عناصر الخطبة
1/ذم الحسد وتعريفه 2/أضرار الحسد الدينية والدنيوية 3/بعض صور الحسد ومراتبه 4/علاج داء الحسداقتباس
الحسد يضر صاحبه في الدين والدنيا، ولا يستضر بذلك المحسود. أما ضرره في الدين، فإذ الحاسد قد سخط قضاء الله -تعالى- فكره نعمته على عباده، وهذا قذى في بصر الإيمان. ثم إن الحسد يحمل على إطلاق اللسان في المحسود بالشتم والتحيل على أذاه. وأما ضرره في الدنيا، فإن...
الخطبة الأولى:
الحمد منه الغني الحميد، بيده الخير وهو على كل قدير، لا مانع لما أعطى، ولا معطى لما منعه، أحمده تعالى وأشكره على نعمه الظاهرة والباطنة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وصحابته الأتقياء.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله –تعالى-، واعلموا: أن الحسد من الخصال المذمومة المنهي عنها في الشرع، وهو: أن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من إخوانه في شيء من الفضائل.
والحسد يضر صاحبه في الدين والدنيا، ولا يستضر بذلك المحسود.
أما ضرره في الدين، فإذ الحاسد قد سخط قضاء الله -تعالى- فكره نعمته على عباده، وهذا قذى في بصر الإيمان.
ثم إن الحسد يحمل على إطلاق اللسان في المحسود بالشتم والتحيل على أذاه.
وأما ضرره في الدنيا، فإن الحاسد يتألم، ولا يزال في كبد.
أيها المسمون: إن أول معصية وقعت في الخلق: الحسد، لما حسد إبليس آدم، ثم حسد قابيل هابيل.
والحسد لا يكون إلا على نعمة.
ومتى أنعم الله على عبد نعمة، فأحب أحد أن تكون له مثلها من غير أن تزول عن المحسود فذلك الحسد يسمى: "حسد غبطة" ولا لوم فيه ولا ذم.
وإن أحب زوالها عن المحسود، فهذا الحسد المذموم، وصاحبه الظلوم الملوم.
ثم إن الحاسد تارة يحب زوال النعم عن المحسود ومجيئها إليه؛ وهذا قبيح؛ لأنه إيثار في ضمنه اعتراض، وأقبح منه طلب زوالها عن المحسود، وحصولها إلى غيره.
وأقبح منهما طلب زوالها مطلقا، فهذا عدو نعم الله -تعال-، وفي الصحيحين عن أنس –رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه قال: "لا تباغضوا ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا".
ومعالجة الحسد: تارة بالزهد في الدنيا، وأنها لا تعدل جناح بعوضة، وتارة بالرضا بالقضاء، فإنك إن لم ترض لم يحصل لك إلا الندم، وفوات الثواب، وغضب رب الأرباب، فهما مصيبتان أو أكثر.
وليس للعاقل حيلة في دفع القضاء، فعليه بالرضا.
وتارة في النظر فيما يتعلق بتلك النعم من الآفات.
فإذا لم يعمل بمقتضى ما في النفس، ولم ينطق لم يضره ما وضع في الطبع، وقد وصف الله اليهود بالحسد في مواضع من كتابه العزيز؛ كقوله: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)[البقرة:109].
وقوله: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ)[النساء:54].
وجاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "دب اليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، حالقة الدين، لا حالقة الشعر، والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم"[رواه الإمام أحد والترمذي].
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا)[النساء:54].
أستغفر لله لي ولكم ولسائر والمسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم