السفر.. أحكام وآداب

الشيخ د صالح بن مقبل العصيمي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ وصايا للمسافرين 2/ أهداف السفر ومقاصده 3/ حكم السفر والسياحة 4/ نماذج من الأسفار المستحبة والمندوبة والمباحة 5/ بعض مفاسد ومساوئ السفر والسياحة 6/ وصايا للمسافرين.

اقتباس

يَا أَيُّهَا الْمُصْطَافُونَ الْكِرَامُ، والمُسَافِرُونَ الأَخْيَارُ، قَدْ رَحَلْتُمْ مِنَ الدِّيَارِ، وَعَبَرْتُمْ عَنْ طَرِيقِ الأَجْوَاءِ الْقَارَاتِ وَالْبِحَارَ، وَتَحَمَّلْتُمْ بَعْضَ الْمَتَاعِبِ وَالشَّدَائِدِ وَالأَخْطَارِ، فَرَاجِعُوا فِي أَسْفَارِكُمْ نَوَايَاكُمْ، فَهُنَاكَ مَعَ الأَسَفِ مَنْ يُسَافِرُ وَلَا هَمَّ لَهُ فِي سَفَرِهِ إِلَّا الذِّهَابُ إِلَى مُسْتَنْقَعَاتِ الآثَامِ والشُّرُورِ، وَمَوَاطِنِ الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ.. يَشْتَرُونَ بِأَمْوَالِهِمُ الآثَامَ، فَيَتَنَصَّلُونَ مِنَ القِيَمِ والْمَبَادِئِ وَالثَّوَابِتِ، فَلَا عُقُوبَةَ أَشَدَّ مِنِ استِمْرَاءِ الْمَعْصِيَةِ وَاستِسْهَالِهَا، فَإِنَّ الْعَيْنَ إِذَا اِسْتَسْهَلَتِ الْمَعْصِيَةَ، وَأُشْرِبُهَا الْقَلْبُ، وَلَمْ يُنْكِرْهَا؛ فَهَذِهِ عَلَامَةُ وَدَلَالَةُ خَيْبَةٍ وَخُسْرَانٍ، فَلَا يَعُودُونَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ غَالِبًا إِلَّا بِكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الْـحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتِغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عليه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْـجَمَاعِةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْـجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.

 

أمَّا بَعدُ، فيا مَنْ عزمْتُمْ عَلَى السَّفَرِ، وقرَّرتُمْ شَدَّ الرِّحَالِ؛ لِتَجُوبُوا المعَمْوُرَةَ، فاللهَ اللهَ عَلَى إِقَامَةِ شَعَائِرِ دِينِكُمْ، والاسْتِمْسَاكِ بأخْلَاقِكُمْ، والولاءِ لعقيدَتِكُمْ، فَكُونُوا خَيرَ سُفَرَاءَ لدينِكُمْ وَلِبِلَادِكُمْ.

 

واحرِصُوا -قَدْرَ الإِمْكَانِ- عَلَى أَنْ تَكُونَ سِيَاحَتُكُمْ فِي بِلَادِكُمْ، فَلَا أَجْمَلَ، وَلَا أَطيَبَ، وَلَا أَنفَعَ مِنَ السِّيَاحَةِ فِيهَا، وَخَاصَّةً فِي مَكَّةَ والمَدِينَةِ، حَيثُ يَزْدَادُ الإيمانُ، وتعظمُ الحسناتُ، ويَتضاعفُ ثَوَابُ الصلواتُ، إِلَى مئاتِ وآلافِ الأضعافِ.

 

وَالأَصْلُ فِي السَّفَرِ الإِبَاحَةُ والمَشْرُوعِيَّةُ؛ لِقَولِهِ تَعَالَى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [العنكبوت: 20]؛ فَالسَّيْرُ فِي الأَرْضِ يَفْتَحُ العينَ والقلبَ، عَلَى مَشَاهِدَ خَلَقَهَا اللهُ، لَمْ تَأْلَفْهَا العينُ منْ قبلُ، وَلَمْ يَمِلَّهَا القلبُ.

 

ولذَا يُعَدُّ السفرُ للتفكرِ في مخلوقاتِ اللهِ مقصدًا نبيلًا ليزَدادَ إيمَانًا مَعَ إيمانِهِ، لأَنَّ الإنسانَ إذَا عَاشَ في مكانٍ واحدٍ قَدْ أَلِفَهُ، فَقَدْ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَى التَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ، ولكنَّهُ إذَا سَافَرَ إِلَى أَمَاكِنَ أُخْرَى لِيَرَى عجَائِبَ خَلْقِ اللهِ، استيقَظَ حِسُّهُ وقَلْبُهُ، وتأمَّلَ فِي عجيبِ صُنْعِ اللهِ وخَلْقِهِ، واعتبرَ فِي مَلَكُوتِ السماواتِ والأرضِ، ترسَّخَ الإيمانُ فِي قَلْبِهِ، وَاِزْدَادَ إيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِ، وقَارَبَ الكمَالَ توَحِيدُهُ، وازدَادَ ذَكْرُهُ لِرَبِّهِ وتَعظِيمِهِ.

 

والسَّفَرُ فِي الإِسلَامِ الأَصْلُ فِيهِ المَشْرُوعِيَّةُ، فهُنَاكَ سفَرٌ واجِبٌ، كالسَّفَرِ للحَجِّ أوِ العُمْرَةِ، وهُنَاكَ سَفَرٌ مُسْتَحَبٌّ كَسَفَرِ حَجِّ أَو عُمْرَةِ التَّطَوُّعِ، أو زِيَارَةِ أَخٍ تُحِبُّهُ فِي اللهِ، لأَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ إِلَى اللهِ تَعَالَى: فَإِنَّ مِنْ خَيرِ مَا يفعلُ المؤمنُ أنْ يُسَافِرَ لزيارَةِ أَخٍ لَهُ فِي اللهِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ، فَأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. فَقَالَ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لا، إِلا أَنِّي أُحِبُّهُ فِي اللَّهِ. قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

فَانظُرْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ، كَيْفَ جَعَلَ اللهُ فِي طَرِيقِهِ لِهَذِهِ الْقَرْيَةِ مَلِكًا، لِيَسْتَفْسِرَ مِنْهُ عَنِ الدَّافِعِ لِهَذِهِ الزِّيَارَةِ، ثُمَّ يَزُفُّ لَهُ الْبُشْرَى بِأَنَّ اللهَ قَدْ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا الْعَمَلَ وَأَحَبَّهُ، وَقُلْ مِثْلَهُ وَأَشَدَّ مِنْهُ تَأْكِيدًا فِي شَدِّ الرِّحَالِ لِزِيَارَةِ الأقَارِبِ والأَرْحَامِ، فَهَذَا مِنَ الأَسْفَارِ المُستَحَبَّةِ.

 

 كَذَلِكَ السَّفَرُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ الشَّرْعَيِّ، والتَّفُقُّهِ فِي الدِّينِ، وَهَذَا كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَ السَّلَفِ فِي رِحْلَتِهِمْ لِطَلَبِ الْحَدِيثِ، وَاِشْتَهَرَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ -رَحِمَهُ اللهُ- أنَّهُ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَسِيرَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى صَنْعَاءَ لِسَمَاعِ الْحَدِيثِ مِنَ الإِمَامِ "عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ هَمَّامِ الصَّنْعَانِيِّ "صَاحِبِ الْمُصَنَّفِ، ثُمَّ قَالَ كَلِمَتَهُ الَّتِي اِشْتَهَرَتْ عَلَى الأَلْسُنِ: "لَابُدَّ مِنْ صَنْعَاءَ وَلَوْ طَالَ السَّفَرُ".

 

وَهُنَاكَ مَنْ نَسَبَهَا لِلإِمَامِ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- عِنْدَمَا وَصَلَ للسَّمَاعِ مِنَ الإِمَامِ، إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ. وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الْقَائِلِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ اِرْتِحَالُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ.

 

وَرِحْلَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ وَالتَّرَاجُمِ مُدَوَّنَةٌ مُسَطَّرَةٌ لِحِرْصِهِمْ عَلَى عُلُوِّ الإِسْنَادِ، وَصِحَّةِ الحَدِيثِ، وَلِدِقَّةِ النَّقْلِ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هَذِهِ نَمَاذِجٌ مِنَ الأَسْفَارِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَالْمَنْدُوبَةِ.

 

وَمِنَ الَأَسفَارِ الْمَشْرُوعَةِ: السَّفَرُ لِطَلَبِ الْعِلَاجِ، وَكَذَلِكَ السَّفَرُ لِطَلَبِ الرِّزْقِ وَالتِّجَارَةِ، وَهُنَاكَ أَسْفَارٌ مُبَاحَةٌ، وَالَّتِي يُقْصَدُ مِنْهَا التَّرْوِيحُ عَنِ النَّفْسِ، وَهَذِهِ هِيَ غَالِبُ الأَسْفَارِ، وَهَذِهِ الأَسْفَارُ الْمُبَاحَةُ هِيَ الَّتِي اِنْتَشَرَتْ فِي هَذَا الْعَصْرِ، فَتَتَحَوَّلُ بِسَبَبِ تَصَرُّفَاتِ الْبَعْضِ إِمَّا إِلَى أَسْفَارٍ مُحَرَّمَةٍ، أَوْ مَكْرُوهَةٍ بِحَقِّهِمْ.

 

فَيَا أَيُّهَا الْمُصْطَافُونَ الْكِرَامُ، والمُسَافِرُونَ الأَخْيَارُ، قَدْ رَحَلْتُمْ مِنَ الدِّيَارِ، وَعَبَرْتُمْ عَنْ طَرِيقِ الأَجْوَاءِ الْقَارَاتِ وَالْبِحَارَ، وَتَحَمَّلْتُمْ بَعْضَ الْمَتَاعِبِ وَالشَّدَائِدِ وَالأَخْطَارِ، فَرَاجِعُوا فِي أَسْفَارِكُمْ نَوَايَاكُمْ، فَهُنَاكَ مَعَ الأَسَفِ مَنْ يُسَافِرُ وَلَا هَمَّ لَهُ فِي سَفَرِهِ إِلَّا الذِّهَابُ إِلَى مُسْتَنْقَعَاتِ الآثَامِ والشُّرُورِ، وَمَوَاطِنِ الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ، فَلَا يَرْعَوِي عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الشَّوَاطِئِ الْمُمْتَلِئَةِ، بالعُرْيَانِينَ والعُرْيَانَاتِ، وَقَدْ تَبَلَّدَ إِحْسَاسُهُ، وَطَغَى الرَّانُ عَلَى قَلْبِهِ، فَاسْتَمْرَأَ الْمَعْصِيَةَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ!

 

فَسُبْحَانَ اللهِ! يَشْتَرُونَ بِأَمْوَالِهِمُ الآثَامَ، فَيَتَنَصَّلُونَ مِنَ القِيَمِ والْمَبَادِئِ وَالثَّوَابِتِ، فَلَا عُقُوبَةَ أَشَدَّ مِنِ استِمْرَاءِ الْمَعْصِيَةِ وَاستِسْهَالِهَا، فَإِنَّ الْعَيْنَ إِذَا اِسْتَسْهَلَتِ الْمَعْصِيَةَ، وَأُشْرِبُهَا الْقَلْبُ، وَلَمْ يُنْكِرْهَا؛ فَهَذِهِ عَلَامَةُ وَدَلَالَةُ خَيْبَةٍ وَخُسْرَانٍ، فَلَا يَعُودُونَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ غَالِبًا إِلَّا بِكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، حَيْثُ لَطَّخُوا أَبْصَارَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ فِي مَحَارِمِ اللهِ، حَتَّى غَارَ مِنْ أَعْيُنِهُمُ الْحَيَاءُ، بَلْ وَبَعْضُهُمْ يَنْقِلُ صَورَةً مُشَوَّهَةً عَنْ بَلَدِهِ، وَأَيُّ عُقُوقٍ أَعْظَمُ مِنْ تَشْوِيهِ هُوَيَّةِ الدِّينِ وَالأَوْطَانِ؟!

 

 فَكُلُّ مُسَافِرٍ سَفِيرٌ لِدِينِهِ وَبَلَدِهِ، وَتَشْتَدُّ الْمُصِيبَةُ أَكْثَرَ إِذَا ذَهَبَ بِأَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ إِلَى هَذِهِ الأَمَاكِنِ، فَلَا دِينَ يَمْنَعُهُ، وَلَا ضَمِيرَ يُوقِظُهُ، وَلَا خُلُقَ عِنْدَ حَدِّهِ يُوقِفُهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ!

 

وَبَعْضُهُمْ يُسَافِرُ بِأَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ فَيَنْزَعْنَ الْحِجَابَ، وَيَتَخَلَّيْنَ عَنِ الْوَقَارِ الَّذِى يَدُلُّ عَلَيْهِ الْجِلْبَابُ، بَلْ وَبَعْضُهُنَّ يَكْشِفْنَ شُّعُورَهُنَّ وَكَأَنَّ الْحِجَابَ عِنْدَهُنَّ عَادَةٌ لَا عِبَادَةٌ، مَعَ أَنَّهُ وَرَبِّي فَرْضٌ أَوْجَبَهُ اللهُ، فَيَجِبُ طَاعَتُهُ، وَالاِلْتِزَامُ بِهِ، وَيَحْرُمُ كَشْفُ الْوَجْهِ، أَوِ الشَّعْرِ، فَاللهُ يُطَاعُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَتُلْتَزَمُ أَوَامِرُهُ فِي كُلِّ زَمَانٍ، فَلَا خَيْرَ فِي سَفَرٍ يَجْلِبُ لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ الْعَارَ والشَّنَارَ.

 

لَقْدِ اِسْتَسْهَلَتْ بَعْضُ الأُسَرِ مَسْأَلَةَ السَّفَرِ الْمُحَرَّمِ، وَتَقَبَّلَ بَعْضُ أَفْرَادِهَا تَخَلِّي مَحَارِمِهُمْ عَنْ حِجَابِهِنَّ فَأُشْرِبُهَا قَلْبُهُ وَلَمْ يَسْتَنْكِرْ، حَتَّى فَقَدَ الْقَوَامَةَ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى رِعَايَةِ بَيْتِهِ، فَبَعْضُ الأُسَرِ حُرِمُوا مَتَانَةَ الدِّينِ وَقُوَّةِ الأَخْلَاقِ، وَهَتَكَ بَعْضُهُمْ حِجَابَ الطُّهْرِ وَالِاْحْتِشَامِ.

 

وَمِمَّا يَزِيدُ الطِّينَ بِلَّةً، وَالدَّاءَ سِقَمًا وَعِلَّةً، أَنَّ بَعْضَهُمْ يَسْتَصْحِبُ فِي سَفَرِهِ أَبْنَاءَهُ وَبَنَاتِهِ، صِغَارَ السَّنِّ، مِنْ مُرَاهِقِينَ وَمُرَاهِقَاتٍ، وَالذِينَ سَرْعَانَ مَا يَتَأَقْلَمُونَ مَعَ هَذِهِ الأَجْوَاءِ الْمُحَرَّمَةِ فِيِتِرَبَّوْنَ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ بُنْيَانُهُمْ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، عَجَبًا وَاللهِ مِنْ فَتَاةٍ تَقْضَي عَامَّةَ عَامِهَا، كَرِيمَةً مُعَزَّزَةً، جَوْهَرَةً مَصُونَةً وَدُرَّةً مَكْنُونَةً، ثُمَّ تَهْدِمُ مَا بَنَتْهُ فِي عَامٍ، فِي سَفْرَةٍ، فَتَطْرَحُ خِمَارَهَا، وَتُلْقِي جِلْبَابَهَا، وَمَعَهُ بَعْضَ حَيَائِهَا وَحِشْمَتِهَا، وكَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [النحل: 92].

 

وَهُنَاكَ سُؤَالٌ يُطْرَحُ: هَلْ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ وَقَوَّامِيهِنَّ، فِي شَكٍّ مِنْ دِينِهِمْ، أَوْ فِي عَدَمِ ثِقَةٍ فِي قِيَمِهِمْ؟ فَعَلَاَم هَذَا الاِنْفِصَامُ فِي الشَّخْصِيَّةِ، والتَّنَاقُضُ وَالاِزْدِوَاجِيَّةُ؟ وَهَلْ أَنْتُمْ مُجْبَرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الأَسْفَارِ الَّتِي يُنْزَعُ فِيهَا الدَّينُ وَالحَيَاءُ، حَتَّى يَقِلَّ وَيَضِيعَ؟ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُحَافِظَ عَلَى دِينِكَ وَقِيَمِكَ فَلَا تُعَرِّضْ مَنْ أَوْكَلَ اللهُ إِلَيْكَ رِعَايَتَهُمْ لِلْخَطَرِ فَتَكُونَ مُضَيِّعًا لِلأَمَانَةِ، خَائِنًا لَهَا، قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 17].

 

فَعَلَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَتَذَكَّرُوا أَنَّ مَا اِرْتَكَبُوهُ مِنْ مَعَاصٍ إِنْ كَانْ فِيهَا لَذَّةٌ فَهِيَ لَذَّةٌ فَانِيَةٌ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُوقِنُوا أَنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، فَلَا يُفْسِدُ عَلَيْكُمُ الشَّيْطَانُ دِينَكُمْ، وَيُفْسِدُ عَلَيْكُمْ آخِرَتَكُمْ، بِدَعْوَى التَّرْفِيهِ والِاصْطِيَافِ فِي أَوْحَالٍ شَائِكَةٍ، فَاللهَ اللهَ أَلَّا يَفْتِنَكُمُ الشَّيْطَانُ، وَيَجْلِبُ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ.

 

جَعَلَنِـي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المقبولِينَ، ونَفَعَنِـي وَإِيَّاكُمْ بِالقرآنِ العظيمِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبً فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

 

أمَّا بَعْدُ .. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عبادَ اللهِ: فَعَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ أَنْ يَسْتَخِيرَ اللهَ أولًا قبَل سفرِهِ، حَيثُ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ).

 

فيستخِيرُ عَلَى البلدةِ التِي سيُسافِرُ إِلَيهَا، والصحبةِ التِي مَعَهُ، والمدةِ التِي سَيقضِيهَا، فالاستخارةُ دعاءٌ فَلَهُ أَنْ يُكرِّرَهُ، فإنْ أَمْضَاهُ اللهُ مَضَى، وإنْ صَرَفَهُ اللهُ عَنْهُ حَمِدَهُ وَبَقِيَ، كَمَا عَلَيهِ أَنْ يَقُومَ بإبراءِ ذِمَّتِهِ بإيفاءِ الحقوقِ لأصحابِهَا وخَاصَّةً الديونَ، فَإِنْ كَانَ تَسديدُ الديونِ مُقَدَّمًا عَلَى حَجِّ الفرْضِ، فَكَيْفَ بِسَفَرٍ للسِّيَاحَةِ؟

 

وَعَلَى المُسَافِرِ أنْ يكتبَ وصيتَهُ، ويضعَهَا فِي مكانٍ آمِنٍ، يصلُ إليهَا الوكيلُ عَليْهَا، كذلِكَ عَلَيهِ استِشَارَةُ وَالِدَيْهِ إِنْ كَانَا مِنَ الأَحْياءِ، فَإِنْ رَضِيَا وَأَذِنَا وَإِلَّا فَلْيَبْقَ، فَإِذَا كَانَ إِذْنُهُمَا فِي الجِهَادِ غَيْرِ المُعَيَّنِ، مِنْ وَلِىِّ الأمرِ، لابُدَّ مِنْهُ؛ فَكَيفَ بِسفرٍ قَدْ يَكُونُ مُبَاحًا أَو مَكروهًا؟

 

أَمَّا السَّفَرُ المُحَرَّمُ؛ فَيَحْرُمُ أَصْلًا بِإِذْنٍ أَوْ بغيرِ إِذْنٍ، كَذَلِكَ عَلَيهِمْ إِنْ كَانُوا فِي صحبةٍ أنْ يُعَيِّنُوا عَلَيهِمْ أَمِيرًا، كَمَا قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إذَا خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ" (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ).

 

"كَذَلِكَ عَليهِ إِذَا وَصَلَ إِلَى البلدِ التي يرغبُ في السفرِ إليهَا عَلَيْهِ أنْ يقولَ دعاءَ دخولِ البلدةِ، فَعَنْ صهيبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلاَّ قَالَ حِينَ يَرَاهَا: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينِ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا" (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 

وعَلَيْهِ أنْ يَتَعَرَّفَ عَلَى أوقاتِ الصلواتِ، وصحَّةِ التَّوَجُّهِ إِلَى القِبْلَةِ، وأنُ يتَأَكَّدَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّا نَجِدُ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ المُسَافِرِينَ، حِينَمَا يعودُونَ مِنْ سَفَرِهِمْ يقُولُونَ: صَلَّيْنَا بعضَ الفُروضِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَنَا عَدَمُ صِحَّةِ الاتِّجَاهِ للقبلةِ، وسببُ ذَلكَ عَدَمُ بَذْلِهِمُ الجُهْدَ؛ لأَنَّ بعضَهُمْ يعتمدُ عَلَى عُمَّالِ وَمُوَظَّفِي الفَنَادِقِ؛ وبعضُ هَؤُلَاِء عَلَى غيرِ دينِنَا، فيكُونُونَ قَدْ فَقَدُوا العَدَالَةَ، فَلَا تُقْبَلُ شهَادَتُهُمْ، وَقَدْ يَتَعَمَّدُونَ تَضْلِيلَهُ.

 

فإذَا بذلَ جُهْدَهُ وَطَاقَتَهُ بِالبحثِ عَنْهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَطَؤُهُ؛ فَلَا ضَيْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَجْهِزَةُ الذَّكِيَّةُ فِي هَذَا الْعَصْرِ قَدْ أزالتْ الْكَثِيرَ مِنَ الْإِشْكَالِ لمَعْرِفَتِهَا لِاِتِّجَاهِ الْقَبَلَةِ بِدَقَّةِ، وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ جَمَاعَةً مَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ سَوَاءً مَعَ أَهلِهِ أَو رِفَاقِهِ، فَالصَّلاةُ بِحَقِّ المُقِيمِ وَاجِبَةٌ جَمَاعَةً فِي الْمَسَاجِدِ، وَبِحَقِّ المُسَافِرِ وَاجِبَةٌ جَمَاعَةً وَلَو فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، حَيْثُ أَوْجَبَ اللهُ إقامةَ صلاةِ الخوفِ جماعةً فِي حَرْبٍ وسَفَرٍ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُخِلُّ ببعضِ أركانِهَا ووَاجِبَاتِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ أَلزَمَهُمْ بِالجَمَاعَةِ تَعْظِيمًا لَهَا، فكَيْفَ بِحَقِّ الْمُسَافِرِ الصَّحِيحِ السَّلِيمِ؟

 

واستنبَطَ هَذِهِ الفَائِدَةَ العَظِيمَةَ شَيْخُ الإِسلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) [النساء: 102]، وكثيرٌ مِنَ المُسَافرينَ يستَهِينُ بِأَدَاءِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي أَسْفَارِهِمْ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ العَلِيِّ العظِيمِ!

 

كَمَا عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَحْرِصَ -قَدْرَ المُسْتَطَاعِ - علَى أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الخَمِيسِ، حَيْثُ رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: «لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ، إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إِلَّا يَوْمَ الخَمِيسِ»، كَمَا يُستَحَبُّ للمُسَافِرِ أَنْ يَقُومَ بتَودِيعِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَأَنْ يَقُولَ الدُّعَاءَ الْمَأُثُورَ: " أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ " (رَوَاهُ التِّرْمِذيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُـحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ. الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَـجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَـحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْـرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْـمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

 

 اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَـهْدِيًّــا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ.

 

الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْـمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 

اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

 

 

المرفقات

.. أحكام وآداب

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات