الزكاة ... فضلها وبعض أحكامها

علي عبد الرحمن الحذيفي

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات: الزكاة
عناصر الخطبة
1/الإسلام دين الإحسان 2/جناية المحاربة لله ولرسوله لا تطهرها الحد 3/في الزكاة إحسان للنفس وللخَلْق 4/الزكاة حق الفقراء في مال الأغنياء 5/بعض أحكام الزكاة وأنصبتها 6/استهداف الآمنين إفساد في الأرض وذنب عظيم

اقتباس

وزعزعة الأمن خيانة عظمى، ومسئولية الأمن مسئولية الجميع، ومَنْ سوَّلَتْ له نفسُه بالفساد في الأرض لقي جزاءه قَدَرًا وشَرْعًا، في الدنيا والآخرة، والحُرَّاس على الأمن الواجبُ الدعاءُ لهم، وإعانتُهم على الحراسة، لا أن يُستَهدَفوا، فمَنْ قَتَلَ مسلمًا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وبئس المصير...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، الحمد لله العزيز الوهَّاب، أسبَغ على الخَلْق نعمَه الظاهرةَ والباطنةَ، فالمؤمنون له شاكرون، والكافرون به جاحدون، يهَبُ ربنا -سبحانه وتعالى- فضلَه دائما وأبدًا، ولا يقوم بكمال حقه الطائعون، ولا يضره -بعدم الشكر- العاصون، هو الغني بذاته، وأسمائه وصفاته، المتعالي بعظمته ومجده وعزه وجلاله، والخَلْق إليه في كل طرفة عين مفتقرون إليه، لا شريكَ له، له الملك وله الحمد، القاهر فوق عباده، كلٌّ له قانتون، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، ومصطفاه من خَلْقه، اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، صلاةً وسلامًا دائمينِ إلى يوم يُبعثون.

 

أما بعد: فاتقوا الله ربكم؛ فمن تمسَّكَ بالتقوى فاز بالخيرات، وفاز بأعلى الدرجات، وَمَنْ جانَب التقوى أحاط به الشقاءُ والهوانُ، وانحط في الدركات.

 

أيها المسلمون: إن دينكم دين الإحسان، الإحسان إلى النفس، والإحسان إلى الخَلْق، فما من أمر فيه ولا نهي ولا تشريع إلا وهو إحسان إلى النفس، وإحسان إلى الخَلْق، وهذا يضمن للعباد سعادةَ الدنيا ونعيمَ الآخرة، قال الله -تعالى-: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[الْمَائِدَةِ: 6]، وقال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النُّورِ: 19]، وقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90].

 

وحتى الحدود والعقوبات التي تقع على الجاني فيها خير للجاني بكفه عن الجناية، وكفه عن مثلها، وزجر للآخرين عن اقتراف الجنايات والحدود، وتكفير لذنوب الجناة والعصاة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيمن أقيم عليه الحد في زمانه: "والذي نفسي بيده: إنه الآن لَفي أنهار الجنة ينغمس فيها"(رواه البخاري، ومسلم).

 

وهذا في الحدود التي تُطَهِّر الجنايةَ، وأما جناية المحارَبة لله ولرسوله والإفساد في الأرض فلا يُطَهِّرُ صاحبَها الحدُّ، فحد الحرابة لا يكفره الحدُّ في الدنيا، فمع الحد في الدنيا عذاب الآخرة، قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[الْمَائِدَةِ: 33]، وإقامة الحدود التي شرعها الله -تعالى- إحسان إلى المجتمع بكفِّ الظلمِ والعدوانِ والشرِّ عن المجتمع، وحفظ لأمنه واستقراره وحُرُماته، قال صلى الله عليه وسلم: "حدٌّ يُقام في الأرض خيرٌ لأهل الأرض من أن يُمْطَرُوا أربعينَ صباحًا"(رواه أحمد، والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-).

 

وأعظم إحسان إلى الخلق دفع العقوبات القدرية بالعمل بالأحكام الشرعية، فلا يدفع العقوباتِ النازلةَ العامةَ إلا العملُ بالأحكام الشرعية، قال الله -تعالى-: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)[الْأَنْعَامِ: 65]، وعن زينب بنت جحش -رضي الله عنها- قالت: "قام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من نومه فَزِعًا فقال: لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فُتِحَ اليومَ من ردم يأجوج مثل هذه، وعقَد تسعينَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أنهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كَثُرَ الخبثُ"(رواه البخاري، ومسلم)؛ أي: ثنَى السبابةَ إلى أصلها، أي فُتِحَ ثقبٌ من السد، والمراد إذا كثرت المُخَدِّرات والخمرُ والزنا وعَمَلُ قومِ لوطٍ، فانظر -أيها المسلم- عظيمَ رحمة الله بنا؛ أن شرع لنا ما فيه إحسان إلى أنفسنا وما فيه إحسان إلى الخلق، فربكم الغفور الودود الرحيم، العليم الحكيم الغني الكريم.

 

ومن أعظم ما شرعه الله -تعالى- هذه الزكاة التي يذكرنا بها هذا الشهرُ المباركُ الكريمُ، والموسمُ العظيمُ؛ ففيها من الإحسان إلى النفس، وفيها من الإحسان إلى الخلق ما يعلمه المسلم وما لا يحيط به إلا اللهُ الرحيمُ، فالزكاة قرينة الصلاة، قال الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا)[الْمُزَّمِّلِ: 20]، فالزكاة إحسان إلى فاعلها بحلول البركة في ماله، قال الله -تعالى-: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سَبَأٍ: 39]، والزكاة تحفظ المالَ من العاهات، عن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما تلف مال في بر وبحر إلا بحبس الزكاة"(رواه الطبراني في الأوسط)، وعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما خالطت الصدقةُ، أو قال الزكاةُ مالًا إلا أفسدته"(رواه الطبراني).

 

والزكاة يُحسن بها المسلمُ إلى نفسه، فيقي نفسَه من العذاب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقَّها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت صفائحَ من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيُكوى بها جبينُه وجنبُه وظهرُه كلما رُدَّت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد، فيرى سبيلَه إمَّا إلى الجنة وإمَّا إلى النار، قيل: يا رسولَ اللهِ، فالإبل؟ قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقَّها، ومن حقها حَلْبُها يومَ وِرْدِها، إلا يومَ القيامة بُطِحَ لها بقاع قرقر، أوفرَ ما كانت لا يفقد منها فصيلًا واحدًا تطؤه بأخفافها، وتَعَضُّه بأفواهها، كلَّما مرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أخراها في يوم كان مقدارُه خمسينَ ألف سنة، قيل: يا رسول الله، فالبقر والغنم؟ قال: ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقَّها إلا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئًا، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلَّما مرت عليه أُولاها رُدَّ عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة"(رواه البخاري، ومسلم واللفظ له، ورواه غيرهما).

 

وفاعل الزكاة يُحسن إلى نفسه بمضاعفة الأجور، قال الله -تعالى-: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)[الْأَنْعَامِ: 160]، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضِعْف، إلى أضعاف كثيرة، كما في حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-.

 

والحسنة لا يتبرَّع بها أحدٌ لأحد يوم القيامة، ولو كان قريبا، والزكاة إحسان إلى الفقراء، وهي حق لهم، فرضَه اللهُ على الأغنياء، والزكاة من التكافل والتراحم والتعاطف والتضامن بين المسلمين، ولا تطيب الحياةُ ولا تصلح إلا بالتراحم والتعاون والتكافل، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفقراء والمساكين والضعفاء، وبيَّن أن الله -تعالى- ينصر ويرزق بهم، قال صلى الله عليه وسلم: "هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم؟"(رواه البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-)، وقال عليه الصلاة والسلام: "ابْغُونِي في الضعفاء؛ فإنما تُنصرون وتُرزقون بضعفائكم"(رواه أبو داود بإسناد جيد، من حديث أبي الدرداء رضي الله -تعالى- عنه)؛ لأن الرب -جل وعلا- مع القلوب المنكسرة المتواضعة، والفقراء يُخَاصِمُونَ الأغنياءَ في حقهم المضيَّع، عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ويلٌ للأغنياء من الفقراء يومَ القيامة، يقولون: ربَّنا ظلمونا حقوقَنا التي فرضتَ لنا عليهم، فيقول الله -تعالى-: وعزتي وجلالي لأُدنِيَنَّكم ولأُبَاعِدَنَّهم"(رواه الطبراني في الصغير والأوسط).

 

والزكاة فرَضَها الله -سبحانه وتعالى- في الذهب والفضة إذا بلَغَا نصابًا، ففي نصاب كل منهما ربع العشر، ونصاب الذهب خمسة وثمانون جرامًا، أو ما بلغ قيمته من العملة الورقية، ونصاب الفضة ستة وخمسون ريالا عربيا من الفضة، أو ما بلغ قيمته من العملة الورقية، فيزكي هذا النصاب ويزكي ما زاد، وأما إذا كان المال عملة ورقية فالمنضبِط في ذلك أن يخرج من كل مائة ريالين ونصفًا، والحُلِيُّ المكنوز فيه الزكاة، والحُلِيُّ المستعمَل فيه الزكاة أيضا، إذا بلَغَا نصابًا على الصحيح من قول أهل العلم؛ لعموم الأدلة، ونصاب الغنم أربعون شاة وفيها شاة، وما زاد فتفصيلُه بسؤال العلماء، ونصاب البقر ثلاثون بقرة، وفيها تبيع أو تبيعة، ونصاب الإبل خمس، وفيها شاة، وما زاد عن النصاب يُسأل العلماءُ عن تفصيله، وعروض التجارة من كل شيء مما هو مُعَدٌّ للبيع والتكسُّب من الأراضي والسيارات وغير ذلك، فيه الزكاة؛ فتقوم عروض التجارة فما بلغت من القيمة يُخرج ربع عشر القيمة بعد نهاية السنة.

 

والزكاة تجب في الخارج أيضا من الأرض من الحبوب التي تُقتات، ومن التمور والزبيب إذا بلَغ نصابًا ففيه العُشْر، إذا سُقِيَ بلا كلفة، وإذا سُقِيَ بكلفة ففيه نصف العُشْر كما جاءت به السُّنَّة.

 

ونصاب الخارج من الأرض ثلاثمائة صاع بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومقداره كيلوان وأربعون جراما تقريبا، وما سوى الزكاة مما يُنفقه المسلم من الواجبات والمستحبَّات يؤجَر فيه المسلمُ، ويتسابق في أبواب خيراته المتسابقون، لاسيما في شهر رمضان المبارك، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تصدَّق أحدٌ بصدقة من طيب ولا يقبل اللهُ إلا الطَّيِّب، إلا أخذها الرحمنُ بيمينه وإن كانت تمرةً، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظمَ من الجبل، كما يربِّي أحدُكم فَلُوَّهُ"(رواه البخاري، ومسلم).

 

وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صنائع المعروف تقي مصارعَ السوء، وصدقةُ السرِّ تُطفئ غضبَ الرب، وصلةُ الرحمِ تزيد في العمر"(رواه الطبراني في الكبير).

 

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الصدقة تُطفئ غضبَ الربِّ وتدفع ميتةَ السوءِ"، وعن علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بادِرُوا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها".

 

فانظر -أيها المسلم- في كرم الله وجُوده وفضله، كيف أعطى الخيرَ الكثيرَ الجزيلَ، ورضي أن تؤدِّي وتُنفق القليلَ، وأثاب على ذلك الثوابَ العظيمَ.

 

ولو أن الأغنياء أخرجوا زكاةَ أموالهم ما بقي في المسلمين فقيرٌ، قال الله -تعالى-: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ)[إِبْرَاهِيمَ: 31].

 

بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والعزة التي لا تضام ولا ترام، أحمد ربي وأشكره على نعمه التي نعلم، والتي لا نعلم، فله المن والإنعام، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له الملك وله الحمد، الملك القدوُّس السلامُ، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى كل خير وسلام، اللهم صلِّ وسَلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الكرام.

 

أما بعد: فاتقوا الله ربكم بالتقرب إليه بالصالحات، ومجانبة السيئات، تفوزوا بكل خير في الحياة وبعد الممات.

 

أيها الناس: إن الله حذركم من عدوكم الشيطان الذي يصد عن كل خير، ويدعو إلى كل شر؛ ليكثر أتباعه، ويضل أشياعه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)[فَاطِرٍ: 5-6]، وإن الحادث الأليم الذي استهدف مقرَّ بعض رجال الأمن في الأحد الماضي حادث أثيم، وإفساد في الأرض وإجرام عظيم، وخروج على جماعة المسلمين وإمامهم، وإقدام على قتل نفوس محرمة معصومة، واعتداء على أمن البلاد واستقرارها، ونشر للرعب والتطرف والإرهاب، ولقد كنا نأمل أن يعتبر هؤلاء الذين زيَّن لهم الشيطانُ أعمالَهم، كنا نأمل أن يعتبروا بالأحداث التي خلت، فيرجعوا إلى الصواب ويكفوا عن التطرف والإرهاب، ولكن بان منهم الإصرارُ، ومن حارب الله ورسوله، وسعى في الأرض بالفساد فلن يضر إلا نفسَه، قال الله -تعالى-: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)[فَاطِرٍ: 43].

 

وزعزعة الأمن خيانة عظمى، ومسئولية الأمن مسئولية الجميع، ومن سولت له نفسه بالفساد في الأرض لقي جزاءه قدرا وشرعا، في الدنيا والآخرة، والحراس على الأمن الواجب الدعاء لهم، وإعانتهم على الحراسة، لا أن يستهدفوا، فمن قتل مسلما فجزاؤه جهنم خالدا فيها وبئس المصير، قال الله -تعالى- يمتنُّ علينا: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 67]، وعلى هؤلاء أن يتفكروا في عواقب الإرهاب، هل يريدون فوضى تتعطل معها الجُمَعُ والجماعاتُ؟ أو يريدون فوضى تُسفك فيها الدماءُ وتُستحل الحرماتُ؟ أو يريدون فوضى تُنتهب فيها الأموالُ وتدمَّر الممتلكاتُ؟ أو يريد مَنْ أقدم على ذلك قتلَ نفسه؟ فقد توعَّد اللهُ قاتلَ نفسه بقوله: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)[النِّسَاءِ: 29-30]، ولن ينفع قاتلَ نفسِه فتوى مَنْ أفتاه بذلك، أعاذنا اللهُ من مضلات الفتن، وأعاذنا من النار، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ومن قتل نفسه بحديدة فحديدتُه في يده يتوجَّأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا"(رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة).

 

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].

 

وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"، فصَلُّوا وسَلِّمُوا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنكَ حميد مجيد، اللهم بارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنكَ حميد مجيد، وسَلِّمْ تسليمًا كثيرًا.

 

اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنا معهم، اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنا معهم بمنِّكَ وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين يا رب العالمين.

 

اللهم أعذنا من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم ثبتنا على هدي نبيك المستقيم، -صلى الله عليه وسلم-، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، اللهم نفس كرب المكروبين من المسلمين، اللهم اقضِ الدَّيْنَ عن المدينين من المسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، اللهم أعذنا وأعذ ذرياتنا من إبليس وذريته وشياطينه يا رب العالمين، وشياطين الإنس والجن، يا ذا الجلال والإكرام، إنك على كل شيء قدير، اللهم أعذ المسلمين وذرياتهم من الشيطان الرجيم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ذنوبنا، اللهم اغفر لنا ما قدَّمْنا وما أخَّرْنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

 

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم اكفِ المسلمين شرَّ الأشرار، اللهم اكفِ المسلمينَ شرَّ الأشرار، اللهم اكفِ المسلمينَ شرَّ الأشرار، يا رب العالمين.

 

اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان الظالمين يا رب العالمين، وخيانة الخائنين إنكَ على كل شيء قدير، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك يا ربنا.

 

اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك وأعنه على كل خير يا رب العالمين، اللهم وارزقه الصحة إنك على كل شيء قدير، اللهم وفِّق ولي عهده لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، وأعنه على كل خير إنك على كل شيء قدير، اللهم وانصر بهما دينك إنك أنت الله لا إله رب العالمين، اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال والإكرام فواتح الخير وخواتمه وظواهره وبواطنه وأوله وآخره، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، اللهم أصلح لنا شأننا كله يا ذا الجلال والإكرام، وأغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

 

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات

الزكاة ... فضلها وبعض أحكامها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات