عناصر الخطبة
1/تشريع الزكاة من محاسن دين الإسلام 2/وجوب أداء الزكاة والتفقه في أحكامها 3/أهم ثلاثةَ عشرَ سؤالاً عن الزكاة وجوابُها مختصرًا 4/أهمية تزكية النفوس وبعض الوسائل المعينة عليها.اقتباس
بقيَتْ زكاةٌ مهمةٌ جدًّا نحن عنها غافلون، زكاةٌ عامةٌ للغنيِّ والفقيرِ! أتدْرون ما هي؟! إنها زكاةُ نفوسِنا لننالَ فلاحَنا، فلنتفقَّد قلوبَنا وقد قطعنا ثلثَ رمضانَ، والثلثُ كثيٌر، ولنُصلِح فسادَ قلوبِنا لتتزكى، فالقلبُ هو الملِكُ، ولتُكثرْ من الدعاءِ..
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، وسيئاتِ أعمالِنا. من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له ومن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلى اللهُ وسلم عليه وعلى آلهِ وصحبِه ومَن سارَ على نهجِه واقتفَى، (وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)[طه:132].
أما بعد: فلنفرَحْ ولنفخَرْ بدينِنا العظيمِ، الذي أظهره اللهُ على الدينِ كلِّه، ولو كره المشركون. إنه دينُنا؛ يدعو للترابُطِ والتكافُلِ، فالصلاةُ اجتماعٌ، والزكاةُ تكافلٌ، والصومُ تواصلٌ، والحجُ تكاتفٌ: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى)[النجم:55].
أما دولُ الكفرِ فعندهم التفككُ، وتقطُّعُ الصِلات، وشحُ الأنفس، فلا علاقاتِ إلا بمصالحَ، ولا يَغُرَّنَّك بَهرجُ الحضارة، فإن الخُواءَ كامِنٌ في الداخل؛ فالحمدُ لله على نعمةِ الإسلام.
ومِن مَحاسن دينِنا هذه الزكاةُ التي هي حقٌ للفقير، ليس لأحدٍ فيها مِنة؛ فالمِنة لله وحده.
فأدُّوها يا أصحابَ الجِدَةِ قبل أن يأتيَ يومٌ يُحمىَ عليها في نارِ جهنم، فتُكوَى بها الجِباهُ والجُنوبُ والظُهورُ، وقبل أن يُمثَّل لصاحبِ المالِ مالُه شجاعًا أقرعَ، فيأخذُ بشِدْقَيه، ويقول: "أنا مالُك، أنا كنزُك".
أيها المسلمون: التفقُّه بأحكامِ الزكاةِ مهمٌ، فإليكم ثلاثةَ عشرَ سؤالاً وجوابُها مختصرًا:
- هل يجوزُ أن أعطيَ زكاتي لأخي المديونِ العاجزِ، أو بِنتي المتزوجةِ المحتاجةِ؟
الجواب: يجوزُ، بل هو الأفضلُ؛ لأن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الزكاةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ(سنن الترمذي 658، وقال حديث حسن. وانظر مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين، ص161).
- شخصٌ له أولادٌ، وراتبُه قليلٌ، فهل أعطيه من زكاتي؟
الجواب: إن كان آخرَ الشهر يَستدينُ فأعطِه.
- لي دينٌ على فقير، فهل يجوز أن أُسْقِطه، وأنويهِ زكاة؟
الجواب: لا يجوزُ؛ لأن الزكاةَ أخذٌ وإعطاءٌ، كما قال الله -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)[التوبة:103].
- سلَّفتُ رجلاً مالاً، وله عشرُ سنواتٍ لم يُسددني، فهل أزكي عن المال؟
الجواب: لا تزكِّها إلا عن سنةٍ واحدةٍ فقط، إذا قبضتَها.(الضياء اللامع من الخطب الجوامع1/351)
- رجل لا يُحسنُ التصرفَ في ماله، فهل أشتريْ له احتياجاتِه على دُفعات؟!
الجواب: لا يجوزُ التصرفُ فيها إلا بتوكيلٍ من الفقير، أو تقول: اشترِ وأنا أسددُ عنك" (لقاءات الباب المفتوح 7/219، وثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين د. أحمد القاضي ص61).
- رواتبُنا الشهرية كيف نحسِب زكاتَها؟
يُقال: إن كان يَبقى منها كلُّ شهر فحدِّد شهرًا وأخرجْ زكاتَه، واحسِب راتبَ الشهرِ الماضي، وتكون زكاةً معجَّلة(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 18/ 118).
- اشتريتُ أرضًا؛ لتحفظَ دراهمي فقط، ولو احتجتُ بعتُها.
الجواب: ليس فيها زكاة(اللقاء الشهري (71/4) و(54/ 17).
- هل أجزّئ زكاتي إلى مائةٍ ومائتين؟
لا، بل أعطِها كثيرةً؛ لكفايةِ المستحقِ مع عائلتِه سنةً كاملة.
- تقول المرأةُ: عندي ذهبٌ لا ألبسُه، فهل فيه زكاة؟
والجوابُ أن الصحيحَ من أقوالِ العلماءِ أن حُليَ النساءِ كلَّه لا زكاةَ فيه.
- كيف أحسِب زكاةَ مالي؟
الجواب: اقسِم المبلغَ على 40 والناتجُ هو زكاتُك.
- كم المبلغُ الذي تجبُ عليَّ فيه الزكاة؟
مَن عنده ألفٌ وخمسةٌ وستون ريالاً فعليه الزكاة.
- طفلي الصغيرُ عنده ألف وخمسمائة ريال، فهل يُزكي؟
نعم يجبُ زكاتُها، وكذلك مَن عنده مجنونٌ فكذلك.
- مشاريعُ التفطير هل يصحُّ أن أدفعَ زكاتي لها؟
الجواب: لا يصح؛ لأنها تُدفعُ مالاً، وقد يَنتفع منها غيرُ المستحق.
الخطبة الثانية:
بقيَتْ زكاةٌ مهمةٌ جدًّا نحن عنها غافلون، زكاةٌ عامةٌ للغنيِّ والفقيرِ! أتدْرون ما هي؟!
إنها زكاةُ نفوسِنا لننالَ فلاحَنا، فربُّنا قال في آيةٍ نسمعُها كلَّ تراويح: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى)[الأعلى:14].
وموسى –عليه السلام- يقول لفرعون: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى)[النازعات:18]. وثمرةُ التزكي: (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى)[طه:76].
فلنتفقَّد قلوبَنا وقد قطعنا ثلثَ رمضانَ، والثلثُ كثيٌر، ولنُصلِح فسادَ قلوبِنا لتتزكى، فالقلبُ هو الملِكُ، ولتُكثرْ من الدعاءِ قائلاً: اللهم أصلِح فسادَ قلبي. ومن قول: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)[آل عمران:8].
والدعاءُ في رمضانَ خاصةً نحن عنه غافلون، مقتصِرين على دعاءِ الإمامِ في القنوتِ فحسْب.
فيا أيّها الصائمُ لربِّك: أتدعو قُبيلَ الإفطارِ بدقائقَ، أم أنت مشغولٌ: كم بقي على الأذان؟
أتدعو وتستغفرُ قبل سحورك، أم منهمك بجوالِك ورسائلِك؟
أتدعو بين الأذانِ والإقامةِ في المسجدِ؟ وهذه يَكادُ الناسُ يَهجرونها. فهل تعلم أن دعاءَك بين الأذانِ والإقامةِ أفضلُ من قراءتِك للقرآن؟
اللهم هب لنا غنىً لا يطغينا، وصحةً لا تلهينا، وأغننا اللهم عمّن أغنيته عنا.
اللهم أعذنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، واعصمنا بالكتاب والسنة، واجعلنا من أنصار دينِك.
اللهم حقِّق إيمانَنا، وثبِّت على الصراط أقدامَنا، واجعل خيرَ أعمالنا آخرَها، وخيرَ أيامنا يوم لقاك.
اللهم إن الصلاةَ والصومَ والذكرَ لك وحدَك. وكلُّنا وما ملكْنا ملكُك لا شريكَ لك.
اللهم تقبلْ بفضلِك صومَنا بل ونومَنا، وصلواتِنا وصدقاتِنا وسائرَ ما قدمنا لأنفسنا من خير. فأنت –سبحانك– الذي أعنتنا عليها، ثم تجزينا عليها الجزاءَ الأوفى فضلاً منك ورحمة.
اللهم وفي هذه الأيام المباركةِ ارزق الأمةَ الإسلاميةَ عزةً وكرامةً، ونصرًا وتمكينًا.
اللهم واكفنا كيدَ مَن كادَ بنا. واحفظ أمنَنا وإيمانَنا وأعراضَنا وحرماتِنا ومجاهدينا ومرابطينا، وشبابَنا وبناتِنا وثوابتَنا، ودينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، ودنيانا وأُخرانا.
اللهم وفِّق إمامَنا خادمَ الحرمين الشريفين، ووليَ عهده لما فيه عزُّ الإسلام وصلاح المسلمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم