ كثيرٌ من الناس عن حقيقةٍ واضحةٍ وضوحَ الشمس في رابِعةِ النهار، وتدلُّ عليها دلائِلُ التاريخ وعِبَرُ الأيام، تلك هي: أن الصراعَ قديمٌ في حياة الإنسان، وأنه لا مناصَ من وجودِ عدوٍّ له يُناصِبُه العداء، ويتربَّصُ به الدوائِر، ويسعَى إلى بلوغِ الغايةِ في النصرِ عليه، أو استِلابِ نعمةٍ يرى آثارَها ظاهرةً عليه، أو لمُجرَّد تعكير صفوِه، أو الإزراءِ عليه.

 

وهو واقعٌ لم تخْلُ منه حياةُ أنبياءِ الله ورُسُلِه، وهم خيرةُ الخلق وصفوةُ المُخلَصين من عباد الله، فانظُر كيف وقعَ عليهم من عداءِ قومِهم الذين أعلَنوا عليهم حربًا عوَانًا لا هوَادَةَ فيها، بلغَت من الكيدِ والأذى والتكذيبِ ما لا نظيرَ له.

 

إنها سُنَّةٌ من سُنن الله في خلقِه، لا تتخلَّفُ ولا تتبدَّل، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) [الأنعام: 112].

 

وبذلك يُعلمُ أنه لا مطمعَ لبشرٍ في أن يسلَمَ من عداوةِ عدوٍّ يَكيدُ له، ويتربَّصُ به، ويتحيَّنُ الفُرَصَ للنَّيلِ منه والقضاء عليه، وقد جاء بيانُ هذه الحقيقةِ في كتابِ الله تعالى؛ حين أوضحَ - سبحانه - ضرورةَ الاختِلاف وحَتميَّةَ وقوعِه بين عبادِ الله،  (وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) [النحل: 9].

 

ومعناه - كما قال ابن جريرٍ - رحمه الله -: "ولو شاءَ ربُّك لجعلَ الناسَ كلَّهم جماعةً واحدةً على ملَّةٍ واحدةٍ، ودينٍ واحدٍ، ولا يزالُ الناسُ مُختلِفِين في أديانِهم وأهوائِهم على أديانٍ ومِلَلٍ وأهواء، إلا من رحِمَ ربُّك فآمَنَ بالله وصدَّقَ رُسُلَه؛ فإنهم لا يختلِفون في توحيد الله وتصديقِ رُسُلِه، وما جاءَهم من عند الله، وعلى علمِه النافِذِ فيهم قبل أن يخلُقَهم أنهم يكون فيهم المؤمنُ والكافرُ، والشقيُّ والسعيدُ، على علمِه هذا خلقَهم". اهـ.

 

وإن هذا الاختِلافَ - يا عباد الله - هو منشأ الصراع، به يثُور، وله يتعادَى الخلقُ، ولأجلِه يختصِمُون.

 

وإذا كان الصراعُ أمرًا حَتميًّا لا مناصَ منه، ولا سبيلَ إلى السلامةِ من غوائِلِه، فإن على اللَّبيبِ الفطِن أن يُحدِّدَ عدوَّه تحديدًا دقيقًا، وأن يعرِفَه حقَّ المعرِفة؛ لئلا يغترَّ به فيتَّخِذَه صديقًا يمحَضُه خالِصَ الوُدِّ، ويُفضِي إليه بمكنُونِ سرِّه، ويُظهِرُه على دَخيلَةِ نفسِه. فيكونُ بذلك قد سعَى في الإعانةِ على نفسِه، وتمكينِ عدوِّه منه.

 

ولقد حذَّر - سبحانه - عبادَه المؤمنين أن يتَّخِذُوا من عدوِّهم أولياءَ وأوصِياءَ يكونون خواصَّ لهم، يُظهِرُونهم على أسرارهم، وخفِيِّ أحوالِهم؛ لأنهم لا يتوانَونَ ولا يُقصِّرون في السعيِ إلى كل ما فيه الشرُّ والفسادُ والإضرارُ بالمؤمنين، فقال - عزَّ من قائلٍ -:  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران: 118].

 

ولقد كان من مِنَن الله على بني آدم: أنه - سبحانه - لما خلقَ أباهم آدم ونفخَ فيه من رُوحِه، وأسجَدَ له ملائكتَه أبانَ له شخصَ عدوِّه، وحذَّرَه من طاعته واتِّباعه، وذلك هو إبليسُ الذي أمرَه الله بالسجود لآدم فأبَى واستكبرَ حسدًا وبغيًا، (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) [طه: 117].

 

وكان من مِنَن الله أيضًا على عبادِه من ذريَّة آدم: أن بيَّن لهم أن الشيطانَ عدوُّهم؛ ليأخذُوا منه حِذرَهم، وليأمَنُوا مكرَهم، ويُحبِطوا كيدَه، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر: 6]، (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) [الكهف: 50].

 

وكما يتعيَّنُ على اللَّبيب معرفةُ عدوِّه حقَّ المعرفة، فكذلك يجبُ عليه تصحيحُ النيَّة في التصدِّي له ومُقاومته، فلا يكونُ ذلك لمُجرَّد الغلَبَة، أو لإظهار القوَّة وشدَّة البأس، أو للحميَّة، أو للفَخر والمُباهاة؛ بل يكون مقصودُه ومُبتغاه: رِضوانُ الله تعالى، وأن تكون كلمتُه - سبحانه - هي العُليا.

 

ولما كان الشيطانُ يعلمُ أن فلاحَ الإنسان وصلاحَه وسعادتَه في الحياة الدنيا ونجاتَه وفوزَه بالنعيم المُقيم عند ربِّه يوم القيامة، متوقِّفٌ على اتِّباع ما جاءَه من ربِّه بالبيِّنات والهُدى، وامتِثال أمرِه واجتِنابِ نهيِه، كان حِرصُه شديدًا وسعيُه دائِبًا في صرفِه عن طاعة ربِّه بتزيينِ المعصيةِ في قلبِه، وبإغوائِه له بألوان وضُروبِ الغوايَة.

 

كما فعلَ مع آدم - عليه السلام - حين زيَّن له الأكلَ من الشجرة التي نهاه ربُّه عن الأكل منها، مما قصَّ تعالى عليه خبرَه في قولِه - عزَّ اسمُه -: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ) [الأعراف: 19- 22].

 

وبذا يستَبينُ أن الناسَ في هذا مُنقسِمون إلى فريقَين: فريق يتولَّى اللهَ ويحبُّه ويُطيعُه في أمرِه ونهيِه، وفيما جاءَت به عنه رُسُلُه. وفريق آخر يتولَّى الشيطانَ ويُطيعُه ويأتمِرُ بأمره، الذي أوضحَه ربُّنا - سبحانه - بقولِه: (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 169].

 

وأصحابُ هذا الفريق الذي يتولَّى الشيطانَ ويُطيعُه هم الخارِجون على منهَج الله، الحائِدُون عن صِراطِه المُستقيم، ودينِه القَويم، المائِلُون عنه إلى اتِّباع السُّبُل التي تفرَّقَت بهم عن سبيلِه على اختِلافِ مشارِبِهم، وتنوُّع نِحَلِهم ومذاهبِهم، وتعدُّد فِرَقِهم وأحزابِهم، التي يجمعُ بينَها جامعٌ واحدٌ، هو عاملُ الانحِرافِ الأكبر، ورُوحُه وعمادُه، وهو الحَيدَةُ عن منهَج أهل السُّنَّة والجماعة وطريق سلَفِ الأمة، والمُخالفةُ عنه إلى غيرِه من مناهِج أهل البِدع والأهواء. تلك المُخالفَة التي أورثَت أهلَها ضلالاً بعيدًا، وأعقبَت أصحابَها إثمًا مُبينًا.

 

وكفَى بمُشاقَّة الرسول - صلوات الله وسلامُه عليه -، وباتِّباع غيرِ سبيلِ المُؤمنين شُؤمًا ووبالاً وسُوءَ مُنقلَب، وقُبحَ مآل،  ومن يشاقق .. مصيرا .

 

نفعَني الله وإياكم بهديِ كتابه، وبسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، أقولُ قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافَّة المسلمين من كل ذنبٍ، إنه كان غفَّارًا.

 

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبةُ للمُتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهد أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه إمامُ المُرسَلين، وخاتمُ النبيين، ورحمةُ الله للعالمين، اللهم صلِّ وسلَّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحابتِه أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعد، فيا عباد الله: قال بعضُ أهل العلم - في بسطِ مدلُول قولِه - سبحانه -:  (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ..) [الأعراف: 27] الآية: "لا يدَعُ الشيطانُ أمرًا يُحبُّه الله إلا زيَّن للعبدِ مُخالفتَه، ولا أمرًا مكروهًا لله إلا زيَّن له مُقارفتَه، (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

 

والإنسانُ في صراعٍ دائمٍ في نفسِه مع الشيطان، يقوم الإنسانُ يُصلِّي فيأتي فيُذكِّرُه من الدنيا ما لم يكُن يذكُرُ قبلَ الصلاة، فيصرِفُه عن صلاتِه ويشغَلُه عنها، وقد وقعَ مثلُ هذا للصحابةِ - رِضوانُ الله عليهم -؛ فقد أخرج الإمام مسلمُ بن الحجَّاج - رحمه الله - في "صحيحه" بسنَده عن عُثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه -، أنه أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله! إن الشيطانَ قد حالَ بيني وبين صلاتِي يُلبِّسُها عليَّ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذاك شيطانُ يُقال له "خِنزَب"، فإذا أحسستَه فتعوَّذ بالله منه، واتفُل على يسارِك ثلاثًا». قال: ففعلتُ فأذهبَه الله عنِّي.

 

وأخرج الإمام مسلمٌ في "صحيحه" بسنَده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، أنه قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الشيطان إذا سمِع النداءَ بالصلاة ذهبَ حتى يكون بالرَّوحاء» وهي من المدينة على ستَّةٍ وثلاثين ميلاً.

 

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نُودِيَ للصلاةِ أدبرَ الشيطانُ وله ضُراط، حتى لا يسمعَ التأذين، فإذا قُضِيَ التأذينُ أقبلَ، حتى إذا ثُوِّبَ بالصلاة أدبَرَ، حتى إذا قُضِيَ التثويبُ أقبلَ حتى يخطِرَ بين المرء ونفسِه يقول له: اذكُر كذا، واذكُر كذا، لما لم يكن يذكُرُ من قبل، حتى يظلَّ الرجلُ ما يدرِي كم صلَّى».

 

فمجالُ الصراع الأول الخطير الذي يحرِصُ الشيطانُ على السيطرةِ عليه هو قلبُ المُؤمن، فإذا ملَكَه ملَكَ صاحبَه، وسيَّرَه وفقَ ما يُريد، وجعلَه وليًّا من أوليائِه، فإذا أبَى العبدُ فإنه لا يزالُ يُهاجِمُه ويُداوِرُه، ويهتبِلُ منه لحظةَ ضعفٍ وغفلةٍ، ولكنَّ المؤمنَ الحقَّ لا يكادُ الشيطانُ يُلِمُّ به في مثلِ هذه اللحظات، حتى تتدارَكُه رحمةُ الله فيُبصِر، (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف: 201].

 

فهو طائفٌ عارِضٌ يتجلَّى سريعًا، عندما يعودُ العبدُ إلى الله ومنهَجه، أما إخوانُ الشياطين فإنهم غرقَى في ضلالِهم لا يجِدون خلاصًا، وسيفُ المُؤمن في مُحاربَة الشيطان في مجالِ نفسَه ودائِرة قلبِه - يا عباد الله - هو الالتِجاءُ إلى الله، والاحتِماءُ به، وكثرةُ ذِكرِه.

 

فاتقوا الله - عباد الله -، وجاهِدوا النفسَ والهوى والشيطان، ومن معه من أتباعٍ وأعوانٍ؛ تحظَوا بالغُفران والرِّضوان، ونُزولِ رفيعِ الجِنان.

 

واذكُروا على الدوام أن الله تعالى قد أمرَكم بالصلاة والسلام على خيرِ الأنام، فقال في أصدقِ الحديثِ وأحسنِ الكلام: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أكرمَ الأكرمين.

 

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزةَ الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسِدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفهم، وأصلِح قادتَهم، واجمَع كلمتَهم على الحقِّ يا رب العالمين.

 

اللهم انصُر دينكَ وكتابكَ، وسُنَّةَ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعبادكَ المؤمنين المُجاهِدين الصادقين.

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورِنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ، ووفِّقه لما تُحبُّ وترضَى يا سميعَ الدعاء، اللهم وفِّقه ونائبَيه وإخوانَه إلى ما فيه خيرُ الإسلام والمُسلمين، وإلى ما فيه صلاحُ العبادِ والبلادِ يا مَن إليه المرجعُ يوم المعاد.

 

اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم إنا نجعلُك في نُحور أعدائِك وأعدائِنا، ونعوذُ بك من شُرورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحورهم، ونعوذُ بك من شُرورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحورهم، ونعوذُ بك من شُرورهم.

 

اللهم أحسِن عاقبَتنا في الأمور كلِّها، وأجِرنا من خِزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة.

اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتِك، وتحوُّل عافيتِك، وفُجاءة نقمتِك، وجميع سخَطِك.

اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي فيها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ.

 

اللهم إنا نسألُك فعلَ الخيرات، وتركَ المُنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفِرَ لنا وترحمَنا، وإذا أردتَ بقومٍ فتنةً فاقبِضنا إليك غيرَ مفتُونين.

 

اللهم إنا نسألُك أن تُوفِّق إخواننا وأبناءَنا من رجال الأمن، اللهم وفِّقهم وأعِنهم، وسدِّدهم واحفَظهم من كل سُوءٍ، اللهم احفَظهم من كل سُوءٍ، احفَظهم من كل سُوءٍ، واجزِهم خيرَ الجزاء على ما يبذُلون من جهودٍ يا رب العالمين.

 

اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضِيكَ آمالَنا، واختِم بالصالِحات أعمالَنا.

اللهم احفظ المُجاهدين في كل ديارِهم وأمصارهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَ المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، وقِهِم شرَّ الفتن، ما ظهر منها وما بطَن، وأصلِح ذاتَ بينهم، اللهم أصلِح ذاتَ بينهم، اللهم أصلِح ذاتَ بينهم يا رب العالمين.

 

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الأعراف: 23]، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

 

وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبِه أجمعين، والحمدُ لله رب العالمين.

 

 

 

المرفقات

بين الحق والباطل2

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات