الرفق

إسماعيل القاسم

2021-06-25 - 1442/11/15 2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/حسن معاملة الآخرين 2/فضائل الرفق 3/أهمية الرفق وثمراته 4/أنواع الرفق ومجالاته.

اقتباس

1/حسن معاملة الآخرين 2/فضائل الرفق 3/أهمية الرفق وثمراته 4/أنواع الرفق ومجالاته.

الخطبة الأولى:

 

أَمَر الإسلام بحسن المعاملة مع الآخرين، وحثَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الرفق، وغرس ذلك في قلوب دعاة دينه، فقال لعليٍّ وأبي موسى -رضي الله عنهما-: "يَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبَشِّرا ولا تُنَفِّرا"(متفق عليه).

 

ووضع أساسًا للنجاح بعد توفيق الله، فقال: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزِعَ من شيء إلا شانه"(رواه مسلم)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَن يُحْرم الرِّفقَ يُحْرَم الخير"(رواه مسلم).

 

قال الشيخ السَّعْديُّ -رحمه الله-: "من أسماء الله الرفيق في أفعاله وشرعه، ومن تأمل ما احتوى عليه شرعُه من الرفق، وشَرْعَ الأحكامِ شيئًا بعد شيء، وجريانَها على وجه السداد واليسر، ومناسبةَ العباد وما في خَلْقه من الحكمة، إذ خَلَق الخَلْق أطوارًا، ونقلهم من حالة إلى أخرى بِحِكَمٍ وأسرارٍ لا تحيط بها العقول، وهو -تعالى- يحب من عباده الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، والرفق من العبد لا ينافي الحزم، فيكون رفيقا في أموره متأنيًا".

 

والرفق هو مبدأ دعوةِ الرسل -عليهم السلام-، قال الله عن موسى وهارون -عليهما السلام-: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)[طه: 43-44]، ومن تأمل حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في أيامه ولياليه وجد الرفقَ شعارَه، بل إن الله -عز وجل- قال: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)[آل عِمرَان: 159].

 

 وذكر مالكُ بنُ الحويرث -رضي الله عنه- خُلقَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيمًا رفيقًا، فلما رأى شوقنا إلى أهلنا قال: "ارجعوا فكونوا فيهم، وعَلِّموهم وصلُّوا، فإذا حضرت الصلاة، فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم"(رواه البخاري).

 

وكان يُعلِّم زوجاتِه -رضي الله عنهن- الرفق، فقال لعائشة -رضي الله عنها-: "ارفقي، فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيرًا دلهم على باب الرفق"(رواه أحمد)، وفي رواية له: "إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق".

 

وعندما أُخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقول عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص -رضي الله عنهما-: "لأقومن الليل، ولأصومن النهار ما عشت، قال: أنت الذي تقول ذلك؟ فقلت له: قد قلته يا رسول الله، فقال: "فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وَنَم وقم، وصم الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثلُ صيام الدهر"(متفق عليه).

 

وقصةُ بول الأعرابي في المسجد دليلٌ أن الرفقَ أساسُ قبولِ الأمر، فحين ثار الناس إليه ليقعوا به قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعوه، وأهريقوا على بوله ذَنوبًا من ماء، أو سَجْلاً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين"(رواه البخاري).

 

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- رفيقًا بالناس حتى بالمشركين، فحينما عاد من ثقيفٍ إلى مكة - وهو مهموم، لم يناصروه، ولم يكتموا أمره، بل أوصوا الصبيان والمجانين أن يؤذوه؛ فأتاه جبريل -عليه السلام- ومَلَكُ الجبال، فسلَّم عليه وقال: "إن شئتَ أن أطبق عليه الأخشبين" -وهما جبلان عظيمان يحيطان بمكة- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله"(متفق عليه).

 

فخرج من أصلابهم من فتحوا البلاد، ونفعوا العباد، ونشروا الإسلام في أنحاء المعمورة.

 

وفقنا الله لسلوك هدي رسوله.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

كما أن الرفق يكون مع الناس، فإنه يكون مع النفس أيضًا، رأى النبي رجلاً قد ُظلّل عليه، فقال ما له؟ قال: رجل صائم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليس من البر أن تصوموا في السفر"(متفق عليه).

 

ورأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يهادى بين ابنيه قال: "ما بال هذا؟"، قالوا: نذر أن يمشي، قال: "إن الله عن تعذيب هذا نفسَه لغني، وأمره أن يركب"(متفق عليه).

 

ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على عائشةَ -رضي الله عنها- وعندها امرأة، فقال: "مَنْ هذه؟ قالت فلانة تَذْكر من صلاتها قال: "مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يَمَلُّ الله حتى تملّوا، وكان أحب الدِّين إليه ما داوم عليه صاحبه"(متفق عليه).

 

وإذا كان المسلم يستطيع أداء العبادة على وجهها الشرعي دون مشقة عليه، فهذا باب خير خصَّه الله به، فليحرص عليه، وليداوم على فعله.

 

والرفق باب واسع، يشمل الأبَ والمعلمَ والتاجرَ والمسؤول، وكلٌّ على قَدْر عمله.

 

رزقنا الله الرفق في القول والعمل.

 

وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المرفقات

الرفق.pdf

الرفق.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات