الذب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. بسبب كتابات حمزة كاشغري

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ المؤمن الحق يوقر الله ورسوله 2 / صاحب المنزلة العظيمة في الدين 3/ كلمات سخيفة وسب صريح 4/ محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم 5/ حكم سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم 6/ حكم توبة من سبّ النبي صلى الله عليه وسلم 7/ واجب كل مسلم تجاه هذه الحادثة

اقتباس

إن المؤمن الحق صاحب العقيدة الصحيحة يعلم منزلة الدين، فيعطي في الإسلام كل ذي حق حقه، فالله جل جلاله لا يوصف إلا بالصفات العلا، ولا يُنادَى إلا بأسمائه الحسنى، عجزت العقول عن إدراك كنهه، وخرست الألسن أن تأتي على كمال ثنائه، سبحانه من إله لطيف خبير. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم له المنزلة العظيمة في الدين، فهو خير الأنبياء والرسل على الإطلاق، بل هو سيد ولد آدم أجمعين ..

 

 

 

 

إن الحمد لله نحمد ونستعينه....

أما بعد: فيا أيها المؤمنون: اتقوا الله واقدروه حق قدره، وعظّموا شعائره، واعرفوا منزلة دينكم، فهو خير دين مر على البرية.

عباد الله: إن المؤمن الحق صاحب العقيدة الصحيحة يعلم منزلة الدين، فيعطي في الإسلام كل ذي حق حقه، فالله جل جلاله لا يوصف إلا بالصفات العلا، ولا يُنادَى إلا بأسمائه الحسنى، عجزت العقول عن إدراك كنهه، وخرست الألسن أن تأتي على كمال ثنائه، سبحانه من إله لطيف خبير.

والنبي صلى الله عليه وآله وسلم له المنزلة العظيمة في الدين، فهو خير الأنبياء والرسل على الإطلاق، بل هو سيد ولد آدم أجمعين.

تالله ما حملت أنثى ولا وضعت *** مثل النبي رسول الأمة الهادي

ولله در القائل:

ألم تر أن الله خلَّد ذكره *** إذ قال في الخمس المؤذن: أشهد
وشقّ له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد

معاشر المسلمين: لقد سمعتم جميعًا بما يدور في الساحة والبعض قرأ ذلك في الصحف من النَّيْل من الذات الإلهية، تعالى الله عن قولهم، ونبي الأمة عليه أفضل الصلاة والتسليم، من قبل بعض الضُّلال الذين عبث الشيطان في عقولهم وأوردهم مورد الإلحاد.

إن تلك الكلمات السخيفات التي أطلقها الكاتب وغيره من الضلال لا تضر الله ورسوله شيئًا، وإنما تضر صاحبها، ولكن المؤمن الصادق يعتصر قلبه غيرةً على دين الله أن تمس الذات الإلهية أو جناب سيد المرسلين بشيء فيه تنقص فضلاً عن السب الصريح، وهذه الغيرة لا تجمح بصاحبها عن الصراط المستقيم، ولكنها تطالب بإقامة شرع الله على المجرم في حق نفسه ليرتد غيره وليقف جانب الإلحاد والضلال، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

ألا نعلم أن محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الواجبات التي يجب أن تقدمها على النفس والولد والوالد والناس أجمعين، كما أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

أيها المؤمنون: هل تعلمون حكم سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ لقد أجمع العلماء على أن من سبَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المسلمين فهو كافرٌ مرتد يجب قتله.

وهذا الإجماع قد حكاه غير واحد من أهل العلم كما نقل ذلك ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول عن الإمام إسحاق بن راهويه وابن المنذر والقاضي عياض والخطابي وغيرهم. وقد دل على هذا الحكم الكتاب والسنة:

أما الكتاب؛ فقول الله تعالى: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [التوبة: 64 - 66].

فهذه الآية نص في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفرٌ، فالسبّ بطريق الأوْلى، وقد دلت الآية أيضاً على أن من تنقص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد كفر، جاداً أو هازلاً.

وأما السنة؛ فروى أبو داود في سننه من حديث عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا.

قال شيخ الإسلام: "وهذا الحديث جيد، وله شاهد من حديث ابن عباس" اهـ.

وحديث ابن عباس هو: ما رواه أبو داود في سننه من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلاً فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ. فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ".

وروى النسائي في سننه من حديث أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: "أَغْلَظَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقُلْتُ: أَقْتُلُهُ؟ فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

فعُلِم من هذا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان له أن يقتل من سبه ومن أغلظ له، وهو بعمومه يشمل المسلم والكافر. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً).

اللهم ارفع راية القرآن والسنة في كل مكان يا رب العالمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين...

أما بعد: فيا أيها المؤمنون: اتقوا الله وعظّموا دينكم، واعرفوا حق نبيكم، وكونوا أنصار الله لعلكم تفلحون.

معاشر المسلمين: هل لمن سب الله تعالى أو سب رسوله توبة؟

لا شك أن الله يغفر الذنوب جميعًا، وقد فعل الكفار من أنواع الأذية ما لا يُحصى، ومع هذا قال الله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ).

ولكن هذا فيما بين العبد وربه، أما إذا كانت الجريمة تتعلق بآخرين، فالأمر يختلف بالنسبة لرد الحق لأهله، فيجب رد الحقوق لأهلها وهو من تمام التوبة.

فقد نص مالك وأحمد إلى أنها لا تقبل، فيقتل ولو تاب؛ لأنه حق للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقتص منه يوم القيامة.

وما ذاك إلا ليعرف مقام النبوة، ويرتدع الآثمون عن تفوههم بالإفك المبين، ولتخرس الألسن عن الجرأة والتفوه بما يخرج من الدين.

هذا مع أن الله أجرى العادة أن من نال من النبي صلى الله عليه وسلم انتقم الله منه في حياته وجعله عبرة لغيره أخرج البخاري ومسلم من حديثْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: «مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ»، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ.

أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس في قوله: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) قال: المستهزئون، الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن غيطل السهمي والعاص بن وائل، فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: «أرني إياهم، فأراه كل واحد منهم، وجبريل يشير إلى كل واحد منهم في موضع من جسده ويقول: كَفَيْتُكَهُ»، فما بقي منهم أحد إلا أصيب بعلة في موضع إشارة جبريل.

وقال ابن سعدي رحمه الله: " وقد فعل تعالى، فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة".اهـ.

ما الواجب على المسلم عند حدوث مثل هذا؟

أولاً: لا بد أن يكون له حسّ شرعي وغيرة دينية، فيغضب ويبرأ من هذا الصنيع.

ثانيًا: الدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كلٌّ على قدر طاقته، بدءًا برأس الهرم وهو الملك وقد فعل أيّده الله؛ حيث أمر بإحالته للقضاء الشرعي لينفذ فيه حكم الله، وانتهاء بأفراد الناس، كلٌّ على حسب طاقته.

ثالثًا: أن تتصدى المؤسسات العلمية للدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ممثلة في علمائها وكُتابها ومثقفيها.

رابعًا: إنشاء لجان للمطالبة بحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحق الدين الإسلامي العام.

خامسًا: يجب ردع كل من مشى على شاكلته، فالمجاهرة بذلك علنًا تنبئ بضعف الدين وأهله، ونجوم تيار الإلحاد في البلاد.

معاشر الأحبة: لقد قام كثير من المسلمين بجهود جبارة في ذلك عرفها من عرفها وجهلها من جهلها وهي في ميزان حسناتهم، ولكن ما موقفنا؟! فحذاري حذاري أن نكون من المتفرجين، فالكل يسعى؛ التاجر بماله، والعالم بعلمه، والكاتب بقلمه، وصاحب الجاه بجاهه، وهكذا.كل ذلك دفاعًا عن الدين وذودًا عن حياضه.

اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك، اللهم صل على نبينا محمد ما تعاقب الملوان الليل والنهار، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيًّا عن أمته، اللهم...

 

 

 

 

 

المرفقات

عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. بسبب كتابات حمزة كاشغري

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات