عناصر الخطبة
1/ اطمئنان القلوب بذكر الله تعالى 2/ جمع المؤمن بين سعادتي الدنيا والآخرة 3/ تصفية القلب من الآفات من أسباب السعادة 4/ الإيمان بالقضاء والقدر وما يطيِّبُ الإيمان به ودور ذلك في تحصيل السعادةاقتباس
يقول ابن القيم: العاصي دائما في أَسْرِ شيطانه، وسجْن شهَواته، وقيود هواه، فهو أسير مسجون مقيد، ولا أسِيرَ أسوأَ حالا من أسيرٍ أَسَرَه أعدى عدوٍّ له، ولا سجن أضيق من سجن الهوى، ولا قيد أصعب من قيد الشهوة، فكيف يسير إلى الله والدار الآخرة قلبٌ مأسور مسجون مقيد؟ وكيف يخطو خطوة واحدة؟ وإذا قيد القلب طرقته الآفات من كل جانب بحسب قيوده، ومثل القلب مثل الطائر، كلما علا بعد عن الآفات ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
كيف نحصل على سعادة الإيمان ونرتقي في منازلها؟ فيما مضى تكلمنا عن العمل الصالح كسبب أساس ومنصوص عليها لاكتساب الحياة الطيبة التي هي سعادة الإيمان، وتعرضنا للمعنى الغائب عن مفهوم فئة من الناس للدين، وأن الشعور بالتكامل مع الكون المسبِّح لله تعالى يفضي على القلب سعادة واطمئناناً لا يجد المؤمن أمثالها في متع الحياة.
ودللنا على ذلك من الكتاب الحكيم والسنة الشريفة، وبذكر التسبيح نقول، وبقوة: إن مِن أجمل العبادات التي تشرح صدر المؤمن وتسعد قلبه ذكر الله تعالى، فإن حياة الذاكرين هي الحياة السعيدة المطمئنة.
يقول -سبحانه-: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28]، كما أن حياة الغافلين هي حياة الشقاء والضيق، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) إذا لم يذكر الله، فبالله، ماذا سيذكر؟ سيذكر ما سواه! سيذكر ما يقسِّي القلب، ويذهب حلاوة الإيمان، ويقتل روح العبادة، سيذكر المعاصي، سيذكر الشهوات والملذات بلا تمييز، سيذكر المال ثم المال ثم المال ليل نهار، بلا ملل ولا كلل.
سيذكر عيوب الناس غيبة أو نميمة، سيذكر اللهو والملهيات على الدوام، سيذكر مشاغل الحياة، لكنه نادرا ما سيذكر الله إن كان أصلا سيذكر، ويحسب أنه بعيشته تلك قد حصل على السعادة لما تحرر من قيود الدين وتكاليف العبادة، لكن؛ هل نسي أنه لما فك قيده من العبادة قيَّدَ نفسه لهواه، وهي -وَرَبِّي!- العيشة الضنك.
يقول ابن القيم: العاصي دائما في أَسْرِ شيطانه، وسجْن شهَواته، وقيود هواه، فهو أسير مسجون مقيد، ولا أسِير أسوأ حالا من أسيرٍ أَسَره أعدى عدو له، ولا سجن أضيق من سجن الهوى، ولا قيد أصعب من قيد الشهوة، فكيف يسير إلى الله والدار الآخرة قلبٌ مأسور مسجون مقيد؟ وكيف يخطو خطوة واحدة؟ وإذا قيد القلب طرقته الآفات من كل جانب بحسب قيوده، ومثل القلب مثل الطائر، كلما علا بعد عن الآفات، وكلما نزل استوحشته الآفات. اهـ.
يقول ابن رجب -رحمه الله- إن الحسرة كل الحسرة، والمصيبة كل المصيبة أن نجد راحتنا حين نعصي الله تعالى. اهـ. نسأل الله السلامة والعافية.
معاشر الإخوة : مَن قال إن الله تعالى لا يعطي عبده المستقيم المؤمن الصادق سوى سعادة الآخرة دون الدنيا؟ مَن قال؟ ألم يقل الله تعالى عن نبيه إبراهيم -عليه السلام-: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [العنكبوت:27].
يقول ابن كثير: وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين، أي: جمع الله له بين سعادة الدنيا الموصولة بسعادة الآخرة، فكان له في الدنيا الرزق الواسع الهنيء، والمنزل الرحب، والزوجة الحسنة الصالحة، والثناء الجميل، والذكر الحسن، فكل أحد يحبه ويتولاه. هكذا قال -رحمه الله-.
أما جزاؤه في الآخرة فلا عينٌ رأَت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولقد قال -سبحانه- في حال يوسف -عليه السلام- لما آتاه الله من سعادة الدنيا ما آتاه، قال: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف:56]، قال بعدها مباشرة: (وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [يوسف:57]، أسال الله لي ولكم من فضله.
إن من أسباب سعادة الإيمان -أيضا- تصفية القلب من الآفات: الغل والحسد وسوء الظن، عن أنس، قال: كنا جلوسا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة"، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه بيده الشمال.
فلما كان الغد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان في اليوم الثالث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيتُ أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت، قال : نعم.
قال أنس: فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر.
قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله، لم يكن بيني وبين أبى غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لك ثلاث مرار: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة"، فطلعتَ أنت الثلاث المرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟.
قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليتُ دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، قال عبد الله: هذه التي بَلَغَتْ بِكَ، وهي التي لا تطاق. يقولها تواضعا -رضي الله عنه-.
ألا ما أسعد الإنسان إذا صفَّى قلبه؟! في صحيح الجامع عن عبد الله بن عمرو قال، قلنا: يا رسول الله، مَن خير الناس؟ قال: "ذو القلب المخموم، واللسان الصادق"، قلنا: قد عرفنا اللسان الصادق، فما القلب المخموم؟ قال: "التقي النقي، الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد".
آتِني بقلبٍ مثل هذا وأبشر بسعادة الإيمان، "التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد"، فلا أسعد للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه، من سلامة صدره، فإذا رأى أحد في نعمة رضي له بها، وفرح له؛ لأنه يذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَن قال حين يُصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة او بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدَّى شكر يومه، ومَن قال ذلك حين يمسى فقد أدى شكر ليلته"، فمثل هذا الإنسان الذي يفرح بالنعمة لنفسه ولإخوانه المسلمين على حد سواء قلبه مشرق هادئ مطمئن، وما نفع الحسد إلا كالنار، تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله.
يقول الإمام ابن حزم متعجِّبا: رأيتُ أكثر الناس -إلا من عصم الله وقليل ما هم- يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا، ويحتقبون -عني يدخرون- عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلاً، من نيات خبيثة يطوون عليها، من تمنٍّ للغلاء المهلك للناس وللصغار ومَن لا ذنب له، وتمني أشد البلاء لمن يكرهون، وقد علموا يقيناً أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً -يعني أن قدر الله -عز وجل- هو الذي سيمضي- مما يتمنونه، أو يوجب كونه، وأنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها لتعجلوا الراحة لأنفسهم، وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم، ولاقتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد من غير أن يؤخر ذلك شيئاً مما يريدونه أو يمنع كونه، فأي غبن أعظم من هذا الحال التي نبهنا عليها؟ وأي سعد أعظم من الحال التي دعونا إليها؟ اهـ. هذا هو الحسد.
أما سوء الظن بلا سبب فهو مرض، وبلا قرينة ولا دليل ولا سمعة سيئة، يسوء الظن بصاحبه أو جاره أو زميله؛ يتساءل أحد الفضلاء: تأخر غني من أعرفه، فجأة لا كلام ولا سلام ولا سؤال هجرا غريباً وجفاء فترة من الزمن، فلما طال الوقت ذهبت بنفسي إليه وقلت ما الخبر فقال: لا شيء، قلت لا يمكن، ليس هذا من طبعك ما الخبر؟ قال جاءتني أخبار من شخص ما أنك تتكلم عني بسوء، فقلت: سبحان الله! ولماذا لم تتصل بأخيك وتستفسر منه؟ لماذا لم تتحقق؟ لماذا سكتَّ واعتزلت وهجرت؟!.
يقول: يا فلان، أنت تعرفي وتعرف أخلاقي وخصالي، هل يغلب على ظنك أن يبدر مني مثل هذا؟ أهكذا تسيء الظن بمجرد نقل نمام مفسد؟ وهل يصدق نمام حقود؟ يقول: ففرح ذلك الصاحب، واستبشر، وانقلب همه وغمه سعادة وارتياحا.
والآن، أما كان الأحرى به حتى يحس بالراحة والسعادة أن يطهِّر قلبه من سوء الظن والريبة ممن لا يساء به الظن، أما كان الأحرى به أن يسأل صاحبه حتى يطمئن قلبه.
وبعضهم حساس إلى أبعد حد، فإذا تكلم معه من لا يساء به الظن بكلام ما سؤال، تعليق، شيء، شك في مقصوده، وأخرج الكلام عن ظاهره، وشرق وغرب، وحمل كلامه ما لا يحتمل، يقصد كذا أو يقصد كذا، فصاحب القلب الصافي لا يحدث الشكوك والظنون السيئة في قلبه على كل من كلمة دون قرينة ولا دليل.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس لأحد أن يحمل كلام احد من الناس إلا على ما عرف أنه أراده، لا على ما يحتمله ذلك اللفظ في كلام كل أحد.
وقال بعض السلف: ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محمَل.
الحاصل أن طهارة القلب وتصفيته من هذه الآفات من أهم أسباب السعادة، يارسول الله، من خير الناس؟ قال: "ذو القلب المخموم، واللسان الصادق"، قد عرفنا اللسان الصادق، ما المقلب المخموم، قال: "التقي النقي، الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد".
من وسائل الارتقاء بسعادة الإيمان طيبُ الإيمان بالقضاء والقدر، ولن تطيبَ نفس المسلم بقضاء الله وقدره إلا بثلاثة أمور: أن يستشعر حتمية القدر، ويُحسن الظن بربه، ويستيقن بعاقبة الصبر الجميل.
أما عن استشعار المؤمن بحتمية القضاء والقدر فهو أن يحس بقوة يحس بأن ما يكتب على الإنسان وهو بطن أمه هو ما سيجري عليه حتما لا مَفَرّ، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن لصيبك.
وأنه -وهو المهم- صادر عن حكمة بالغة، وعدل، ورحمة، وهو ما يقود إلى الأمر الثاني: أن يحسن الظن بربه، أسأل الله أن يسعد قلوبنا ويثبتنا على هداه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى من سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن إحسان الظن بالله عبادة من أجَلِّ العبادات، لكن لابد من حسن عمل حتى يتحقق حسن الظن بالله، وما عدا ذلك يبقى حسن الظن وهمً.
قال الخطابي -رحمه الله-: إنما يحسن الظن بالله مَن حسن عمله، فكأنه قالَ أحسِنُوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله، فمن ساء عمله ساء ظنه.
فإحسان الظن بالله يريح القلب ويشرح الصدر بالقضاء والقدر، ولقد وعد الله المحسنين الصالحين بأجر الدنيا والآخرة، فما على المحسن مِن قلق؛ فإن الله موفٍ عهده.
ولقد صَحَّ في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: "أنا عند ظن عبدي بي، إنْ ظن بي خيرا فله، وإن ظن شرا فله".
أما ثالث ما يطيب به إيمانه بالقضاء والقدر أن يستيقن بعاقبة الصبر الجميل، (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر:10]، والناس في هذا الأمر يتفاوتون، فمنهم مَن إذا واجه الضراء وُفِّقَ فاطمأنَّ لقضاء الله تعالى فصبر فاحتسب، ومنه مَن يسخط ويجزع، وهو على كل حال محل ابتلاء.
فالإنسان قد يستعين بالله على جلب مصلحة ما، أو دفع مفسدة ما فيما يبدو له فيأتي خلاف إرادته، فإن كان حافظا لله في أمره ونهيه، وسره وجهره، فسيحفظه الله تعالى، وسيقدر له ما هو أخير له مما كان يريد قطعا بلا شك، إما عاجلا في الدنيا أو آجلا في الآخرة.
وهذا هو واضح جدا في دعاء الاستخارة الذي يمثل قمة الثقة بالله وقضائه في دعاء الاستخارة وحسن الظن بالله -عز وجل- يمثله ذلك الدعاء، ففيه: "فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وانت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم ان هذا الأمر -يسميه بعينه الذي يريد- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، وخير لي في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي، ويَسِّرْهُ لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلمه شرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وآجله فاصرفني عنه، واصرفه عني، واقضِ لِيَ الخير حيث كان -حيث كان لأنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، حيث كان- ثم رضِّني به"، قمة الرضا بقضاء الله -عز وجل-.
فمهما وقع هذا أو ذاك، ما دام قد فوض أمره لله -عز وجل-، فلم يؤثر هذا على حسن ظنه بربه، وقوة توكله عليه -جل وعلا-، فلن يؤثر مهما حصل هذا او ذاك.
إذاً؛ فبإيمانه بالقضاء والقدر سيظل سعيدا منشرحا صدره في السراء والضراء؛ لأن الله سيحفظه وسيقدِّر له ما هو في مصلحته إما عاجلا في الدنيا، أو آجلا في الآخرة.
فلنُكْثِرْ من ذكر الله تعالى، ولْنُطَهِّرْ قلوبنا من الحسد وسوء الظن، ولْنُحْسِن الإيمان بالقضاء والقدر، ففي ذلك سعادة لقلوبنا لا تعدلها سعادة.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأزِلَّ الشرك والمشركين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم