الخطبة الأخيرة من رمضان

أحمد بن عبدالله بن أحمد الحزيمي

2022-04-29 - 1443/09/28 2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
الخطبة الأخيرة من رمضان

اقتباس

أَيُّهَا الصَّائِمُونَ لَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ لَكُمْ فِي خِتَامِ شَهْرِكُمْ أَعْمَالًا صَالِحَةً وعبادات جليلة، تتوج أعمال العابدين، ويزداد بها الإيمان، وتتمم بها العبادات وتَجْبُرُونَ بِهَا نَقْصَ صِيَامِكُمْ وَمِنْ ذَلِكَ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ..

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ أَتَمَّ عَلَيْنَا صِيَامَنَا وَبَلَّغَنَا خِتَامَ شَهْرِنَا وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَتْقَى الْبَرِيَّةِ وَأَزْكَاهَا صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين أما بعد.

 

فاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وأَطِيعُوهُ، وأَحْسِنُوا خِتَامَ شَهْرِكُمْ بَخيرِ عَمَلِكُم، وأَلْزِمُوا أنْفُسَكُم بعَهْدِكُمْ، والاسْتِمرَارِ علَى طَاعةِ رَبِّكُمْ، وأَكْثِروا مِنَ الاسْتِغْفَارِ؛ فإنَّهُ مُرَقِّعٌ لما تخرَّقَ مِن صِيَامِكُمْ، والْهَجُوا للهِ تعَالى بالحمدِ والشُّكرِ علَى رحمتِهِ بكُم، وفضْلِهِ عليْكُمْ؛ فَلَقَدْ أدْرَكْتُمْ رَمَضَانَ صِحَاحًا مُعَافِينَ مُسَلَّمِينَ، فَصُمْتُمْ وقُمْتُمْ وقَرَأْتُمْ وتَصَدَّقْتُمْ، وفَعَلْتُمْ مِنَ الْخَيْرِ مَا دُوِّن في صَحَائِفِكُمْ، وأَتَيْتُمْ مِنَ الْبِرِّ مَا لَمْ يُوَفَّقْ لَه غَيْرُكُمْ؛ وذَلِكَ مَحْضُ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْكُمْ: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).

 

فهَذِهِ آخرُ جُمعَةٍ مِن رَمضَانَ، وهكَذَا تمضِي الأَعْمَارُ، هكَذَا هِيَ الدُّنيَا، وإِنَّمَا العبدُ جُملةٌ مِن أَيَّامٍ؛ كلَّمَا ذهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعضُهُ.

 

 أَيُّهَا الصَّائِمُونَ لَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ لَكُمْ فِي خِتَامِ شَهْرِكُمْ أَعْمَالًا صَالِحَةً وعبادات جليلة، تتوج أعمال العابدين، ويزداد بها الإيمان، وتتمم بها العبادات وتَجْبُرُونَ بِهَا نَقْصَ صِيَامِكُمْ وَمِنْ ذَلِكَ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ.

 

وَالْحِكْمَةُ مِنْها التَّعَبُّدُ للهِ, وَالاتِّبَاعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وَطُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ, وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَدٌّ لِجَوْعَتِهِمْ ولتعم فرحة العيد جميع المسلمين أغنياء وفقراء.

 

ولهذَا قالَ بعضُ الْمُتَقَدِّمِينَ: "إنَّ صَدقةَ الفِطْرِ للصَّائِمِ كسجدَتَيِ السَّهْوِ للصَّلاَةِ".

 

وتَجِبُ هذِه الزَّكاةُ على كلِّ مسلمٍ فَضُلَ لَه يومَ العيدِ وليلَتَهُ-عَن قُوتِهِ وقوتِ عِيَالهِ وحَوائِجِهِ الأصْلِيَّةِ- شَيئًا مِن طَعامٍ، لا فَرقَ بينَ ذكرٍ وأنُثْى ولا بينَ صَغيرٍ وكبيرٍ، بَل لا فَرقَ بينَ غَنِيٍّ وفَقَيرٍ، ولا بينَ صَائمٍ وغيرِ صَائمٍ.

 

ويجبُ إخراجُهَا عَمَّن تَلزَمُهُ مَؤُونَتُه مِن زَوجةٍ أو قريبٍ إذا لَم يَستطِيعُوا إخْراجَهَا عَن أنفُسِهِم، فإنِ اسْتَطَاعُوا فالأَوْلى أَن يُخْرِجُوهَا عن أَنفُسِهِم، لأَنَّهم المخَاطَبُونَ بِهَا أصْلاً.

 

وأمَّا الجَنِينُ في بطنِ أمِّهِ إذَا أَكملَ أربعةَ أشْهُرٍ اسْتَحَبَّ بعضُ أهلِ العلمِ أَن تُخْرَجَ عَنه زَكاةُ الفطرِ تَطَوُّعاً من غيرِ وُجوبٍ؛ لفِعْلِ عُثمانَ بْنِ عَفَّان رضي الله عنه.

 

والواجبُ في صدقةِ الفطرِ صَاعٌ، والمرادُ بالصَّاعِ: الصَّاعُ النَبَوِيُّ، وصاعُ المَدِينةِ يُسَاوِي بالكيلو في زماننا الحاضِرِ = (كِيلوين وأربعينَ جراماً) مِنَ الْبُرِّ الجيِّدِ، وأمَا الأَرُزُّ ومَا أشبهَ ذَلكَ من الأطعمةِ الثقيلةِ فيزيدُ وزْنُه، والوزنُ المعتدِلُ(ثلاثَ كِيلو تقريباً).

 

فاعتبارُ الصَّاعِ هو الأساسُ وهو الأحوطُ في الأحوالِ والأطعمةُ كلِّهَا، خُروجاً من الخِلافِ واتِّبَاعاً للنصِّ الثابتِ بيقينٍ.

تُؤَدَّى صدقةُ الفطرِ مِن غَالبِ قُوتِ البلَدِ، وإنْ لَمْ يُنَصَّ عليهِ فِي الحديثِ، كالأُرزِ مثلاً.

 

وعلَى هذَا فَلا يُجزِئُ إخرَاجُهَا مِن الدَّرَاهِمِ والفُرُشِ واللِّباسِ وأقواتِ البهَائمِ والأمتعةِ وغيرِهَا لأنَّ ذلكَ خِلافُ ما أَمَرَ بهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

 

وأمَّا زَمَنُ إخْرَاجِهَا فلَه وقْتَانِ: وقتُ فَضِيلةٍ، ووقتُ جَوَازٍ.

 فأمَّا وقتُ الفضيلةِ: فهو صَباحُ العيدِ قبلَ الصلاةِ.

 

ويجُوزُ إخرَاجُهَا قبلَ العيدِ بيومٍ أو يومينِ ولا يجوزُ تأخيرُهَا عن صلاةِ العيدِ، فإنْ أخَّرَهَا عَن صلاةِ العيدِ بِلا عُذرٍ لَم تُقبلْ مِنهُ لأنَّه خِلافُ ما أمَرَ بهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفِي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ مَنْ أَدَّاهَا قَبلَ الصلاةِ فهي زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ، رواهُ أَبو داودَ.... وأمَّا إنْ أخَّرَهَا لعُذرٍ فَلا بأسَ.

 

أيها المسلمونَ: لزكاةِ الفطرِ خُصُوصِيَّتُهَا في مصَارِفِهَا، فلهَا مَصْرِفَانِ فقط،وهمُ الفقراءُ والمساكينُ.

وأمَّا مكانُ دفْعِهَا فتُدْفَعْ إلى فُقرَاءِ المكانِ الذي هوَ فيهِ.

 

 أَيُّهَا الصَّائِمُونَ وَمِمَّا شُرِعَ لَكُمْ فِي نِهَايَةِ شَهْرِكُمُ التَّكْبِيرُ وَيَبْدَأُ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ أَنْ يُقَالَ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ).  

 

فَأَحْيُوا هَذِهِ السُّنَّةَ أَحْيَا اللَّهُ قُلُوبَكُمْ بِالْإِيمَانِ وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكُمْ صِدْقَ الِاتِّبَاعِ لِسَيِّدِ الْأَنَامِ صلى الله عليه وسلم, 

 

 نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى فِي خِتَامِ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْقَبُولِ، وَأَنْ يُكْتَبَ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ الْعِتْقَ مِنَ النَّارِ، وَأَنْ يَجْعَلَ حَالَنَا بَعْدَ رَمَضَانَ خَيْرًا مِنْ حَالِنَا فِيهِ، وَأَنْ يَفْتَحَ لَنَا أَبْوَابَ الْخَيْرِ، وَأَنْ  خْتِمَ لَنَا رَمَضَانَ بِخَيْرٍ، وَأَنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضَانَ الْقَادِمَ وَنَحْنُ نَنْعَمُ بِالْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ من الوباء والبلاء. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا الْهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، وَمُصْطَفَاهُ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَمَنْ وَالَاهُ.

 

وهكَذا أيها المؤمنون قَرُبَ إسدالُ السِّتارِ عن هذا المَوسمِ العظيمِ؛ فقد بَقِيَ يومانِ أو ثلاثةُ أيامٍ وتُقوَّضُ أَركانُهُ وتُنهَى مِنَحُهُ وافضاله.

 

أيها الصائمونَ: كنَّا قبلَ رمضانَ وفي أَثنائِه نَتلقَّى كَمّاً هائلاً مِن رسائلِ التذكيرِ والترغيبِ والتحفيزِ بعظمةِ هذا المَوسمِ وما فيه مِنَ العطاءِ والربحِ والدعوةِ إلى استغلالِ الفُرصِ والمنَحِ الربانيةِ فيهِ، بل إنَّه –واللهُ أعلمُ- لَم يَمرَّ على تاريخِ الإسلامِ جِيلٌ كجيلِنَا تَلقَّى هذا الكَمَّ الهائلَ مِن رسائلِ التذكيرِ والترغيبِ. فالخطباءُ وأئمةُ المساجدِ ووسائلُ التواصلِ الاجتماعيِّ والقنواتِ الفضائيةِ والإذاعيةِ شاركتْ في هذا الخيرِ.

 

لكنْ؟ ما المُحصَّلةُ وما النتيجةُ؟ يا تَرى مَنِ الذي ألقَى السمعَ وهو شهيدٌ. مَن الذي استغلَّ الفُرصةَ واهتبلَ الموقفَ. وتَقدَّم وارتقَى. وبَكَّرَ وابتكرَ. وقدَّمَ ونافسَ. وسابقَ وزاحمَ. حتى حصَّل أَعلَى الأجورِ والمراتبِ والحظوظِ والقُربِ.

 

 فالصلاةُ والصيامُ والقيامُ وقراءةُ القرآنِ والعمرةُ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ والعشرُ الأواخرُ وتحرِّي ليلةَ القدرِ وزكاةُ الفطرِ والصدقاتُ المتنوعةُ واستغلالُ أوقاتِ الدعاءِ والاعتكافُ كلُّها فرصٌ عظيمةٌ مَن نَافسَ فيها رَبِحَ ربحاً لا خَسارةَ فيهِ أبداً.

 

 فكانَ جَزاءُ هؤلاءِ الخُلَّصِ مَا أخبرَ عنها ربُّنا "الصومُ لي وأنا أَجزِي بهِ" مَغفرةُ الذنوبِ والعتقُ من النيرانِ وحصولُ التقوى وزِيادةُ الإيمانِ والتَّرقِي في درجاتِ الجنانِ.

 

نعم نَقولُ لهؤلاءِ هَنيئاً لكم، ذَهبَ التعبُ وثَبتَ الأجرُ، إن شاء اللهُ.

 

فرمضانُ بجلالِ نهارِه ونفحاتِ لياليهِ فُرَصٌ مُتجدِّدةٌ، وهِباتٌ عَظيمةٌ لَم يَستثمِرهَا إلا أصحابُ الفِطنةِ والحَصافةِ والعَقلِ فقَط.

 

نعم هكَذا المسلمُ الفَطِنُ صاحبُ الهمةِ مَن استثمرَ المواسمَ المباركةَ لطهارةِ نَفسِه ونماءِ حَياتهِ فيأخذُ الزمامَ، ويُسابِقُ الزمنَ ويُبادرُ إلى المعالِي.

 

غَدًا تُوَفَّى النُّفُوُسُ مَا كَسَبَتْ ** وَيَحْصُدُ الزَّارِعُونَ ما زَرَعُوا

إِنْ أَحْسَنُوا فَقَدْ أَحْسَنُوا لِأَنْفُسِهِمْ ** وَإِنْ أَسَاؤُوا فَبِئْسَ مَا صَنَعُوا

 

ومَن ضَيَّعَ الفرصةَ ولَم يَلتفتْ إلى الفُرصِ التي سَنحتْ لَه وأَفلتتْ مِن يَدهِ جَرَّاءِ تقصيرهِ وإهمالهِ وتكاسلِهِ وتفريطهِ وتهاونهِ. فيَا لخسارتِهِ.

 

نعم، مَن جعلَ أهدافَه في الحياةِ هزيلةً، وقِيمتَه في الوجودِ رخيصةً وفوّتَ الفُرصَ، وقضَى حياتَه تَلبيةً لنزواتِهِ ومُتعِهِ ولذائذِهِ، فأكلتِ الأيامُ الضائعةُ حياتَه والسنونُ التائهةُ عمرَهُ. سوفَ يقولُ حينئذٍ: (يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).

 

هؤلاءِ لَم يُبصرُوا الفرصَ ولم يُنجِزوا العملَ، قال عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه: "مِنَ القوةِ ألاَّ تُؤخِّرَ عملَ اليومِ إلى الغدِ".

 

وهكذا يَستمرُّ عند البعضِ مُسلسلُ تَضييعِ الفرصِ والتَّوانِي عن معالي الأمورِ ظناً منهم أنَّ الحياةَ مستمرةً وأنَّ العُمرَ طويلٌ وأنَّ المستقبلَ ما زالَ سانحاً والفرصَ مُواتيةٌ وإنَّه إن لَم يُدرك فرصةَ رمضانَ هذه السنةَ فإنَّ رمضانَ القادمُ سَيدركُه لا محالةَ.

 

أخي الكريمُ:

كثيرٌ وكثيرٌ قالوا ذلكَ لكن تَأمَّلْ معي.. بعضُ هؤلاءِ قالوا ذلكَ في رمضانَ الفائتِ ولكنَّهم هذهِ السنةَ لم يُدركُوا هذا الخيرَ لأنَّ المنيةَ اخترمَتْهُم فأصبحوا تحتَ أَطباقِ الثَّرَى مُرتهنونَ بأعمالِهم، وبعضُ مَن قال ذلكَ أدركَ رمضانَ ثم رمضانَ ثم رمضانَ وهو هكذا مُكبَّلٌ بالأماني ومُقيَّدٌ بالوعودِ، فإلى متى الغفلةُ؟

 

خِتَامُ الْقَوْل أيها المباركونِ: اعْمُرُوا أَيَّامَكُمْ وَشُهُورَكُمْ بِمَا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ اللَّهِ، فَكُلٌّ مِنَّا مَحْفُوظَةٌ خَزَائِنُهُ، وَسَيَأْتِي يَوْمٌ تَظْهَرُ فِيهِ تِلْكَ الْوَدَائِعُ، وَتُنْشَرُ فِيهِ تِلْكَ الصَّحَائِفُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا وَيُحَذّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ).

 

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى إِتْمَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى الوَجْهِ الذِيْ يُرْضِيكَ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

 

اللهم لا يبلغُ مِدْحتَك قولُ قَائلٍ، ولا يَجزِي بآلائِكَ أَحدٌ. ربَّنا وجهُكَ أكرمُ الوُجُوهِ، وجَاهُكَ أعظمُ الجَاهِ، وعَطِيَّتُكَ أفضلُ العطَايا. تُطَاعُ ربَّنَا فتشكُرُ، وتُعصَى فتَغْفِرُ، وتُجِيبَ المضطرَّ، وتكشف الضُّرَّ.

 

اللهمَّ اختِمْ لنَا شهرَ رمضانَ برِضوَانِكَ، وأعِذْنَا مِن عُقُوبَتِكَ ونِيرانِكَ. اللهمَّ اجعلْ موعِدَنَا بَحْبُوحَةَ جِنَانِكَ. اللهمَّ اجعلْنَا مِمَّن قَبِلْتَ صِيامَهُ، وأسعَدْتَه بطاعَتِكَ فاسْتَعَدَّ لما أمَامَه، وغَفَرْتَ زلَلَه وإجْرَامَه. اللهمَّ لا تجعلْ حَظَّنَا مِن صِيَامِنَا الجوعَ والعطشَ، ولا تجعلْ حَظَّنَا مِن قِيامِنَا التَّعَبَ والسَّهَرَ. اللهمَّ واجْعَلْنَا مِمَّن وافَقَ ليلةَ القدرِ، فحازَ عظيمَ الثوابِ والأجرِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ!

 

اللهمَّ واجْعَلْنَا مِمَّن صَامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً. اللهمَّ اجْعَلْنَا مِمَّن قَامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً. اللهمَّ لا تُفَرِّقْ هَذَا الْجَمْعَ إلاَّ وقَدْ غَفَرْتَ جَميعَ ذُنُوبِهِ.. اللهمَّ اعْتِقْ رِقَابَنَا، ورِقَابَ آبَائِنَا، وأمهَاتِنَا، وذريَّاتِنَا ومَنْ لَه حَقٌّ عَلَينَا، اللهمَّ اعْتِقْنَا جميعاً مِنَ النارِ.

 

اللهمَّ إنا نسأَلُكَ رِضَاكَ والْجَنَّةَ، ونعوذُ بكَ مِن سَخَطِكَ والنارِ، بِرحمَتِكَ يَا أرحمَ الراحمينَ!

 

سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزَّةِ عمَّا يصفونَ وسلامٌ على المرسلينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ...

المرفقات

الخطبة الأخيرة من رمضان.pdf

الخطبة الأخيرة من رمضان.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات