عناصر الخطبة
1/ مكانة الخالة ومنزلتها 2/وجوب إكرام الخالة والإحسان إليها.اقتباس
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ تصبحُ الخالةُ أمَّاً عندما تلِدُ أختُها؛ فتشاركُها الأمومةَ بما فيها من أفراحٍ وأحزانٍ، وهمومٍ وأشجانٍ، ويصبحُ لها أولادٌ ولو كانتْ عقيمةً، تحبُّ وجودَهم حولَها وتحزنُ لفراقِهم عنها؛ خُوَيلَةُ الرِّئَامِيَّةُ، شَاعرةٌ جَاهليةٌ، عَجوزٌ عَقيمةٌ من بني رِئَامٍ من قُضَاعَةَ، وكَانَ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ أَبدعَ ما أوجدَ، وأتقنَ ما صنَعَ، وكلُّ شيءٍ لجبروتِه ذلَّ ولعظمتِه خضَعَ، سبحانَه وبحمدِه في رحمتِه الرَّجاءُ، وفي عَفوِه الطَّمعُ، وأُثنِي عليه وأشكُرُه؛ فكم من خيرٍ أفاضَ ومكروهٍ دَفَعَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له -تعالى- في مَجدِه وتقدَّس وفي خَلقِه تفرَّدَ وأَبدَعَ، وأَشهدُ أن سيدَّنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه أفضلُ مُقتدًى به وأكملُ مُتَّبَعٍ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ عليهِ وعلى آلِه وأصحابِه أهلِ الفضلِ والتّقَى والوَرَع، والتَّابعينَ ومن تبِعَهم بإحسانٍ ولنهجِ الحقِّ لزِم واتَّبَع، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فأُوصِيكم ونفسي بتقوى اللهِ؛ فهي سبيلُ النجاةِ والفلاحِ، قالَ اللهُ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
في السَّنةِ السَّابعةِ للهجرةِ، دَخَلَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- مكةَ في عُمْرةِ القَضاءِ، كما قَد قَاضَى قُريشاً على أنْ يُقِيمَ بهَا ثَلَاثَةَ أيَّامٍ فقط؛ فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا؛ فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ؛ فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ، واسْمها أُمامةُ، تُنَادِي: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، تُريدُ أن تَرحَلَ معهم، فَتَناوَلَها عَليُّ بنُ أبي طالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ فَأخَذَها بيَدِها، وقالَ لِفاطِمةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، أي: خُذيها، فاختَصَمَ فيها عَلِيٌّ وزَيْدٌ وجَعْفَرٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-م، وأرادَ كُلُّ واحِدٍ منهم أن يَأخُذَها، فَأمَّا زَيْدٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ فَلأنَّه -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قَدْ آخى بَينَه وبَينَ حَمْزةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وأمَّا عَليٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ فَلِأنَّها ابنةُ عَمِّه، وأمَّا جَعْفَرٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَهيَ بِنْتُ عَمِّه وزَوْجتُه أسْماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- خالتَها .. فماذا كانَ حُكمُ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- في أُمامةَ؟ .. حَكَمَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- لِخالتِها، وقالَ: "الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ".
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ قولُ الذي لا ينطقُ عن الهوى .. إن هو إلا وحيٌّ يُوحى.
الخالةُ هي أمُّكَ التَّاليةُ بعدَ أمِّكَ الغاليةُ؛ فها هي عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- تَقُولُ لرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ صَوَاحِبِي لَهُنَّ كُنًى، قَالَ: فَاكْتَنِي بِابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ"، يَعْنِي ابْنَ أُخْتِهَا أَسماءَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، فجعلَ الخالةَ بمنزلةِ الأمِّ، لأنَّها أخذتْ من الأمِّ الرَّحمةَ والعطاءَ، والعطفَ والحبَّ والصَّفاءَ.
فما تَزالُ في عَطفِها وحَنانِها *** كَمَا تَحنو على الوَلدِ الأمُ
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ فهي الحنانُ عندما نفقدُ صاحبةَ الحنانِ .. وهي الإحسانُ عندما تموتُ مصدرُ الإحسانِ .. فما ماتتْ أمُّه الحنونُ من له خالةٌ مَصونٌ .. وما انقطعَ برُّ أمِّه المفقودةِ من له خالةٌ موجودةٌ؛ فعن ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أنَّ رَجلاً أتى النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، فقالَ يا رسولَ اللهِ: إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا، فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ؟، قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟"، قَالَ: لَا، قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟"، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَبِرَّهَا".
واجبرْ إلهي كَسْراً، حَلَّ في قَلبي *** فأنتَ تُجبرُ يا مَولايَ ما انكسرا
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ فقد كانتْ ولا زالتْ عندَ العربِ مصدرَ عزٍّ وفخرٍ؛ واستغاثتُها تُثيرُ الحميةَ والنَّصرِ؛ صاحت البَسوسُ بنتُ مُنقذٍ التَّميميَّةُ خالةُ جسَّاسٍ بنِ مُرَّةٍ الشَّيباني عندما قتلَ كليبُ بنُ ربيعةَ التَّغلبيُّ ناقةَ جارِها سَعدٍ الجَرْميٍّ، فقالت: واذُلَّاهُ .. واجاراهُ .. وأنشدتْ:
لَعَمْرُكَ لَوْ أَصْبَحْتُ فِي دَارِ مُنْقِذٍ *** مَا ضِيمَ سَعْدٌ وَهْوَ جَارٌ لأَبْيَاتِي
وَلَكِنَّنِي أَصْبَحْتُ فِي دَارِ غُرْبَةٍ *** مَتَى يَعْدُ فِيهَا الذِّئْبُ يَعْدُ عَلَى شَاتِي
فَيَا سَعْدُ لا تُغْرَرْ بِنَفْسِكَ وَارْتَحِلْ *** فَإِنَّكَ فِي قَوْمٍ عَنِ الجَارِ أَمْوَاتِ
فما سمعَ جسَّاسُ صياحَ خالتِه، قالَ لها: أيَّتُها الحُرَّةُ، اِهْدَئي، فواللهِ لأقتُلَنَّ بلَقْحَةِ جَارِكِ كُلَيبًا؛ فقتلَ جساسٌ كُليباً واشتعلتْ حَرْبُ البَسوسِ والَّتي دامتْ أَربعينَ سَنةٍ، حتَّى أَفنتْ من بَكرٍ وتَغلبَ الكثيرَ من البشرِ، وسببُها صرخةُ خالةٍ.
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ ترى فيكَ صورةَ أُختِها؛ وتَشمُّ فيها ريحةَ أمِّكَ. تفرحُ إذا رأتَكَ سعيداً، وتحزنُ إذا رأتَكَ حزيناً؛ فَخرُها عندما تراكَ مسروراً ناجحاً؛ هل جلستَ يوماً مع خالتِكَ فأحسستِ بحنانِ ودِفءِ الأمِّ؟ .. هل استمعتَ إلى كلامِها وكأنَّكَ تستمعُ إلى كلامِ الأمِّ؟ .. فها هي تسألُ عن حالِك وعن أهلِكَ وعيالِكَ .. وها هو دعاءُها كَدُعاءِ الأمِّ يشملُ جوانبَ حياتِك.
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ تصبحُ الخالةُ أمَّاً عندما تلِدُ أختُها، فتشاركُها الأمومةَ بما فيها من أفراحٍ وأحزانٍ، وهمومٍ وأشجانٍ، ويصبحُ لها أولادٌ ولو كانتْ عقيمةً، تحبُّ وجودَهم حولَها وتحزنُ لفراقِهم عنها .. خُوَيلَةُ الرِّئَامِيَّةُ، شَاعرةٌ جَاهليةٌ، عَجوزٌ عَقيمةٌ من بني رِئَامٍ من قُضَاعَةَ، وكَانَ يَدخلُ على خُوَيلَةَ أَربعونَ رَجلاً كلُّهم لها مَحْرَم، بَنو إخوةٍ وبنو أَخواتٍ، فاجَتمعَ بنو رِئامٍ ذاتَ يومٍ في عُرسٍ لهم، وطَرقتْهُم بَنو نَاعبٍ وبَنو دَاهنٍ فقَتلوهم أَجمعينَ، فحَزُنَتْ خُوَيلَةُ حُزناً عميقاً، وأقبلتْ مع الصَّباحِ فوقَفَتْ على مَصارعِهم، وعَمدتْ إلى خَنَاصِرِهِمْ فَقَطَعَتْهَا، واِنْتَظَمَتْ منها قِلاَدَةً وألقتْها في عُنقِها، وخرجَتْ حتى لَحِقتْ بمَرْضَاوِيِّ بن سَعْوَة المَهْرِيِّ وهو ابنُ أُختِها، فأناختْ ببابِهِ مُستجيرةً تُحَرِّضُهُ على الانتقامِ، وهي تقولُ:
يَا خَيْرَ مُعْتَمَدٍ وَأَمْنَعَ مَلْجَأٍ *** وَأَعَزَّ مُنْتَقِمٍ وَأَدْرَكَ طَالِبِ
جَاءَتْكَ وَافِدَةُ الثَّكَالَىْ تَغْتَلِيْ *** بِسَوَادِهَا فَوْقَ الْفَضَاءِ النَّاضِبِ
هَذِيْ خَنَاصِرُ أُسْرَتِيْ مَسْرُوْدَةً *** فِيْ الْجِيْدِ مِنِّيْ مِثْلَ سِمْطِ الْكَاعِبِ
فخرجَ مَرْضَاوِيُّ إلى بني داهنٍ وبني ناعبٍ وأوجعَ فيهم .. والسببُ .. استغاثةُ خَالةٍ مَكلومةٍ.
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ سوفَ تبقى صغيراً في عينِها مهما كَبرتَ، وستبقى مُحتاجاً لنصائحا مهما تعلمتَ؛ تشتاقُ لرؤيتِك وأهلِ بيتكَ .. وتفرحُ بزيارتِك وسماعِ صوتِكَ؛ واسألوا من له خالةٌ إذا زارَ بيتَها يوماً من الأيامِ، اسألوهُ عن الاستقبالِ والدَّلالِ والإكرامِ، اسألوه عن التَّقديرِ والحبِّ والاحترامِ، اسألوهُ عن طيبِ الفِراشِ ولذَّةِ الطَّعامِ؛ تعتني به أفضلُ مما تعتني بأولادِها، ولا يشعرُ بالغُربةِ أبداً وهو في منزلِها.
كانتْ تُذيبُ الأَسى في وجهِ زائِرها *** فيشرقُ الثغرُ بِشْرَا حينَ يَلقَاهَا
كُنّا نُسَرُّ بلُقيَاها ونرقُبُهُ *** ونستَطِيبُ مِنْ الماضي حَكاياهَا
حديثُها .. نَغمةٌ تَسرِي بمَسْمَعِنا *** وأنْسُنا .. طائرٌ يشدُو بِذِكراها
فُؤادُها، دولةٌ عِشنَا بِها رَغَدَا *** ودِفْؤنا ومعاني الحُبِّ، عَيناها
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ ونفعني اللهُ وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، أقولُ ما تَسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذَنبٍ إنَّه هو الغَفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على فَضلِه وإحسانِه، والشُّكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له تَعظيماً لشأنِه، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه خيرَ رُسلِه وأنبيائه، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه ومن سارَ على نَهجِه إلى يومِ الدينِ وسَلمَ تَسليماً كثيراً، أما بَعدُ:
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ فينبغي أن تُكرمَ بالمالِ والأخلاقِ؛ وهذا خيرٌ من الصَّدقةِ والإعتاقِ؛ أَعْتَقَتْ أُمُّ المُؤمِنين مَيْمُونَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- جَارِيةً لَهَا ولَمْ تَسْتَأْذِنِ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَلَمَّا كانَ يَوْمُهَا الذي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قالَتْ: أَشَعَرْتَ يا رَسولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ ولِيدَتِي؟، قالَ: أَوَفَعَلْتِ؟، قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: أَما إنَّكِ لو أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كانَ أَعْظَمَ لأجْرِكِ.
الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ؛ فلها ما للأمِّ من البرِّ والصِّلةِ والإحسانِ .. وقطيعتُها سببٌ للإثمِ واللَّعنةِ والحِرمانِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ، قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكَ لَكِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)[محمد: 22-23].
فيا من له خالةٌ وأرادَ البركةَ في الرِّزقِ والعُمرِ؛ فعليكَ في حياتِها بالزِّيارةِ واللِّقاءِ، وبعدَ الموتِ بالاستغفارِ والدُّعاءِ .. واسمعْ لأنسِ بنِ مالكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وهو يَقولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
وأخيراً؛ فإنَّه يعرفُ قدرَ الخالةِ من ماتتْ أمُّه، ثُمَّ جلسَ أمامَ خالتِه؛ فوجدَ كأنَّه أمامَ أمِّه، وكأنَّها حيَّةٌ لم تَمتْ، فها هو شكلُها، وها هو لِبسُها، وها هو ريحُها، وها هو صوتُها، وها هو كلامُها، وها هو دعاءُها، وها هو عطفُها وحنانُها وصدقَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-: "الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ".
اللهمَّ من كانَ من أُمَّهاتِنا وخَالاتِنا حَيَّاً، فنَسألُك له عَيشَ السُّعداءِ، والعَافيةَ من كُلِّ بَلاءٍ، وحُسنَ الخَاتمةِ، ومن كانَ مِنهم مَيتاً، فاغفرْ له وارحمه، وأَسكنهُ الفِردوسَ الأعلى.
اللَّهُمَّ ارْحَمْ مَوْتَانَا، واشْفِ مَرْضَانَا، وعَافِ مُبْتَلاَنَاْ، اللَّهُمَّ أَطْعِمْنَا مِنْ جُوعٍ، وَآمِنَّا مِنْ خَوْفٍ، وَقَوِّنَا مِنْ ضَعْفٍ، وَعَلِّمْنَا مِنْ جَهَالَةٍ، وَأَنْقِذْنَا مِنْ ضَلاَلَةٍ.
اللَّهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشْدٍ، يُعَزُّ فِيْهِ أَهْلُ طَاعَتِكَ، وَيُهدَى فِيْهِ أَهْلُ مَعْصِيَتِكَ، وَيُؤمَرُ فِيْهِ بِالمَعْرُوفِ، وَيُنْهَى فِيْهِ عَنِ المُنْكَرِ، ولا تَفْتِنَّا فِي دِينِنَا، وَاجْعَلْ خَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم